الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام مفوضي الدولة واثره في جودة وسرعه احكام القضاء الاداري

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)

2021 / 2 / 10
دراسات وابحاث قانونية


تعرف الأنظمة القضائية غير الإدارية ما يعرف بفكرة (القاضي الداعم) أو(قاضي إدارة الدعوى) للتدخل المبكر في إدارة الدعوى وتقليل بطء الاجراءات والحد من تضخم المنازعات المطروحة امام القضاء والحد من حالات بطء سير العدالة والذي يهدف عمله بشكل اساسي إلى تهيئة ملف الدعوى وتدقيقه وحصر أطراف الدعوى وجمع وسائل الاثبات والمستندات ونقاط الخلاف والاتفاق وتحديد جوهر النزاع، كما يقوم بعرض الوسائل البديلة عن التقاضي لحل النزاع ودياً بالتصالح أو الوساطة أو التوفيق وفي حال عدم نجاح هذه المساعي يحيل الملف للمحكمة المختصة، وهذا النظام يعرف في الولايات المتحدة الامريكية وانكلترا وبعض الدول العربية كالأردن والمغرب والبحرين والامارات العربية المتحدة .
والحقيقة هذا النظام هو ليس بغريب على القضاء الإداري، إذ إن أهم ما يتميز به القضاء الإداري وجود ما يسمى بـ (هيئة مفوضي الدولة) وهي الهيئة التي تمثل المحطة الأولى في تلقي الدعوى الإدارية وعندها يتحدد مصير هذه الدعوى في ان تستمر أو ترفض لعدم جديتها أو أهميتها، وهذه الهيئة تتولى عملية تحضير الدعوى وتحريك اجراءات الاثبات والزام الجهة الإدارية المدعى عليها بتقديم ما لديها من مستندات ذات أثر في الدعوى ولذلك تعتبر هيئة قضائية ممهدة فيما تقوم به من اعمال لمساندة الجهات القضائية على صعيد القضاء الإداري ومحاكمه، إذ تلعب هذه الهيئة الدور الاكبر قد يستغرق ثلثي مراحل نظر الدعوى الإدارية في فرنسا ومصر كما ان عمل هذه الهيئة ليس اجرائياً فقط بل هو موضوعي ولعل الكثير من مبادئ العامة التي خرجت بها حصيلة احكام القضاء الإداري كانت من بناة افكار مفوضي الدولة.
حيث تعتبر نظرية المبادئ العامة للقانون الإداري من ابرز النظريات التي ابتدعها مجلس الدولة الفرنسي بالنظر لأهميتها والوظائف التي تؤديها، اذ ساهم مفوضي مجلس الدولة الفرنسي في بلورة الكثير من هذه المبادئ، ولذلك نجد تعريف المبادئ العامة في شروحات مفوضي الدولة اكثر من نجده في تعريفات الفقهاء.
أما في مصر : فنلاحظ غياب دور هيئة مفوضي الدولة امام المحاكم التأديبية سواء بتحضير الدعوى أو الطعون التأديبية أو بالفصل في طلبات الاعفاء من الرسوم القضائية وهذا واضح في المواد (27) و (42) من قانون مجلس الدولة المصري الرقم (47) لسنة 1972 المعدل ، ، إلا ان لهيئة مفوضي الدولة دور فعال امام المحكمة الإدارية العليا فيما يتعلق بالطعن على الاحكام الصادرة من المحاكم التأديبية، وكذلك الطعن في قرارات مجلس التأديب.
فالأصل إن قانون مجلس الدولة المصري حدد اختصاص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في الطعون الموجهة إلى القرارات الصادرة من المحاكم التأديبية دون قرارات مجالس التأديب وهذا مستفاد من المادة (23) من قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة 1972التي نصت على ان (يجوز الطعن امام المحكمة الإدارية العليا في الاحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية وذلك في الاحوال الاتية...) وقد تقرر هذا بموجب حكمي المحكمة الإدارية العليا في الطعن المرقم (249 لسنة 22ق) في 27/ ديسمبر/1983 والذي عدلت عنه بموجب حكمها المرقم (3895 لسنة 31ق) في 11/يونيه/1988 ، إذ استقرت المحكمة الإدارية العليا على اعتبار مجالس التأديب لجان إدارية ذات اختصاص قضائي وان ما يصدر عنها قرارات إدارية، ثم عدلت لاحقاً عن هذا الاتجاه واجازت الطعن بقرارات مجالس التأديب مباشرة امامها معللة ذلك بأن القرارات الصادرة من مجالس التأديب قرارات لا يجوز التظلم منها أو سحبها أو تعقيب جهة الإدارة عليها بل تستنفذ هذه المجالس ولايتها بإصدار قراراتها ويجري على هذه القرارات بالنسبة إلى الطعن فيها ما يجري على الاحكام الصادرة من المحاكم التأديبية بالطعن بها مباشرة امام المحكمة الإدارية العليا.
وفي العراق : لم يأخذ مجلس الدولة بفكرة مفوضي الدولة أو كما يطلق عليها في فرنسا اسم مفوضي الحكومة وهم موظفون قضائيون يختارون من بين اعضاء مجلس الدولة وهم لا يمثلون الحكومة كما توحي تسميتهم بذلك بل هم جهة عينها القانون لتهيئة الدعوى الإدارية امام مجلس الدولة، حيث يمكن الأخذ بهذا النظام واعتماد التعديلات التشريعية اللازمة لقانون مجلس الدولة الحالي، إذ يساعد الأخذ بهذا النظام في سرعة حسم الدعاوى الإدارية ومنها الدعاوى الإنضباطية من خلال تشكيل هيئة تضم مجموعة من المستشارين أو المستشارين المساعدين في المجلس وتربط بنائب رئيس المجلس لشؤون القضاء الإداري ، اما في مصر ترتبط هيئة مفوضي الدولة بالقسم القضائي للمجلس استناداً للمادة (3) من قانون مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972، كما ان هنالك نائب رئيس المجلس لهيئة مفوضي الدولة ، ويمكن ان تمارس هيئة مفوضي الدولة دوراً فعالاً في القضاء الانضباطي في العراق سواء أمام محكمة قضاء الموظفين أو امام المحكمة الإدارية العليا، على أن يكون مفوضي الدولة بدرجة مستشار مساعد عند تهيئة الطعونات في القرارات الإنضباطية أمام محكمة قضاء الموظفين وبدرجة مستشار عند تهيئة الطعونات الإنضباطية أمام المحكمة الإدارية العليا، حيث يتسنى لهم دراسة الدعوى الإنضباطية من ناحية الوقائع والقانون وتحليل موضوع الدعوى وإلقاء الضوء على المسائل القانونية التي تثيرها الوقائع ويتولى تكييفها واستخلاص حكم القانون فيها مع عرض الاحكام السابقة في وقائع مماثلة والمبادئ القانونية المستقرة المتعلقة بموضوع الدعوى مع تقديم تقرير يمثل خلاصة ما تم التوصل اليه ويعد بمثابة مشروع قرار حكم غالباً ما يأخذ به القضاء الإداري في فرنسا ومصر رغم كون تقارير مفوضي الدولة ذات طبيعة استشارية غير ملزمة، إن هذا النظام له أهميته في حسم الدعاوي الإدارية من خلال تهيئة الدعاوى وربط المستندات والوثائق والقرارات القضائية السابقة والمبادئ العامة ذات العلاقة بموضوع الدعوى بحيث يوفر على المحكمة الكثير من الاجراءات والاقتصاد بالوقت، إلا اننا نرى وجوب خضوع هذه الاجراءات لسقوف زمنية صارمة، يلتزم خلالها مفوض الدولة بإنجاز مهامه حتى يحقق الطعن القضائي نجاعته وفعاليته، اذ ان تسهيل الاجراءات على محكمة الموضوع والتمهيد لحسم الدعوى يجب ان لا يكون على حساب الموظف المتضرر من قرار فرض العقوبة الإنضباطية، وهذا الأمر يحتاج إلى تنظيم تشريعي دقيق وشمولي يتضمن قواعد تقرر مساءلة مفوضي الدولة عن التأخير في تقديم التقارير خارج سقوفها الزمنية، وكذلك الإدارة عن تأخرها أو مماطلتها في ارسال الوثائق والمستندات، إذ إن بطء العدالة تماثل جريمة انكار العدالة المجرمة جنائياً ، ومن هذا المنبر ندعو المشرع العراقي ومجلس الدولة العراقي الى اعتماد نظام مفوضي الدولة عند تعديل قانون مجلس الدولة او اصدار قانون جديد ينظم شؤون القضاء الاداري بشكل متكامل وشمولي، احمد طلال البدري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة


.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل




.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د


.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج




.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان تنديدا بالحرب الإسرائيلية