الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمين المَظالِم الصحفي

حبيب مال الله ابراهيم
(Habeeb Ibrahim)

2021 / 1 / 27
الصحافة والاعلام


أمين المظالم الصحفي
‏ ‎‏Press Ombedesperson
‏Beschwerden Sekretär

د. حبيب ابراهيم

هل وصل الجمهور الى مستوى من الوعي واصبح باستطاعته أن يقترح على وسائل الاعلام بعدم نشر بعض المضامين لانها تلحق الضرر بالمجتمع؟ أيستطيع الجمهور ان يكون مستقبِلاً ومقيّماً لبعض المضامين التي تنشرها وسائل الاعلام؟ أيستطيع الجمهور ان يعترض على بعض ما تنشره وسائل الاعلام؟ الى اي مدى تسمح وسائل الاعلام للجمور بتقييم المضامين التي تنشرها وما هي القنوات التي يستخدمها الجمهور لذلك الغرض؟ من يتولى النظر في شكاوى الجمهور؟ المحررون انفسهم!
لا يُعقل أن يتولى المحرر التحقيق في شكاوى الجمهور بموضوعية، فيكون بذلك المتهم والقاضي في الوقت نفسه! من هنا جاءت فكرة ان يكون هنالك شخص في المؤسسة الاعلامية يسمى امين المظالم ‎‏Press Ombudesperson مهمته النظر في الشكاوى التي يقدمها الجمهور للوسيلة! صحفي كفوء، يقوم بدور المحقق ويراقب المضامين التي تنشرها الوسيلة الاعلامية التي يعمل فيها ليقوم بمساءلة الصحفيين والمحررين عن الاخطاء الواردة في المحتوى الذي يقدمونه للجمهور.
من المفترض أن يكون أمين المظالم في المؤسسة الاعلامية بمثابة قاضي مستقل ينظر في الشكاوى المقدمة من الجمهور بخصوص الاخبار والتقارير التي ينشرها الصحفيون، فالمستهلك (الجمهور) بحاجة الى جهة كي يقدم عندها اعتراضه على المحتوى الذي يُلحق الضرر به، كما ان هنالك جهة هي (هيئة حماية المستهلك) يقدم مستهلكو المنتجات الغذائية لديها اعتراضهم على سوء تلك المنتجات وعدم صلاحيتها للاستهلاك البشري .
عادة ما يتم تعيين امين المظالم Ombudesperson من قبل مدير المؤسسة الإعلامية لفترة محددة أو بشرط ينص على أنه لا يمكن إنهاء خدمته بناءً على العمل الذي يقوم به. يُسمح لأمين المظالم بمساحة، إما مطبوعة أو عبر الإنترنت أو على الهواء في الراديو لعرض أفكاره المستقلة حول كيفية عمل مؤسسته الإخبارية.
برزت مهنة امين المظالم Ombudesperson لاول مرة في الصحافة السويدية، اذ انتبه العديد من خبراء الاعلام الى ضرورة وجود صحفي (مستقل) في المؤسسة الاعلامية ينظر في الشكاوى التي يقدمها الجمهور للتحقيق فيها واتخاذ الاجراءات، فليس من المنطقي ان يتم تجاهل شكاوى الجمهور، وهو الجهة المستهلكة لمحتوى الوسيلة الاعلامية!
انتشرت مهنة امين المظالم Ombudesperson من النظام الاعلامي السويدي الى الانظمة الاعلامية في اوروبا وامريكا وكندا وقامت المؤسسات الاعلامية الاخبارية بتعيين امناء مظالم للنظر في شكاوى الجمهور ورفع الظلم عن اولئك الذين لديهم ادلة بان خبرا ما تناول حياتهم الشخصية مثلا او ان صورة ما نشرتها احدى الوسائل دون رغبة منهم او ان تحقيقا نُشر يحتوي على معلومات غير دقيقة اضرت بعلاقات بعض الاشخاص او ان تقريرا نشر مقتطفات من تصريح لاحد المسؤولين تحتوي اخبار زائفة اضرت بمصالح الجمهور. يحاول أمناء المظالم Ombudesperson من جهة بإيجاد حلول مرضية لشكاوى الجمهور المتعلقة بالتغطية الاخبارية، ويسعون من جهة اخرى إلى شرح طريقة عمل الصحافة لجمهورهم.
وقفت المؤسسات الاعلامية الاخبارية على اهمية وفاعلية امناء المظالم، لذا تاسست منظمة دولية يجمع امناء المظالم في المؤسسات الاعلامية في دول العالم. فمنظمة امناء المظالم (ONO) التي تاسست عام 1980 هي منظمة دولية غير ربحية، تتألف عضوية ONO من أمناء المظالم الإخباريين وممثلي القراء ومحرري المعايير من جميع أنحاء العالم، ويعملون عبر الإنترنت، وفي الصحف والمجلات، وفي التلفزيون والراديو، جميعهم أفراد يعملون في مؤسسات إخبارية مهنية المانية وامريكية وبريطانية وفرنسية وكندية، مثل Associated Press و BBC و The Guardian و CBC و ABC و SBS ، وفي المانيا في قناة ZDF وقناة Das Erste وفي صحيفة Bild وصحيفة FAS وفي أستراليا والهند. يعمل محررو امناء المظالم على الحفاظ على الممارسة الأخلاقية في المكاتب الخاصة بهم.
منذ تاسيسها في عام 1980، قامت منظمة امناء المظالم ONO بوضع مجموعة من معايير التحرير الأوروبية والاسكندنافية والبريطانية وأمريكا الجنوبية والهندية والأسترالية والكندية والشكاوى التحريرية التي تتعامل مع المديرين التنفيذيين، كما تعمل على تقوية العلاقات مع وسائل الإعلام الإخبارية الآسيوية التي تشارك مبادئها التحريرية المتمثلة في الاستقلالية والإنصاف والتوازن والدقة.
في الثمانينات من القرن الماضي كانت لاكثر من 40 صحيفة أمريكية امناء مظالم وكان دورهم هو النظر في الشكاوى أو الملاحظات وتزويد القراء بتقييم مستقل لملاحظاتهم.
اليوم، لا توجد صحف أمريكية كبرى تؤيد مثل هذا الموقف. في الواقع، اتجهت بعض الصحف الى الغاء منصب امين المظالم Ombudesperson واخرها صحيفة نيويورك تايمز New York Times وتسارعت وتيرة الغاء منصب امناء المظالم بسرعة بعد عام 2008 حيث أدى الركود الاقتصادي، إلى جانب التغييرات المتسارعة للتكنولوجيا، إلى خسائر فادحة في تمويل الصحف وربحيتها.
في عام 2013 أنهت صحيفة واشنطن بوست Washington Post منصب امين المظالم بعد 43 عامًا من وجوده..
لايزال منصب امناء المظالم موجود في المئات من الصحف الالمانية ويسمى Beschwerden Sekretär او Volksstimme (صوت الشعب) وفي كل صحيفة هنالك مكتب لامين المظالم، يرى العديد من خبراء الصحافة الالمان ان مفهوم الصحافة الكاذبة Lügenpresse ارتبطت بالحربين العالميتين الاولى والثانية، الا الصحافة الكاذبة بدات بالظهور مجددا واصبحت هنالك حاجة ملحة لامناء مظالم في المؤسسات الاعلامية الاخبارية هدفهم الحفاظ على نوعية الموضوعات المنشورة واخذ شكاوى الجمهور بالحسبان في تقييم محتوى الموضوعات.
يقوم امناء المظالم في وسائل الاعلام الالمانية وبحضور اعضاء مجلس الصحافة الالمانية Presserat بعقد مؤتمرات صحفية بغية اطلاع الرأي العام الالماني على القضايا المتعلقة بشكاوى الجمهور والية عملهم للتعامل مع تلك الشكاوى.

المصادر
- https://www.presscouncil.ie/office-of-the-press-ombudsman-164 باللغة الانكليزية
- https://www.newsombudsmen.org/about-ono/ باللغة الانكليزية
- https://www.presscouncil.ie
- Wade B. Hilligoss, (2014) The Diminishing Role of the Ombudsman in American Journalism, Master Thesis, Faculty of The Graduate College, University of Nebraska, USA. باللغة الانكليزية
- https://www.vdmo.de باللغة الالمانية
- Paul-Josef Raue (2016) Ombudsleute bei deutschen Zeitungen: "Sagen Sie es uns ins Gesicht!", Kressnews باللغة الألمانية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع