الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النجف .. حاضرة الكبار.. هل اغتنموك الصغار ؟

محمد علي مزهر شعبان

2021 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


النجف .. حاضرة الكبار.. هل إغتنموك الصغار
مدينة وكانك أمام معمل إنتاج فخم لرجال تحمل دواوينها في اصطفاف مهيب، لرجال الشعر الابلغ، أيات ودرر وجواهر، يا للجواهري . انهم يتسيدون بل اساطير من غزتهم ملكة الشعر والادب ، وذهبوا مع جنها وجنونها، بيارق تتماوج وتطرب لها الرؤوس، ويتسارع لها وجيف القلوب، وترحل العقول مع ابيات شعر كانها قصور، وقصائد كانها مدن، ودواوين كانها مجرات . أسطورة بعد أسطورة من منبع واحد ومكان حدد له ان يكون له هو المنتج . انها ارض الغري والسلام، انها موطن التقي النقي الزكي، ابا الحسن علي . من المتنبي الكوفي ، للجواهري النجفي ،من الروح الاسيانه لابن الرومي لشجرة الدر الحبوبي، من فلسفة ابي نؤاس وصفرائه ، لعبد الامير الحصيري وندمائه، من رهين المحبسين وفاقد بصر العينين، لعبد المنعم الفرطوسي الذي ابصر بعماه الثقلين . قصائد حفرت بلوح الذات، من قصيدة العزاء الكميتيه لانشودة البكاء الحسينيه. مكتبات وكانها خلية نحل تئز، تدر عسلا، وتنتج عسجدا . تصطف المجلدات في رفوف ياخذ لها العلم تحية وسلام . سلام على الرؤوس الملقحات ببذرة الابداع سلام على اليراع وهي تنقش بل تحفر بما خفي في صلد وصماء صخر حين تنهال شلالات الابداع . مجلدات تعانق الرفوف لتفارقها ثم تحتضنها اكف وصدور، حيث هناك تبدا اللهفة عند انفس عزوم، ليبدا الابهام وهو يلعق رضاب الالسن بطعم عبق المداد والاوراق . هناك عند غرف وسراديب الطابوق ( الفرشي) في ازقة النجف وحاراتها . من مكتبات السوق الكبير امتدادا لمعارض ومهرجان الكتب في شارع الرسول ص . عناوين تزدحم عند الرفوف وعلى باحات المحلات .
مدينة تضج بالمعرفة ودوائرها . صحف يومية واسبوعية ومجلات ودوريات منذ نهاية القرن التاسع عشر .اوائل الصحف الادبية والعلمية والبحثيه والادبيه تملا الساحات، في مطابع تحني القامات وتصطبغ الانامل، وتكل الايدي من تنضيد الحروف .
مدينة تلقفت من المنبر الحسيني بما هيأ من قدرة لمن يعتليه، معنى الايثار، رفض الظلم، معنى الحرية، طريق الشهادة من اجل المباديء الساميه . وقد تصدر المنبر نوعان من الخطباء، والغاية واحده باختلاف الاساليب، ولكن اين هذا من ذاك ؟ الاول تستحضرهم واقعة الطف كاثارة عاطفيه تحتشد الانات لتزدحم في الصدور ثم تنفجر اهتزازات جسديه تغسلها الدموع الممراح وتتطهر بها الانفس، وتتسلح بها العزيمة، ولتعلن ان طريق الحسين ايثار ومبادره، لم تصلها الارادات بعد، ولكن ما حيلة العاجز ان يدرك الاعجاز الحسيني الا البكاء، عواطف اسست لثوارات وانتفاضات، لازمة ال بيت الرسول من ناحيه، ولازمة وطن تساوق حاكموه طبعا وديدن. منابر اعتلاها رجال وكانها مكتبات عملاقه ركبت على رقاب بشر، تستحضر الشاردة والوارده، الاية المنصوص عليها بسجلها ومكانها وزمانها وحدثها، وهي توثيق لعناوين وشخوص . تتبعها الاحاديث النبوية في عنوانها الصريح والموثق، لمن وعلى من ؟ دون مواربة ومبالغه، مهما فعل المتصدون لذلك . خطباء يذهلوك بسرعة البديهية والذاكرة، وسعة المعرفة، والبينة والدلاله، اية وحديثا وقصائد .ألسن تكهرب العقول بصدقها ومصداقية طروحاتها . علمية دقيقه، رهيفة شفافه، تثير تبكي الالم من الطغموية والتهميش والاعتقال والابادة والمظلومية،حتى تثور تفجر الكوامن تاسس لثورة جياشة داخل الخوالج . تسخر من زمن كتب سطوره وعاظ السلاطين وماجوري سلطه . رجال يركبون اجواء الساحة، وكانهم في الواقعة والحدث ذاته، ينقلوك عبر الازمان ، فتنعدم سنونه وايامه، وكانك تعيش الان الحدث ذاته والشخوص انفسهم . بلا صريخ ولا عويل حين يحدثوك، لا لطم على الصدور ونثر الشعور وتمزيق الجيوب . انها لحظة صمت لاعادة وترتيب الاوراق، حتى يتسائل المرء من اين اطل على الازمة وكيف السبيل لحلولها ؟ فتسلق شبابها شيبها أصلاب المشانق .
من استاذ المنبر وشيخه الجليل ومعلم الاجيال، العلامة اللبيب، انيس النفوس ومربي الجلوس ( الشيخ محمد علي اليعقوبي ) لذلك الصوت الشجي كمبيوتر المعرفة والحادثه التاريخيه، لصوت الحق المعلن دوما، الذي يجسد بانورما الحدث المرعب،حين يبدع في تصوير تلك الفاجعة في اباحة اطهر جسد ورمز الثوار الحسين ع، على يد فواجر وعهر من امتلك السطوة . انه الكبير ( السيد جابراغائي ) يبكيك ويقطع نياط قلبك حزنا لا لتخمل وليس من اجل البكاء وانما البكاء هو وسيلة غسل الذنوب وكشف العيوب حتى تضحى نفحات الالم دافع لعدم الركود والهجود. سيد جابر الذي يفاجئك بابتسامة لم تتوقعها هي ليس للابتسام بذاته وانما للسخرية لمن قلب الحق باطل والباطل حق . ثم زامن السيد جابر ليتسيد على منابرها عميدها ، فحلها، موسوعتها مليكها، اسطورتها ( الشيخ احمد الوائلي ) وعند هذا يتوقف استحضار المديح عجزا في قدرة . .
مدينة تعج بالاسود والحملان والذئاب والنوارس، قسورات لا تهاب المجازفة، ليس فيها لصوص ليل ونهار . مدينة سار فيها خطان يلتقيان بالانتماء لها. فيها رجل علم حد النخاع، علما ثرا، وفكرا مبدعا متدفقا، كرافد طاغ . علم لا ينتهي، عند شعر وشاعرية طغت على كل دول العالم، حتى قيل ان للنجف اثر الشعر حتى لمن تنهد قصيدة، بل مدينة حسب لها الف حساب من فتوات السلطه كانوا ولازالوا، يدركون هياجها . رجال دين متقشفون فاعلون، اورثوا رجال في ذات الدرب، او قصاده امثال حسين الشبيبي ومحمد الرضوي " سلام عادل ورحيم عجينه وحسن عوينه، ومن تبعهم فيما بعد من نالوا الشهادة بمختلف الانتماءات . كانت كالاوتاد في جحر من يتهمها ويغيب عروبتها، فهي تتكلم لغة العالم، تحت سقف من ضاعت عروبته في مسالك ممالك وامارات التعصب والعنصرية تلكم العقول الخرفة، التي قبعت تحت لعنة الطائفية والطوائف، حيث اضحت امراضا عصية على العقل المنفتح . أينك مدينتي ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل