الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا مثلكم موجوعة، وأشعر باليتم

ناهد بدوي

2006 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ربما نتفق أو نختلف في الكثير من الأفكار ولكني متأكدة من أننا نتوافق على الكثير من الآلام. ربما نتناقش حول الكثير من الآراء لساعات، ولكننا سوف نتوافق فورا على أن القلب يخفق في تلك البلاد.
أنا مثلكم موجوعة, ذلك الوجع الذي نشعر به ممضاً رغم أن الجسد سليم. ذلك الوجع الذي لا ينفع معه مضادات الالتهاب ولا كل مسكنات العالم ولا حتى المورفين. ذلك الوجع الذي يمزقنا ويعيدنا أشلاء إلى عناصرنا الأولى، لنعيد تشكيل الأسئلة الأولى، عن نشأة الوجود وأصل الأنواع ونشوء الأقوام.
تتكاتف كل أسئلة الاستفهام معا لتسرق من جفني النوم، ومن قلبي السكينة، ومن عقلي التركيز.
"ماذا لو كنا كذلك؟" اسم كتاب للكاتب السوري محمد كامل الخطيب، تكلم عن ضرورة أن نوصف واقعنا وأنفسنا كما هي الحقيقة أي أن نتكلم عن وجعنا بصراحة. الكتاب الثاني "نيران صديقة" للكاتب المصري علاء الأسواني فضح بطريقة سافرة واقعنا ونكأ أوجاعنا بكل قسوة. منهل السراج الكاتبة السورية تدعو، في مقالها "دونية ومسحوقة أيضا"، لفضح التاريخ وفضح حالنا وبعضنا علنا إن خجلنا قليلاً، ننهض من وضعنا الذي أنهكناه بادعاءاتنا ومكابراتنا.
والآن أعتبر أن هذه الأسئلة كلها صغيرة جدأ أمام مايجري الآن في بلادي. كان علي طرح كل الأسئلة من قبل، كي لا يأتي هذا الكابوس. وكي لا يأتي كل هذا الخراب، أو على الأقل كي أموت وأنا أشعر أني بشرلا حجر شطرنج أتحرك كما يشاؤون وأموت كما يشاؤون. أو على الأقل أموت بنيران القصف الوحشي الإسرائيلي- الأمريكي فقط. لا بنيران العار الوحشي الذي يطالني أينما كنت، سواء كنت تحت القصف أم في البلد المجاور أم ماوراء البحار. في كل مكان على الكرة الأرضية أشعر بالقهر والعار واليتم.
تعربد إسرائيل بالقوة المطلقة في بيتي وعلى أرضي وتقتل أهلي وأنا أقف مذهولة شاعرة بالقهر والعار واليتم.
تعربد امريكا بالقوة المطلقة وتقتلني وتقسمني وتشظيني وأنا أقف مذهولة شاعرة بالقهر والعار واليتم.
تركض بوارج الدول كي تلم مواطنيها وتنقذهم من القتل وتتركني دونها فأنا مواطنة هنا ولايحق لي أن أنجو من الموت. لا يحق لي إلا أن أقف مذهولة أمام الشاطئ شاعرة بالقهر والعار واليتم.
تعربد حكوماتنا بالقمع المطلق وتعتدي علينا في الشوارع وفي البيوت وفي المعتقلات، وأنا أقف مذهولة شاعرة بالقهر والعار واليتم.
في التاريخ البعيد وصف ماركس أمته، الأمة الألمانية، بأنها أمة بلا انجازات، لذلك فهي تعاني من الأمراض. لكن الأمة الألمانية، فيما بعد، استطاعت أن تشتغل على أمراضها وقدمت انجازات كبيرة.
نحن أيضا أمة بلا انجازات ولكننا لم نشتغل على أمراضنا، لذلك فنحن نشهد سقوطنا الكبير. ولكن بصوت مدوي وهدير يهز العالم كله، هدير يوازي اعتدادنا بنفسنا وقناعتنا بعظمتنا كما الألمان تماما.
وعلى ضوضاء هذا السقوط الكبير لا أملك الآن إلا أن أقف مذهولة شاعرة بالقهر والعار واليتم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل