الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ظل المأساة

تقي الوزان

2006 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


الدكتور محمود المشهداني رئيس البرلمان العراقي , شخصية غير معروفة لمجموع الحركة الوطنية العراقية التي عارضت صدام طيلة سنوات نضالها , وشخصية مغمورة قبل تعيينه في رئاسة البرلمان مرشحاً عن جبهة "التوافق" , والتي كان هذا المنصب من حصتها حسب الأتفاقات التي حصلت في تقاسم المناصب السيادية بين الشيعة والسنة والأكراد .
المشهداني بعد حصوله على هذا الموقع أطلق تصريحات كثيرة , بمناسبة وبدون مناسبة , وأغلبها تعبر عن رأيه الشخصي أكثر مما تعبر عن موقعه السيادي الذي يحوي في رمزيته وحدة الوطنية العراقية . العراقيون راقبوا اداء المشهداني , وأطلق بعضهم عليه صفة "خفيف" . والخفيف في اللهجة العراقية لاتعني مثلما تعني في اللغة العربية كونه خفيف ظل وصاحب نكته وسريع بديهية , وما يجاورها من صفات الأريحية . في العراق يعنون بها هوائية الآراء والسلوكية , وعدم الشعور بمسؤولية الكلام الذي يقوله , وتعني الرعونة ايضاً . ورغم تشخيص العراقيين لتصريحاته فأن بعض هذه التصريحات تصب في حالة التفكير المسموع , والتحديد الدقيق للأزمة .
قال المشهداني في مجلس النواب يوم الأثنين 17/7 " أن ما يحدث الآن في البلاد هو صراع طائفي سني شيعي . . المسؤولية الأولى بالصراع تقع على عاتق جبهة التوافق والإئتلاف العراقي الموحد . والمسؤولية الثانية تقع على التحالف الكردستاني والقوائم الأخرى ..التي يجب ان يكونوا وسطاء بين التوافق والإئتلاف من أجل احتواء الأزمة" وتساءل عن موقف الأكراد قائلاً " أين الأكراد ؟ لماذا يتفرجون ؟ " وحذر من " أن سفينة العراق اذا غرقت فستغرق الكل " .
بهذا الوضوح حدد المشهداني طرفي الصراع الدموي " التوافق والإئتلاف " ونسى ان يضيف قائمة " الحوار " الشقيقة الصغرى للتوافق , والسنة التكفيريين .
قائمة التحالف الكردستانية أعترضت على اتهام المشهداني للأكراد بأتخاذهم موقف المتفرج . وقال النائب محمود عثمان "ان الأكراد ومنذ البداية كان لهم دور في ايجاد الحلول , ودورهم ممثل برئيس الجمهورية جلال الطالباني الذي يقوم بوساطات الآن ." بهذا الجواب السطحي الذي لايتناسب مع ثقافة وتاريخ الدكتور محمود عثمان يميع شراكة الأكراد في العراق , وكأن المشكلة بين قبيلتين وجاء السيد رئيس الجمهورية ليكون الوسيط , وسيتفق على دفع الدية وتنتهي المشكلة . وليس المشكلة بأنزلاق الزعامة الكردية للقبول بقواعد المحاصصة الطائفية والقومية التي أزاحت مشروع الوحدة الوطنية العلماني , والكفيل الحقيقي لرعاية حركة التحرر الوطني الكردية . كان بأمكان الأحزاب الكردية وهي ثاني اكبر تجمع سياسي ان يبلور ويجمع التيار الديمقراطي ليكون الركيزة التي يستند عليها ولا يقبل بالمساومات الطائفية التي قبلت الأعتراف بالفيدرالية القومية على مضض . وتحاول الآن أفراغها من معناها الحقيقي كوسيلة للتلاحم بين أكثر من قومية , وبدون وصاية , داخل الوطن الواحد . بأقامة فيدرالية طائفية في الوسط والجنوب تساعد بالتفتيت في الوقت الحاضر . ونسى الدكتور عثمان ايضاً , ان أطرافاً من التيار العلماني والديمقراطي أول من رفعت شعار الديقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان , وطورته الى الفيدرالية لكردستان , ودفعت لأجله الكثير من الشهداء قبل ان ترفعه الأحزاب الكردية ذاتها .
ولو تيسر للحركة السياسية العراقية التوجه الصحيح وعدم الوقوع في فخ الطائفية التي ساعدت قوات الأحتلال للوقوع فيه . لتجنب العراق الكثير من المآسي والدماء التي تنزف يومياً , ولما ظهر في ظل هذه المأساة شخص مثل المشهداني يتبوء رئاسة الهيئة التشريعية , في توليفة تسعى لتسخيف السلطة التشريعية ذاتها . وفي مهزلة يندر تكرارها في أي بلد في العالم, وأثناء المؤتمر الصحفي المشترك يوم السبت 22 /7 للرئاسات الثلاث الجمهورية والوزراء والبرلمان . دافع المشهداني وبقوة عن القتلة والمجرمين , وقال عن المبادرة التي اطلقها المالكي " هي مبادرة عراقية , تشمل الجماعات العراقية التي أخطأت في حساباتها"لافتاً الى انه " لو كانت البندقية العراقية موجهة الى المحتل . لما أحتجنا الى المصالحة والحوار "ومضى يقول " عندما انحرفت هذه البندقية وتوجهت الى اهلي وبدأت تسفك دمي . عند ذاك احتجنا الى المصالحة والحوار الوطني " وتعهد المشهداني بالعمل على الوقوف امام الدعوات " التي تثأر سلباً . ويطلقها البعض بعدم دعوة الجماعات المسلحة للمشاركة في العملية السياسية , وغلق الطريق امامها للإنضمام الى مبادرة المصالحة الوطنية ."
بهذا النموذج تنخر الروح الوطنية العراقية , ويتم تمزيق الوعي الجمعي , ويشرخ مفهوم الوطن , والمجتمع , ووحدة المصير للعراقيين . وهو نفس طريق الدم الذي عبدته جرائم عصابات البعث والسنة التكفيريين وبعض المليشيات الشيعية . وكل هؤلاء وجدوا الحضن الدافئ عند سلطات الأحتلال التي منعت أي عمل حقيقي يوقف زحف هذا السرطان . أملاً بتجريد الأنسان العراقي من تاريخه , ووطنه , ووعيه , وجعله معلقاً في لحظة نجاته من الموت المحقق , ويكون باعثاً لتشبثه أكثر بخشبة النجاة الأمريكية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30