الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنظومة الاستخباراتية الشرقية ، هدفها ترسيخ سلطة المستبدين .

يوسف حمك

2021 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


المواطن العفيف يسعى لحماية الوطن ، و المساهمة في رفعته و العمل الجاد لتماسك المجتمع ، بالعمل و العلم و الاجتهاد و التعايش و الاندماج ، لاستقرار البلاد و ثبات الحياة اللائقة , كما تعزيز الانتماء للوطن ، كونه الملجأ الوحيد له .

أما رجال الأمن فبدلاً من أن يضعوا الأخطار الخارجية نصب أعينهم ، و يكونوا عيوناً ساهرةً لصون البلاد و نهضته ، و يجعلوا المواطنين شركاء لهم مساندين و منسقين لانجاز مهامهم تجاه البلاد و كافة شرائح المجتمع و فرض سيادة القانون و هيبة الدولة .
يتحكمون بالوطن في كل صغيرةٍ و كبيرةٍ ، و يحرفون اتجاه المصالح الوطنية لصالح القادة والحكام ، و باتوا أداة قمعٍ داميةٍ للمواطنين و كل الشرفاء .
أي أن مفهوم الأمن في منظور حكومات الشرق محصورٌ في القوة المدججة بالسلاح - قوات الأمن الداخليِّ و الشرطة و البوليس - لا السلطات القانونية لها حضورٌ فاعلٌ ، و لا القضاة و المحامون دورهم مؤثرٌ .
أما جوانب الأمن الغذائيُّ و الصحيُّ و الثقافيُّ و الاقتصاديُّ و التعليميُّ فغائبةٌ تماماً ، كونها لا تتبنى مصالح الحكام و المستبدين و الفاسدين .

في عرف سلطات تلك البلدان البغيضة ، الأمن الوحيد المغروس بمخيلة العقل الجمعيِّ هو أمن القائد الأوحد و حزبه الوحيد ، ً لضمان بقاء نظامه قائماً ، لا أمن الوطن و المواطن ، و ناهيك عن أن موارد الدولة كلها تصرف على رجال أمن الحكام .
أما المناداة بالعدل و المساواة و حب الأوطان ، فهي شعاراتٌ كاذبةٌ جوفاءٌ و محض افتراءٍ .

لو كان رجال الأمن موزعين في مناطق أعداء الوطن ، يستطلعون الأخبار السرية ، يكتشفون المعلومات المضمرة ، عوناً لوطنهم و درءاً للمخاطر المحدقة به ، لكان سعيهم مشكوراً يصب في الاتجاه الصحيح ، و جهودهم لم تذهب هدراً ، و جنبوا البلاد الكثير من الويلات . و لكان أفضل لهم من إهمال مصالح الوطن ، و اصطيادهم للشرفاء المخلصين من أبنائه .
غير أنهم جعلوا المواطن النزيه مادةً دسمةً لكتابة التقارير السرية ، و المبدعين المتنورين طُعْماً مغرياً لغبنهم .
يعملون جاهدين لغسل عقول العباد بالحديث عن شيطنة الشرفاء و زندقتهم ، على أنهم تيارٌ هدَّامٌ لوحدة المجتمع ، و مزعزعٌ لأمن البلاد و الوطن ، كما أداةٌ بيد القوى الخارجية ، فإلصاق أبشع التهم بهم .
مقابل الترويج للحاكم المستبد على أنه المنقذ الوحيد للأمة و الشعب ، تمهيداً لانفراده بالثروة و السلطة و الجاه و كل الامتيازات .
هي مؤامرةٌ سياسيةٌ يصدقها الناس ، و يشاركهم في الرأي على أنه يجب التأهب لمحاربة هؤلاء الخونة الذين يريدون الهلاك للعباد و البلاد .
ينشرون وسخ تجاربهم الفاشلة و إفلاسهم السياسية على حبل الأبرياء ، و بكل وقاحةٍ يتهمون من لا ذنب لهم بالمسؤولية عن أسباب فشلهم .
و عن أسباب حروبهم العبثية من أجل التلذذ بالجلوس على كرسيِّ السلطة ، يتهمون الوطنيَّ المخلص بإشعال فتيلها ، كما أنها مؤامرةٌ خارجيةٌ .

و ماذا لو تشجَّعوا ، و تحملوا مسؤولية أخطائهم ، و اعترفوا بفشلهم للبدء من جديدٍ ؟
طبقاً لثقافتهم البائسة ، من ينتقد الخطأ يُتهم بالسلبية و الجنون و العمالة و الإرهاب ، و مطلوبٌ من الجميع فقط أن يشتروا الوهم ، و بعقلية القطيع طبقاً لحكاية " ثياب الامبراطور الجديدة " للكاتب الدانماركيِّ هانس كريستيان أندرسون .
ما يخص الكبار و المسؤولين يتوافق مع مضمونها .
فصراخ الكبار لإسقاط الأقنعة و تعرية المخادعين ممنوعٌ محظورٌ ، أما الصغار فلا أهمية لصراخهم بقول الحقيقة .
باستثناء صرخة الطفل في حكاية أندرسون : بأن الامبراطور عارٍ تماماً ، ولا ثياب عليه البتة .
فكان مفعول صدى صراخه مدوياً ، أيقظ عقول الحاضرين جميعاً ، و أزال الغشاوة عن أعينهم حتى الامبراطور ذاته .

ليس من الوطنية في شيءٍ أن تُكتظ الزنازين بالمعتقلين المخلصين ، و تُكتم الأفواه .
بل يستوجب تفكيك كل المفاهيم التي رسختها ثقافة الاستبداد ، و أذرعها الإعلامية الفاسدة التي تصنع أزمة الوعيِّ .
و العمل الجاد للارتقاء بوعيٍ سليمٍ و نهجٍ وطنيٍّ و تعليمٍ ملهمٍ .
كما تسخير المنظومة الأمنية الاستخباراتية و حصرها في خدمة الوطن و المواطن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في