الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجاهد العالم

عمار جبار الكعبي

2021 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


قداسة لفظ الجهاد لا يزيلها الطارئون عليه ولا المتاجرون به ولا مدعوه.. لان الجهاد فكرٌ قبل ان يكون سلاحاً، وهو شعورٌ قبل ان يكون شعاراً، وهو تضحيةٌ قبل ان يكون وجاهةً ومقاعد برلمانية.
الجهاد فكرٌ وسلوك لا يبدأ حتى يستنفد المجاهدون كل الحلول، لانه ليس ترفاً ولا عدواناً، فحفظ الدماء مقدم على ما سواه من الاهداف والغايات والمحرمات.. فضلاً عن ان الجهاد الاصغر يحتاج لمقدمة كبرى وهي الجهاد الاكبر، المبني على الفكر والتطوير والتنمية في جميع اوجهها المعنوية والمادية، وفي هذا قال الامام المغيب موسى الصدر (من يحمل السلاح ولا يحمل معه فكراً، فسيصبح في يومٍ ما قاطع طريق ) لان الجهاد ليس معركة وانما قضية، هي من توجب حمل السلاح أو نزعه..
الجهاد اذا ما تم ترتيبه ضمن سلسلة من الوسائل والغايات، فهو سيكون وسيلة لغاية عظمى تستوجب التضحية بالنفس التي هي اقدس ما خلق الحكيم الخبير.. وبالتالي فالقضية هي من تعطي الشرعية لنوع الجهاد، لانه اذا لم تكن قضيته وظروفه تحددان شكله ومضمونه فسيكون ارهاباً من نوع خاص!
مدرسة النجف الاشرف انتجت العديد من المجاهدين والمضحين، لاجل القضايا السامية الدينية منها والوطنية، اذ تميزت هذه المدرسة باطروحاتها الدينية الداعية للسلام والتعايش والمحبة، وكان ابرز نماذج هذه المدرسة وفرسانها هو السيد محمد باقر الحكيم شهيد المحراب (رضوان الله عليه).. اذ لم يكن الشهيد مجاهداً مقاتلاً فحسب، وانما كان مجاهداً عالماً، حرّكته القضية والهم الديني والوطني، عارفاً ومدركاً باستحقاقات مرحلته وظروفها وما تحتاجه.
أسس فصائل المجاهدين، وقاوم الطغيان والاستبداد، لان التهديد الوجودي استوجب التصدي وحمل السلاح، رغم انه سبقها بفترة كبيرة بالتصدي التوعوي والعمل الحركي، لتوعية الناس والشباب بخطورة ما يتم تأسيسه من منظومة قتل واستبداد، تستبيح جميع المحرمات والحقوق وفي مقدمتها الوطن والدين، وبالتالي حينما حمل السلاح كان فعله هذا بفكر ومشروع لاجل قضية استوجبته، ولكنه لم يطغى عليها بما يفرضه من استحقاقات العمل العسكري والجهادي.
إحقاق الحق وتوفير العدل، قد يتطلب السلاح اذا لم يكن بالامكان تحقيقهما بالتي هي احسن، ولكنه لن يتطلبه اذا ما اتيح لحامله ان يكون حراً في طرحه وممارسته وسلوكه، لان تقديمه كأداة لتنفيذ المشاريع دون الحاجة له، يعني ان حامله اصبح اسيراً له، لا يطلب المشروع وانما يطلب السلاح، ليصبح المشروع تبريراً لحمله لا اكثر، وهذا ما استشعره الشهيد الخالد الحكيم في حركته وتغير ظروفه قبل 2003 وما بعدها، اذ ان ما قبلها ليس كما بعدها ابداً.
بناء دولة تحتضن الجميع بعدالة وتمنح حق كل مستحق، دولة مواطنة تعامل الشيعي بصفته مواطن عراقي لا يعلو ولا ينزل دون الاخرين، هو ما اراده الشهيد قبل 2003، وهو ما سعى الى تحقيقه بعد 2003، ليعلن ان بدره في حينها قد نزعت سلاحها، كي لا يظن البعض انه عاد منتقماً، بل جاء مطبقاً لمشروعه الذي خرج لأجله، اذ لم يكن يحمل مشروعاً اقصائياً او طائفياً، وانما كان يحمل مشروعاً وطنياً لكل العراقيين، من الذين يعتقدون انهم متساوون ومتعادلون في الحقوق والواجبات والهويات.
كان الشهيد الخالد مشروعاً وطنياً، يهدد المشاريع القومية والعنصرية والطائفية والاقليمية، يرفض تراتبية الهويات لان الجميع بنظره عراقيون، الوطن اولاً ومن بعده تأتي الانتماءات السياسية التي لا يجب ان تتقدم على انتماء الوطن، وهذه هي جريمته الكبرى، التي تسببت بإراقة دماءه عند ضريح جده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ