الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثرثرة على الخاص

عذري مازغ

2021 / 2 / 11
كتابات ساخرة


لأول مرة أتخلص من ثرثرة مكالمات شركات الإتصال
ــ أهلا، أنا من شركة كذا، لدينا تخفيض مهم في استهلاك النيت..
ــ عفوا، في هذا الوقت لا أبحث عن تخفيض لأني مقتنع بما أدفعه الآن
ــ كم تدفع في الشهر؟
ــ 10 يورو
ــ ذاك ثمن الهاتف المحمول، نحن(...)، قاطعتها دون أن تتمم كلامها:
ــ لا، ليس لتغطية الهاتف بل لدينا "ريد" مشترك مع الجيران
ــ إذن اسمح لي على الإجعاز !
ــ عفوا !.
أغرب هذه الإتصالات ودامت ثرثرتي معها أكثر من نصف ساعة، كانت لشركة تأمين خاصة لها علاقة حتى بصحة الأسنان، أول ما فتحت به كلامي معها سألتني عن سني، أثارت انطباعا خاصا لدي للوهلة الأولى، فانا لا أضبط أسماء الشركات الخاصة باللغات العجمية برغم تقديم بطاقة هوية شركتها، اعتقدت انها شركة تريد التعاقد معي في العمل (فرصة شغل أقصد..)، لكن عندما ذكرت لها سني، بدأت الحديث عن صحة الأسنان: "يا ابنة الكلبة كيف عرفت أن أسناني مهشمة، حتى سوق النخاسة في هذا العالم لا يهتم بالأسنان بل بالبنية الجسدية والعقلية؟
بالطبع عرفت أن تهشيم الأسنان مرتبط بذكر سنين العمر (تخميني) !
أخبرتها أني لا أعاني مشكلة في الأسنان فردت علي: "لا يمكن! كل الناس تعاني من الأسنان، ثم أردت ان احيلها إلى أمر هام فسألتها عن المنطقة التي منها تهاتفني، قالت : ساراغوسا
ــ أنا في منطقة بلباو، ولا نحتاج فيها إلى مثل هذه الخدمات
ــ لا يمكن! هذه الخدمات موجودة في كل مكان، هل تعرف شركة كذا؟
ــ نعم أعرفها، متخصصة في العيون!
ــ لا هي متعددة الخدمات!
ــ هذه الخدمات موجودة ببلباو وتعرفين ان النظام الصحي يختلف في إسبانيا من منطقة إلى أخرى
ــ أنت مسجل لدينا و قمت بتحصيل نظارات
ــ صحيح لكن ليس بانخراطي في مؤسستكم بل... قاطعتني دون ان أتمم حديثي وبدأت تتكلم عن مزايا خدمات مؤسستها المتعددة
ــ يا سيدتي النظام الصحي هنا ببلباو أو بمنطقة الباسك يعفينا من هذه الخدمات ومن تخفيضاتكم فيها بالانخراط في مؤسستكم، مثلا... قاطعتني مرة أخرى ولم تعطيني حتى فرصة شرح الأمر: منظمتنا تقوم بتسهيلات وتخفيضات مثلا ثمن كذا،، نحن يقام عندنا.. قاطعتها انا بدوري:
ــ ياسيدتي! هنا الحكومة الباسكية تغطي هذا الجانب بالنسبة للعمال واصحاب الدخل المحدود، فالنظارات التي استخلصتها من مؤسستكم دفع ثمنها الحكومة الباسكية ببلباو وليس من مالي الخاص وحتى الاسنان المهشمة تقوم خدمات الحكومة على تأمينها من خلال تقديم فاتورات طبيبك الخاص لتقرر البلدية تعويض ثمنها، ثم أردفت أشرح لها كيف تهتم الحكومة بساكنتها حتى قاطعتني بالسؤال: من أي بلد انت؟
ــ من المغرب! بعد ذكر بلدي تحولت إلى موضوع آخر هو أبشع المواضيع التي لا احب الحديث فيها ولا اعرف ماذا يمكن تسمية هذا الموضوع من التأمين، هل هو التأمين على الحياة، أم التأمين على الموت او التأمين على تنقل جثتك إلى بلدك، حول التأمين على الحياة، شاهدت الكثير من نماذجه في الولايات المتحدة والنتيجة أنه قد تقتلك زوجتك أو ابنك او بنتك أو أي متعاقد معك في التامين ليستفيد من التأمين شريطة ان تكون الجريمة متقنة، أن تبدوا حادثة او انتحار او قتل من طرف قاتل مأجور حين تكون هناك إكراهات اقتصادية بالغة حيث التامين يقتل المودة، في أحسن الحالات ، أن تموت موتا عاديا، أي أن الأمر يدخل ضمن جرائم الإرث، لكن السيدة لم تكن تقصد ذلك وحاولت في كل مرة ان تقاطع إصراري في نقد الولايات المتحدة وتأميناتها الغريبة والمناهضة للحياة عوض ان تؤمنها، أصبحت برغم أنها أمريكية لاتينية تدافع دون ان تدري عن الغرينغو أو هكذا بدا لي الأمر، قالت:
ــ أنا لا أتكلم عن تأمين "غرينغو"، اتكلم عن تأمين نقل الجثث
يا إلهي! هذا أخبث تأمين على وجه الارض، هو ان تساوم في تنقل جثتك من إسبانيا إلى المغرب، لكن سرني مناقشة الموضوع من زاوية ساخرة جدا، قالت بان شركتها ستقوم بعمل نقل الجثة في الطائرة ودفنها مع تقديم عزاء رمزي مادي للأسرة بانخراطي فيها ودفع كذا كل شهر.. تصورت أني ميت وجثتي تنقل بين هذه الايادي الأمينة، والحقيقة كان الامر مقززا أن أرى جثتي هكذا تتنقل، قلت لها:
ــ للأسف هذا موضوع تافه بالنسبة لي، لديكم مشكلة في التعاطي مع الجاليات المسلمة؟
ــ كيف؟
ــ لا تتوفرون على ماركة "حلال" في نقل الجثث: سيارة نقل الموتى مكتوب فيها "لا إله إلا الله..." او طائرة او باخرة، وعلى العموم لايهمني نقل جثتي حين أموت، ليرموها في البحر إن شاؤوا، في الأخير أقنعتها أنه لا يهمني موتي بقدر ما تهمني حياتي، حين اموت فليرموني في البحر إن سمحت لهم كرامتهم الإنسانية، حين اموت مشكلة جثتي هي مشكلة النظام الإجتماعي وليس مشكلة مؤسسات رأسمالية.. ثم في الأخير خطر لي سؤال بريء: ياأولاد القحبة، كيف أمنتم جثث ضحايا كورونا ممن ماتوا في المهجر؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح


.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار




.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض