الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأقيال،، الآمال: دعوة للمراجعة

فكري آل هير
كاتب وباحث من اليمن

(Fekri Al Heer)

2021 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لندخل في الموضوع مباشرة..
..
قلنا قبل سنوات طويلة، أن بلادنا تعاني من أزمة نُخب تعاني بدورها من أزمة في الأخلاق السياسية والأخلاق الوطنية، وأن جميع الكيانات السياسية والأحزاب والجماعات والتيارات التقليدية القائمة– جميعها بلا استثناء- أصبحت مفلسة وعقيمة، ومنتهية الصلاحية تماماً، ولا مستقبل لها، وأي تفريخ لكيانات فرعية من داخلها لن يسمن ولن يغني من جوع..
..
في هذا السياق، ولدت فكرة حركة القومية اليمنية (أقيال)- مع تحفظاتنا التي سجلناها على استخدام مصطلح (القومية)- وعملنا مع الكثير من الشباب الوطنيين على أن تكون اطاراً وطنياً شاملاً لكل اليمنيين، وتياراً يجسد هويتنا اليمنية بأبعادها التاريخية والاجتماعية والثقافية والحضارية، نتجاوز به ومن خلاله الخطابات والمشروعات الفئوية بكل أشكالها (الطائفية والمذهبية والسلالية والمناطقية)، من خلال ترسيخ قيم ومبادئ الهوية والعقيدة اليمنية الخالصة، التي تستند الى مرجعية واحدة هي: الوطن- أرضاً وانساناً، بشكل ينعكس على الفكر والفعل الفردي، وعلى الوعي والسلوك العام.
..
لكن، ما حصل دائماً، هو ذلك الانحراف الذي انتقدناه ورفضناه بشدة منذ البداية؛ فأسوأ ما في الأمر أن الحركة أصبحت بؤرة لخطاب عنصري أسوأ بكثير من الخطاب المقابل الذي يفترض أنها وجدت لمحاربته والقضاء عليه..!!
..
وإذن؛ ما الفائدة؟!
ما الذي سنجنيه إذا أصبح الدواء مسبباً لنفس الداء، ومؤدياً الى العلل والعاهات ذاتها التي يفترض أننا صنعناه للتخلص منها؟!
**
شكَّل هذا الانحراف-في نظري- هزيمة ساحقة للمشروع في مهده الأول، بعد أن عقدنا عليه الكثير من الآمال، لأنه ببساطة شديدة تحول الى صورة الخصم وتبنى خطابه النظير، وصار نسخة أخرى من الوباء نفسه، ورديفاً للعاهة السرطانية ذاتها، وبدلاً من أن يكون مشروعاً لحركة تنوير وتحرير، أصبح مجرد ظاهرة صوتية في مواقع التواصل الاجتماعي تطارد الأفراد والناس بناءً على ألقابهم وانتماءاتهم الأسرية والعرقية، وتبتذل في ذلك ابتذالاً مهيناً ومعيباً لا صلة له بقيمنا وأخلاقنا اليمنية، فمتى كانت إباحة الأعراض والتطاول عليها من قيمنا وأخلاقنا؟!- فضلاً عن السحق المباشر وغير المباشر لأي تواجد أو حضور فاعل ومثمر للمرأة فيه..
..
وبدلاً من أن تكون الحركة حركة أقيال أحرار يتسلحون بالأخلاق والمبادئ الوطنية، ويدافعون عن ثوابت الهوية اليمنية، أصبحت الصورة العامة لها- وللأسف الشديد- وكأنها حركة أفسال بلا أخلاق، وبلا مبادئ وبلا قيم.. يقدمون خطاباً لا يمكن وصفه-في الغالب- إلا بأنه: خطاب سوقي.. لا يليق حتى بالذباب أن يتحدث به، مع خلط فاجرٍ ومخزٍ بين الدين والتاريخ والفكر والسياسة، يُظهر قدراً كبيراً من الجهل والجاهلية والتجاهل..!!
..
هذا بالطبع، دون التقليل من شأن ثُلّة من الأقيال الحقيقيين الذين يشكلون اليوم الجناح الواعي والمستنير في هذه الحركة، ويناضلون ويكافحون من أجل تصحيح كل هذه الأخطاء والانحرافات؛ فلطالما قلنا بأن لكل فارس كبوة، ولكل جواد عثرة.. وأن الحركة مازالت تحبو وستنمو وتعقل وتنضج، وأن هناك دائماً أمل بأن نصحح مسارها، وأن نجعلها تنضج وتتسلح يوماً بعد يوم بالوعي الاجتماعي التاريخي والسياسي اللازم للخروج بالوطن من دائرة الفشل الحالي، فلم ولن نفقد الأمل بالمشروع ولا بالرؤية والأهداف الجوهرية التي ولد لأجلها..
إلا إن المؤشرات وحتى اليوم، مازالت تقول بعكس ذلك، أي بمزيد من الانحطاط والانفلات والإفلاس.
**
وحتى يكون الأمر واضحاً بالنسبة للمواقف السياسية، قلنا أن الناس بمعيار الوطن والوطنية ينقسمون الى نوعين: مواطنين صالحين ومواطنين فاسدين، وأنه ما من نوع ثالث بينهما، كما لا يوجد أيضاً تقسيم آخر؛ وقلنا أيضاً وكررنا هذا القول عشرات ومئات المرات، بأن هناك فرق بين المشروعات السياسية المنحرفة والمنقلبة على الثوابت الوطنية، وبين الفئات والشرائح التي تنتمي لمجتمعنا وتشكل جزءً لا يتجزأ من نسيجه، وأن علينا ألا نخلط بين المشروع السلالي ومن يقف معه والذي ينبغي أن نتصدى له جميعاً من جهة، وبين الهاشميين كفئة من المجتمع اليمني من جهة أخرى؛ فهي فئة شأنها اليوم شأن كل الفئات اليمنية الأخرى التي انقسمت على نفسها بين هذا الطرف وذاك، وحالها في هذا لا يختلف عن حال حاشد وهمدان وأرحب وسائر الكيانات القبلية والاجتماعية اليمنية الأخرى المنقسمة بين نفس الأطراف، حتى صار الأخ يحارب ويقتل أخاه وهو يعلم بذلك.
**
ثوابت الوطن والوطنية تقول، أنه ينبغي علينا جميعاً كيمنيين أن نقف موقفاً واحداً ضد كل المشروعات السلالية والفئوية والطائفية والمناطقية والانفصالية، وضد كل أشكال العمالة والارتهان للخارج، وضد كل أشكال الفساد الاجتماعي والأخلاقي الذي مارسته وتمارسه الى اليوم كل هذه الكيانات المتصارعة.. ومن المؤكد أننا لن نحاربها أو نقضي عليها بإعطاء مفاضلات فاسقة بينها، أو بالانحياز لهذا الطرف أو ذاك، بل بالخروج عليها جميعاً كخطوة أساسية في طريق تحرير وطننا وشعبنا من كل الوصايات الخارجية ومختلف أشكال الاحتلال والارتزاق، وصولاً الى دحر العدوان الخارجي، ولن يتسنى لنا تحقيق هذه الغاية إلا من خلال خلق وإنتاج لاعبين جدد، أي تيارات وقوى اجتماعية وسياسية شابة وفتية، تتبنى خطابات ورؤى ومشروعات وطنية جديدة ونظيفة، تتسق مع الفكر والخطاب الإنساني المعاصر، وتتلاءم مع تطلعاتنا كمجتمع وشعب الى بناء دولة مدنية تحفظ للناس على حد سواء حقوقهم وتصون حرياتهم وكرامتهم، وتحقق العدل والمساواة فيما بينهم، وتحقق أيضاً النهوض الاقتصادي والتنمية الاجتماعية الشاملة.
..
نحن بحاجة الى مراجعة شاملة وفاحصة، وتفعيل حقيقي لنقد الذات، وتصحيح للرؤية والمسار، ولن نفلح في صنع شيء ما لم نفعل ذلك..
..
اعتقد أن هذا هو الفرق بين الوعي والإسفاف..!!
مع خالص احترامي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان