الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بارود... ولعنة زيتون

أفين اوسو
(Avin Oso)

2021 / 2 / 12
الادب والفن


مَن يكسرُ حصارَ الحنينِ،
ويغتالُ الذاكرة؟
مَن يرشدُني إلى حجر عرّافة
تبطّلُ مفعولَ طلاسمَ وأحجيةً
تعيقُنا بروحانية الأزمنةِ،
والطفولةِ الغابرة؛
لتحطَّ أرواحُنا بسلام إلى مجاثمها
ولا ننكبُّ على وجوهنا في وحل الصبابة؟
كيف نكفُّ عن الاشتياق،
وذاكرتُنا ترج مثقلة
من رائحة الزعترِ البرّيّ
وندف البلوط المتساقطة كالأمطار؟
أنا ابنةُ هذه البقعة المفترشة بالزيتون والزيزفون
حيث تصافحُ زرقةُ السماءِ الأرضَ والساقية.
رضعْنا من أثدّاء تَدُرُّ حليباً بنفسجياً
وغفينا على هدهدة أغنياتِ «بافي صلاح»
و«جميل هورو» الجبلية
عجلاتُ أيّامِنا تآكلَتْ على تخومها
أتذكّرُها، وعصفورٌ مذبوحٌ يرتعشُ في صدري
كيف حالُها يا تُرى؟
وديانُها
سهولُها
وجبالُها...
هل ما زالَتْ شامخةً حانية؟
والسنابلُ زهاءُ غربتِنا
باتَتْ تحملُ قمحاً، أم قنبلة؟
وماذا عن خمرة رمّانها الشهية
سامقةً بقيَتْ، أم بتروها، كما بتروا من جسد «بارينَ» أثدّاءها؟
نحن جيناتٌ عصيةٌ على أقدارنا
وإن همشوا بتمثال «كاوا»، وحال فتاتاً
وإن سرقوه، وسرقوا القضيةَ المخصية
فلن ننسى
وقبضةُ النسيان لن تطالنا...
يجرُّنا الوجعُ من تلابيبنا
عفرينُ
يتدفّقُ الحنينُ من فمي ملتاعاً كفراشات ملوّنةٍ
سُرّتي المبتورةُ من رحم أمّي
مضمرةٌ في تربة حقلِنا
تتغذّى روحي من ملوحة غديرِها
يئنُّ قلبي مع الأرض
ينعكفُ المعولُ
وتتهاوى حبّاتُ الزيتون من قلبي قبل الشجر
كلما خطا أرضَها غريبٌ
يجني المحصول
تحدّثُني «نازلي» باكيةً من هناك
تعرَّتْ أشجارُ التينِ والتوتِ من ثمارها
ولم نطَلْ منها بنصيب
أتتذكّرين كيف كنّا نتعربشُ أغصانَها تحتَ غيظ أب،
ونتعاركُ على حصصنا المتساوية غاضبين
وأنا على الهاتف أزيحُ صوتَها؛
لأستمعَ لصياح الديك
وشغبِ عصافيرَ تعيدُني للطفولة
أستنشقُ رائحةَ المواقدِ من كفّ السماء
أدخنُ سيجارة
أنفثُ وجوهَ العابرين
وأرقصُ وأرقصُ بينَ شواهدِ القبورِ
حافيةَ القدمين
أتدحرجُ
أهرجُ
أصرخُ
فيتحوّلُ جسدي إلى هباب بطعنات مستديمة
وأبكي حنيناً
حتى تنهكُ الذاكرة
أتسرّبُ كنبيذ مخمر في دنان الأوجاع من بين أصابع المكالمة
تصرخُ بي: هل تسمعين؟
أجيبُها بلا
ولا داعي للنحيب...
عفرينُ بعطائها جميلةٌ
فلتتشاركوا في التين والزيتون
فتقولُ صارخةً:
إنها مسرحيةٌ إيمائيةٌ لعينة
إنهم قطعوا الشجرةَ،
وخنثوا الكرومَ،
وعاثوا في بيادرنا خراباً
دمّروا المدارسَ والطواحين...
من سور المنازل المدمّرة يسرقون أحجاراً
يبنون بها مساجدَ وصوامع
ملطّخة بدم مزركشٍ بهلال ونجمة
ويطمسون الهوية.
سفنُ أحلامِنا جنحَتْ في مرفأ أحقادهم
وكأن الله خلقنا لنستكينَ ونستباح
ويزرعَ في خناجرنا السكاكين
ويرتعَ من دماءنا كؤوس السنين.

ــــــــــ
* عبد الرحمن عمر:
فنّان كردي من مدينة عفرين، وأحد مؤسّسي كوما “آرمانج” الفلكلورية؛ التي تعنى بالتراث الشعبي في عفرين، معروف في الوسط الفنّي الكردي باسم «بافي صلاح»، من مواليد قرية كوردان – جندريس عام 1952م. تعرّض للاعتقال لدى الأجهزة الأمنية للنظام السوري في حلب، توفي عام 2016م، بعد تعرّضه لنوبة قلبية.

* جميل رشيد علي هورو:
فنّان كردي من مدينة عفرين، معروف بصوته الجبلي، ولد 10 آذار، 1934م في قرية سعرينجك بعفرين. من أبرز الأغاني التي قدمها هورو أغنية ”Memê Alan”، وهي عبارة عن حوارية غنائية تتجاوز الساعتين.

* أمينة عمر:
مقاتلة كردية، جرى التمثيل بجثّتها على يد المعارضة السورية في قرية «قرنة» التابعة لمدينة عفرين عام 2018م، من مواليد 1992م، في قرية «قيركلبين» في منطقة الشهباء بريف حلب الشمالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا