الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رغم المذابح اليومية لا ينسون معاداة الاشتراكية للحظة

فلاح علوان

2006 / 7 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في لقاء تلفزيوني مع جبر صولاغ، وزير المالية، وزير الداخلية السابق أوائل تموز يوليو الجاري. تحدث صولاغ فيما تحدث عن السياسة المالية واتجاهات الاقتصاد في العراق.
وقد أورد العبارة التالية التي أحاول ذكرها كما وردت نصاَ " نحن نتجه إلى اقتصاد السوق الحر أما التشريعات والقوانين الحالية فأشم فيها رائحة الاشتراكية ـــ وقد تلفظ كلمة الاشتراكية بتحامل واستنكار شديدين ــــ وأضاف ، الاشتراكية التي تركها أهلها.
لنلاحظ مسألتين في عبارة صولاغ.
الأولى: في أي ظروف وأجواء ذكر الاشتراكية وعبر عن خوفه منها؟ ووسط انهار الدم، إلى أي حد تمثل الاشتراكية تهديدا وخطرا عليه وعلى سلطاته؟!!!
الثانية: أي تشريعات وقوانين تلك التي ذكرته بالاشتراكية وأثارت مخاوفه لدرجة اعترافه بها في تصريح رسمي وهو ممثل السياسة المالية للسلطات الحالية؟
وسط طوفان دموي وحرب طائفية وانفلات امني تام وخراب واسع، ومجتمع على حافة الانزلاق نحو الانهيار التام، وسباق القوى السياسية والمليشيات إلى الاستحواذ على نصيبها من السلطة وسلب إرادة الجماهير، وسط كل هذا لم يشعر صولاغ بخطر انهيار المجتمع، ولم يهتز لمشهد الدم اليومي وجثث الأطفال ونحيب وعويل الأمهات والشيوخ ومشاهد الجثث مقطوعة الرؤوس، ولم يهتز لدوي السيارات المفخخة التي تفتك بالمئات يومياَ، كما لم يرف له جفن لملايين الشباب الباحثين عن فرصة عمل يعني عن لقمة عيش دون جدوى.
لقد اهتز لسماع قرارات وقوانين فيها " رائحة الاشتراكية".
ورغم إن محور الصراع الحالي هو صراع رجعي بين أقطاب يمينية رجعية، وليس محوره الصراع الطبقي بصورة مباشرة والذي يهدد ليس فقط بإزالة سلطات من نوع سلطة صولاغ، بل سيعصف بكل الأساس الذي يقفون عليه، ألا أن صولاغ ــ لسان حال السلطات القائمة في الشؤون المالية ــ لم يخف هرعه من الإحساس بـ "رائحة الاشتراكية". فإلى أي حد يتملك الذعر هؤلاء الساسة لمجرد سماع اسم الاشتراكية!!! فما عساهم فاعلون لو تطورت الحركة الاشتراكية لتصبح التهديد المباشر والبديل المباشر لكل الأوضاع القائمة.؟؟!!
وان ما يلفت النظر في حديث صولاغ هو انه يقول " الاشتراكية تركها أهلها" يقصد ما حصل في أوربا الشرقية من انهيار نظم رأسمالية الدولة، التي كانت تدعى اشتراكية. فإذا كان أهلها
قد تركوها، وطبل الإعلام الغربي وزمر بشكل مسعور لفرض خرافة انهيار الاشتراكية على الرأي العام العالمي، نقول إذا كان صولاغ صادقاَ مع نفسه في اعتبار أن الاشتراكية قد " تركها" أهلها، لماذا يرتعد لمجرد " رائحة" الاشتراكية بحيث غطت رائحتها على عشرات التحديات التي تواجه سلطاته وتواجه تشكيل حكومة أو إقامة كيان دولة.!!!
ولكن ما ذهب إليه ممثل السياسة المالية هو ليس زلة لسان أو حديث عابر، انه أمر في غاية الجدية ويشكل بؤرة القلق السياسي لطبقة كاملة رغم اختلاف أحزابها السياسية وتياراتها وتقاليدها. وهو اعتراف مبكر بان الاشتراكية هي "خطر" قائم وهي تحدي حقيقي أمام إقامة البرجوازية لدولتها، مهما تذابحت فصائلها وممثلوها السياسيون حول المواقع السياسية أو أشكال إدارة المجتمع أو نصيب هذه الكتلة أو تلك من مجمل البناء السياسي الذي سيدير المجتمع وبالتالي يدير الإنتاج والتداول، أي حركة رأس المال.

فهل الاشتراكية اليوم تشكل تحد "مباشر" للسلطات والقوى السائدة؟ وهل القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في إزالة الظلم الاجتماعي والاستغلال الطبقي قد شكلت حضورها السياسي المستقل باتجاه فرض نفسها كبديل واقعي وفوري للأوضاع الراهنة؟ وإذا لم يشكل البديل الاشتراكي إلى الآن تهديدا فوريا وخطرا يهدد كل الكيان القائم، لماذا التخوف من شبح الاشتراكية بحيث تنسى القوى السياسية حمامات الدم الطائفية وتقسيم المجتمع وتصاب بالذعر من ذكر الاشتراكية؟
إن هذا سيكون مادة لبحث منفصل وموسع.
ما نوع القرارات التي يخشاها صولاغ باعتبار إن فيها رائحة الاشتراكية؟!
لقد عملت السلطات الحالية إلى العمل بموجب قرارات صندوق النقد الدولي التي تنص على رفع الدعم عن الخدمات الأساسية، رفع أسعار المحروقات، إلغاء البطاقة التموينية العمل على خصخصة قطاعات الإنتاج المملوكة من الدولة وبالتالي إن يصبح مئات الآلاف من العمال تحت تهديد البطالة وبالإجمال فرض سياسات الاقتصاد الحر مقابل الاقتصاد الموجه.
وسيكون "حرا" بمعنى تكالب العصابات والقوى السياسية على الإثراء عن طريق النهب والفساد المالي وإعادة توزيع الثروة بين رجال المال والطفيليين الساعين لتكديس الثروات والمضاربين والمقاولين الغشاشين والمختلسين والقتلة والسفاحين ومنظمي الخطف والابتزاز.
أي ليس فقط المال المعجون بدماء الأطفال كما يقول ماركس بل المنقوع بالدم المراق يومياَ.
وكل هذا سيقود إلى الإثراء الفاحش لحفنة من تجار الحروب مقابل الإفقار الشديد للملايين من المجتمع.
ويبدو إن صولاغ وأعوانه يريدون هندسة هذه العملية اللصوصية عبر ما يسمى بسياسة صندوق النقد الدولي والاتجاه نحو اقتصاد السوق الحر.
وان مجرد سماع قرارات وقوانين تبقي على شكل من أشكال تدخل الدولة في تامين الخدمات يصاب بالهلع من" رائحة الاشتراكية"، فما عساه فاعلا إذا واجه البديل الاشتراكي وقد التف حوله ملايين العمال والجماهير الكادحة والتحررية ودعاة المساواة؟!!!
خلاصة ما جاء في كلام صولاغ إن القوى السياسية الممثلة لمصالح البرجوازية، رغم انهماكها في صراعاتها الداخلية ورغم أزماتها وحروبها ألا أنها لا تنسى للحظة " خطر" البديل الاشتراكي عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة