الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء من نبيذ ونار

نبال شمس

2006 / 7 / 25
الادب والفن


نبيذ شفاف اللون. درج مكسور إلى الأعلى.الطريق شفاف كلون النبيذ, الذي كسا جسد تلك المرأة, خلسة كي لا يراه احد. أراها تعلو وتعلو. درجة تلو الدرجة, والنبيذ يسيل على أقدامها وعلى النصوص المتروكة والعالم المتروك خلفها, تحت أصابع قدميها, إني أراها أرى طلاء ألأظافر الأبيض والخلخال ألأرجواني, وصوت خرزاته, ليعلن رحيلا غير عادي عن هذا الكون, عن أرض حيفا المحروقة وبيروت المجروحة

, عن نساء يبحثن عن كون آخر ونصوص أخرى, وأقلام تكتب فرحا, وخرزات تتمايل رقصا, من بيروت إلى حيفا.
درج مكسور. امرأة ماشية إلى الأعلى. فستانها بلون زبد القهوة. جسدها ابيض, تترنح على ذلك الدرج, وفوق تلك النصوص الحزينة, العاهرة, و المتمردة. بيروت تحترق تحت وطأة النيران وخرزها منثور على الأرصفة, وتلك المرأة ما زالت ماشية إلى الأعلى. تبحث عن الكمال . تعبر خارطة التكوين. تبحث عن الله لا تهاب الانكسارات. امرأة من نبيذ.
غزة من نبيذ. حيفا من نبيذ وبيروت من نار, كلهم نساء من نبيذ ونار. وهي ما زالت تعلو وتعلو. بدأت لا أراها. جسدها بدأ يختفي. خيالها بدأ يتلاشى. أصبحت لا أرى سوى أثار النبيذ والخرز المبعثر. لاين عبرت تلك المرأة؟ لماذا تركت هذا الكون, وهذه النساء المحروقة؟آلاف من الأسئلة دون إجابات. سأصعد الدرج مثلها. سأعبر والحق بسرابها. سأغوص بنبيذها. لن أدع أسئلتي للهواء.
بدأت بصعود الدرج. لم يكن الصعود سهلا والمشي على النبيذ بسيطا. لم يكن عبور الانكسارات سهلا وترك النصوص بالأمر الهين.
من هنا عبرت امرأة النبيذ. عبرت إلى الكون الآخر, وها أنا ألحق بها. سأحقق انتصاراتي وانكساراتي. سأعبر النصوص العادية نصا نصا, سأترك فلسفاتي على الدرج, سأذهب وحيدة إلى هناك, دون تمرد الكلمات, سأصعد بقلب يفيض حزنا على المدائن المحترقة, وقلب يفيض حبا لتأويل نشوة الوصول.
مررت من فوق نصوص الفرح.عبرت من فوق نصوص الحزن. لمست نصوص التمرد. وتابعت في الانكسارات والانتصارات.
نظرت خلفي لحيفا اليائسة وبيروت المجروحة. مددت أصابعي لأودع المدائن. لكن النار كانت حاجزا والقنابل سورا, فمن سيرى أصابعي وسط الصواريخ والأنقاض؟ من سيرى الدرج خلف السنة اللهب العالية؟ من سينقذ بيروت من سيشفق على حيفا؟ من سيخلد أسماء تلك النساء؟ من سيخلعهم فساتينهم الحمراء, ليلبسهم الأبيض؟
. انتهى الدرج. وصلت للأعلى, خارج خارطة التكوين. ابحث عن امرأة النبيذ. فرحتي لم تكتمل. حزني أصبح أعمق. بحثت عنها فلم أجدها, امرأة غير حقيقية. ليست آدمية. جعلتني أتحرر من ذاتي. أتحرر من كلماتي. أرمي بنصوصي والحق بسرابها وخيالها. جعلتني أدوس النصوص واترك الكون المحترق, بيروت وغزه. كبر حزني عندما بحثت عنها وكأني أتابع الريح بزمهرير ها.
في الأسفل, في خارطة الكثافة السكانية ما زالت النيران تشتعل بها , والنساء الثلاثة تحترق والإناث تقصف بالصواريخ. والرابعة توارت مع الهواء المترنح أمام عيوني. هنا في العالم الآخر كل شيء يترنح. الأشجار تتمايل. الجبال تتحرك يمينا وشمالا. البحيرة ثملة والطبيعة لا تحمل نفسها. كل شيء مخمور عليه آثار نبيذ. آثار توحد دون امرأة النبيذ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف


.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين




.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص


.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة




.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس