الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لم يصل بنا التطور الى الخلود؟

عباس موسى الكعبي

2021 / 2 / 7
الطب , والعلوم


لماذا لم يصل بنا التطور الى الخلود؟ الجواب يكمن في جيناتنا
بقلم: مايكل ايرفينغ
ترجمة: عباس موسى الكعبي

إذا كان التطور يعمل عن طريق انتقاء الجينات الأكثر فائدة ، فإن الأمر يطرح السؤال التالي: لماذا لم نتطور لنصل الى الخلود؟ وفقًا لفرضية عمرها عقود التي تفيد بإن بعض الجينات التي تساهم في النجاح الإنجابي (التكاثر) من شأنها ان تساهم في تسريع الشيخوخة أيضًا في وقت لاحق من الحياة.. بيد ان دراسة اجراها فريق من جامعة يوهانس جوتنبرج قبل فترة قصيرة كانت قد حددت تلك الجينات المسؤولة عن الشيخوخة. فقد وجد الفريق أن إيقاف عمل تلك الجينات أدى إلى إطالة عمر الديدان بشكل كبير.
الشيخوخة والموت هما جزء طبيعي من صيرورة الحياة ، لكن هذا لا يعني أننا لسنا مهتمين بإبطائهما أو إيقافهما، فهناك علوم مكرسة لمحاربة الشيخوخة على المستوى الجيني لغرض اكتشاف طرق من شأنها إطالة ليس اعمارنا فحسب وانما تحسين "صحتنا" ايضا- ونعني بذلك طول المدة التي نتمتع فيها بصحة جيدة، فليس ثمة فائدة من العيش حتى عمر 110 سنة في حال قضينا آخر 30 عامًا ونحن طريحو الفراش تمامًا.
لكن لماذا لم يقم التطور بتولي العبء الثقيل من أجلنا؟ الأفراد الذين يتمتعون بصفات تساعدهم على العيش لفترة أطول هم أكثر قابلية لنقل جيناتهم الى الجيل اللاحق، ولذلك من الناحية النظرية ، كان يستلزم التخلص من الشيخوخة تمامًا ومن هذه اللحظة. ولتفسير هذا التناقض الواضح ، اقترح عالم الأحياء جورج ويليامز في الخمسينيات من القرن الماضي نظرية "تعدد النمط الظاهري العكسي antagonistic pleiotropy " ، التي تعمل على مبدأ "استفد الآن ، وادفع الثمن لاحقًا". في هذا السياق، تذهب الفكرة بشكل أساسي إلى أن التطور سيختار الجينات التي تعمل على تحسين النجاح الإنجابي للفرد في مرحلة الشباب، ويتجاهل أي تداعيات سلبية قد تطرأ لاحقًا على الحياة، كون الجينات قد تم نقلها بالفعل إلى الجيل التالي.
منذ ذلك الحين ، تم دعم نظرية ويليامز رياضيًا ، حيث يمكن رؤية آثارها في الطبيعة ، لكن الأدلة المباشرة أثبتت أنها بعيدة المنال حاليا. ولاختبار الفكرة ، قام فريق جامعة يوهانس جوتنبرج بفحص جينات نوع من الديدان يسمى (C. elegans) ، وحدد 30 جينًا يبدو أنها تتناسب مع نظرية تعدد النمط الظاهري العكسي ، الامر الذي ساعد تلك الديدان في مرحلة شبابها، لكنه انقلب ضدها في مرحلة الشيخوخة.
يقول جوناثان بيرن ، وهو احد المؤلفين المشاركين في الدراسة: "نظرية التطور ذات الصلة بمرحلة الشيخوخة تشرح كل شيء بشكل جيد للغاية ، لكنها تفتقر إلى دليل حقيقي على حدوثه في الطبيعة". "فالتطور يصبح أعمى عن تأثير الطفرات التي تعزز الشيخوخة طالما أن ذلك التأثير يبدأ فقط بعد عملية التكاثر. فالشيخوخة هي حقًا بمثابة رقابة تطورية".
"من شاشة عرض صغيرة نسبيًا ، وجدنا عددًا كبيرًا من الجينات التي يبدو أنها تعمل بطريقة معاكسة. وبالنظر إلى أننا اختبرنا 0.05٪ فقط من جميع جينات ذلك النوع من الديدان ، إلا أن ذلك يشير إلى امكانية وجود المزيد من تلك الجينات."
ومع دهشة الفريق ، وجد ان العديد من الجينات التي تم تحديدها كانت تقوم بوظيفة معينة مشتركة: فهي تنظم عملية حيوية تسمى الالتهام الذاتي، وهي عبارة عن آلية لإعادة تدوير الخلايا ، حيث تتحلل لغرض إزالة "القمامة الخلوية" قبل أن تتراكم وتتلف الخلايا. تعمل عملية الالتهام الذاتي بشكل جيد لدى الكائنات الحية الصغيرة، ولكنها تبطئ وتسبب الاضطراب في وقت لاحق من الحياة ، لذا فإن إيقافها في سن معينة يمكن أن يساعد في تحسين الصحة واطالة العمر.
يقول هولجر ريتشلي ، الباحث الرئيس في الدراسة: "قد يجبرنا ذلك على إعادة التفكير حيال واحدة من أهم العمليات الأساسية الموجودة في الخلية، إذ عادة ما يُعتقد أن الالتهام الذاتي مفيد حتى لو كان يعمل بصعوبة بالغة. وبدلاً من ذلك، تظهر عواقب سلبية خطيرة حينما تنهار وتتحطم، وعندها يكون من الأفضل لنا تجاوزها جميعاً. إنها نظرية "تعدد النمط الظاهري العكسي" الكلاسيكية. وفي الديدان الصغيرة ، يعمل الالتهام الذاتي بشكل صحيح وملائم، فهو ضروري للوصول إلى مرحلة النضج ولكن بعد التكاثر ، حيث يبدأ بالتعطل والتوقف وبالتالي يؤدي إلى شيخوخة الديدان."
وجد الباحثون أنه من خلال تعطيل عملية الالتهام الذاتي في الخلايا العصبية لديدان C. elegans ، ظلت تلك الديدان بصحة جيدة لفترة أطول وزاد عمرها بنسبة 50٪ . ولم يتأكد الباحثون بعد من الآلية الكامنة وراء الخلايا العصبية الأكثر صحة ، لكن إذا كان من الممكن تطبيق البحث على البشر ، فلن يؤدي ذلك إلى تحسين صحتنا واطالة اعمارنا فحسب، بل يمكنه أيضًا محاربة الأمراض التنكسية العصبية مثل مرض الزهايمر وباركنسون وهنتنغتون.
في هذا الصدد، يقول توماس فيلهلم: "تخيل أنك وصلت إلى منتصف الطريق في مسيرة حياتك وحصلت على دواء يجعلك لائقًا وقادرًا على الحركة مثل شخص في نصف عمرك يتمتع بصحة جيدة، وان عمرك سيطول أكثر، هذا ما حصل بالفعل مع تلك الديدان". "بامكاننا ايقاف وتعطيل الالتهام الذاتي في نسيج واحد فقط، عندها ستتحسن صحة الكائن ويطول عمره، فالخلايا العصبية تكون أكثر صحة في الديدان المعالجة. ونعتقد أن هذا الامر هو ما يحافظ على صحة العضلات وبقية اعضاء الجسم في حالة جيدة."

المصدر:
https://newatlas.com/evolution-immortality-genes/51392/...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في تشيلي.. صحراء أتاكاما مكب نفايات للملابس العالمية!! • فرا


.. عودة خدمات الإنترنت الثابت إلى مناطق وسط وجنوب قطاع غزة




.. مراسل العربية: احتجاجات بمدرسة العلوم السياسية في باريس تندي


.. -ممرّ السرطان-.. ولاية لويزيانا، عاصمة التلوث الصناعي في الو




.. خرائط غوغل… قصّة سويسرية