الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أغبى أمة أُخرجت للناس

أحمد إدريس

2021 / 1 / 28
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الكلام الآتي يرجع تاريخ كتابته إلى سنين مضت و هو مُقتبَس من كتابي "صرخة قلب من مسلم مقيم في الغرب - أفكار و تأملات من أجل ربيع عربي حقيقي" (دار الماهر للطباعة و النشر و التوزيع، الجزائر، 2019 ؛ قريباً طبعة جديدة بإذن الله).


« إنني لم أُعكِّر صَفْوَ حياتهم أبداً، إنني فقط أُخبِرهم بالحقيقة، فيرونها جحيماً. » (هاري ترومان)

« إنَّ الشعوب التي لا تُبصِر بِعُيونها سَوْفَ تحتاج إلى هذه العيون لِتَبكي طويلاً. » (محمد علي الغتِّيت)

« معظم الناس يُفضِّلون الموت على التفكير - و في الحقيقة فإنَّ هذا ما يفعلونه. » (برتراند راسل)


لقد نجحت قوى الظلام و التآمر على البشر ببساطة غريبة في إيقاعنا في فخ رهيب، و يَحِق للعالَم بأسره أن يرى فينا معـشر العرب أغبى مَن في الأرض على الإطلاق ! فبينما نحن غارقون في التناحُر و الشِّقاق و التقاتُل فيما بيننا دون انقطاع، هي ماضية بخطى سريعة نحو تحقيق حلمها المنشود و هدفها النِّهائي، و هو بسطُ و فرضُ سيطرةٍ كاملةٍ مطلقةٍ شاملةٍ على كافة سكان الأرض.

أعداء أمتنا الساذِجة اكتفوا بالضغط على زِر يعرفون جيداً أنه نقطةُ ضعفِها الأبرز، تلك الخاصِّية التي سَتُودي بنا إلى هلاكٍ أكيدٍ مُحَقَّق إن لم تُضبَط بلجام العقل، و هي الإنجراف المُفرِط مع العواطف و الإنسياق بسهولةٍ مُلفِتة وراء تُجار الأوهام. هؤلاء القوم لهم عقول و استعمالُها يُمكِّنهم من تخطِّي و تجاوُزِ خلافاتهم و التعاملِ معها بأسلوب ذكي و بالتالي غيرِ همجي بَيْنما خلافاتُنا نحن سَيْطَرَتْ علينا و أنهكتنا و أوهنتنا و جعلتنا أشتاتاً ضائعة… و الطَّريفُ في هذا المقام بل المضحك المبكي في آنٍ واحد هو أنَّ كافة هؤلاء المُتطاحِنين المُتناحِرين المُتشاحِنين يعتقدون أنَّهم على النَّهج الأبلَج الجلِيِّ المؤدِّي مباشرة إلى الفِرْدَوس السَّماوي. يعتقدون و يُعلنون بكل فخر أنهم على نهج مَن مات على ما سواه خسر الحياة الأبدية. كل طائفة مِنهم تختزل الدين في طريقتها، تُكفر الأطراف الأخرى تماماً مِثلما تُكفر مُعتنِقي باقي مِلَل و نِحَل الدنيا، مدَّعية أنها من دون سواها الفِرقة الناجية : أي ترى أنها تُجسِّد المشروعية الدينية، فأتباعها هم فقط المهتدون، وحدهم يمشون على الصراط المستقيم.

للأسف نجحت تلك القوى الظلامية التي ما أرادت لِغيرها الخير و الهناء و الإستِقرار يوماً في تَرْويضهم و توظيفهم من أجل تحقيقِ مصالحها و خِدمةِ أهدافها و تنفيذِ مشاريعها و هذه الحقيقة المُرَّة باتت مكشوفة. هم الآن مُنهمِكون في تدمير بُلدانهم على نَحْوٍ مُمَنْهَجٍ بسبب عملية البرمجة و غسل الدماغ الجماعي التي حَوَّلَتهُم إلى مُرتزِقة أوفياء للعدو…

هزيمة العقل عندنا أنتجت أمساخاً بشرية تتحرك دون وعي و على غير بصيرة، قد نبذت كل القِيَم السماوية و الإنسانية و مع ذلك تزعم أنها وحدها تُمثِّل الإسلام. الفكر الديني المُزيَّف الشائع عندنا خلق جيلاً مُشوَّهاً مُهلِكاً لنفسه و للمجتمعات التي يحيا فيها، يكاد لا يُميِّز بين الخير و الشر بل لقد أثبت مِراراً و تَكراراً أنه لا يُفرِّق بين الصديق و العدو. لذا سَهُل على هذا الأخير أن يجعل منه سلاحَ دمارٍ مُسلَّطٍ على العديد من دُوَلِنا التي تعطَّلت كلُّ مشاريعها التنموية بسبب صِبيان مسلوبي العقول : زَرْعُ الموت هو مشروع العمر بالنسبة لهم، و نشرُ الدمار هدفُهم الأسمى في هذه الحياة. هؤلاء المسعورون يعتبرون ما يُمارسونه خِدمة جليلة يُقدِّمونها لأمة لم تطلُب منهم شيئاً و هي في غِنى عنهم لِتحيا وَفق التعاليم الحقَّة للإسلام. شر هؤلاء لم يتوقَّف بل تفاقم لأنه لا رادِع إطلاقاً للقوم. تراهم يُعربِدون بلا هوادة و لا يكاد يُفارق ألْسنتَهم لفظُ الجلالة - و لسنا ندري أيَّ إلهٍ يعبد مَن آدمِيَّتُه هي مَوْضِعُ تساؤل و رِيبَة…

وضعُ الأمة إذاً غير مُفرح و هذا أقل ما يُمكن قوْلُه بهذا المضمار. و لْنَكُن صُرَحاء أكثر، فلقد بلغ السَّيْل الزُّبى : الأمة اليوم هِيَ في حالةٍ تعيسة جداً و مُقرِفة للغاية أيضاً فأبناؤُها منشغلون بِتدمير بل إبادة بعضهم البعض بِأسلحةٍ يُوَفِّرُها المُستفيدون مِن اقتِتَالِهم الدَّامي و تُسدِّدُ ثمنَها دُوَل ثرِيَّة محسوبة على الأمة. إنه تدمير و إفساد بل نَسف من الأساس لِحاضر و مُستقبل هذه الأمة - المسكينة - و مع ذلك ما زال البعض يتحدَّث و بِلا خجل عن ربيع مُبارَك للأمة.

الدُّوَل التي اجتاحها الإعصار المُسمَّى بالربيع العربي، هي اليوم تَغُص بسماسِرة و محترفي صناعة الفوضى و الخراب ؛ لأن أمنها القومي قد تمَّ اختراقُه بصورة مَهولة، و باتت مرتعاً لجماعات الشر و الجريمة المنظمة و لكل مُخابرات العالَم. لقد تبَيَّن الرشد من الغَيِّ بعدما حَصْحَص الحق، و لم يَعُد مُستساغاً الأخذ و الرد في هذا المجال… أحسن وصف للحال الراهن للأمة، هو هذه التغريدة لأحد شباب الأمة : « العرب هم الأمة الوحيدة التي يتنافس أفرادها على إغراق سفينة هم جميعاً على ظهرها في بحر متلاطم الأمواج. »


« إنه لَمِنْ سوء الحظ ألاَّ نُدرك ما يُراد بنا، فَنُصرَف عمَّا ينبغي أن نُفكِّر فيه كأفراد و مجتمعات، فَيُصيب غيرُنا الهدف، و نحن لا نشعر ! » (علي شريعتي)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ضبط المصطلح
محمد البدري ( 2021 / 1 / 29 - 17:01 )
تعريف امه حسب كلام القرآن خاطئ بشكل كلي لانه اختزل الامة في قبيلة قال عن نخبها من السفاحين من قبل وبعد زمن النبوة انها امة.
الخطأ يجلب اخطاءا لهذا وصفهم بانهم خير امة ومن منظور حقائق ما جري فانهم من عتاه المجرمين كما روي عنهم في السيرة النبوية الشريفة.
وها نحن مرة اخري بصدد مصطلح آخر يحتاج الي تصحيح واقصد به كلمة الشريفة
تحياتي


2 - واشكرك مرة اخري
محمد البدري ( 2021 / 1 / 31 - 04:16 )
اشكرك علي اقوال د. الغتيت وبرتراند راسل وهاري ترومان
ونحياتي مرة اخري

اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟