الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل لحظات الحب للعاشقين عيدٌ .

يوسف حمك

2021 / 2 / 14
الادب والفن


لا شيء أجمل من أن تسمو المشاعر إلى حد النقاء و النضج ، لتتحدث كشقيٍّ في حضرة الصمت العميق ، أو ترقى الأحاسيس إلى منتهى الاشتياق ، رغم الجلوس بجوار ممن تحب .
و الأرقى أن يحفزك الحب ، لترك البلادة النفسية و التراخي جانباً ، فتندمج مع الحياة بولعٍ ، و الترحيب بها - بدلاً من مخاصمتها - و الانفتاح عليها بشغفٍ ، لاقتناص كل لحظةٍ مبهجةٍ .

حينها تزدهر النفس ، و يحقق ارتقاء الذات ، فالاستغراق المطلق في بساتين السعادة لمسح الإعياء و الكدر عن القلب .
و الطريف في الأمر هو العشق بجنونٍ لمن اختاره القدر لك - و في غفلةٍ منك - دون أن تدري .

ولا جدوى من الهروب لحبٍ مزروعٍ في الوجدان .
مهما نزفت الحروف من شريان القلم ، و تناثرت الكلمات على الأسطر فمن المتعذر الوصول إلى التعبير الدقيق للحب ، أو شرح تفاصيل العشق ، و تقف المرادفات عاجزةً عن إخراج دقائق المشاعر الدفينة في الأعماق .
فلحظة لقاءٍ مع المحبوب ، تعادل أيام العمر كلها ، و ربما تفوقها بهجةً و عذوبةً .
و هل هناك أروع من أن تساند روحاً تعاني من أجلك وداً ؟
أو تسعف قلباً يميل إليك ، و يستجمع قواه ليشعل جذوة الحب بداخلك ، فيهمس لك عشقاً ؟
و الأجمل هو الإدمان على الخوض في عباب أمواج الحب المتلاطمة ، فيشتت شملك ، و يبعثرك حتى تعود كطفلٍ صغيرٍ !

محظوظٌ من اختلطت أحاسيسه ، و تشابكت مع مشاعر غيره بلا حواجز ، فتنضج و تنمو قوةً و عشقاً ، لتضع الغرور و الكبرياء جانباً ، و تمتص السخط و الغضب ، ليتحول إلى الصفح و التسامح ، و تمنح كل شيءٍ دون انتظار المقابل .
إنه مفعول ذاك النور الروحاني الذي قد يلمع ببسمةٍ رقيقةٍ من بين الشفتين ، أو يزداد إشعاعاً بحركةٍ أنيقةٍ من العين ، أو إيحاءٍ من بلاغة الصمت ، و اهتمامٍ زائدٍ أو تلعثمٍ في الكلام .

عقيمةٌ كل القيود التي تفرض على قلبٍ ينبض بالحب و الهوى ، ولا مسافات بمقدورها أن تطفئ جمرة الشوق .
معركة الأشواق بين العاشقين سجالٌ لا تنتهي ، فلكلٍ منهما العذر في تجميل قبح الآخر .
و لعلعة الحنين المشحونة بالهياج ، تستأنف بعفويةٍ من تحذير الحب عن التوقف لغياب الإشباع من اللقاء . فما بالك بلحظات الفراق التي تزحف بطيئةً كمشي السلحفاة ، أما فرص الخلود إلى النوم فضيئلةٌ جداً .

يقول عالم النفس التطويري الأمريكي ديفيد بوس : " فقدان الحب هو واحدٌ من أسوأ التجارب التي يمكن للشخص أن يمر بها ، هذا الألم النفسيُّ لا يتجاوزه إلا الأحداث الرهيبة مثل موت طفلٍ "
نعم موت الحب داخل أعماق النفس هو مصرع الشخص رغم خفقان قلبه ، أو بمثابة موت الحياة ذاتها ، إلى أن يستعيد العشق نشاطه من جديدٍ .

و هذا عملاق الأدب العالميِّ ليف تولستوي يتحدث ببراعةٍ عن الحب قائلاً : " الإنسان الذي يقدر على الحب ، يقدر على كل شيءٍ . بدون الحب قد تكون الحياة سهلةً و بسيطةً و لكنها بلا معنى "

فالحياة البعيدة عن الحب فراغٌ و تصحرٌ و برودةٌ ، طعمها باهتٌ ، و لا شيء يشدك إليها ، كما عقمٌ يصيب الروح باللامبالاة .
و أي عيشٍ يحلو لك بلا أنفاس الشوق ، و أنت تنظر إلى كل ما حولك بفتورٍ و سطحيةٍ ؟

و هل من الإنصاف أن يُختزل الحب ليومٍ واحدٍ من أيام السنة ؟!
إنه للعشق تعسفٌ ، و للحب أذىً ، و للشغف غبنٌ .
أليست لحظات الحب كلها عيدٌ ؟!

فهنيئاً للعاشقين همس الحب السائغ شرابه ، حينما يذوب الجسد باحتسائه .
و هنيئاً لهم بمزاحمة جذور الحب المزروعة في حنايا أرواحهم .
و للقلوب المفلسة من الحب ، إحياء العشق في ربوعها ، و امتلاؤها بنور الشغف و بريق الهوى في فضائها الرحب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض


.. تعاون مثمر بين نقابة الصحفيين و الممثلين بشأن تنظيم العزاءا




.. الفنان أيمن عزب : مشكلتنا مع دخلات مهنة الصحافة ونحارب مجه