الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البداية من القمة ( 22 )

آدم الحسن

2021 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


حين نتناول موضوعة صراع المصالح بين امريكا و الصين نجد أن مفهوم الصراع الأيديولوجي يشغل حيزا مهما في هكذا موضوع و نجد ايضا أن بين اهم الأسئلة التي تفرض نفسها هي :

هل أن الصراع الأيديولوجي اساسه و دوافعه اقتصادية بحتة ام ان جوهره فكري أو عقائدي .....؟

قد لا يختلف الكثير في أن للصراع الأيديولوجي صور و انعكاسات متعددة للتعبير اما عن الصراع المصلحي , من اجل المنفعة الاقتصادية , بين طبقات المجتمع الواحد او للصراع المصلحي بين تشكيلات لقوميات أو اديان او مذاهب مختلفة ضمن المجتمع الواحد وقد يمتد الصراع المصلحي الى مجموعة دول , اي الى خارج اطار الدولة الواحدة , هذه المجموعة من الدول تتداخل في ما بينها بمشتركات في البيئة الثقافية او الدينية او القومية أو العرقية و احيانا المذهبية و ذلك لتشكيل تحالفات ذات بنى فوقية فكرية او عقائدية لكن هنالك في العمق ارضية مشتركة تلتقي عليها المصالح او المنافع الاقتصادية المشتركة لتشكل بمجموعها دافع اساسي لصراع ايديولوجي يأخذ مسميات مختلفة لتيارات دينية او لتيارات قومية او لتيارات ليبرالية أو لأي شكل أخر من التيارات .

و حين يتم تناول الصراع الأيديولوجي بين الأمم . على سبيل المثال ما نشهده في هذه المرحلة من صراع مصلحي بين امريكا و الصين , يرى الكثير من المحللين ان نمط هذا الصراع يشكل تعبيرا فكريا لصراع مصالح بين امتين , هي الأمة الأمريكية بكل طبقاتها و شرائحها الاجتماعية و الأمة الصينية بكل طبقاتها و شرائحها الاجتماعية ايضا , اي انه صراع أيديولوجي بين امم ذات مصالح متناقضة و هذا بسقط شعار (( يا عمال العالم اتحدوا ... !! )) فهذا الشعار لم يعد واقعيا و اصبح من المفردات المنقرضة لكونه لم يستند اصلا و منذ بداية اعتماده من قبل الماركسيين على قاعدة موضوعية واقعية و انما كان جزء من فوضى سياسية صنعها الماركسيون انفسهم و من بعدهم و بدرجة اشد اللينينيون حين تحدثوا عن أن الإمبريالية هي اعلى مراحل الرأسمالية و انه سيتوجب على عمال العالم التوحد لتلاقي مصالحهم المناقضة لمصالح الرأسماليات الوطنية في العالم , هذه الرأسماليات و حسب طروحاتهم الأيديولوجية ستتحد في خندق واحد ضمن منظومة استعمارية جديدة اسموها بالإمبريالية ... !!

كأن الماركسيون و خصوصا اللينينيون منهم يريدون جعل اساس الصراع الأيديولوجي بين الأمم صراعا فكريا بحتا و ليس صراعا اساسه و دوافعه المصالح و المنافع الاقتصادية للأمم و قد اثبتت تجارب الشعوب أن المصالح و المنافع الاقتصادية للطبقات المختلفة من عمال و فلاحين و رأسماليين و باقي الطبقات و الشرائح الاجتماعية في الدولة الواحدة متناقضة في بينهم الى درجة ما لكنهم متحدين في خندق واحد مشترك اسمه المصلحة الوطنية لمواجهة المصالح و المنافع الاقتصادية الوطنية لدول اخرى .

لقد ادرك المفكر الصيني دينغ شياو بينغ ضرورة شن حملة اصلاحية بشكل تدريجي لمحاربة الأفكار الطوباوية المعشعشة في عقول المتشددين المدافعين عن ضرورة تطبيق نظام ديكتاتورية البروليتارية , لكنه في نفس الوقت ادرك أن مسيرة الإصلاح يجب أن لا تعتمد على اسلوب الصدمة و انما تعتمد على اسلوب الانتقال التدريجي من نظام رأسمالية الدولة , التي كان يسميها الشيوعيون بالنظام الاشتراكي , الى النظام الموجه الذي يتيح ايضا لقوانين اقتصاد السوق أن تفعل فعلها في بناء قاعدة انتاجية متطورة في الصين مع الحفاظ على هيمنة الدولة الصينية على قوانين اقتصاد السوق و بذلك سوف لن يكون هنالك نظاما يعتمد على ديكتاتورية البروليتارية , التي اثبتت التجربة التاريخية فشلها الذريع , و لن يكون هنالك ايضا اقتصادا حرا بشكل مطلق غير موجه يفقد الدولة قدرتها على ادارة مسارات التطور و التنمية و يمنعها من تحقيق القدر الأعلى الممكن من العدالة الاجتماعية .

النموذج الصيني في التنمية ( الطريق الثالث ) اعتمد على مسارين متوازيين , المسار الأول هو أن تدير الدولة المفاصل الأساسية في الاقتصاد والمسار الثاني هو تعزيز و دعم نشاط القطاع الخاص و جعله واسع النطاق ,
لقد حقق الطريق الذي سلكته الصين لبناء نظامها الاقتصادي المتطور قفزات وصلت الى درجة يمكن تسميتها بالمعجزات الاقتصادية .


(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا