الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مانيفستو القومية المصرية...مقدمة

محمد نبيل صابر

2021 / 1 / 31
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


منذ ان انبثق تاريخ الانسانية فى قلب تلك البقعة المقدسة القابعة فى اقصى الركن الشمال الشرقى من قارة افريقيا والمثلث المتصل بها فى اقصى جنوب غرب آسيا ، كان سكان تلك البقعة سواء فى العصور الاولى وحتى الاستقرار على جوانب نهر النيل والبدء فى تنظيم الحياة الزراعية المستقرة لاول مرة فى تاريخ الانسانية وحتى انبثاق فجر الدولة المركزية الاقدم فى تاريخ البشر بقيام نارمر من حضارة نقادة الثالثة بتوحيد مصر العليا والسفلى.
تلك الدولة المركزية الاقدم عبر عصورها المختلفة منذ عصر الاسرات المصرية القديمة وعبر صور الحضارة المصرية بنسخها الهيلينية والقبطية والعربية ، استمرت لاعبا سياسيا وثقافيا مهما فى كل تلك العصور وفى كل الامبراطوريات التى اشرقت وغربت فى عصور التاريخ المختلفة. واستمر سكان تلك البقعة فى التعبير بصور مختلفة عن انتمائهم الى تلك البقعة واصرارهم على الحفاظ على هويتها ومنح حتى الاديان المختلفة المارة عليها صبغة مصرية خالصة تميز تدينها عن مختلف المناطق المحيطة وحتى عن الموطن الاصلى لهذا الدين
تلك الهوية التى تعرضت الى هجمات مختلفة وتحت مسميات مختلفة، وان القراءة المدققة للتاريخ المدعومة بالابحاث العلمية اثبت صلابة النواة الداخلية لهذا الشعب الآبى ، وعلمنا ان اى نهضة لتلك الامة الثابتة تنطلق من الانتماء لتلك الارض وترتكز على ايمان يقينى فى الوعى الجمعي لهذا الشعب بقدسية تلك الارض وهوية مميزة لشعبها وان اكبر خطر يحيق بها هو فى نفس الوقت اكبر محفز لابراز عظمة البشر المخلوط بطينها
عبر التاريخ اكتسبت الهوية المصرية مهما مر بها من ازمات ونكبات نكهة مغايرة عن الشعوب المجاورة شرقا وغربا وجنوبا ، هوية عبرت عن نفسها ثقافيا عبر اللغة بصورها المختلفة فالامتداد الطويل تحت الحقبة اليونانية والرومانية لم يؤثر فى تواجد اللغة المتوارثة من الاجداد عبر اللغة القبطية ، وعندما تحولت الالسنة الى اللغة العربية كانت الصورة المصرية منها هى الصورة الاهم والاشهر محتفظة بجذور اللغة الام من المصريين القدماء وتحولت الى النسخة الاكثر تداولا وفهما بين مختلف اللهجات عبر امتداد متحدثى العربية.
كما عبرت تلك الهوية عن نفسها فى الدين ، فالمعبودات المصرية قبل عصور الاديان الابراهيمية ظلت موجودة ونابزت معبودات الآتين من الشمال اليونانيين والرومانيين وعندما انتقلت المسيحية الى مصر انطبعت الاعياد والمواسم المصرية القديمة فى الديانة الجديدة ، وشكل الفهم المصري للديانة المسيحية وفلسفتها الاساس الرئيسى للكنيسة الارثوذوكسية المصرية التى اصبحت الكنيسة الام للاروثوذوكس حول العالم ، بل وكانت المواجه الحضارى للكنيسة فى روما .
وعندما تحولت الديانة الى الاسلام ، وضع المصريون بصمتهم فى ذلك الدين ، سواء فى الطقوس والشعائر وحتى طريقة تلاوة القرآن ذاته لتصبح مصر مصدر العلم الشرعى فى ذلك الدين.
استمرت تلك الهوية مع استمرار ذلك الشعب فى تلك الارض ، عبرت البحوث العلمية المختلفة عن استمرار نسل المصريين القدماء مؤسسى فجر الحضارة البشرية حتى الآن فى تلك الارض ، ليس فقط على الصعيد الحضارى والعادات والتقاليد، بل فى الجينات والسمات البشرية المورفولوجية الواضحة لهذا الشعب. حيث مثل ذلك التماسك الجينى والبشرى تفسيرا لعظمة هذا الشعب واستبساله فى حماية تلك الهوية والتعبير عنها سياسيا وثقافيا وحضاريا
نحن مجموعة من ابناء تلك الارض، ارتبطنا بها ونذرنا انفسنا للدفاع عن تاريخها وحاضرها حماية لمستقبلها، نحن مجموعة تأبى بمنتهى الاباء والشمم ان يهال التراب على حضارتنا او ارضنا او هويتنا، ارتضينا المصرية هوية وتعريفا ، ولا نجد كلمة جامعة او تعريفا شاملا لهويتنا سوى اننا مصريون . اجتمعنا على حب ذلك الوطن وآمنا بأن فى تلك المرحلة الفارقة فى تاريخ الاوطان انه حان الوقت لكى نتقدم الى شعب مصر والى قياداتها السياسية بمشروع حضارى متكامل يبعث تلك الهوية من ركامات تتالت عليها تحت مسميات مختلفة واشكال مختلفة ، سعت بشكل او بأخر الى تقزيم تلك الهوية واستبدالها فى نفوس سكان تلك الارض بهويات بديلة ، تخدم بقصد او بدون قصد اهدافا مضادة لاهداف ذلك الوطن .
ان الخطر الاكبر الذى يحيق بهذا الوطن لم يكن يوما خطرا عسكريا او اقتصاديا او سياسيا ، ففى سواعد ابناء الوطن الردع الكافى لتلك الاخطار، ولكن الخطر الاكبر دائما هو الخطر الحضارى حيث تستهدف سهام الاعداء حضارة الوطن وهوية مواطنيه ،فى محاولة لاصابة قلب ذلك الشعب بالوهن فتهين عزيمته ويخر صريعا امامهم .
اننا نرى ان تحركات المصريين عبر تاريخهم والتى كان آخرها ثورتهم فى 30 يونيو 2013 ، لم يكن تحركا لاهداف اقتصادية تحت ضغط الفقر او لاهداف سياسية تحت ضغط تردى الاوضاع آنذاك، بل تحرك للدفاع عن تلك الهوية وتلك الحدود، كان تحركا عارما دفاعا عن الدولة المركزية الاقدم فى التاريخ ورفضا لمحاولات فرض هوية ثقافية وسياسية بديلة ترمى بالانتماء الوطنى الى اخر الاهتمامات وترمى ذلك الوطن فى طابور الولايات التابعة .
الى ابناء هذا الشعب
الى ساكنى ذلك الوطن المقدس
لم ولن تكن دعوتنا تلك دعوة شوفينية او انعزالية، اننا ندرك ان ذلك الموقع المميز الذى تقع فيه ارض مصر المقدسة قد فرض عليها واجبات ومهام تتطلب خلق مجال حيوى خاص لحماية اراضيها ومواطنيها ، وان ذلك المجال الحيوى يجب ان يحكمه اولا وأخيرا مصلحة ذلك الوطن وحماية اراضيه والدفاع عنها . ان دعوتنا ان نجتمع حول مصر ومن اجل مصر وان نبذل الغالى والنفيس لنسلم ابناءنا ما ورثناه من الاجداد بهامات مرفوعة ورايات خفاقة
هذه دعوتنا وهذا وطننا، فهلم نجتمع من اجله ، فى هذا العصر لم ولن تكن المواجهات عسكرية مباشرة ولا تتعرض حضارتنا وارضنا الى حملات منتقاة كما اعتدنا عبر التاريخ، فلو كان الامر كذلك ما اصابنا هما او قلقا، ولكن تتعرض مصرنا وحضارتنا الى هجمات مختلفة تاريخية وثقافية وسياسية واقتصادية ، تهاجمنا فى تاريخنا فتسرق تارة منجزات حضارتنا وتشككنا فى انتمائنا الى تلك الارض تارة اخرى وتهاجم وعينا وارادتنا تارة ثالثة . فى تلك الحرب الضروس هذه ايادينا تمتد تطلب يد كل الشعب الى كلمة سواء هى مصر
فى البدء كانت مصر
وفى المنتهى ستكون مصر
هكذا علمنا الاجداد وكتبوها لنا وصية ، هكذا سنوصى الاحفاد ونسلمها لهم شعب اصيل منتمى وراية خفاقة الى اعلى السماوات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الهَوِيّة تضيع بالانضواء تحت أجنحة الأديان
صلاح الدين محسن ( 2021 / 1 / 31 - 20:54 )
جاء بالمقال : وعندما انتقلت المسيحية الى مصر انطبعت الاعياد والمواسم المصرية القديمة فى الديانة الجديدة ، وشكل الفهم المصري للديانة المسيحية وفلسفتها الاساس الرئيسى للكنيسة الارثوذوكسية المصرية التى اصبحت الكنيسة الام للاروثوذوكس حول العالم ، بل وكانت المواجه الحضارى للكنيسة فى روما ( مداخلة : هذا عار , لا فخار ) وعندما تحولت الديانة الى الاسلام ، وضع المصريون بصمتهم فى ذلك الدين ، سواء فى الطقوس والشعائر وحتى طريقة تلاوة القرآن ذاته لتصبح مصر مصدر العلم الشرعى فى ذلك الدين( مداخلة : هذا عار , لا فخار ) ونعلق : ذاك حجرالزاوية في اعتلال هويات الأوطان أو انسحاقها: الاستعمار العقائدي , بطغيانه. والامتثال تحت جناحه, والتطوع للتجنيد للخدمة والابداع بداخل خيمة الدين
والخطيئة الكبري أن يقوم مثقفو وطن ما بتجميل وتسويغ الاستكانة لذاك النوع الأسوأ من الاستعمار : الاحتلال العقائدي
ماذا يتبقي من الهوية عندما يلقننا فقهاء دين ما أن : الدين وطن !؟
وماذا يتبقي للانسان من كينونة هويّة أو انسانية. اذا أمره دين ما , بأن : الولاء والوفاء للدين أحق من ولائه ووفائه لأهله ولنفسه !؟
تحية للكاتب وشكرا لجهوده


2 - فعل المقاومة الثقافى
محمد نبيل صابر ( 2021 / 2 / 1 - 07:22 )
السيد الفاضل
اشكر اولا اهتمامك بالتعليق على مقالى المتواضع ..والنظر الى طبع الاديان بالطابع المصري سواء فى الاعياد او الفهم هو النظر الى فعل مقاومة ثقافى فى ظل فترات ضعف عسكري فتم التعبير عن الهوية فى صناعة فهم مصري خاص للدين القادم خاصة انه فى مواجهة -كنيسة روما- الممثلة للمستعمر او فى مواجهة الفهم البدوى للدين ..فانتاج نسخة مصرية من الدين هو تعبير عن فعل مقاومة لا فعل خنوع

تحياتى المستمرة


3 - التكيّف مع المستعمر الأدياني لا يعد مقاومة
صلاح الدين محسن ( 2021 / 2 / 1 - 10:11 )
الدين - بأضلاعه الشرق-أوسطية الثلاثة - استعمار . فرض بالقوة وبالسيوف وبالاحتيال والخداع والاستغلال
الادعاء بأن الانسان المصري قد مَصّر مستعمريه. ومصّر الديانات التي غزت بلاده . هو تفلسف ضار, و صارعملة ثقافية متداولة بين مثقفين مصريين كثيرين - للأسف
الاسكندر الأكبر الذي دق أول مسمار في نعش الهوية المصرية . ركب مصر والمصريين ببردعة الدين . زعم تقديسه لآلهتم . وقَدّم القرابين للإله آمون . وأعلن نفسه ابناً للإله ليكون مؤهلاً لحكم المصريين . وقد كان .. ثم .. جُعِلت اليونانية هي اللغة الرسمية
المسيحية انتشرت في مصر فوق جثث معابدها وكهنتها . بالضرب والقتل والحرق / لأن
اليهودية انتشرت بالأفظع / والاسلام انتشر كما اليهودية
وكهنة آمون الذين طاردهم المسيحيون , كانوا هم حَمَلَة مفاتيح أسرار حضارة مصر .. - وأيضاً طاردوا العلماء بالقتل والحرق - كالفيلسوفة والعالمة هيباتيا - . وهكذا لعب الدين أهم خطوة في دفن حضارة مصر
علماء الشعوب والدول التي تمت أسلمتها بالسيف , ساعدوا المستعمر العربسلامي .ليثبت
أقدامه ويمتد بقاؤه , بجمع أحاديث نبيّه , ووضع تفاسير لقرآنه . وتطوير وتسهيّل لغته
سلام وتحية


4 - انطباع
على سالم ( 2021 / 2 / 2 - 01:49 )
واضح ان السيد الكاتب حساس جدا لنقد دين الاسلام الذى يعتنقه الغالبيه الكاسحه من المصريين البسطاء , هذه ظاهره واضحه وتنتشر بين صفوف المثقفين والكتاب المصريين الذين لايحبوا وجع الدماغ والخوض فى اساسيات العقيده البدويه


5 - المثقف التنويمي
أنور نور ( 2021 / 2 / 3 - 13:20 )

https://salah48freedom.blogspot.com/2016/12/blog-post_11.html

اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟