الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقتباسات

ندى أسامة ملكاني

2021 / 1 / 28
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


روح الثورات والثورة الفرنسية
مؤلف الكتاب هو عالم الاجتماع والطبيب والمؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون ، وفي تحليله للثورات عموما يرى أن الثورة هي جملة التحولات الفجائية للمعتقدات والأفكار والمذاهب، وهي تنشأ عن عوامل عقلية كالقضاء على ظلم فادح أو ملك يبغضه الشعب، أي أن العقل أصل الثورات ولكن فقط عندما تتحول الأسباب التي تهيؤها إلى عواطف تستطيع أن تؤثر في الجماعات، فلهدم المظالم لابد من إفعام قلوب الجماعات بالآمال.
وهو يقسم الثورات إلى ثورات علمية وسياسية ودينية
مجال الثورات العلمية هو عالم الأفكار وليس للمشاعر والمعتقدات سلطان عليه. أورثت الاكتشافات الفلكية والطرق القائمة على التجربة ثورة بإثباتها أن الحوادث تصدر عن سنن ثابتة لا تتبدل لا عن أهواء الآلهة. فقد تكون الروح الثورية غير خطرة فهي إذا صدرت عن العقل بدلا من العاطفة أو التدين أصبحت عامل تقدم وارتقاء، فعندما يصير حكم التقاليد والعادة ثقيلا على الحضارة تتخلص منه بفضل أناس من ذوي العقول المستقلة الثورية ك لافوازيه وباستور الذين أعانوا على تقدم العلوم والفنون في العالم.
الثورات السياسية : قد لا تتم الثورات إلا إذا دعمها فريق كبير من الجيش، فالملكية لم تأفل في فرنسا يوم قطع رأس لويس السادس عشر، بل يوم امتنع جنده عن الدفاع عنه. أو على قل إلا إذا كان الجيش محايدا، كما حدث في ثورة سنة 1848 وثورة سنة 1870 التي قضت على الإمبراطورية حينما شعر الناس في فرنسا بالعار الذي أصابهم من استيلاء الألمان على مدينة سيدان
إن مصدر المعتقدات سياسية كانت أم دينية مشترك وهي خاضعة لسنن واحدة أي أنها لا تتكون بالعقل بل خلافا لما يقتضيه العقل، فالبوذية والإسلام والإصلاح الديني واليعقوبية والاشتراكية بالحقيقة قائمة على عواطف وتخضع لمنطق لا علاقة بينه وبين المنطق العقلي أبدا.
اعتبار المؤمنين المعتقد حقيقة مطلقة يجعلهم غير متسامحين وهذا ما يوضح سر قسوتهم وأحقادهم ومظالمهم أيام الثورات السياسية والدينية ولاسيما أيام الثورة الفرنسية وثورة الإصلاح الديني
ثورة الإصلاح الديني: ففي البلاد التي عمها الإصلاح الديني حل الملوك محل البابا حقوقا وسلطانا. لم ينتشر الإيمان حينها بالخطب والبراهين العقلية بل بالتوكيد والتكرار والعدوى النفسية والنفوذ.
لا تعرف الأمم ذات المعتقدات القوية شيئا من التسامح ، فالأمم المشركة هي التي كانت متسامحة في القرون القديمة والأمم المتسامحة في القرون الأخيرة هي التي يمكن نعتها بأمم ذات أرباب كثيرين وتعبد آلهة مختلفة بأسماء واحدة . هنا نرى أنفسنا أمام معضلة نفسية لم تحل حتى الآن وهي حيازة معتقد قوي ومتسامح معا.
الثورات تعتبر نتيجة روح الجماعات ، إن المرء وهو جزء من الجماعة يختلف جدا عنه وهو منفرد، فشخصيته الشاعرة تفنى في شخصية الجماعة غير الشاعرة. الاختلاف تام بين عزائم رجال الثورة الفرنسية وهم منفردون وعزائمهم وهم مجتمعون، وعلة ذلك إطاعتهم قوى خفية لا سلطان لهم عليها ، فهم، وإن اعتقدوا أنهم خاضعون لسلطان العقل المطلق، كانوا يعانون ما لم يدركوا أمره من المؤثرات الدينية والعاطفية والاجتماعية.
لم تكن الثورة الفرنسية هي التي علمت العالم مبدأ المساواة، ولا نحتاج لإثبات ذلك إلى التنقيب في الجمهوريات اليونانية القديمة، فالنصرانية والإسلام قد أرشدا الناس إلى هذا المبدأ، وبيان ذلك أن الناس متساوون في هاتين الديانتين، وهم عباد إله واحد.
ينشأ عن المبادئ الثورية إيمان جديد وهذه المبادئ التي قوامها العاطفة وإن كانت تمجد الحرية والإخاء ، نرى بينها وبين الأفعال تناقضا تاما شأن أكثر الأديان التي لم تسمح للناس أن يتمتعوا بالحرية والتي أقامت مذابح فظيعة مقام الإخاء .وهذه الأديان قد أنذرت الناس بعذاب أبدي ليحافظوا على أوامرها. وعلى ذلك يكون رسل المعتقد اليعقوبي قد ساروا على طريقة آبائهم واستعانوا بمثل وسائلهم.
يلخص التحول الذي نشأ عن الثورات التي وقعت في فرنسا بالكلمة الآتية: إن هذه الثورات أقامت مقام استبداد الفرد الذي يسهل القضاء عليه استبداد الجماعة القوي الذي يصعب تقويض دعائمه. ويظهر أن الأمم الطامعة في المساواة والتي تعودت أن ترى حكوماتها مسؤولة عن كل مايحدث لا تطيق استبداد الفرد، وإنما تصبر على استبداد الجماعة وإن كان استبداد الأخيرة أشد وأقسى. كما أن الاستبداد الفردي عقب استبداد الجماعات في كل زمن، وهو الذي زعزع عظمة روما وأدى إلى قضاء البرابرة عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و