الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل تطبل وتركيا ترقص!!!

شيار محمد صالح

2006 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



تقوم الحكومة التركية في الآونة الأخيرة برقصة بهلوانية تعرض من خلالها عضلاتها المنخورة على حلبة الحدود المشتركة مع جنوب كردستان التي رسمتها في مخيلتها. هذه الرقصة والحركات البهلوانية التي يؤديها الجيش التركي على إيقاعات مايسترو العقيدة الإسلاموية الأتاتوركية أردوغان. يومياً تطالعنا تصريحات الحكومة التركية والجيش وكافة التيارات المتواجدة على الساحة التركية، من يمينها حتى أيسرها، ويرقصون بنفس الوتيرة، ويشربون نخب إمحاء الشعب الكردي وأنصار الحركة التحررية الكردستانية في جنوب كردستان كما يدّعون، وكأن خطر تقسيم الدولة التركية ينبع ويأتي من جنوب كردستان، ويتعامون ويتناسون، أو بالأحرى يطمرون رؤوسهم بالرمال، كي لا يروا الحقيقة الساطعة التي تتمثل في أن أصل المشكلة الكردية نابعة من عقليتهم الاستقصائية والاستقوائية الموروثة من السلطنة العثمانية العتيدة، والتي بسطت سلطتها الوحشية تحت قناع الإسلام مدة أربعة قرون ونيف على منطقة الشرق الأوسط. وكأن حال تركيا لا يريد الاعتراف بهزيمة هذه العقلية ونحن نلج القرن الحادي والعشرين، وتدفع بالعصي لإيقاف عجلات التطور والتقدم الذي تعيشه الإنسانية في راهننا.
"تركي واحد يساوي العالم كله"، "كم أنا سعيد لأنني تركي"، " لا يوجد في تركيا سوى شعب واحد، لغة واحدة، أمة واحدة، عَلَم واحد". بهذه العقلية تبغي تركيا العلمانية دخول المنتدى الأوروبي من أوسع أبوابه، وكذلك عبور بوابة الخابور للقضاء على قوات حزب العمال الكردستاني، الذين أعلنوا مراراً وتكراراً أنهم يبغون حل القضية الكردية بشكل سلمي بعيداً عن العنف، وكذلك مدوا أيديهم التي تحمل غصن زيتون للدولة التركية عربوناً للسلام. لكن الحكومة التركية لم تُعِر أدنى اهتمام لذلك، بل أصرت وتصر على إبادة الكرد في كل مكان ما داموا يحلمون بعقل كردي.
صحيح أن حزب العمال الكردستاني قد وجه ضربات موجعة للجيش التركي في شمال كردستان، إلا أن هدف الحكومة التركية من غزو جنوب كردستان هو أكبر من قوات الكردستاني، والتي لا يتجاوز عددها الأربعة آلاف مقاتلاً حسب ما يصرحون به. فما هو الدافع والموعز لحشد هذه الآلة العسكرية الجرارة وأكثر من مائتي ألف من القوات الخاصة التركية والمرتزقة والجندرمة، وهذا العدد الهائل من المدرعات والطائرات الحربية والحوامات؟ هل هو فعلاً لمقارعة أربعة آلاف مقاتل سلاحهم الوحيد هو الثقة والإيمان بعدالة قضيتهم؟ أم أن ما وراء الأكمة أعظم من ذلك بكثير؟
التطورات الحاصلة في جنوب كردستان تغضب الجار الكردي الهوية، (الفارسي أو التركي أو السوري الانتماء)، ولا تريد أن تصدق أن الكرد يواكبون العصر، ويعون كيف يديرون دفة السياسة واللعبة الدبلوماسية، وأن زمن الاقتتال الكردي – الكردي قد ولى وفق ما صرح به القادة الكرد في جنوب كردستان، وكذلك تصريحات السيد د.باهوز القائد العام للجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني بأن "كافة الهجمات التي تشن على الجيش التركي هي في شمال كردستان والعمق التركي، وليس جنوب كردستان". أفلا يعي الحكام الترك هذه التصريحات؟ أم أنهم يتوهمون بأن الكرد ما زالوا مراهقين سياسيين لا يفقهون ما يصرحون به؟!!
تصريحات الحكام الأتراك جاءت متزامنة مع قرع طبول الحرب من قبل إسرائيل ضد حركة حماس وحزب الله، الدمى الشرعيين للنظامين السوري والإيراني اللذين يراهنان على استمرار بقائهما في السلطة بهذه الأساليب الماكرة والبعيدة كل البعد عن الأخلاق الإنسانية. فمن ناحية يتباكى هذان النظامان على شعب فلسطين ولبنان، ولكنهما بعين الوقت يعملون على قتل وإمحاء وتشريد الكرد في بلديهما. فها هي الاعتقالات والإعدامات وتدمير القرى الكردية وتعريبها وتفريسها جارٍ على قدم وساق في المناطق الكردية في كلا الدولتين، وأكثر من مائة ألف جندي إيراني يقومون الآن بهذه المهمة المقدسة بقتل الكرد الكفرة (حسب ادعائهم) والمتعاملين مع الإمبريالية والعملاء للغرب.
فما الفرق بين وحشية الجيش الإسرائيلي وما يقوم به في فلسطين ولبنان من تدمير للبنى التحتية وقتل للإنسان وتشريده، وبين ما تقوم به الحكومات التركية والإيرانية والسورية بحق الكرد من قتل وتشريد واعتقالات؟. الأفضل لهذه الدول المستعمرة للأرض والشعب أن تحترم الإنسان في فلسطين ولبنان وكردستان، بعيداً عن التمييز القومي والأثني والديني. والأَولى لهذه الدول عامة وتركيا بشكل خاص أن تدرك ما ستجنيه على نفسها في حال اجتياحها وغزوها لجنوب كردستان تحت ذريعة جوفاء لمحاربة مقاتلي الكردستاني. وحري بالحكومة التركية ألا تتباكى وتذرف دموع التماسيح على الشعبين الفلسطيني واللبناني تحت اسم الإسلام وتنسى ما تقوم به بأبشع بآلاف المرات بحق الكرد مما تقوم به إسرائيل بحق العرب هناك. فالرقص على الطبل الإسرائيلي لا يمكن أن ينجح في كل مرة، وكما يقال في المثل الكردي "كم هو جميل صوت الطبل من بعيد". إن صوت الطبل بعيد، والرقص عليه يعطي حركات وقلبات غير متناغمة، وربما تكون آخر رقصة لهذه الحكومة التركية، إنْ هي لم تعِد النظر في حساباتها من جديد وتدرس الحالة الكردية بعقلية أكثر انفتاحاً وتعقلاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بات اجتياح رفح وشيكا؟ | الأخبار


.. عائلات غزية تغادر شرق رفح بعد تلقي أوامر إسرائيلية بالإخلاء




.. إخلاء رفح بدأ.. كيف ستكون نتيجة هذا القرار على المدنيين الفل


.. عودة التصعيد.. غارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي على مناطق في ج




.. القوات الإسرائيلية تقتحم عددا من المناطق في الخليل وطولكرم|