الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شفرات حلاقة صالحة للتدوير -25-

علي دريوسي

2021 / 1 / 28
الادب والفن


سأًقتُلُها
ففي البدء كان القتل

سأًقتُلُها
قبل أن تُدمِّر حياتي

سأًقتُلُها
قبل أن تُخرِّب مستقبلي

ما زلت شاباً
أمامي فرصٌ كثيرة
لتشكيلِ عائلةٍ تليق بمقامي وعلمي ومالي

سأًقتُلُها
قبل أن تَهزِمَني
المرأةُ المسترجلة خطيرة
لا يُهزمُ الرجلُ القويّ إلا من إمرأةٍ مسترجلة

سأًقتُلُها
لن أسمحَ لعيونها الدائرية المحشوة بالحِقد والحَسَد
أن تتسبَّب في بكائي ندماً على ما سيَحِلُّ بي بسببها

سأًقتُلُها
لا أرغب أن أكونَ ضحيتها
ولا أن ألعبَ دور تشاندلر
في قصة غيمة صغيرة
للكاتب جيمس جويس

سأًقتُلُها
سأدْفُنُها تحت شجرة ياسمين مهجورة
ولن أصلي على قبرها أبداً
لن يشعرَ أحدٌ بالجريمة
كثيراً ما تُخلِّصك الخبرة من وَرَطَات كبيرة قد تتوحَّل فيها
لن يشعرَ أحدٌ بما سيحدث
من الصعب أن تقع الثعالب الذكية في الفخ

سأًقتُلُها
سأرتكب جريمتي دون أن أصبحَ عبداً لها

سأًقتُلُها
لأنها قطارٌ سريعٌ دون مكابح
لن أعرفَ حجم الكوارث التي ستخلّفُها وراءها
إلا إذا أوقفتها عند حدها بالقتل

سأًقتُلُها
لأنها لن تكون متسامحة معي
إذا ما عقدتُ العزم على طلاقها
كما كانت ميلفا ماريك متسامحة مع زوجها
أعطيتها من وقتي
ـ رغم مشاغلي وطموحاتي ـ
أكثر مما تستحق
وأكثر بكثير مما أعطى ألبيرت أينشتاين زوجته ميلفا

سأًقتُلُها
لا لن أطلّقها
في بلد يكلّف فيه الانفصالُ ما لا طاقة لي به
ولا رغبة لي بدفعه
طلاقي منها يعني
أن أعطيها نصف رصيدي
نصف ما أملك
من المنزل والسيارة والمكتب والمعمل والأرض
طلاقي منها يعني
مشاركتها لي في راتبي الشهري
في تأميناتي
وتقاعدي لاحقاً

سأًقتُلُها
حتى لو تشفَّعت بها الأنبياء

سأًقتُلُها
ثم أرحل بجسدي وقلبي إلى السماء القصية دون شهود
سأرتقي كما ارتقى يسوعٌ إلى الأعالي بجسده
في حضور أحدَ عشرَ تلميذاً من تلاميذه
بعد أربعين يوماً من قيامته

سأًقتُلُها
لأنّها سمكة تُخبئ شيئاً ثميناً في جوفها
لأنها تسبح في بحر كبير كبير بكامل حريتها
كلما حاولت الإمساك بها
تتزحلق الملعونة من بين أصابعي

سأًقتُلُها
لأنّها صندوق رمادي
عصي على الفتح أو الضم أو التحطيم
تختبئ الأجوبة التي أبتغيها في داخله
يُهيأ لي لوهلة أني قد اكتشفت لونه الأصلي
إنه أسود، ثم أتراجع لأقول: بل أبيض
ثم أعتقد لوهلة أني أعرف أين مكان المفتاح
لأعلن فجأة عن حالة سراب انتابتني
فأنا لن أعرف عنه شيئاً
تتبدَّل أفكاري ورؤاي في رحلة البحث
عن ميكانيزمات التوازن
دون أن أتمكنَ من التوازن
لتبقى هي الوهمُ المُعلّق في الفراغ

سأًقتُلُها
رغم صلابتي الداخلية
وعقلي الراجح
ونجاحاتي المهنية

سأًقتُلُها
لأني إن عدلت عن قتلها وتعاطفت معها
فهذا يعني إصابتي النفسية بتناذر ستوكهولم
كلّما فقدت قدرتي على النوم
كلّما استبد بي القلق
بعد شجار عنيف معها
أو بعد الانهماك الشديد في حل بعض المعضلات العلمية
لا أجدها قربي
كي أسهر معها
كي أشكو همومي لها
سرقتها المعارض مني
أخرج من البيت
أتسكَّع في الشوارع الخالية
إلا من القطط وبقايا بائعات الهوى
أبحث عن إميل سيوران
دكتور الأدب الأخصائي بالحالات السوداوية
كحالتي الحزينة
ثم أعود إلى البيت في غبش الفجر
كما كان سيوران يعود
لا لكي أنام
إنما كي أتناول فطور الصباح
كبقية الذين ناموا طيلة الليل

سأًقتُلُها
هرمت في الساعات الأخيرة
طالت ذقني بسرعة هائلة
مع أني قد حَلقتُها صباحاً
كلما غرِقتُ في عملي وحزني حتى ذَقَني
طالَت ذَقَني
كلما حَلقتُها بعد إهمالٍ
أعود إلى توازني الداخلي من جديد
لكنني لن أَحْلُقَها هذه المرة
لن أعمل بنصيحة توماس والد الرئيس لينكولن:
"الوجه النظيف من الشعر ضرورة يا بني
يمنح صاحبَه المكانة والقوة بين الناس"
سأتركُ ذَقَني ناتئة
لن أَحْلُقَها
مكانتي وسيادتي محفوظتان
بذقنِ مهملة أو محلوقة
لن أَحْلُقَها
قبل أن أكونَ قد قتلت الخائنة
ودفنتها مع الجرذان

سأًقتُلُها
سأرنو إلى بخار دمها الساخن
أشفي غليلي منها
وهي ما تزال طريحة الأرض
تتوجع وتتأوه ألماً
في اللحظات الأخيرة من حياتها القصيرة
سأذهبُ إلى دورة المياه
أتقيأ في المرحاض ذكرياتي معها
ثم أُصَوْبن يديّ وفمي وعقلي

سأًقتُلُها
لن يتألمَ أحدٌ من محيطها على رحيلها
إلا أصدقاءها النادرين وأبناءَ عائلتها من سلالة الشياطين

سأًقتُلُها
ليأتي الربيع من بعدها

سأًقتُلُها
لمئة سبب وسبب
لكن ثَمَّةَ سؤالٌ واحد
يحيِّرني
يربكني
يقضّ مضجعي
متى وكيف وأين سأقتلها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم


.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع




.. هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية