الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصومال.. ونظرية الدولة الفاشلة 1-2

إكرام يوسف

2006 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


تقرير أمريكي يطالب الدول الكبرى بالتدخل لحماية 60 دولة من الفشل


يعاني شعب الصومال حالة من الفوضى والاضطرابات السياسية وسط حرب أهلية دائرة منذ 1991 أسفرت عن سقوط 300 إلى 500 ألف قتيل . ولاشك أن الصومال بأوضاعه الحالية يجسد ما بات يسمى في "الأدبيات الأمريكية" ـ إن جاز التعبير ـ بمصطلح "الدولة الفاشلة"؛ الذي يضاف إلى بقية المصطلحات التي أتحفتنا بها العقلية الأمريكية التي تتفنن في تكريس ما تهوى من مسميات تطلقها على المستهدفين بسياسات الهيمنة؛ من دول مارقة، إلى محور الشر، إلى الدولة الفاشلة. وتعرف "الدولة الفاشلة؛ وفق التقرير الذي نشرته قبل عام مجلة "فورين بوليسي" FOREIGN POLICY الأمريكية نقلا عن كل من "صندوق دعم السلام The Fund for Peace" و "مؤسسة كارنيجي للسلام العالمي" الأمريكيين" بأنها:" حين تفقد الحكومة المركزية سيطرتها على أراضيها". وقد عجزت بالفعل المؤسسات السياسية الانتقالية في الصومال منذ إنشائها عام 2004 عن إعادة الأمن للبلاد. ويشير التقرير إلى أن مثل هذه الدول تعاني من فراغ السلطة بحيث يصبح المواطنون ضحايا للجماعات المتصارعة وللجريمة حيث قد يتطلب الأمر "أحيانا تدخل الأمم المتحدة أو دول الجوار لتفادي كوارث إنسانية.. أو"تدخلات حكومات وجهات أجنبية، مجاورة أو غير مجاورة، لإذكاء العنف الطائفي والمذهبي والإثني والمناطقي مما يعجل بهذه الدول إلى الانهيار". وهو ما ينطبق أيضا على الصومال الذي يبدو أن شعبه العربي المسلم كتب عليه ـ كما كتب على شعوب فقيرة أخرى ـ أن يدفع ثمن وجوده على أرض تشكل أهمية "جيوسياسية" للقوى العظمى في العالم. فموقع الصومال ضمن القرن الأفريقي ذي الأهمية البالغة لشركات النفط العالمية؛ بسبب قربه من منابع بترول الخليج العربي ووقوعه على مدخل البحر الأحمر شريان تجارة النفط والسلاح؛ فضلا عن عمليات التنقيب التي ذكرت أن ثلثي أرض الصومال تحتوي نفطا؛ كان وبالا على هذا الشعب. أضف إلى ذلك مطامع بعض قوى الجوار التي تحالفت مع أطماع القوى العظمى لتستثمر عوامل الصراع الداخلية في المجتمع القبلي ؛ الأمر الذي فاقم من معاناة شعب فقير أعزل في مواجهة أطماع خارجية وداخلية لم ترحم معاناته من عوامل الطبيعة القاسية التي فرضت على أبنائه فترات متتالية من المجاعة. ولم تكن أنباء الاضطرابات الأخيرة التي انتهت ـ حتى الآن ـ بسيطرة المحاكم الشرعية على معظم أنحاء البلاد مفاجأة بالنسبة للعديد من المراقبين. بل أن برلمانيا صوماليا بارزا قال لـهيئة الإذاعة البريطانية ( بي بي سي) إن هذه السيطرة قد تمثل خطوة باتجاه إنهاء 15 عاما من الفوضى في البلاد. وقال وزير الإعلام السابق محمود جاما إن وجود فصيل واحد يسيطر على العاصمة لأول مرة منذ عام 1991 يمكن أن يسهل عملية التفاوض على الحكومة الانتقالية التي تتخذ من بايدوا مقرا لها. وأشار جاما أيضا إلى احتمال تحسن الوضع الأمني في مقديشو بعد سيطرة مليشيا المحاكم الشرعية عليها.

انقلب السحر على الساحر
ورغم تحذيرات أمريكية وغربية ـ كانت متوقعة ـ من سيطرة نظام متشدد إسلامي على الصومال؛ إلا أن العديد من المحللين يرون أن قوات المحاكم الشرعية لقيت ترحيبا من قطاعات كبيرة من السكان ليس فقط للتعاطف الذي يبديه البعض مع ما ترفعه المحاكم الإسلامية من شعارات إسلامية في بلد يدين جميع سكانه بالإسلام؛ وإنما أيضا تعبيرا عن سخط شعبي على أمراء الحرب الذين تدعمهم الولايات المتحدة، ورفضا لمحاولات دفع الأمور إلى طلب تدخل دولي. ويرى محللون أنه قبل بضعة أشهر، وفي غياب دعم شعبي واسع، لم يكن في وسع مقاتلي المحاكم الشرعية تحقيق انتصار تلو الآخر ـ مثلما حدث في الأيام الأخيرة ـ أمام زعماء الحرب الذين كانوا يسيطرون على العاصمة منذ بداية الحرب الأهلية سنة 1991. فبعد الانسحاب الأمريكي المهين من الصومال عام 1994 حرصت الولايات المتحدة على دعم قادة فصائل ما يسمى "التحالف من أجل إرساء السلام ومواجهة الإرهاب" الذي يضم زعماء حرب صوماليين, ويؤكد أنه يكافح ما يسميه "الخطر الإرهابي" المتمثل من وجهة نظره في المحاكم الشرعية في مقديشو. وقد تأسس التحالف ـ الذي يعرف نفسه بأنه حزب سياسي ـ رسميا في فبراير الماضي. ومن بين مؤسسيه عدد من زعماء المليشيات التي تسيطر على العاصمة الصومالية منذ أن عمت الفوضى البلاد مع اندلاع الحرب الأهلية عام 1991. كما يضم التحالف أعضاء في الحكومة الانتقالية التي تشكلت عام 2004، وضم عند تشكيله زعماء حرب. وتفيد مصادر أميركية ودبلوماسية في المنطقة بأن التحالف تلقى منذ قيامه دعما ماليا من الولايات المتحدة في إطار العمليات السرية لما يسمى بمكافحة الإرهاب. وفي حديث لوكالة رويترز قال جون برينديرجاست خبير الشؤون الأفريقية بالمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات إنه بعد مقتل جنود أمريكيين في الصومال أواخر عام 1993 وهي الواقعة التي جسدها فيلم "بلاك هوك داون" تراجعت الولايات المتحدة عن التدخل المباشر في البلاد. وأضاف برينديرجاست الذي يقدر أن واشنطن تعطي قادة الفصائل نحو مائة ألف دولار شهريا "لم نرد أن نجهد أنفسنا. ظننا أن من الممكن اتباع هذه السياسة من إمداد قادة الفصائل بالأموال... وقد فشلت." ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن رولان مارشال، الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا والخبير بالمنطقة إن "المحاكم الإسلامية غير قوية وهي منقسمة حسب القبائل التي تنتمي إليها. لكنها استفادت من المد المعادي للأمريكيين". ويضيف "لقد انضم إلى المحاكم أشخاص معتدلون دينيا بهدف التخلص من سيطرة زعماء الحرب. الأمريكيون أخطأوا في تسليح ميليشيات منهكة وتعمل وفق حساباتها الخاصة". ويتابع مارشال "عدت للتو من الصومال. الأشخاص الذين التقيت بهم أكدوا لي أن ميليشيات التحالف لم تقاتل حقا لان عناصرها غير مقتنعين بهذه الحرب. لقد حصلوا على المال من الأمريكيين وذهبوا إلى بيوتهم. حصل انهيار عسكري. هذا لا يعني أن المحاكم الإسلامية قوية، هذا يعني أن معارضيهم تشرذموا". ومنذ الثلاثاء، أفاد مواطنون من جوهر أنهم شاهدوا موكبي زعيمي الحرب المواليين للأمريكيين محمد أفرح قنياري وعيسى بوتان عليم يغادران المدينة باتجاه الشمال دون أن يحاربا. ويقول الأمريكي كين منكاوس أستاذ العلوم السياسية في جامعة دافيدسون، في كارولاينا الشمالية، والخبير في شؤون الصومال، إن "الأمر لا يتعلق فقط بأن الأمريكيين راهنوا على الفرس الخاسر، وإنما إن تدخلهم استخدم لغرض آخر غير ما كانوا يرغبون به". ويضيف " من المحتمل أن زعماء الحرب استخدموا المساعدة الأمريكية لتعزيز قواتهم أمام المحاكم الشرعية. لقد أرادوا الاستفادة من المساعدة الأمريكية بهدف مناهضة الإرهاب، لتحقيق أهدافهم الخاصة، فمنيوا بهزيمة ساحقة". ويبدو من الطبيعي أن أغلب المحللين الغربيين لا يرون خطأ في التدخل الأمريكي في شؤون البلد العربي المسلم من حيث المبدأ لكنهم ينحون باللائمة على سوء اختيار العملاء؛ الذين كانوا انتهازيين فاستخدموا الأموال الأمريكية لتحقيق مصالح خاصة بهم. وقد أدى الدعم الأمريكي لزعماء الحرب إلى إثارة مشاعر العداء تلأمريكيين بسبب تبرم الشارع من تجاوزاتهم أما المحاكم الشرعية التي تصاعد نفوذها في العاصمة مقديشيو منذ عام 2004 وفق ما ذكر تقرير أعدته مجموعة الأزمات الدولية ونشر في ديسمبر عام 2005، فقد ظهرت للمرة الأولى عام 1994. وتضم مقديشو ما لا يقل عن 11 محكمة شرعية تنتمي إلى تحالف معروف باسم "المجلس الأعلى للمحاكم الشرعية" في الصومال. وتتصدى هذه المحاكم التي تدعمها مليشيات مسلحة تسليحا جيدا، لنفوذ زعماء الحرب الذين يسيطرون على العاصمة منذ اندلاع الحرب الأهلية في الصومال عام 1991. وتسارعت بالطبع نغمة التحذيرات الأمريكية من سيطرة التشدد الإسلامي على مقاليد الأمور في مقديشيو بعد انتصار المحاكم الإسلامية ؛ رغم نفي شيخ شريف أحمد رئيس المحاكم الإسلامية لهيئة الإذاعة البريطانية اعتزام قادة المحاكم إقامة نظام إسلامي على غرار طالبان. ويقول رولان مارشال، لا بد من خوض حوار بأسرع وقت مع المحاكم الإسلامية التي لا يمكن أن نعتبرها كلها متشددة. ويضيف "اتهام المحاكم بنصرة القاعدة لن يقود إلا إلى دفع الشعب إلى التطرف. إنهم يعملون على إيجاد خصم لم يكن أصلا موجودا قبل شهرين". ويؤيد هذا الرأي ما كتبته كارين فون هابيل، الخبيرة السابقة بشؤون الصومال لدى الأمم المتحدة وعضو مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، من أنه لا يمكن حتى الآن تشبيه المحاكم الإسلامية بطالبان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كا?س العالم للرياضات الا?لكترونية مع تركي وعلاء ???? | 1v1 ب


.. فـرنـسـا: أي اسـتـراتـيـجـيـة أمـام الـتـجـمـع الـوطـنـي؟ •




.. إصابة عشرات الركاب بطائرة تعرضت لمطبات هوائية شديدة


.. حزب الله يحرّم الشمال على إسرائيل.. وتوقيت الحرب تحدّد! | #ا




.. أنقرة ودمشق .. أحداث -قيصري- تخلط أوراق التقارب.|#غرفة_الأخب