الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الله واولمرت بين الحماقة والجنون

احمد صحن
كاتب وباحث

(Ahmed Sahan)

2006 / 7 / 25
الارهاب, الحرب والسلام


. ما أن أقدم حزب الله على اختطاف الجنديين الإسرائيليين حتى تفجرت الإحداث على الأرض اللبنانية بشكل سريع وملفت للنظر، وجاء رد الفعل الإسرائيلي هذه المرة على غير عادته، وكأن الإدارة الإسرائيلية في هذه الفترة تتحين الفرصة لأي"تجاوز" يرتكبه حزب الله. وفي السنوات التي تلت انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان عام 2000 حدثت كثير من المناوشات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وتعبر صواريخ الكاتيوشا الحدود الفاصلة بين الحين والأخر. إلا أن هذه العملية لا تحمل الطابع التقليدي المتعارف عليه في العمليات السابقة التي ألفناها، فيمثل حزب الله هذه المرة رأس الرمح في صراع الارادات بين سوريا وإيران من جهة، وإسرائيل وأمريكا من جهة أخرى.. ولذلك لا تكلف الإحداث الدائرة ألآن المراقب أي جهد، فالأهداف لكلا الطرفين المتصارعين معروفه وواضحة،وتعطيل الحوار اللبناني اللبناني غاية يجب تحقيقها، والملف النووي الإيراني له الحصة الأكبر من مساحة الهدف، أما حجم الهجوم الإسرائيلي وأهدافه واضحة أيضا، ومعلنة وليس هنالك داع أن تُغلف بأي من الحجج التي تُعلي من نظرية المؤامرة. فالغاية على مستوى العقيدة العسكرية الإسرائيلية من تلك العملية إبعاد حزب الله عن الحدود الإسرائيلية لإسقاط فرضية المدى الصاروخي الذي يجري في غير مصلحة حزب الله، وجعِل مناطق إسرائيل الشمالية بعيدة عن ما تخلفه مخاطر صواريخ الكاتيوشا. أما على المستوى السياسي فستكون تلك العملية فرصةًً هامة لتطبيق قرار 1559 الذي تنص أهم فقراته على نزع سلاح حزب الله واستقلال لبنان وتفعيل إرادة حكومته، وبالتالي اختزالها لكافة القرارات. يدخل كسر الإرادات هذه المرة مراحله الأخيرة، لأن ما أقدم عليه حزب الله في هذه العملية؛اختصار الطريق على أمريكا من ناحية أفطام حزب الله ممن يغذونة ، ووضع الأطراف التي تدعمه ـ سوريا وإيران ـ على المحك، الأمر الذي يقرب المسافة بين أوربا وأمريكا أكثر من أي وقت مضى من اجل صنع التحالف التي تسعى إلى تحقيقه الإدارة الأمريكية للتصدي لهاتين الدولتين اللتين تمانعان وتعملان على عدم إحلال السلام في الشرق الأوسط، وتقربان من لحظة الصدام التي تعد له الإدارة الأمريكية ضدهما، فلم تنأى الدولتين المذكورتين بنفسيهما عن دعم حزب الله، كما أن تلك العملية تختصر جزءا كبيرا من المسافة التي تحول دون إزالة نظاميّ هاتين الدولتين ومن ثم السعي إلى جرجرتهما لساحة المنازلة المنتظرة أو انصياعهما لمتطلبات التغيير في الشرق الأوسط "الكبير". قد تأخذ العمليات العسكرية عدة أسابيع حسب ما أعلنته حكومة اولمرت لكنها لا تتعدى الحدود اللبنانية كما ليس من مصلحة إسرائيل أن ترتكب عملا جنونيا من مثل ضرب سوريا ما يعود عليها بخسائر كبيرة. إن الحكومة الإسرائيلية قد تكون حمقاء غير أنها لم تصل إلى حد الجنون، وعودت نظرائها أن تحسب خطواتها بدقة ولذلك في هذه العملية حصلت إسرائيل على تأييد كبير من بعض دول العالم ذات الشأن كما أن بعض الدول العربية المهمة قد حمّلت حزب الله ما حدث، هذا يعني ان تلك العملية الجارية الان لا تحمل المباركة الأمريكية وحسب وإنما أدت إلى رفع الحصانة العربية عن حزب الله ان لم يكن ضوءا اخضر هذه المرة. و لم تأت تلك المواقف العربية من خشية العرب من حرب اقليمية بل أتت من مباركة لتحييد حزب الله بعدما أصبح اليوم اليد الإيرانية الضاربة في لبنان والذي جعل من الإرادة العربية غائبة عن صنع أية خطوات مهمة نحو إحلال السلام، وباتت اللغة السياسية الفارسية الوحيدة هي الفاعلة في المنطقة، ومن الواضح في ذلك نتائج التحالف القائم اليوم بين كل من سوريا وإيران.اذ تعتبر كل من الدولتين ان خلق الفوضى في الشرق الأوسط بواسطة حزب الله أو غيره من الأيادي الإيرانية إحدى المناورات التي يمكن ان تربك الادارة الأمريكية، وتوجه إشارة مهمة إلى البيت الأبيض تنبئ أن أمن الشرق الأوسط بات ضمن سيطرة الدولتين المتحالفتين وبامكانهما حرق المنطقة في أي وقت تشاءان فيما لو هوجمتا، بيد أنهما لم يدركا حجم رد الفعل الإسرائيلي الذي أدى في تقديرنا إلى تغيير قواعد اللعبة في مواجهته الأخيرة. فلن يعود حجم الضربة العسكرية الإسرائيلية الجارية الآن في لبنان على كل من طهران ودمشق بالفائدة لاسباب كثيرة اولها ان تلك الدولتين لم تتوقع هذا الرد الإسرائيلي العنيف وثانيها ان شعبية حزب الله قد تصاب بالأذى بسبب ما خلف حجم تلك الحماقة للشعب اللبناني من دمار للبنى التحتية وفي كل الاحوال فان ما حصل ارجع من ارتكب ذلك ومن خطط له خطوات كثيرة الى الوراء عن خط الانتصار الذي تسعى لتجاوزه كل من الدولتين المتحالفتين كما لم تحقق حكومة اولمرت بهذه العنجهية والحماقة الأهداف التي ترومها، فنزع سلاح حزب الله لم يتأتى عن طريق الضربات الجوية للبنى التحتية ، ولم تسبب تلك الضربات فتنة داخلية، فكل الفرقاء السياسيين اللبنانيين انتقدوا العنجهية إلاسرائيلية بالتوازي مع انتقادهم لممارسة حزب الله الأخيرة التي أدخلت لبنان الى هذا المنزلق الخطير، كما انهم افشلوا تحقيق احد اهداف الهجوم الاسرائيلي الذي يروم الى خلق فتنة داخلية عندما أشاروا باستحالة انحدارهم الى صراع لبناني داخلي. ربما تتجه الأزمة نحو خيار المناورة السياسي للخروج منها، أو أن تلك الحكومة الإسرائيلية الحمقاء سوف تتخذ من حرب الاستنزاف وإنهاك حزب الله والاجتياح الجزئي لجنوب لبنان ومن ثم المساومة عليه طريقا لها . وفي كل الأحوال يرتبط آخر الصراع الدائر الآن بمدى إمكانية حكومة اولمرت وحزب الله في إيجاد بديل ثالث غير الحماقة والجنون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في جباليا ورفح بينما ينسحب من


.. نتنياهو: القضاء على حماس ضروري لصعود حكم فلسطيني بديل




.. الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة بمسيرات حاشدة في المدن الفلسطي


.. شبكات | بالفيديو.. تكتيكات القسام الجديدة في العمليات المركب




.. شبكات | جزائري يحتجز جاره لـ 28 عاما في زريبة أغنام ويثير صد