الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماية الحريات المدنية والسياسية في العراق وفق المعايير الدولية خطوة لتطبيق الديمقراطية

سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)

2021 / 2 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تعد الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان والحريات المدنية والسياسية والهجمات الإرهابية والعنف الطائفي والتهجير والظروف الاقتصادية غير المستقرة وانعدام الخدمات الأساسية للحياة والعمليات العسكرية وما يصاحبها من اعتقالات عشوائية وغيرها وضعا مأساويا يعاني منه الشعب العراقي ، وان الدولة العراقية أصبحت غير قادرة على الوفاء بواجباتها المنصوص عليها في الدستور وفق المادة 15 التي تنص على ان ( لكل فرد الحق في الحياة والامن والحرية ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق او تقييدها الا وفقا للقانون وبناء على قرار صادر من جهة قضائية مختصة)
ولذلك صنفت منظمة فريدم هاوس Freedom House كما اشرت في دراستي التي اعددتها بتاريخ 19/1/2013 بأن العراق يقع في منزلة ( غير الحر) وانه بلد تسود فيه الانتهاكات لحقوق الانسان والحريات المدنية والسياسية بالرغم من خروجه من الحكم الدكتاتوري بعد عام 2003.
ان الدولة العراقية رفعت بعد عام 2003 شعار القانون ودولة القانون غير ان الواقع لايتماشى مع هذا الشعار فقد لقي عشرات القضاة ومئات الصحفيين واساتذة الجامعات والموظفين الاكفاء حتفهم نتيجة توليهم ودفاعهم عن قضايا دعاوى الفساد او الرشوة او الجريمة المنظمة او كتابة موضوع يتعلق بالإصلاح والتطوير، والأنكى من ذلك اصبحت الدولة غير قادرة على حماية شريحة المواطنين العاديين وحتى حماية نفسها.
كما ان العراق اليوم تنتشر فيه الالاف من منظمات المجتمع المدني التي تهدف الى الدفاع عن حقوق الانسان في عموم العراق وتسهم في رصد انتهاكات حقوق الانسان على مدار السنة واصدار التقارير الا ان ما يكتب في هذه التقارير تذهب في مهب الريح حتى ان الوزارات والبرلمان ووسائل الاعلام اصبحت تتخوف من عرض مثل هذه التقارير على الرأي العام خشية من الملاحقات القضائية والقانونية
ان المؤسسات الرسمية كالوزارات والبرلمان ووسائل الاعلام لم تعد الادوات المدافعة عن حقوق الانسان ضمن تحالف قوي وواسع يمارس الضغوط من اجل مساءلة الحكومة العراقية بشأن وضع الحريات المدنية والسياسية في العراق ولذلك بقيت هذه الحريات منتهكة ومهددة .
ولتحقيق هذه المقولة تم تأسيس العديد من الجمعيات غير الربحية في الولايات المتحدة الأمريكية من اجل الدفاع عن الحريات المدنية والسياسية وتعميق النهج الديمقراطي.
وان كثير من الدول المتقدمة على الرغم من ان لها دساتيرها والقوانين والوثائق الدستورية المماثلة التي تسعى الى ضمان الحريات المدنية الا انها وضعت مجموعة اخرى من الوسائل القانونية بما في ذلك التصديق والتوقيع وعقد الاتفاقيات كالاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولعل ابرز الحقوق هي حق الملكية والحقوق الإنجابية وحق الزواج وحق امتلاك السلاح وغيرها
ان حماية الحقوق المدنية والسياسية تسهم في:
1- حماية الحقوق الثقافية والتعليمية والدينية والعرقية بغض النظر عن العرق والدين والطائفة والجنس
2- ضمان المساواة لجميع المواطنين في الوصول واستخدام المؤسسات العامة والحماية بغض النظر عن خلفياتهم
3- تطبيق الحق في الحياة والحرية الشخصية للأشخاص من اية جنسية مثل حرية التعبير والراي
4- الحق في شؤون التوظيف العامة
5- حماية الافراد من اية اجراءات تعسفية من قبل الدولة.
من خلال ماتقدم يمكن السؤال اين هو دور الدولة العراقية من توفير الحريات المدنية والسياسية وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان رغم وجود العديد من المؤسسات والوزارات واللجان البرلمانية والمفوضية العليا لحقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني وغيرها التي تعمل جميعها من اجل رصد انتهاكات الحريات المدنية وحقوق الانسان.
ومن اجل معالجة الموضوع لابد من الاطلاع على تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال اذ سيتم عرض نماذج من المنظمات والشبكات العالمية التي تعنى في الدفاع عن الحريات المدنية والسياسية ومنها:
اولا: شبكة الحريات المدنية الأوروبية European Civil Liberties Network ecln
في 15 نيسان من عام 2009 نشرت الشبكة بيانا صدر من الاتحاد الأوروبي في ستوكهولم عبرت فيه عن رأيها وخططها من اجل تطبيق الديمقراطية في أوروبا .
وذكر البيان ان الحريات المدنية والديمقراطية في أوروبا تتعرضان للهجوم مما ولدت الحاجة الى ان تكون هناك استجابة جماعية لمواجهة هذه التهديدات .
ان شبكة الحريات المدنية الأوروبية تسعى الى:
1- خلق مجتمع أوروبي مبني على أساس الحرية والمساواة
2- ضمان تطبيق الحريات الأساسية المدنية والحريات الشخصية والسياسية مثل حرية التنقل والإعلام والمساواة في الحقوق للأقليات والدفاع عنها
3- تعميق الثقافة الديمقراطية وهو مفهوم لا يقتصر على الأحزاب السياسية والانتخابات ولكن تبنى قيم أوسع من التعددية والتنوع والتسامح
4- محاربة العنصرية والتمييز على أساس الجنس
5- الدفاع عن حقوق جميع الناس والثقافات وتاريخهم والتحرر من الرقابة وحرية الاحتجاج والتظاهر
ومن القضايا التي يتم الدفاع عنها هي الحقوق القانونية وحقوق الإنسان واللاجئين وحقوق المهاجرين والعولمة والسلام وتركيز الجهود على الحريات المدنية وحرية الإعلام والديمقراطية على المستوى الأوروبي
كما تغطي الشبكة قضايا أخرى منها:
-حقوق الطفل
-المعايير الديمقراطية
-حرية الحصول على المعلومات
-الهجرة واللجوء
-المنظمات الحكومية الدولية
-الجيش
-الشرطة والنظام العام
-السجون
العنصرية والفاشية
-الحقوق والقانون
-الأمن والاستخبارات
-المراقبة للوثائق وقواعد البيانات
-الحرب على الإرهاب

ثانيا: الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية American Civil Liberties -union-
وهو منظمة غير حزبية وغير هادفة للربح تأسست عام 1920 وتهتم بالدفاع والمحافظة على الحقوق والحريات المضمونة الى كل شخص في البلد من قبل الفرد والدستور والقوانين في الولايات المتحدة الأمريكية ، وتعمل من خلال التقاضي والضغط وتثقيف المجتمع.
تضم حاليا اكثر من 500000 الف عضو وتبلغ ميزانيتها أكثر من 100 مليون دولار سنويا
يقدم الاتحاد المساعدة القانونية في الحالات التي تعرض الحريات المدنية الى الخطر ويتخذ الدعم القانوني أشكالا متعددة كالتمثيل القانوني المباشر وإعداد أصدقاء للمحكمة ومذكرات للتعبير عن الحجج القانونية ويمتلك الاتحاد السياسات للنظر بها وهي:
1- دعم العمل الايجابي
2- اصلاح القانون الجنائي
3- الحق في تحديد النسل والاجهاض
4- معارضة عقوبة الاعدام في جميع الظروف
5- حرية التعبير عن الافكار
6- تمويل الحملات
7- الحق في امتلاك الاسلحة
8- الاحترام والرعاية لمرضى فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (الايدز)
9- حقوق الإنسان ومنها حقوق الطفل وحقوق المهاجرين .
10- الأمن القومي
11- حقوق السجناء
12- التعليم العام
13- الخصوصية والتكنولوجيا
14- الدفاع عن المواد الإباحية ضد الأطفال
15- قضايا العنصرية والتمييز
16- الحقوق الدينية
17- حق التصويت
18- حق المرأة
ثالثا: الجمعية الكندية للحريات المدنية Canadian Civil Liberties Association CCLA
وهي جمعية وطنية تشكلت عام 1964 من قبل مجموعة من المواطنين لتعزيز الاحترام ومراعاة حقوق الإنسان الأساسية والحريات المدنية والدفاع عنها وتعزيز الاعتراف بهذه الحقوق والحريات.
وتعد رائدة لحماية الحريات الأساسية واكتساب الاحترام الواسع بسبب مواقفها المبدئية نحو العديد من القضايا كالرقابة وعقوبة الإعدام وإصلاحات الشرطة
وتركز مواضيعها على الحريات الأساسية كالسلامة العامة والأمن الوطني والمساواة وأهدافها هي:
1- تعليم الحريات المدنية في الفصول الدراسية في المدارس
2- تنظيم ورش العمل المجانية والحلقات الدراسية والدورات في المدارس والمؤسسات التعليمية وكليات التربية وتنوير المواطنين عن حقوقهم وحرياتهم
3- الوفاء بمتطلبات المناهج الدراسية في المجالات التالية كالتاريخ والدراسات الأجتماعية والتربية الدينية والقانون
4- دراسة ومناقشة المعضلات القانونية والاخلاقية
5- بناء ثقافة حقوق الانسان والحريات المدنية واشراك الشباب والمربين في المستقبل بالتفكير بشكل نقدي حول القضايا ( والقضايا هي التعليم العام، ومشاركة المواطنين، والمراقبة، والبحث، والدعاوى)
6- المشاركة بأنتظام في المؤتمرات والمناسبات العامة في القضايا ذات العلاقة بالحريات المدنية.
7- تقديم المساهمات الى المجلات والصحف ووسائل الاعلام حول قضايا الحريات المدنية.
8- مراقبة الحريات المدنية في جميع انحاء البلا د للنظر في القضايا التي تنشأ في المحاكم المجالس التشريعية والمجالس البلدية ووسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني في جميع انحاء البلاد والمراجعة الدورية للمحاكم في أوروبا والولايات المتحدة.
وتمتلك العديد من المتدربين والمتطوعين في مجالات الاتصالات والاعمال التجارية والعلوم الاجتماعية والعلوم الانسانية لتنفيذ المهمات وحماية القيم الديمقراطية.
9- اجراء البحوث بالمشاركة مع العديد من الأكاديميين وشركات المحاماة والمجاميع الاستشارية
10- اقامة الدعاوى على المئات من القضايا المعروضة على المحاكم
رابعا: الجمعية البريطانية الكولومبية للحريات المدنية British Columbia Liberties Association BCCLA
تأسست الجمعية عام 1962 في كندا وهي جمعية مستقلة غير حزبية وتعمل بشكل تعاوني مع المجموعات الأخرى ، ومهمتها المحافظة والدفاع عن الحريات المدنية وحقوق الإنسان في كندا والدعوة الى العمل والسياسة العامة والتعليم المجتمعي والعدل. ومن ابرز أنشطتها هي:
1- تقديم المنشورات والنشرات للجمهور لتوعيتهم بالحقوق والحريات الأساسية وخاصة حق المناقشة، والخصوصية، والشكاوى للشرطة، ودليل المواطنة وغيرها.
2- تقديم المساعدة للأفراد الذين يطلبون المعلومات او لديهم شكاوى حول انتهاكات الحريات المدنية من قبل الحكومة او أصحاب العمل، وخاصة في مجالات حماية المعلومات الشخصية، وحرية التعبير، ومكافحة الظلم، ومساعدة المواطنين الذين يتعرضون للتشرد والفقر والإدمان والتمييز والإعاقات الجسدية او العقلية.
3- برنامج السياسات العامة وتشمل إقناع المسئولين الحكوميين والقطاع الخاص بتغيير القوانين او السياسات التي تتعدى على الحريات المدنية ووضع القوانين والسياسات الجديدة التي تحمي الحقوق والحريات الأساسية.
والموضوعات والقضايا التي تهتم بها هي:
- الخصوصية
-محاسبة الشرطة
-الأمن الوطني
-حقوق الإنسان
-حرية التعبير
-سياسة المخدرات
-الحقوق الديمقراطية.

المقترحات:
1- تشكيل المجلس الاعلى للحريات المدنية والسياسية في العراق وان يكون مستقلا استقلالا تاما عن الدولة ويضم ممثلين عن جميع المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني واساتذة الجامعات والقضاة وغيرهم وتكون له فروع في كافة انحاء العراق من اجل رصد الانتهاكات للحريات المدنية والديمقراطية وحقوق الانسان.
2- وضع إستراتيجية وطنية لحماية الحريات المدنية والديمقراطية السياسات العامة وإقناع المسئولين الحكوميين والقطاع الخاص بتغيير القوانين او السياسات التي تتعدى على الحريات المدنية ووضع القوانين والسياسات الجديدة التي تحمي الحقوق والحريات الأساسية.
3- التوقيع على كافة الاتفاقيات والعهود الدولية ذات العلاقة بالحريات المدنية والسياسية وحقوق الانسان والديمقراطية.
4- تنظيم ورش العمل المجانية والحلقات الدراسية والدورات في المؤسسات التعليمية والجامعات ومؤسسات الدولة وتنوير المواطنين عن حقوقهم وحرياتهم المدنية والسياسية من خلال الاستفادة من خبرات وتجارب المنظمات الدولية المذكورة اعلاه.
5- بناء ثقافة حقوق الانسان والحريات المدنية واشراك الشباب والمربين في المستقبل بالتفكير بشكل نقدي حول القضايا ومنها (التعليم العام، ومشاركة المواطنين في الانتخابات ، والمراقبة، والبحث، والدعاوى)
6- تقديم المساهمات الى المجلات والصحف ووسائل الاعلام جميعها حول قضايا الحريات المدنية والسياسية وانتهاكات حقوق الانسان في العراق.
7- مراقبة تطبيق الحريات المدنية والديمقراطية في جميع المحافظات العراقية للنظر في القضايا التي تطرحها المؤسسات التشريعية والمجالس البلدية ووسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني .
8- تدريب عدد من المتطوعين في مجالات العلوم الانسانية والاجتماعية والقانونية الاعمال التجارية لمتابعة القضايا التي تخص المواطنين والدفاع عنها.
9- اجراء البحوث بالمشاركة مع العديد من الأكاديميين وشركات المحاماة والمجاميع الاستشارية في القضايا ذات العلاقة بالحريات المدنية والسياسية وحقوق الانسان
10- إقامة الدعاوى على القضايا التي تقدم الى المجلس الاعلى من قبل المواطنين ومتابعة مدى احقاق الحقوق من قبل المحاكم المتخصصة . وتقديم المساعدة للأفراد الذين يطلبون المعلومات او لديهم شكاوى حول انتهاكات الحريات المدنية من قبل الحكومة او أصحاب العمل، وخاصة في مجالات حماية المعلومات الشخصية، وحرية التعبير، ومكافحة الظلم، ومساعدة المواطنين الذين يتعرضون للتشرد والفقر والتمييز والاعتقال والسجن والإعاقات الجسدية او العقلية وغيرها.
11- تقديم المنشورات والكتيبات التوعوية للجمهور من اجل تبصيرهم بالحقوق والحريات الأساسية وخاصة حق المناقشة، والخصوصية، والشكاوى وغيرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس