الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الذاكرة الثقافية : رابطة كاوا

صلاح بدرالدين

2021 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


بداية سبعينات القرن الماضي عندما كنا نقيم ببيروت وبعد ان قررنا في قيادة الحزب آنذاك ( الاتحاد الشعبي – سابقا ) وضع خطة العمل الثقافي على جبهتين : أولا - إقامة مؤسسة ثقافية ببيروت تعني بترجمة وطبع ونشر كتب ووثائق باللغة العربية حول الكرد وتاريخهم وحركتهم الوطنية وثقافتهم ، نظرا نظرا لحرماننا من هذا الحق في وطننا المحكوم من نظام شوفيني مستبد ، ولوجود فراغ بهذا الخصوص وندرة المصادر التاريخية حول الكرد . ثانيا – تشكيل فرق فنية فولكلورية غنائية كردية بالوطن كعمل رديف للنضال السياسي من أجل مواجهة سياسة الاضطهاد القومي والثقافي والتعريب والحزام والتجهيل ، وتم تنظيم وانجاز العمل في الجانبين بنجاح بفضل وقوف حزب منظم من خلفه ، ودعم الأصدقاء اللبنانيين والفلسطينيين ، وتفاني رفاقنا وقناعتهم بجدوى ذلك العمل ، بالرغم من كل المخاطر الأمنية والصعاب والعراقيل .
قبل الحصول على إجازة رسمية من السلطات اللبنانية ، وقبل تسمية المؤسسة المنشودة باسم ( رابطة كاوا للثقافة الكردية ) ، بدأنا بالتواصل مع تنظيمات الحزب بدول أوروبا الشرقية من أجل التحرك للحصول على كتب ووثائق ، وترجمتها الى العربية ، وتم تخصيص ميزانية متواضعة حسب امكانياتنا للصرف على خدمات الترجمة خاصة في الاتحاد السوفييتي السابق حيث الأرشيف الغني عن الكرد منذ عهود القياصرة ( مازلت احتفظ بقائمة مفصلة حول أوجه الصرف بهذا المجال وأسماء المترجمين وبينهم كرد وعرب ) .
وقمنا قبل اعتماد التسمية الحالية ، بطبع الدفعة الأولى وهي عبارة عن ثلاثة كتب تحت اسم ( المكتبة الكردية التقدمية ) و ( اليساريين الكرد ) ثم تلقينا ملاحظات ، ومقترحات ، واعتراضات ،حول التسميتين ، من رفاقنا واصدقائنا ، وخلال احدى الجلسات المشتركة في مطبعة دار الكاتب ، مع أصدقاء لبنانيين تم طرح اقتراح باعتماد اسم له مدلولات بالتاريخ الكردي ، واستقر الرأي بعد مداولات واستشارات مع رفاقي على اسم كاوا ، واعتماده لاسم الرابطة مع طموحات لاحقة لاعتماده في مختلف المجالات : كاوا للثقافة ، كاوا للفولكلور ، كاوا لمنظمات المرأة ،كاوا للاعلام ، كاوا لقوات تنظيمنا الدفاعية في الحركة الوطنية اللبنانية خلال الحرب الاهلية .
ولاشك أن احتضان تنظيم الحزب في لبنان لعدد من الفنانين الكرد السوريين ومنهم الفنان محمود عزيز والمرحوم الفنان سعيد يوسف وآخرين وتقديم الدعم لنشر فنونهم وتشجعيهم كان جزء من العمل في اطار مشروعنا الثقافي .
الخطط والمشاريع الثقافية كانت من ضمن مشروعنا القومي والوطني الذي نعتبره استمرارية لنهج خويبون ، والذي انبثق عن كونفرانس الخامس من آب 1965 وشق طريقه كنهج متجدد مدروس بعناية تحت اسم ( البارتي اليساري – حزب الاتحاد الشعبي ) في الحركة الكردية السورية ، وقد تحمل جميع أعضاء الحزب آنذاك وكل حسب قدراته في الخارج والداخل مسؤولياتهم وقدموا خدماتهم من اجل تحقيق أهداف المشروع .
عندما تعرض الحزب المؤسس للرابطة ولكل المشروع الثقافي الى الانشقاق ، لم يتوقف عمل الرابطة ، واذا كان المنشقون قد سطوا على أجهزة ومواد بعض الفرق الفولكلورية بالوطن وأساؤوا الي فنييها واخترقوا صفوفهم بعد استقوائهم بالسلطة الاستبدادية الحاكمة فقد عجزوا عن تطبيق ذلك على الرابطة أو الاقتراب منها لانها لم تكن بالداخل السوري أولا ، ولانهم لم يكونوا يوما من بناتها ، أو المضحين في سبيلها ، ولم يكونوا حتى من هواة الثقافة ، بل كانوا يبحثون عن مصالحهم الخاصة وتنفيذ مااتمروا به حتى لو تحققت عبر انبطاحهم امام – أبو جاسم – الضابط الأمني محمد منصورة .
هذا لاينفي حصول محاولات خبيثة وبطرق متعددة لضرب الرابطة وقفت أجهزة نظام الاستبداد الاسدي من ورائها ومن بينها محاولة إقامة ( روابط بالاسم ذاته ) واختراق طاقمها الإداري وتجنيد أحدهم ومكافأته باجازة دار نشر له بدمشق ، وكذلك عدة محاولات في سرقة كتب الرابطة ، وإعادة طباعة بعضها من دون علمنا وقد حصل ان اكتشفنا في احد دورات معرض الكتاب باربيل ان احد دور النشر عرض كتابا للرابطة بعد إزالة المقدمة وشعار الرابطة وتم تسليم مدير ذلك الدار المزور الى القضاء .
من الملاحظ أن مؤسسي الرابطة الاوفياء لتاريخها استمروا في خدمتها وتطويرها وانمائها في مرحلتها اللبنانية ومابعدها الهوليرية وصولا الى القامشلوكية الان بحصيلة ( 123 كتاب و460 ندوة ) التي تمتد لنحو خمسين عاما ، لم يتلقوا يوما دعما او مشاركة أو حتى كلمة طيبة من بعض أنصاف المثقفين – من العطالة - الذين يطيب لهم الانشغال بتزوير تاريخ هذا الصرح العظيم في وضح النهار ، أقول لهؤلاء رابطة كاوا اسم على مسمى جبل لن يهزه الريح ، وهي تاريخنا الناصع وضمير شعبنا وغير قابلة للقسمة ، وبالرغم من ذلك لم نسمع يوما أن أحدا من هؤلاء الجهلة المتباكين على بعضهم اراد يوما تقديم خدماته لا في بيروت ولافي هولير ولا في أوروبا بل فقط عندما تقوم الرابطة بخطوة ملفتة وعمل وإنجاز نرى هؤلاء يعبرون عن حزنهم برمي السهام وكانهم أعداء للثقافة الكردية .
اذا كان هؤلاء من دعاة تطوير الثقافة الكردية فالمجال واسع امامهم لتاسيس جمعيات وروابط ثقافية في الأماكن التي يقيمون فيها ان كانوا صادقين ، فالعمل في الرابطة طوال نصف قرن كان صعبا واحيانا انتحاريا ، وغير ربحي بل تطوعي ، تطلب الجهد والوقت والتفكير والتضحية .
قطار رابطة كاوا للثقافة الكردية لن يتوقف بالقامشلي بل سيسير قدما في قادم الأيام نحو كوباني وعفرين وحلب والعاصمة دمشق ، فآمالنا معقودة على مثقفينا الصامدين الملتزمين بقضايا الشعب والوطن ، وقد سجل العديد من الجنود المجهولين في المراحل الأولى أروع آيات الشجاعة والاقدام عندما أوصلوا كتب الرابطة سرا حاملينها في الجبال والوديان الواقعة بين حدود سوريا ولبنان ، وأوصلوها الى دمشق وحلب وسائر المناطق الكردية انني انحني لهؤلاء الاحياء منهم والراحلون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات