الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منزلق الفيدرالية

جهاد الرنتيسي

2006 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


يقود تلازم اتساع " العنف الطائفي " و فشل " المصالحة الوطنية " وعودة " مشروع الفيدرالية " الى الواجهة و انهيار" الخطة الامنية " في معادلة دقيقة الى ما يشبه الاحجية او الجدل البيزنطي الذي يبدا بسؤال الدجاجة والبيضة " ايهما وجد اولا ؟! " ولا ينتهي باجابة واضحة ومحددة تهدئ زوابع الفضول ، وتنهي حالة الغموض التي تكتنف المشهد العراقي ، وتعيق رؤية مكوناته بوضوح .
فلم تمض اشهر قليلة على تشكيل حكومة نوري المالكي عندما تحول التوتر والاحتقان الطائفيين الى حالة من العنف الدموي الذي يمكن التعامل معه باعتباره شكلا من اشكال الحروب الاهلية او مقدمة لها في احسن الاحوال .
ورغم الهالة التي احيطت بها ، والضجيج الذي رافق مراحل طرحها ، ولدت مبادرة المصالحة الوطنية ميته ، والامال المعلقة عليها لا تتعدى اللهاث حول جثة تنتظر الدفن .
وتجاوز مشروع " فيدرالية الجنوب والوسط " مرحلة جدل القبول والرفض ليتحول الى خيار مختلف على بعض تفاصيله .
وتداخل عناصر المعادلة لا يتيح عزلها عن بعضها البعض ، فكل واحد منها نتيجة للاخر ، وربما تبرير له ، او فاتحة للوصول اليه .
وقد تكون السياسات المتبعة في معالجة كل عنصر من هذه العناصر نقطة لقاء مع العناصر الاخرى .
ويصعب الحديث عن السياسات دون المرور على الظروف التي هيأتها حكومة ابراهيم الجعفري ـ بقصد او بغير قصد ـ لعملية الفرز التي قدمت المساهمة الابرز في ادامة دوران دوامة القتل على الهوية والتهجيرالقسري .
ففي زمن تلك الحكومة تحولت المليشيات الشيعية المدعومة من ايران الى اداة لتنفيذ المهمات الصعبة .
وسرعان ما جرى التعامل مع الاداة الحكومية باعتبارها المعادل الموضوعي لتطرف تنظيم القاعدة الذي تتكئ معظم ممارساته على الطرح المذهبي .
وبذلك بات الجهاز الحكومي المفترض ان يعالج العنف الناجم عن التطرف اداة لفئة من الشعب العراقي وليس للعراقيين جميعا .
وفي ظل حالة التجاذب المجتمعي تركز دور هذه الاداة حول عملية قمع وتهميش فئات اخرى بدلا من بسط الامن .
وعبرت هذه الانعطافة عن الفكرة التي تقف وراء تشكيل الائتلاف الشيعي المتمثلة في تحشيد قوى مذهب ديني في مواجهة المذاهب والطوائف الاخرى .
وتعني مثل هذه الانعطافات ، والاصطفافات التي تجري على ارضيتها فتح مجال واسع امام ادارة الظهر لفكرة الحفاظ على وحدة العراق ، وتعايش مكونات التركيبة السكانية العراقية ، والوصول الى حالة من الاستقرار .
وكان من المفترض ان تؤدي مشاركة القوى السنية في العملية السياسية ، وتلقي تيار التطرف السني المتمثل بالقاعدة ضربات موجعه الى ايجاد ارضية جديدة لتعايش فئات الشعب العراقي .
الا ان رياح العملية السياسية العراقية لم تتوافق مع ما يشتهيه دعاة التعايش والاستقرار والوحدة .
ففي تطور لافت للنظر دخلت بوادر الفرز الطائفي التي ظهرت في فترة حكم الجعفري مرحلة جديدة مع تولي المالكي ، ولعل ابرز ملامح المرحلة الجديدة دخول دوامة العنف والعنف المضاد في سباق ماراثوني مع احتمالات الاستقرار والتهدئة ، وتعزيز فرص الاحتمالات البديلة .
واللافت للنظر ان مبادرة المصالحة الوطنية التي طرحها المالكي لم تراع هذه التفاصيل الامر الذي ابقاها خاضعة للتفسير الطائفي .
فقد استثنت الجماعات التي مارست العنف ضد القوات الاميركية من الحوار الامر الذي يعني ابقاء الجانب الاكثر ديناميكية في الشارع السني خارج دائرة المصالحة .
وينطوي مثل هذا الاستثناء على احراج ممثلي العرب السنة في البرلمان والحكومة امام شارعهم الذي تمثل الجماعات المسلحة جزء فاعلا فيه .
وكان بامكان المالكي ان يتجاوز هذه الثغرة ببذل بعض الجهد في اقناع الجانب الاميركي بضرورة الحوار مع الجماعات المسلحة التي لم تتلطخ اياديها بالدم العراقي .
الا ان خضوع رئيس الوزراء العراقي لتجاذبات الائتلاف المندفع نحو مكاسب فئوية قلل من حماسه لتوفير شروط المصالحة الوطنية .
وبتقويتها لطرف على حساب الاخر تبقي مبادرة المالكي في دائرة الفرز الذي يفترض انها جاءت لمعالجته .
والواضح ان وراء الزوبعة الاعلامية التي رافقت تشكيل هيئة عليا للمصالحة الوطنية اهدافا غير معلنة من بينها التغطية على عيوب المبادرة و اعطاء دفعة سياسية لحكومة المالكي بعد فشل خطة امن بغداد وعودة القوات الاميركية للسيطرة على الشوارع الرئيسية .
فالتسريبات التي جاءت على السنة اعضاء الهيئة بعد اجتماعها الاول تفيد بانها لم تات بجديد .
ومن بين ما يعنيه عدم الاتيان بجديد على صعيد التهدئة والمصالحة الوطنية تعزيز احتمالات تصعيد العنف الطائفي تمهيدا لطرح سيناريوهات التقسيم .
والسجالات الدائرة بين اطراف الائتلاف الشيعي توحي بقطع فكرة فيدرالية الجنوب والوسط ـ المرجح ان تكون توطئة للتقسيم ـ مراحل متقدمة من البحث عن اليات التنفيذ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا