الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيادة التوعية المجتمعية بالديمقراطية في مصر

حسن الشامي

2021 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تكاد تجمع التقارير علي ضعف بل وتواضع المشاركة الاجتماعية والسياسية للمصريين في عمومهم والقطاعات الشعبية الواسعة منهم خاصة لدي الشباب والنساء،إذ تسجل عزوفهم عن التفاعل مع قضايا ومشكلات مجتمعهم، وإيثارهم لموقف الفرجة بما يفرضه عليهم من عجز وصمت.

ونتصور بداية، وفي ضوء رصد وقراءات أولية لواقع المشاركة الاجتماعية والسياسية، أن حالة العزوف عن المشاركة يمكن ردها إلي مجموعة من المتغيرات والعوامل التي تتفاعل معا لتخلق وتكون هذه الكتل الخاملة من الجماهير التي آثرت البقاء في مقاعد المتفرجين تجاه ما يحدث علي ارض وطنهم، وما يحدث في شئون حياتهم.

واهم هذه العوامل أو المتغيرات هي العوامل التاريخية التي شكلت ورسخت ما يمكن أن نسميه "ثقافة الرضا بالمقسوم" والاستكانة والخضوع والطاعة والصبر علي المكروه والاستسلام للمشيئة أيا كان مصدرها.
إنها ثقافة الصمت والفرجة والطاعة والامتثال التي سلبت المصريين قدرتهم علي الإبداع والفعل الخلاق، والمبادرة، أو عطلت هذه القدرات حال وجودها واستنفارها من اجل تجديد حياتهم وسعادتهم.

إن أصل الداء في الثقافة المصرية السائدة هو قيامها، في جانب منها، علي فكرة الاستبداد والتسلط، استبداد وتسلط القوي بالضعيف والذكر بالأنثى، والكبير بالصغير، والحاكم بالمحكومين، والسلطة بالناس، في سياق من علاقات القهر والتسلط والطغيان والاحتكار في مقابل الخضوع والاستسلام الذي حول الكثير من القطاعات الشعبية الواسعة من المصريين إلي كتل خاملة وخامدة تبدو وكأنها قد جبلت علي الاستبعاد علي النهوض بمسئولياتها تجاه صنع حياتهم وتجديدها.

ومن هنا نطرح ضرورة إحداث تغيير جذري في التراث الثقافي المصري والمخزون المعرفي المتراكم في الشعور الجمعي لدي جموع المصريين والذي تم استحداثه خلال عمليات التنشئة والتطبيع الاجتماعي التي تعرضوا لها منذ ولادتهم وعلي امتداد حياتهم، وهو التراث الذي في إطاره يفهمون ويفسرون خبراتهم المعاصرة وسلوكهم وتصرفاتهم الآنية والمستقبلية، ويتحدد في ضوءه رؤيتهم للعالم المحيط بهم ولدورهم في هذا العالم، ولكل ما يحملونه من قيم عن الحرية والعدل، والخير والشر، والحلال والحرام، والصواب والخطأ.

وفي هذا السياق تطرح مسألة بناء الديمقراطية ونشرها وترسيخها في المجتمع المصري كثقافة مجتمعية بديلة لثقافة الاستبداد والتسلط والقهر والخضوع والاستسلام.. عملية بناء الديمقراطية وترسيخها في كل مجالات الحياة المجتمعية بالنظر إليها كثقافة مجتمعية تنتشر وتسود بحيث يستخدمها الأب مع أسرته والأم مع أبنائها، والرجل مع المرأة، وفي قطاعات الأعمال، وفي المؤسسات التعليمية، وفي تنظيمات المجتمع المدني. وهذا الجانب الثقافي هو الأساس والقاعدة التي يقوم عليها وينطلق في المدارس والجامعات منها الجانب الإجرائي والعملي من بناء الديمقراطية.

ويتضمن الوجه الثقافي للديمقراطية ثلاثة أبعاد مهمة هي :
البعد الأول البعد المعرفي الخاص بتكوين وعي الناس وإنضاج هذا الوعي بمفهوم الديمقراطية بكل ما تشمله من كفالة حرية الفكر والاعتقاد والتعبير والتنظيم والمساواة القانونية وسيادة القانون واحترامه، واحترام وكفالة حقوق الإنسان، وحرية تكوين أحزاب سياسية في إطار تعددي حقيقي، والانتخابات الدورية كأساس للمشاركة الشعبية واستقلال القضاة، والتداول السلمي الحقيقي للسلطة في سياقات قوامها الحرية والعدل.

والبعد الثاني هو الجانب الوجداني المتعلق بالقيم والاتجاهات الموجهة والضابطة والمرتبطة بالديمقراطية. كالعقلانية والعلمية والتسامح والنسبية والتعدد التنوع، وقبول حق الاختلاف والتعايش معه، والحوار والسلام، ونبذ العنف والتطرف.وهي القيم والاتجاهات التي تصبح طابعا مميزا للفكر وللأفعال السلوكية وعلي أساس المطابقة بين الفكر والعمل.

والبعد الثالث فهو المتعلق بالجانب السلوكي وهو الجانب المرئي للديمقراطية والذي يتم تنميته من خلال التفاعلات المجتمعية والاجتماعية الجارية في المجتمع.

وهذه الإبعاد تؤكد أننا بصدد قواعد وقيم وسلوكيات يمكن تعلمها وتمثلها في كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية من الأسرة إلي المدرسة وفي المؤسسات الدينية ومؤسسات العمل.

وبهذه القواعد والقيم السلوكية وبتمثلها في كل مستويات وجودنا الفردية والاجتماعية سنكون مهيئين للمطالبة بالديمقراطية وممارستها في المجال السياسي وعلي مستوي الدولة وأجهزة الحكم.

إن الهدف الاستراتيجي لزيادة التوعية المجتمعية بالديمقراطية في مصر يتحدد بضرورة إحداث تغيير جذري واسع النطاق في الثقافة السائدة والمزاج العام السائد لدي عموم المصريين لانجاز إصلاح ديمقراطي حقيقي..

ويمكن تجسيد ذلك في مجموعة من الأهداف الإجرائية تتحدد فيما يلي :
ـ زيادة وإنضاج وعي القطاعات الشعبية المصرية وخاصة الشباب والنساء بمفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان من خلال نشر المعارف المتصلة بالمفاهيم والمبادئ الديمقراطية.
ـ تعبئة الفئات المستهدفة وتحفيزهم علي المشاركة والنهوض بمسئولياتهم تجاه صنع حياتهم وتجددها من خلال تشجيعهم وتدربيهم وحفزهم علي المشاركة في حوارات مفتوحة عن الديمقراطية والحرية.
ـ تشجيع المواطنين وزيادة الوعي والتنظيم بما يؤهلهم للتفاعل وتحمل المسئولية كمواطنين أحرار.
ـ نشر التسامح الديني والاحترام المتبادل لأصحاب العقائد المختلفة وقبول الحق في الاختلاف والتعايش معه.
ـ تشجيع ثقافة الحوار ونبذ التعصب والتطرف.
ـ زيادة الوعي بحقوق الإنسان ودعمها واحترامها والدفاع عنها.

رئيس الجمعية المصرية للتنمية العلمية والتكنولوجية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات