الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الغائية الكونيه العليا- ومابعد-الله-؟/ ملحق

عبدالامير الركابي

2021 / 1 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


يعود لنا نحن العراقيين من بين البشر، الفضل في جعل تصورات وجموح الانتساب الى مافوق ارض، مستقر زمجسد في صيغه وشكل تجل نهائي اعلى، ناسب حدود وممكنات العقل ابان فترة تصيرّه المستمرة ماببن بدء المجتمعيات، وانتهائها الوشيك المنتظر، قبلها ومنذ ان كان الكائن الحي المتمتع ببدايات العقل، ظل جموح الكائن المذكور ونزعته الفطرية للتحرر من الارضوية واحاديتها عبر تجليات، ومحطات، ومستويات، وأنواع، بحسب الفترات ومقتضيات الصيرورة والمسار، ونوع المواضع جغرافيا، انتهى أخيرا لان يتبلور باعلى ممكناته داخل الموضع المجتمعي التحولي السومري، اقصى جنوب ارض مابين النهرين بالابراهيميه.
هنا كان للنبض المودع في الكينونه البشرية كونيا، ان يتخذ صيغته التكوينيه الأعلى والنهائية ضمن الاشتراطات التحولية المؤجلة التحقق، ولم يكن ذلك كما يتصور العقل الأحادي الشائع من قبيل التفاعلية الذاتيه العرضية خارج الكينونه الأصل، وتاريخ تصيرها، عودة الى الحيوانيه وماقبلها، أي تاريخانيه الحياة على كوكب الأرض، ومنتجها، والمفرز من داخلها بما هو مظهر علاقة وصلة عضوية بالكون، لا انفصام له معها او عنها، بخلاف فذلكات من نوع تلك التي تذهب لعزو الشعور الكوني المسمى "الديني" لاسباب وبواعث نفسيه وجودية، من ابرزها ومامتداول منها، الضعف وعجز الكائن البشري إزاء ظواهرالطبيعة والحياة، وحاجته للعون وان غير المنظور بمواجهتها. فالتعبير الكوني السماوي، هو بالاحرى مظهر غنى وديناميه متعدية للجسدية والارضوية، ومحالة الى العقل وتطوره وتحولاته، والى اصل مادي واقعي هو الازدواج المجتمعي الناشي عند نهايات ومسار انبثاق العقل كمادة أولية في الجسد الحيواني، وتحول الحيوان من يومها الى ثنائية ( عقل/ جسد) هي "الانسايوان" المسمى اعتباطا "الانسان".
ان تاريخانية "الالهة"، هي تاريخانيه الازدواج والتصير البشري، بمافيها العضوي الحيواني وماقبله وماقد افرزه تحوليا، ذهابا الى مابعده، والى مايصير الجانب التعبيري الكوني عنده ومعه هو الحاضر والمنتهى، ساعة يتحرر العقل ويلتحق بالاكونية العليا، وهو مالا تتمتع الأحادية والقصورية العقلية الملازمة لها، بالقدرة او الطاقه التصورية على مجاراته عدا عن التعامل مع تفصيلاته، واليات تطوره، فتبقية خارجا، ومفصولا عن وجهة تعاملها وتركيزها، مادامت بالاصل عاجزة عن اسكناه والتعرف على الحقيقة الازدواجية المجتمعية الزواليه التحولية، وقبلها الازدواجية الجسد/ عقلية.
لهذا فشل الغرب الحديث على رفعة منجزه العقلي والعلمي والالي، في التعامل مع الظاهرة السماوية بصيغتها او شكلها الأعلى المتاح المتحقق ( قال نيتشة بموت الله.. الذي عاد واوصل الى موت مايسمى"الانسان"، انما من زاوية ومداخل خارجة عن ديناميات الرؤية الالوهية الابراهيمه وحيثياتها، ومعطياتها المفتوحة على مابعدها من داخلها)، ومع القول بمغادرة والتخلص من الماوراء، او اعتباره عالما غير واقعي، وغير معاش، فقد تمت عملية فصل وتجزئة اعتباطية للكائن الحي بتغليب احدى مكوناته الايلة للزوال والاختفاء على الأخرى الابقى، أي تقديم الجزء الموقت العارض من الكينونة البشرية، ماقد كرس حالة عجز غير عادي وانتكاسي مريع إزاء مسالة جوهرية فاصلة وجوديا، فكرست مع نهوض الغرب، الجسدية والاحادية، باعتبارها العقلانية الصافية المتخلصة خارج الازدواج والعالم الاخر، وجرت نسبة العلم والنظر والتفكير "العلميان" الى شرط الواقعية الوضعية، والفحص العياني التجريبي الملموس، وصور هذا المنحى كانتصار قاطع للعقل بالمطلق، لا لنوع العقلية الجسدية الأقرب الى، والمنتمي لعالم الحاجاتيه الوجودية.
لايرى ماركس من دوافع او محركات للكائن البشري غير الاكل والشرب والمسكن والجنس، جاء فوكاياما في وقت متاخر ليضيف طلب الانسان للمجد اليها، في محاولة لاخراج الكائن الحي من فصيله الحيوان/ العاقل، وهي في الحالتين ابتسار فادح، واستلابي على مستوى التاريخ والوجود الحي، واجتزاء للحقيقة الملازمه للكائن البشري منذ ظهوربدايات العقل في الجسد الحيواني، مايجعل من الظاهرة الغربية الحديثة حالة قمة، واعلى مايمكن من تجلي الارضوية والاحادية الجسدية، يعيد تكرار واقعة وحقيقة كون هذا الموضع الأرفع دينامية داخل نمطه، عاجز عن الارتقاء لمستوى التمثيلية والنطق عن الازدواجية الكيانيه البشرية، مادامت الازدواجية المجتمعية لا تكتنفه، وغائبة عنه، برغم انشطاريته الطبقية.
لم يكن بإمكان النهضة الاوربية الحديثة ان تذهب الى "مابعد الله"، او مابعد "الابراهيمية النبوية"، ذهابا الى طبعتها الأعلى "العليّة"، بما يرهن العقل الى مابعد جسدية، ويتفق مع مسار اعتاقه، فيضع على هذا السبيل أساسا وخطوة كانت وماتزال منتظرةعلى طريق البدء الثاني من تاريخانية العقل وصلته ب"الغائية الكونية العليا" وحضورها، وحقيقة ووجوب الازدواج الناظم للوجود الحي، مع غلبة المكون اللاارضي، وكونه الأكثر اتفاقا مع غايات الوجود الحي وتحولاته السائرة من الارضوية الى الاكوانية السماوية، غير ان الغرب الأوربي ليس ولم يكن يوما الموضع الملائم لتجلي تعبير الازدواجية الوجودية، ولا كان على الصعيد التاريخي من ارتفع بالتعبيرية الكونيه اللاارضوية الى الذروة، والى اعلى مايمكن من صنوف تحققها ابان طور وزمنية غلبة الأحادية والقصورية العقلية، ومنظورها المنتهي عند لحظة انتصارية عليا، هي بالأحرى العتبة الأخيرة الاوربية، والذروة الدينامية داخل نمطها، المفضية الى، والاخذه الى مابعدها، حيث العلاقة بالكون الأعلى بداهة يبررها وجود العقل المُصادر من قبل الأحادية، والملحق قسرا بالجسدية باعتباره عنصر اكمال لها، بدل كونه عامل عبورها.
نعم الوجود على الأرض مرهون للكون، وهو جزء منه، خاضع لديناميات تحوليته الشاملة، والكائن البشري ومايتصل به وبشؤونه وصيرورته التاريخيه، موكول وجودا الى مافوق ارضوية التي هي حالة انتقال مصممة لاجل تادية أغراض ومنطويات متعدية للارضوية، أي ان ماقد اطلق عليه اسم "الله"، واوكلت اليه القدرة الكلية، هو حقيقة ضمن الظروف والاشتراطات الممكنه والقابلة للاستيعاء ابان لحظة من لحظات الوجود، وطاقه العقل على الإحاطة، مع مايواكب ذلك ويرافقه من اشارات الانتقال الى العالم الاخر ومحدودية عمر الحياة على الأرض، ووجود حياة أخرى فوق أرضية، بغض النظر عن تفصيلاتها، ومنها مسالة الحساب والجنة والنار الضرورية انيا ومرحليا، لاكمال المفهوم الإلهي وحضوره على الأرض ابان غلبة الجسدية الارضوية، وكل ماتقدم لايخالف بل يتوافق مع حقيقة كون الوجود الحي على الأرض مؤقت، وانه سائر الى انتقال العقل الى الاكوان العليا، بعد تحرره من ربقة الجسد عند انتهاء ضرورتها الانيه.
ماكان ممكنا ابان راهنية وضرورة مفهوم "الله"، تخيل، او حتى مقاربة عالم مابعد الارضوية تصوريا، او جعل الحياة العقلية مابعد الجسدية موضع افتكار، وهو ماينطبق على كل واجمالي المنظور المتاح احاديا، بما في ذلك وبمقدمته الأوربي الحديث الراهن، فما يسمى "العلوم" الباحثة فيما يسمونه الفضاء كمثال، هي حقل مرسوم بممكنات ارضوية جسدويه بحته مع قصورهما، وهو عاجز عن ان يتعامل مع مجال يتعداه، ومن غير صنفه، بغض النظر عن التوهمات العقلوية العلموية الغالبة، والتي هي اقل "علمية" من المنظور الابراهيمي النبوي، المفتوح على مابعده، بعكس المنظور الارضوي المغلق، الذي يتعامل مع شؤون الكون و الفضاء، بوسائل الارضوية الجسدوية غير الصالحة ولا المتلائمة مع اشتراطات ما هي مستعمله لاجله، لامن حيث السرعات والزمنية المفترضة بما هي سرعات الكونية مقابل الارضوية، ولا ومن ناحية الافاق والغرض المتلائم مع ماهو متاح، اومصاغ بناء على الاليات والبنائية الكونية، ومحركاتها العليا.
كمثال فان السرعه وعلاقتها بالزمن والكتلة كما تحدث عنها انيشتاين ـ اعلى العبقريات الأحادية في مجاله ـ كمنتهى للتسارعية، هي سرعة بالمفهوم الارضوي الجسدي الكتلوي، يجعل من الارضوية مصدر القانون الكوني، وقاعدة قياسه، لا العكس، معتمدا بحسب قدرته على الإحاطة عقلا، ماهو ادنى بما لايقاس، مقابل السرعة فوق الضوئية،التخاطرية العقلية، حيت الانتقال بين المواقع والمسافات، هو عمل انتقال متعد لمفهوم السرعة الجسدية الكتلويه، الزائلة، فما يرغب العقل في الوصول اليه، ينتقل اليه نية وتوجها، ومثل هذا النوع من التسارعية لاعلاقه له طبعا، بما يشبه العربات التي تجرها البغال، المرسلة باسم "مركبات" فضاء من قبل الناسا وغيرها الى الكواكب القريبه الجارة، التي لاتستغرق بحسب التسارعية العقلية التخاطرية ثواني بحسابات التسارعية الارضوية للوصول اليها، مع العلم ان التسارع المنوه عنه هو فقط، ولوحده الذي يتطابق مع جدوى وممكنات الفعالية على المستوى الكوني ومسافاته، بما انه ناتج عنه، قياسا للتسليات الغربيه الحالية الساذجه،والمبدده للطاقة والوسائل، وهي تصر معتقدة انها، وبرغم طبيعتها الارضوية، قابله لان تكون في الوقت نفسه، او يمكنها ان تتطابق مع الميكانزمات، ونوع الاليات الكونيه وتقصدها المضمر المحجوب.
بمعنى ان انشتاين تعامل مع، واكتشف حدود واقصى ممكنات التعامل الارضوي الجسدي مع الاكوان، وهي قطعا ليست حدود العقل المتحرر من وطاة الجسد،علما بان الكائن البشري، ثنائية ( جسد/ عقل)، أي "انسايوان" في حالة تصير انتقالي، نحو "الانسان".
ـ يتبع ـ
ملحق اخيررقم 2








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. انطلاق الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية في ظل


.. الانتخابات الفرنسية كيف تجرى.. وماذا سيحدث؟| #الظهيرة




.. استهدفهم الاحتلال بعد الإفراج عنهم.. انتشال جثامين 3 أسرى فل


.. حرب غزة.. ارتفاع عدد الشهداء منذ الفجر إلى 19




.. إطلاق 20 صاروخا من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأدنى