الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن يموت شعب يقدم الضحايا

سلام قاسم
كاتب وإعلامي

(Salam Kasem)

2021 / 2 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


تمر علينا هذه الأيام الذكرى الثانية والسبعين لاستشهاد قادة الحزب الشيوعي العراقي (فهد وحازم وصارم) وباقي رفاقهم الأبطال.
كان نوري السعيد يوجه ضرباته بشكل غير متوقع ويسير لتحقيق اهدافه بصورة ملتوية وغير مباشرة، لذلك ومن أجل تشكيل حكومته حاول اغراء العناصر الوطنية للانضمام إلى وزارته، كانت غاية وزارة نوري السعيد تهيئة المناخ الملائم لتنفيذ المعاهدة الجديدة مع بريطانيا التي ثبت الوصي ونوري أسسها ولهذا فقد فكر في أن تكون هذه الوزارة ائتلافية لكي يكسب المجلس الذي سينتخب شرعية شعبية بحيث لا تعترض الأحزاب بعد ذلك عند موافقته على المعاهدة الجديدة.
وفعلا تمكن من اقناع كامل الجادرجي للمشاركة في الحكومة، الأمر الذي اثار استياء سكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي يوسف سلمان يوسف (فهد) ووجه للجادرجي نداءً جاء فيه: "ذُهلنا في البداية لاشتراك حزبكم في حكومة نوري السعيد، لمعرفتنا بعمق الهوة التي تفصلكم عن جماعة من الناس عملت طوال حياتها السياسية على تعزيز المشاريع الاستعمارية، ولكن بياناتكم العامة منذئذ ألقت الضوء على دوافعكم وعلى العموم فإن قناعتنا أن نوري السعيد لا ينوي شيئاً أكثر من أن يجمع (مجلس نواب) بأكثرية رجعية ومن ثم تشكيل وزارة تجدد المعاهدة مع بريطانيا، ولهذا فإننا نقترح عليكم إعادة النظر في مسألة تعاونكم مع هذه الحكومة، إنكم لا تفعلون أكثر من منحها في أعين الشعب والرأي العام العالمي صفات ديمقراطية هي منها براء كلياً وكلما طال اشتراككم فيها سهل عليها إنجاز أغراضها الحقيقية" .
في 18 كانون الثاني 1947 اعتقلت الشرطة فجأة (فهد) وشركاءه الرئيسيين في الحزب ملحقين ضررا بالغ في صفوف الحزب الشيوعي العراقي آنذاك. لكن بعد إيداع فهد ورفاقه في السجون أشتد ساعد الشيوعيين، خصوصا بعد أن افاق الحزب من صدمته استجمع قواه واتجه للتعويض عن خسائره من خلال كسب المزيد من الأعضاء الجدد، وعلى صعيد آخر كثف الحزب الشيوعي من مشاركته إلى جانب القوى السياسية الأخرى في النشاطات المعادية للنظام الملكي والتي بلغت ذروتها في وثبة كانون عام 1948 ضد (معاهدة بورتسموث)، كما شارك الحزب بعقد أول مؤتمر للحركة الطلابية في الرابع من نيسان 1948 والذي انبثق عنه (اتحاد الطلبة العام).
نظمت حكومة نوري السعيد حملة ضد الشيوعيين لتصفيتهم، وهي استمرار لحملة حكومة مزاحم الباججي، وشملت هذه الحملة أيضاً مختلف العناصر الوطنية والقومية والصحافة الحرة، فأغلقت جريدة الأهالي، وأحالت صاحبها كامل الجادرجي إلى المحكمة، فسيطرت بذلك على الوضع الداخلي، وحكمته بقبضة حديدية .
بصورة غير متوقعة سلم المرشح السابق للجنة المركزية (عبد الوهاب عبد الرزاق) نفسه للتحقيقات الجنائية طوعاً وتبرع بالكشف عن اسرار الحزب، وكان أخطر ما أزاح النقاب عنه مقر القيادة السري الذي يتواجد فيه أعضاء اللجنة المركزية والوثائق الحزبية، فرصدت قوى الأمن ذلك المقر الكائن في شارع الكفاح واقتحمته في يوم 18 تشرين الأول 1948.
كان يتواجد في المقر كل من (مالك سيف) سكرتير اللجنة المركزية للحزب و (يهودا صديق) عضو اللجنة المركزية للحزب و (جاسم حمودي) بالإضافة إلى عدد آخر من رفاقهم، خلال سير التحقيق انهار القادة الذين توسم فيهم (فهد) المقدرة على تحمل المسؤولية إلى الحد الذي كان فيه (مالك سيف ويهودا صديق) يتباريان في الكشف عن اسرار الحزب فتوسعت حملة الاعتقالات لتطول المزيد من الكوادر والقواعد على حد سواء.
بلغت حالة التداعي والانهيار في الجهاز الحزبي للحزب الشيوعي ذروتها بعد الكشف عن الرسائل التي كان يبعث بها (فهد) إلى اللجنة المركزية ويوجه من خلالها الحزب، مما أدى إلى استدعاء أعضاء المكتب السياسي من سجن الكوت إلى بغداد للتحقيق معهم، وبعد انهيار التنظيم المركزي أصبح معظم الشيوعيين في السجون أو مطاردين من قِبل السلطات ومَن تبقى منهم انقطع اتصاله بالمركز القيادي الذي انعدم وجوده هو الآخر، وقد صدرت أحكام بالإعدام شنقاً بحق كل من يوسف سلمان يوسف (فهد) وزكي بسيم (حازم) في 14 شباط 1949 .
في 10 شباط 1949 أحضر (فهد) وعضوان من مكتبه السياسي هما (زكي بسيم وحسين محمد الشبيبي) أمام محكمة عسكرية شبه ميدانية، ووجهت إلى الثلاثة تهمة قيادة الحزب من داخل السجن، وحُكم عليهم بالإعدام شنقاً حتى الموت، ونفذ الحكم فجر يومي 14 و 15 شباط 1949 وشنق الزعماء الثلاث في ساحات مختلفة من مدينة بغداد: الشبيبي عند باب المعظم، وبسيم عند الباب الشرقي، وفهد في فسحة الكرخ التي تسمى اليوم ساحة المتحف الجديد، بقيت أجسادهم معلقة ساعات عديدة لكي يتلقى الناس الإنذار أثناء ذهابهم إلى أعمالهم.
عند اقتياد (فهد) وقبيل لحظات من نهاية حياته وأثناء اقتياده إلى المشنقة هتف بجرأة (لن يموت شعب يقدم الضحايا) و (الشيوعية أقوى من الموت) و (نحن أجسام وأفكار، وإن دمرتم أجسامنا فلن تدمروا أفكارنا) .
المجد والخلود لشهداء الحزب الذين ضحوا بحياتهم من أجل خدمة الوطن والرفاه للشعب، لهم الذكر الطيب ولأرواحهم السلام.
المراجع:

طقوش محمد سهيل. تاريخ العراق الحديث والمعاصر. دار الفائس، بيروت، 2015، ص 231.
الخرسان صلاح. صفحات من تاريخ العراق السياسي. مرجع سابق، ص 59- 63.
بطاطو حنة. العراق الكتاب الثاني الحزب الشيوعي، مصدر سابق، ص 226- 227.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار