الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اهداء الى جميع الاحرار..

عباس موسى الكعبي

2021 / 1 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


مدونة لتشرين..

سألني احدهم: ماذا تعني لك ثورة تشرين؟
اجبته: انها كل شيء.. أشياء لا يمكنك استيعابها:
حينما تخرج من بيتك وتتوجه صوب حافلة نقل الركاب لتقلك الى ساحة التظاهر، تشعر حينها وكأنك ستقابل حبيبتك التي طالما انتظرت لقائها.. ياصاحبي ذلك الشعور لا يمكنك استيعابه ولا تخيله، بل ليس بوسع اي شخص تخيل تلك المشاعر سوى من تذوق تشرين وشارك فيها بضمير صادق..
ياصاحبي، اتعرف ام عباس، عشتار السومرية حينما تغمس اناملها السماوية في طحين الالهة لتصنع لك خبزا اسطوريا يدعى (سياح).. فعند تنور ام عباس، تنزل الملائكة وتتجمع ليلا لعلها تحصل على قطعة من يد معشوقة ديموزي ..
اتعلم حينما تنظر الى صاحب التكتك الفقير المعدم فتعتقد انه بات احد افراد اسرتك.. ويصبح ركاب الحافلة بل وحتى سائقها جزأ من عائلتك.. تحبهم وتخاف عليهم كما تخاف على عائلتك..؟.. ياصاحبي انه شعور لا يمكنك استيعابه ابدا..
ان تدرك ان ذلك الجار المزعج يتحول بين ليلة وضحاها الى قريب محب حينما يطرق بابك ليلا ليخبرك انه بحاجة لمساعدتك في نقل 100 سندويشة محشوة باللحم الى الثوار..!.. اتعرف معنى ذلك الشعور؟ هل بوسعك مجرد تخيله؟ اشك في ذلك..
اتعرف معنى الخيمة التي كنا نلتقي تحت سقفها؟ هل تصدق انها باتت اكثر من بيت واوسع من قصر!.. بل كانت بمثابة وطن.. نعم وطن بكل ما تحمل الكلمة من معنى.. فهل سمعت بعمار وحيدر ومصطفى وباقي القلوب الشجاعة الرقيقة؟ كانوا رسل للتنوير من طراز رفيع..
هل بوسعك ان تستوعب معنى اصرار سائق الحافلة او التكتك المحروم على عدم أخذ اجرة منك لقاء ايصالك، وفوق ذلك يبتسم بوجهك ويرحل بعيدا؟.. بالتاكيد ليس بوسعك ان تستوعب ذلك، ولعلك تحتاج الى سنوات ضوئية لادراك تلك العواطف..
هل تعرف الاحساس الذي يدفعك، دون ارادة منك، الى ان تربت على ظهر متظاهر آخر دون سابق معرفه به، لمجرد انه متظاهر وتشعر معه بالالفة المتبادلة؟ حركة لا ارادية وشعور لا يوصف!..
هل تعلم ياصاحبي معنى ان تتسكع بين خيام المعتصمين في ساحة كبيرة، وكل من تلتقيه يبادرك بالتحية وابتسامة عريضة ثم يدعوك لتناول الطعام او الشراب في خيمته..؟ ياصاحبي، انا متأكد ان هذا الشعور لا يمكنك فهمه ولا استيعابه ابدا..
اتعرف، كنت احتقر تلك القطعة المسماة بعلم البلاد، لكن اليوم اصبحت جزأ من حياتي بل ومن اناقتي.. وكلما انظر الى العلم تنزل دموعي لا اراديا.. شعور غريب يفوق مخيلتك..
اتعلم ان الساحات لم تشهد عملية تحرش واحدة؟ لعلك لا تدرك ذلك ولم تستوعبه.. نعم كانت الثورة هي من تقود سلوك الشباب، بمبادئها وقيمها الانسانية..
اتعرف ان الطالب العراقي ولاول مرة احس بوجوده واعتز بتاريخه.. لذا اطلقنا على الطلاب اصحاب القمصان البيضاء لان ضمائرهم بيضاء ناصعة.. اتدرك مقدار فرحتنا حينما نرى ان الشوارع والانفاق ممتلئة باجساد اصحاب القمصان البيضاء وهم يحملون اعلام العراق..؟ منظر ليس بوسعك سوى الخشوع امام هيبته.. لا..لا.. لا يمكنك ان تدرك ذلك ابدا..
اتعرف مقدار السعادة حينما ننحني كي نلتقط مخلفات المتظاهرين بايدينا ونضعها في المكان المخصص لها.. ومن ثم نباشر بكنس الارض بكل محبة وشغف..؟.. يا صاحبي اشك بقدرتك على مجرد تخيل ذلك..
اتدرك رمزية الجسور والبنايات التي كانت بمثابة مخيمات لنا، نقيم تحتها وفوقها وبين جدرانها ونستظل بها..حتى حديقة الامة التي هجرها الزمن، باتت كالام الحنون وهي تحتضن ابنائها ممن اعادوا لها الامل..
اتعلم، كنت امر من امام نصب الحرية دون ان التفت لرؤيته.. واليوم بات شيئا آخر .. بات رمزا للاحرار .. ولعل جواد سليم اعاد بناء ملحمته من جديد في قلوب الثوار..
اتعرف انني احببت لبنان بسبب تشرين وتفاعلت مع محتجيها وساحاتها واعتصاماتها.. كانت رابطة غريبة تربطني بثوارها.. شعور لا يمكن لشخص مثلك تخيله.. وحينها شرعت بالتسائل مع نفسي: هل كان المصريون يدركون ذلك الشعور الذي ينتابني اليوم حينما كانوا يعتصمون في ساحات الاحتجاج اثناء ثورة يناير؟.. بالتاكيد كانوا كذلك.. انه عالم الاحرار ياصاحبي..
- هل هذا شعورك انت وحدك ام شعور الجميع؟
ربما انا وحدي وربما الجميع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت


.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام




.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف


.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام




.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا