الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية ...أمل منشود ومبدأ مفقود

جاسم محمد دايش
كاتب وباحث

(Jasem Mohammed Dayish)

2021 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


مرت سنوات على التغيير السياسي في العراق والتحول نحو الديمقراطية وبرزت العديد من المؤشرات التي تبين وجود الديمقراطية في العراق من اهمها التداول السلمي على السلطة والذي كفله الدستور الدائم والنافذ لعام 2005 ووجود احزاب ومؤسسات مجتمع مدني, ووجود آلية الانتخابات وحرية التعبير والصحافة وكل هذه عكست سلوكيات ديمقراطية في العراق ولكن ظهرت بالمقابل حركات احتجاجية وتظاهرات والتي عبرت عن رأيها بصورة علنية ضد الحكومات التي حكمت العراق بعد العام 2003نتيجة القصور والضعف في تحقيق التقدم والتنمية على كافة الصعد الاجتماعية والاقتصادية وغيرها وبقاء الحال على ماهو عليه دون تقدم يذكر منذ العام 2003 علاوة على ذلك ظهور آفة الفساد التي تنهش بجسد العراق , وكل هذا يقودنا للتساؤل المنطقي , هل الأزمة في الديمقراطية كمنهج وممارسة , أم الأزمة في المجتمع العراقي , أم في الطبقة السياسية التي تحكم ؟ أي هل حققت الديمقراطية ماكان يريده المجتمع العراقي بعد 2003 ؟ لذلك القول يكمن في ماهي الديمقراطية المنشودة في العراق , هل هي الديمقراطية الانتخابية , أم الديمقراطية الراديكالية , أم الديمقراطية التمثيلية , أم الديمقراطية السياسية فقد دون الاجتماعية ؟ يتبدى أول العوامل المشتركة واكثرها للدهشة دون شك في أن جميعها يلتف حول دافع واحد , وهو يجب تحقيق الديمقراطية الاجتماعية .
إنَّ الديمقراطية بالمفهوم الواضح والمتفق عليه هو وضع حد للطغيان والهيمنة والسماح للجميع بنيل حقوقهم بأيديهم . ومما لا شك فيه أن الديمقراطية كتصور وممارسة لاتزال متعثرة في العراق ومجتمعه على حد سواء . فقد تحولت الديمقراطية لشكل من أشكال الصيغ الجامعة التي إذا تمكنت بالطبع من المطالبة بإقامة دولة القانون – كما هو الحال عند مواجهة نظام مستبد أو المطالبة بأقتراع حُرّ وغيــــر مزور في إطار نظام يتحكم أو يتلاعب بإجراءات الانتخاب – فإنها تؤدي الى المناداة بــ( كرامة الفرد ونزاهة الحكام وشفافية العمل العام ورفع الحصانة عن القادة الفاسدين وإلغاء الامتيازات الباهظة لحفنة من الملاك واستقلال الصحافة ووسائل الاعلام وتأمين معيشة لائق للجميع وضمان تحمل المسؤولية حالات البطالة والمرض والفقر الموجود في المجتمع وتأمين الحصول على التعليم للجميع والقضاء على الامية ونشر التنمية المستدامة في المجتمع والدولة . كل ذلك لا يخلو من التباس لا يتوانى البعض عن استغلاله فهكذا ودون خوف من التناقض نلاحظ اليوم أناساً يستطيعون التحدث بأسم الديمقراطية عن ضرورة العودة للعرف والمطالبة بسلطة قوية وطرح مبدأ المساواة جانباً أو الحد من حقوق الافراد , من هنا يتبين ان السلطة يشتبه في أستهزائها بقيمة من قيم العدالة أو الحياة السياسية أو الحرية الشخصية أو الوضع الانساني , تصير عُرضة للمساءلة علناً لتعديها على الديمقراطية وإنكارها لها .
فما أن تعلن جماعة ما أو مجموعة سياسية عن تبني مشروع يهدف لتحقيق هذه الغاية – مثلما حدث في الاعتصامات – حتى تم تصفيتها سريعاً مما يؤدي عادةً للأستهانة بها وحتى السخرية منها . توضح ردة الفعل هذه الى أي مدى يتضمن التمسك المطلق بضرورة تحقيق الديمقراطية التي تدعو الى إيجاد عالم تختفي فيه علاقات القوة والسلطة بشكل سحري , ويكمن رفض هذه الفكرة أو الشك فيها في صعوبة تخيل كيف يمكن أن يصير المواطنون في المجتمع متساوون تماماً وكرامتهم محفوظة , واستقلاليتهم لا تقدر بثمن وتكون عمليات اتخاذ القرار من قبل الحكومة والمسؤولين مفتوحة تماماً ومتاحة للمشاركة فيها ,أختصاراً توضح هذه النظرة حدود قدرتنا على التفكير أو قبول الاحتمالات السياسية التي قدمها مبدأ الديمقراطية .
في الواقع إن المطالبة بالديمقراطية لا تكون مصحوبة بأي برنامج محدد يمكن تنفيذ نقاطه الواحدة تلو الاخرى لإرضاء من أثنوا عليه , أو بمشروع انتقالي لنموذج من الحكم جاهز للتطبيق والاحلال الفوري محل نظيره القديم , يمكننا ان نفكر في أن الجانب السياسي الصميم في هذه الحركات لا يتمثل في قوة الوسائل المتبعة لإخضاع عدو محدد بوضوح , ولكن حزمها في الالتزام بتأكيد قوة الوعد المزدوج للديمقراطية وذلك بالرغم من مقتضيات الواقع والتسويات الضرورية , هذا الوعد بإقامة شكل تنظيمي للحياة المشتركة يعضد استقلال وسيادة المواطن , ويسرع بوضع نظام سياسي يمتلك الشعب من خلاله وسائل تمكنه من ممارسة رقابة حقيقية على قرارات حكومة من المفترض أنها أنبثقت عن إرادته عبر تحقيق الديمقراطية الاجتماعية. بأختصار , هنالك حاجة لأن نطرح سؤالاً لا توجد إجابة له , ولكن في لحظات معينة يبدوا من الضروري لمجتمع ما ان يعكف على التفكير فيه بشكل جماعي وهو : ما لديمقراطية , وهل نعيش حقاً في ديمقراطية , أو بالأحرى كمجتمع ديمقراطي ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح