الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلاّ الخيانة

عماد حبيب

2006 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


أن نكون من دعاة الحرية و الديمقراطيّة و دولة القانون و المؤسّسات التي لا تفرّق بين مواطنيها بحكم جنس أو عرق أو دين أو رأي، فهذا شيئ نفخر به و بكل ما ينتج عنه من معارضة للحركات السياسية مسلّحة كانت أم لا و التي تقوم على أساس ديني أو عقائدي. أمّا أن يكون ذلك تعلّة للوقوف بجانب اسرائيل في حربها على حزب الله فشيئ آخر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يمرّ مرور الكرام، لأنّه وبكل بساطة خيانة.

في هذه الأيام التي يعزّ فيها الهدوء و يصعب فيها فصل العاطفة عن العقل، فالذين يموتون هناك بالمئات أهلنا و جزء منّا، و بكلّ تجرّد من حسابات و تحاليل لما حدث و كان نتيجته هذه الحرب التي تشنّها دولة اسرائيل على لبنان ككلّ و ليس فقط على حزب الله فحسب، يمكننا القول دون مجازفة أنّ لا مجال أو خيار لكلّ من لازال ينتمي لهذه "الأمّة" أن يقف على الحياد، او بجانب اسرائيل مهما كانت درجة معارضته أو عدائه لحزب الله، ليس فقط لأن المعركة و أهدافها تتجاوز بمراحل هذا الحزب و تحييده و شلّ قدراته، بل أيضا لأنّ نصر اسرائيل (السياسي و ليس العسكري، فالأخير سهل أم الأوّل فليس بتلك البداهة)، هذا النصر قد يكون له نتائج كارثيّة كتلك التي تدمّر العراق بعد مراهنة دعاة الديمقراطيّة على الدبّابات الأمريكية.

أمريكا و اسرائيل لا يهمّها من قريب أو من بعيد حكاية الديمقراطيّة في المنطقة، بل ربّما (لو فكّرنا بمنطق المؤامرة) كانتا هما الساعيتان لقيام حماس و حزب الله و غيرهما لسحب البساط من تحت الحركات اليساريّة و القوميّة، ليس فقط لأجل فرّق تسد، بل أيضا لعلمهما أن أمّة عربيّة تقرأ و تكتب و تعيش عصرها كغيرها أخطر بكثير على مصالحهما من أمّة تكدّس الأسلحة و التخلف و اللحي و الأحجبة و الخطب الناريّة و العمليّات الانتحاريّة. ما يهّمها هو ضرب لبنان، تحديدا كشمعة مضيئة في ظلام هذه الأمّة، لضرب بيروت لأنها تقرأ و تكتب و تغني و ترقص، لأنّها تحيا و تدعوا الآخرين إلى الحياة. لذلك لم تتحركا ضد دول أخرى تصدّر الارهاب ، لأنها أيضا تصدّر معه التخلّف و تصرف مليارات الدولارات لنشر فكرها المتطرّف، و تقوم بدور الحامي لحدودها "الفكريّة" و "الثقافيّة"، جاعلة من اسرائيا واحدة الديمقراطيّة و التقدّم الوحيدة في المنطقة.

الأمر ليس ديمقراطيّة و لا حريّة، و لا أنظمة نخر السوس و الفساد و زكمت رائحتها الأنوف، فأنا شخصيّا كتبت أكثر من مرّة أن اسم حزب الله نفسه غير مقبول، فنحن لسنا حزب الشيطان، و الله أجلّ من أن يكون اسم حزب سياسي، و تسميته هذه لا تمنعني من أن أكون معارضا له. لكن ، و القنابل تتساقط مدمّرة لبنان ، و رجال هذا الحزب وحدهم من يردّون، بل و بشكل جيّد و مشرّف، فليس أقل من نكتب لكلّ الذين يشوّهون معركتنا من أجل الحريّة و الديمقراطيّة و حقوق الانسان بدعوتهم الوقوف مع اسرائيل ضدّه، أن نقول لهم حاولوا أن تراجعوا أنفسكم، أن تكونوا مع ليبيرالي اسرائيلي داعية سلام ضد الاخوان فهذا شيئ يمكن أن نفهمه، أمّا ان نكون مع قنابل تساهال التي تقتل أهلكم، مهما كانت التعلّات فهذه خيانة، و كلّه إلاّ الخيانة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية