الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يحضر للصحراء ؟ - وثيقة عقيدة الاتحاد الافريقي - ..

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2021 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


رغم مرور خمسة وأربعين سنة عن نزاع الصحراء ، منها ستة عشر سنة كانت فعلا حربا ضروسا ، تابعتها جميع الفضائيات ووكالات الإعلام الدولية ، ومنها ما يقارب الثلاثين سنة من 1991 كانت انتظارية قاتلة ، حتى عندما ارادت العودة الى سابق عهدها ، فعل فيها السبات العميق فعلته ، وجعلها عبارة عن حركات بهلوانية ، لإثارة بعض الغبار هناك وهناك ، لكن دون ان تصل الى سابق عهدها الذي هدد عروشا بالسقوط ، وكان على شفى تحقيق نصر تمت هندسته في الجزائر العاصمة ، ونفخت فيه طرابلس الغرب من روحها الشريرة ، التي شلها الصليب الأحمر بقتل الشيطان كالجرد في بالوعة من بالوعات الواد الحار ..
النزاع لا يزال مفتوحا ، وهو مرجح لجميع الاحتمالات التي قد تعصف بكل المنطقة ، وليس فقط بأطراف النزاع الذين غذّوا هذه الفترة الحالكة من تاريخ العلاقات بين شعوب المنطقة ، التي تخاض كل الحروب باسمها ، رغم انها مُغيبة كامل الغياب من التقرير في القضايا التي تخصها كاستراتيجية ، وتهددها كمؤامرة ذات أوجه كثيرة ، تطبخ في دهاليز مظلمة كثيرة ، لا تنوي للمنطقة غير الشر بمختلف درجاته ومستوياته ، لان الشر يبقى في الأخير مجرد شر ..
عندما اعترف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بمغربية الصحراء ، مقابل اخراج النظام المغربي الذي قايض الصحراء بفلسطين ، العلاقات مع الدولة العبرية الى العلن ، حتى تنفس هذا ، أي النظام المغربي الصعداء ، وعمّته الابتسامة والفرح ، معتقدا ان الاعتراف الشخصي للرئيس ، وحده يكفي المسلمين لدرء شر القتال والتدمير . لكن صبيانية النظام المغربي وتيهه المفرط في رمال الصحراء الشاسعة التي يجهل كثبانها ، وشعابها ، ووديانها المتقلبة ، والمتموجة ، والمتبدلة ، لأنها رياح الصحراء التي تتحكم وحدها في جغرافية المكان المتقلبة ، خذلته عندما تحفظت الإدارة الديمقراطية على الاعتراف بمغربية الصحراء ، معتبرة ان ما قام به الرئيس دونالد ترامب ، مخالف للأعراف الدولية ، وللقانون الدولي ، وانه من اختصاص مجلس الامن ، ومن اختصاص الجمعية العامة للأمم المتحدة ... فبدا النظام المغربي المرتبك والفاقد لبوصلة الاتجاه الصحيح ، وبسبب الخوف ، يضرب اخماسا في اسداس ، غرضه وبكل ثمن ، فقط الصحراء التي يهدده ذهابها في وجوده ، لان النظام عندما طرح قضية الصحراء في بداية سبعينات القرن الماضي ، فلانه كان على شفى حفرة من السقوط ، وحتى ينقد ما يمكن إنقاده ، مما كان يحوم حوله من مؤامرات للقضاء عليه ، طرح قضية الصحراء كحاجب وحائط ، يقيه الشرور التي كانت تهدده ، ولم يطرحها كجغرافية ، ولا كتاريخ تعطيه مشروعية دولية ، لتثبيت الحق الذي يعلو ولا يعلا عليه ..
فماذا عند تنصل الإدارة الامريكية الجديدة ، مما قام به الرئيس " البزْناس " دونالد ترامب ، الذي مقلب النظام المغربي ، عندما اعترف بتغريدة بمغربية الصحراء .. ولنا ان نتساءل هنا : لو كان الرئيس دونالد ترامب صادقا في اعترافه وفي خطواته ، لماذا انتظر الاعتراف بمغربية الصحراء في المرحلة النهائية لحكمه ، الذي كان يعرف انه وصل نهايته ، بسبب الأخطاء الكثيرة والمتهورة التي اقترفها ، والتي تسيء الى التاريخ الأمريكي ، والى السمعة الامريكية ( قضية حرب اليمن ومقتل خاشقاجي )... لماذا لم يعترف بمغربية الصحراء لو كان حقا صادقا في اعترافه ، في السنتين الاوليتين عن انتخابه كرئيس .. ولو فعل هذا ، لخصص السنتين المتبقيتين من الرئاسة ، لإدراج جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية ، وسيكون المستهدف الأول من هذه الإدانة ، النظام الجزائري حاضنة البوليساريو ...
عندما اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمغربية الصحراء ، ومن دون المرور على المؤسسات الدستورية الامريكية ، اعتقد النظام المغربي ، انّ مجرد هذا الاعتراف وحده ، ومن قبل اقوى دولة في العالم ، سيشجع ( أصدقاء ) النظام المغربي الاوربيين ، من السير على منوال خطوات دونالد ترامب .. ، والحال ان اشد من اعترض على الاعتراف الرئاسي ، وليس الامريكي المؤسساتي ، كان الاتحاد الأوربي الذي رفض هذا الاعتراف ، بدعوى ان النزاع هو بيد مجلس الامن ، وبيد الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وان المشروعية الدولية التي تعكسها جميع القرارات المتخذة ، لا تزال تبحث عن حل لمشكل النزاع ، والذي لن يكون غير الاستفتاء وتقرير المصير كحل ديمقراطي ، وقد ذهبت اسبانيا في معارضتها الاعتراف الرئاسي بمغربية الصحراء ، ابعد من كل الاوربيين ، لانّ خلف الرفض ، أولا الخلط بين مياه الصحراء المتنازع عليها واسبانيا ، والجوار بين المغرب واسبانيا التي تستعمل نزاع الصحراء في ما يصب في خدمة مخططاتها ... وهنا نتساءل : اين ( أصدقاء ) النظام المغربي الاوربيين وعلى راسهم فرنسا الحاكم الفعلي في المغربي ...
ان هذا التعقيد المتنامي ، سيظهر مؤخرا في توقيع اتفاق الشراكة بين النظام المغربي ، وبين بريطانيا العظمى ، التي تحفظت على ادماج الأقاليم الصحراوية المتنازع عليها ، ضمن نصوص الاتفاق الموقع مع النظام المخزني . فحين ترفض بريطانيا العظمى ضم الصحراء للاتفاق المذكور ، فهي بذلك تطعن ومن بعيد ، باعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمغربية الصحراء ، ومن جهة فهي كذلك شان الاتحاد الأوربي ، لا تعترف بمغربية الصحراء ، وتركز كل خطواتها في المشروعية الدولية التي تنصص عليها كل قرارات مجلس الامن ، وكل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة .. وهو نفس الخيار سارت عليه روسيا الاتحادية ، والصين ، وكندا ....
مؤخرا عادت جبهة البوليساريو مؤازرة من النظام الجزائري ، لما اسموه ب ( الحرب ) ، ومنذ يوم الجمعة 13 شتنبر ، والبيانات العسكرية تتهاطل كالشتاء ، لكن لا اخبار عن تداخل الاشتباكات ، وهذه غير حاصلة ، ولا اخبار عن سقوط اسرى حرب من كلا الجانبين كما كان الامر في الحرب التي كانت حربا قبل 1991 . ومن جهة فان التركيز على ارسال المقذوفات من بعيد ، لا يرقى الى مستوى وصف ما يجري بالمقاومة ، فأحرى وصف ما يجري بحرب العصابات ، حتى لا نقول حربا نظامية ... لان للحرب سواء كانت حرب عصابات ، او حربا نظامية ، شروطا ، ومححدات غير موجودة في عملية القصف من بعيد ..
لكن المثير، ليس اعلان البوليساريو بالعودة الى ( الحرب ) ، بل ان المثير للدهشة وللاستغراب ، هو ما اصبح يسمى ب " وثيقة عقيدة الاتحاد الافريقي " التي صادق عليها مؤخرا رؤساء اركان جيوش ، ووزراء الدفاع في حظيرة الاتحاد الافريقي ... نعم الاتحاد الآن مجرد حظيرة تأوي قطاع الطرق ، والخارجين عن القانون الذين تتزعمهم دولة جنوب افريقيا ، وصادقوا بالإجماع على وثيقة تؤكد على " استخدام القوة العسكرية ضد دولة تحتل أخرى في افريقيا " ..
الوثيقة هذه المصادق عليها ، سيتم مناقشتها خلال الاجتماع القادم للقمة الافريقية المرتقبة ، يومي 6 و 7 فبراير الجاري ، وهي تدعو صراحة الى استخدام القوة العسكري ضد دولة تحتل دولة أخرى في افريقيا ، مع التشديد على ضرورة احترام الدول الافريقية للحدود الموروثة غداة الاستقلال ..
فهل الاتحاد الافريقي بصدد التحضير لمساندة البوليساريو فيما تسميه حربا ضد المغرب ، وهل الجزائر التي لعبت دورا من وراء الستار ، ومعها جنوب افريقية في اعداد هذه الوثيقة المسماة ب " وثيقة عقيدة الاتحاد الافريقي " التي تؤكد على استخدام القوة العسكرية ضد دولة افريقية تحتل أخرى في افريقيا " ، سوف تصبح طرفا في حرب قادمة باسم الاتحاد الافريقي ، ومن جهة تماهي وتماشي الجزائر مع دستورها الذي يؤكد تدخل جيشها في حروب خارج ارضها الجزائر ، وعند دعوتها لمساندة دولة صديقة في حربها ضد دولة أخرى ، خاصة حين تكون معادية للجزائر كالمغرب ....
فهل الجزائر التي وقفت مع جنوب افريقيا في اعداد هذه الوثيقة التي صودق عليها بالإجماع ، قد هيئة الأرضية القانونية للتدخل في نزاع الصحراء ، سواء من خلال تصديق اركان جيوش ، ووزراء الدفاع الافارقة على هذا التدخل ، فيكون التدخل باسم المنظمة / الاتحاد الافريقي ، النظام المغربي عضو فيها ، وهو المعني بالإشارة الصريحة في الوثيقة " دولة افريقية تحتل دولة افريقية أخرى " ، وهنا المقصود النظام المغربي والصحراء ... ويكون التدخل الجزائري الذي بدأه شنقريحة بمناوراته العسكرية بالذخيرة الحية ، الى جانب الحدود المغربية ، تنفيذا لمنصوص الدستور الجزائري الذي يؤكد خوض الجيش الجزائري حروبا خارج الجزائر ، واذا دعت الى مساعدته دولة أخرى شقيقة كالجمهورية الصحراوية ...
فهل اذا صادق جنرالات اركان جيوش ، ووزراء الدفاع الافارقة على " وثيقة عقيدة الاتحاد الافريقي " ، سيصبح المغرب في حالة حرب مع الاتحاد الافريقي ؟
ولنطرح السؤال .. اذا قرر أصحاب الوثيقة استخدام القوة ضد المغرب ، وهنا سنكون امام حرب وامام غزو .... فمن هي دول الاتحاد الافريقي التي ستغزو المغرب ؟ هل الدول الافريقية صديقة المغرب التي فتحت لها قنصليات بالصحراء المغربية ؟ هل الدول الافريقية المعارضة لمغربية الصحراء وعددها يتقلص مع مرور الأيام ؟ هل فقط النظام الجزائري عدو النظام المغربي ، ومعه موريتانية التي تعترف بالجمهورية الصحراوية ، وهي بذلك طرف في النزاع ، وليست ببلد محايد ؟ هل ربما تونس ، والصومال ، والسودان ، ومصر ، ودجيبوتي ، والتشاد هههه .. ومن أي سيبدأ الغزو الافريقي هل من الحدود الموريتانية ، ام من الحدود الجزائرية ... ام انهم سينزلون من السماء بالمظلات كطير ابابيل ، يرمون على رؤوس المغاربة مفرقعات عاشوراء ، التي يلعب بها الأطفال في الازقة والشوارع .... فهل المغرب نعجة ان يخضع للتخويف وللتهديد الذي يقوم بهما الخارجين عن القانون ، كاليانكي الأمريكي ، ورعاة البقر الأمريكان ...
لكن ما يجب استخلاصه ، ان الجزائر في عدائها للمغرب ، لا تنام ، فعيونها مفتوحة طيلة الليل والنهار لالتقاط أي شيء يحصل بالمغرب ، كما ان مختلف أجهزة مخابراتها ، واعلامييها ، عياشتها ، يقرأون ، ويفصحون ، ويتابعون عن كتب ، و بالتفصيل كل ما ينشر داخل المغرب ، وما ينشر على المغرب من خارج المغرب ... فالحرب هي جارية ، وتمتد ، ومستمرة ، وتتخذ لها اشكالا مختلفة ، ومتنوعة ، لجمع اكبر المعلومات الاقتصادية ، والسياسية ، والاجتماعية ، والعسكرية ، والنفسية .... لتكوين قاعدة معلومات حقيقية ، تحضر للحرب الحقيقية التي تطل من شقوق الأبواب ، والتي تستخدم فيها الجزائر كل القنوات من الاتحاد الافريقي الحظيرة ، الى الاتحاد الأوربي ... الى محكمة العدل الأوربية التي ستبث في شهر مارس القادم في طعن البوليساريو في اتفاقية الشراكات المغربية الاوربية .... والجزائر رغم انها تدرك عدم وجود سلطة قهرية تجبر الدول الاوربية على التقيد بقرارات واحكام المحكمة حين يكون احد أطرافها ليس اوربيا ، فمع ذلك فهي تطرق جميع الأبواب ولا تمل ، ولا تصاب بالعياء ، لأنها تحظر ليوم لن ينفعها فيه لا S400 ، ولا سوخوي 30 او 35 او 57 او میگ 29 ... ولا الدبابات ، والمنزنجرات ولا الأورگ ستالين ... لخ و1963 تبقى سنة لا تزال تشكل عقدة أديب لشرنقريحة ولجيشه ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المؤتمر الرابع للتيار الديمقراطي العراقي-نجاحات وتهاني-1


.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل




.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ


.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا




.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات