الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب، من عبد الكريم إلى سعيدة الجزء 12

الطاهر المعز

2021 / 1 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تنويه:
وردت بعض الملاحظات، منها ملاحظة تستنكر "المُقارنة بين عبد الكريم وسعيدة"، وللتذكير فإنني لم أقصد المُقارنة، وإنما الإمتداد الزمني والتاريخي، في رقعة جغرافية تُسمى حاليا "المغرب"...
يُشكل محمد بن عبد الكريم الخطابي رمزًا ومدرسة للمقاومة وحرب الغوار والنضال ضد الإستعمار، وهو بطل وطني وأُمَمِي، أما سعيدة فإنها من جيل آخر، تَمَرّدَ بالكلمة، وليس بالسلاح، ضد الحُكم المَحلِّي "الكُمْبرادُوري" (ممثل مصالح القوى والشركات الأجنبية )، فكان مصير المئات (من هؤلاء الشبان والشابات) الإعتقال والتعذيب والقَتْل، وجابه النظام الحاكم ذلك الجيل، بنفس أساليب الإستعمار المُباشر.
إلى هؤلاء جميعًا وإلى ذويهم ورفاقهم أُهْدِي هذه الفقرات...

الجزء 12
انتفاضة الشباب المدرسي- 23 آذار/مارس 1965
تُعتَبرُ انتفاضة "23 مارس" مُنطلقًا لحركات "اليسار الجديد"، على أنقاض "الحزب الشيوعي بالمغرب"، ثم "المغربي" الذي تأسس سنة 1943 وتغير إسمه عدة مرات فيما بعد، وكان، مثل الحزب الشيوعي التونسي، وديعًا ومُفَرْنَسًا، ويقتصر وُجُودُهُ الرّمزي على بعض الأحياء في بعض المُدُن الكبرى، لذلك كان تأثيره ضعيفًا (إضافة إلى القمع وقرارات المَنْع ) في صفوف المواطنين والشباب، عندما انطلقت احتجاجات الثالث والعشرين من آذار/مارس 1965، ضد قرار حكومي يرمي إلى إقصاء العديد من أبناء الفئات الفقيرة من مواصلة التعليم الثانوي، بعد سن السادسة عشر...
بدأت الإحتجاجات صبيحة يوم 22 آذار/مارس 1965، بمدينة الدّار البيضاء، عندما تجمّع حوالي 15 ألف تلميذ بملعب المدينة، وقرّروا تنظيم تظاهرة شعارها "الحق في التّعليم"، احتجاجًا على طرد آلاف التلاميذ وحرمانهم من اجتياز الإمتحانات والإختبارات الوطنية، بنهاية مراحل التعليم المتوسط والثانوي، ما يَعكس سياسةً انتقائية في مجال التعليم، كانعكاس لسياسة طبقية ضد الفُقراء.
استخدمت قوات الأمن العُنف لتفريق المُظاهرة، قبل وصولها المبنى الذي يرمز مَحَلِّيًّا لوزارة التعليم (مقر نيابة التعليم)، واحتمى التلاميذ بالأحياء المُجاورة، حيث لاقوا دعمًا من المواطنين، وقرروا تنظيم تجمع ثاني يوم الغد، يكون مفتوحًا للتلاميذ وللمواطنين البالغين والأولياء، وجابهت الدّولة مظاهرات يوم 23 آذار/مارس 1965 بالجيش والمروحيات والدّبّابات التي انتشرت في شوارع مدينة الدار البيضاء، وقتلت حوالي ألف ضحية، ودُفن الضحايا في قُبُور جماعية، بحسب وثائق "الإتحاد الوطني لطلبة المغرب"، بالإضافة إلى آلاف المُصابين بالهراوات والبنادق ومن تَعَرّضوا لعمليات الدّهس بسيارات الشرطة والدّرك والجيش، ولم يكن القمع الوحشي رادعًا، بل كان مُحفِّزًا للمواطنين والشُّبّان الغاضبين من الوضع، فتوسعت رقعة المظاهرات والإضرابات إلى فئات اجتماعية عديدة، رفعت شعارات مَطْلَبِيّة، ذات صبغة سياسية واجتماعية واقتصادية، وندّدت بعنف السلطة وبالقمع الشديد، وعمليات المُداهمة والإعتقال، إلى جانب شعار "التعليم لأبناء الشعب"، وتحولت مدينة الدّار البيضاء إلى ساحة حرب، لكن القوى غير متكافئة، بين المواطنين الذين تكمن قُوّتُهم في عددهم الضّخم، وفي إيمانهم بعدالة مطالبهم، من جهة، وقوات الأمن والجيش الذي انتشرت عرباته ودباباته في الساحات والشوارع الرئيسية، وانتشرت القوات المُسلحة في مختلف الأحياء، لتنفذ عمليات قَنْص المواطنين، في ضل حالة منع التجوال...
بدأت السلطات، بعد أقل من عشر سنوات عن الإستقلال الشكلي، تطبيق مشاريع طبقية في مجال التعليم، من خلال مراجعة نظام امتحانات الباكلوريا (الثانوية العامة) وإلغاء الحق في التعليم المَجاني، بالتوازي مع الهجوم على المُدَرِّسِين ونقاباتهم، وتندرج قرارات وزارة التعليم ضمن هذا المُخَطّط، وبفعل شراسة القمع وتوسيع رقعته، تحولت احتجاجات التلاميذ المُراهقين إلى احتجاجات شعبية، توسّعت من الدار البيضاء إلى مدن أخرى، منها "فاس" و "مراكش" و"مكناس" و"تاونات"، وغيرها، فأجبرت الإحتجاجاتُ النظامَ الحاكمَ على التراجع (مُؤقّتًا)، وفتح حوار مع أحزاب المعارضة، لمساعدته على إخماد الغضب، والحُؤُول دون تحوّله إلى ثورة شعبية.
أدّى قبول قيادات الأحزاب ("الاتحاد الوطني للقوات الشعبية"، والحزب "الشيوعي"...) الحوار مع النظام، بدون شُرُوط، إلى حدوث شُرُوخ داخل هذه الأحزاب التي شارك شبابها في المظاهرات، وبدأت بعض الفئات من المناضلين تنعت قيادات هذه الأحزاب بالإصلاحية، والمتواطئة مع النظام، وكانت هذه النقاشات منطلقًا لميلاد "اليسار الجديد"، الذي تأثّر بتيارات محلية (تيار اكفاح المسلح من أجل الإستقلال الحقيقي، المتأثر بمقاومة عبد الكريم الخطابي) وعالمية، مثل المقاومة الفلسطينية، والثورة الثقافية بالصّين، وحرب الغوار في أمريكا الجنوبية، وغيرها، وكانت هذه النقاشات والتجارب الميدانية منطلقًا لتأسيس منظمات جديدة، تضم الشباب الثائر ضد الوضع السياسي، وضد الأحزاب "الإصلاحية"، ومنها منظمات "إلى الأمام" و "23 مارس" و "لنخدم الشعب"...
بعد شهرَيْن من مظاهرات 23 آذار/مارس، وما رافقها من حملات القمع الوحشي، أعلن الملك (الحسن الثاني)، يوم السابع من حزيران/يونيو 1965، أنه أصبح المرجعية الوحيدة لكافة السّلطات التنفيذية والتشريعية، بعد تعليق العمل بالدّستور، وحَلّ مجلس النّواب، وأعلان حالة الطوارئ لفترة خمس سنوات، وجسّم اختطاف واغتيال "المهدي بن بركة"، في التاسع والعشرين من تشرين الأول/اكتوبر 1965، بدعم من الإستخبارات الصهيونية والفرنسية، هذا التّشدّد من قِبَل السلطة، أي الملك وحاشيته...
أظهرت انتفاضة 23 آذار/مارس 1965، هشاشة هذا النظام، ثمرة الإستقلال الشّكلي المَنْقُوص، وأعلن الملك الحسن الثاني أنه أَمَرَ الجنرال أوفقير باستخدام كافة الوسائل التي بحوزته لإخماد صوت الشباب والمواطنين المُحتجِّين، قبل أن يجمع الملك لديه كافة السّلطات، ويلجأ إلى القمع السّافر والإغتيال السياسي، بدعم من جهاز المخابرالت الصهيونية والإستعمارية الفرنسية، وأدّى استبداد الحسن الثاني وانفراده بالسلطة إلى مُحاولَتَيْن انقلابِيّتَيْن (1971 و 1973)، وإلى تَجَذُّرِ فئات من الشباب المتعلم والعامل، ليخرج عن سيطرة الأحزاب التقدّمية التقليدية، ويفْتَكَّ فضاءات للتعبير وللإبداع وللعمل السياسي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله وإسرائيل.. جهود أميركية لخفض التصعيد | #غرفة_الأخبا


.. مساع مكثفة سعيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل قتلت لونا الشبل؟


.. بعد المناظرة.. أداء بايدن يقلق ممولي حملته الانتخابية | #غرف




.. إسرائيل تتعلم الدرس من غزة وتخزن السلاح استعدادا للحرب مع حز