الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسكوت عنه و دلالاته التحريفية و الإصلاحيّة – مقتطف من - - تحريفيّة حزب العمّال التونسي وإصلاحيّته كما تتجلّى في كتاب الناطق الرسمي بإسمه ،- مساهمة في تقييم التجربة الإشتراكية السوفياتيّة - ، الجزء الأوّل -

ناظم الماوي

2021 / 2 / 22
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


المسكوت عنه و دلالاته التحريفية و الإصلاحيّة – مقتطف من -
" تحريفيّة حزب العمّال التونسي وإصلاحيّته كما تتجلّى في كتاب الناطق الرسمي بإسمه ،" مساهمة في تقييم التجربة الإشتراكية السوفياتيّة " ، الجزء الأوّل "

لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
و الروح الثوريّة للماوية المطوَّرة اليوم هي الخلاصة الجديدة للشيوعيّة – الشيوعيّة الجديدة
( عدد 42 - 43 / أفريل 2020 )
ناظم الماوي

حفريّات في الخطّ الإيديولوجي والسياسي التحريفي و الإصلاحي
لحزب العمّال [ البرجوازي ] التونسي - الكتاب الثالث
الجزء الثاني من الكتاب الثالث :
تحريفيّة حزب العمّال التونسي وإصلاحيّته كما تتجلّى في كتاب الناطق الرسمي بإسمه ،" مساهمة في تقييم التجربة الإشتراكية السوفياتيّة " ، الجزء الأوّل
ملاحظة : الثلاثيّة بأكملها متوفّرة للتنزيل بنسخة بى دى أف من مكتبة الحوار المتمدّن .
-------------------------------------------------------------------------------------------------

" لقد شكّل تقييم الخبرة التاريخيّة فى حدّ ذاته دوما موضوع جدال كبير فى الصراع الطبقي فمنذ هزيمة كومونة باريس لم يتوقّف الإنتهازيّون و التحريفيّون عن إستغلال هزائم البروليتاريا و نواقصها بغاية قلب الخطأ و الصواب و خلط المسائل الثانويّة بالمسائل الرئيسيّة و التوصّل إلى إستنتاج مفاده أن "البروليتاريا ما كان عليها أن تحمل السلاح ". و كثيرا ما كان بروز ظروف جديدة تعلّة للإرتداد عن المبادئ الجوهريّة الماركسيّة ، مع إدّعاء إضفاء التجديد عليها ...

لقد بيّن التاريخ فعلا أنّ التجديدات الحقيقيّة للماركسيّة (على عكس التشويهات التحريفيّة) إنّما كانت متّصلة إتّصالا وثيقا بمعارك ضارية للدفاع عن المبادئ الجوهريّة للماركسيّة – اللينينيّة - الماويّة و تدعيمها . "

( " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984)

---------------------------------

" هذه الإشتراكيّة إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتوريّة الطبقيّة للبروليتاريا كنقطة ضرورية للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقية ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه ".

( كارل ماركس ، " صراع الطبقات فى فرنسا من 1848 إلى 1850" ، ذكر فى الأعمال المختارة لماركس و إنجلز ، المجلّد 2 ، الصفحة 282 ).

-----------------------------------------

" و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقّفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظريّة و أن يتخلّصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليديّة المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أنّ الاشتراكيّة ، مذ غدت علما ، تتطلّب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلّب أن تدرس . و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمّال بهمّة مضاعفة أبدا..."
( انجلز ، ذكره لينين فى " ما العمل؟ " )
------------------------------------
" قد كان الناس و سيظلّون أبدا ، فى حقل السياسة ، أناسا سذّجا يخدعهم الآخرون و يخدعون أنفسهم، ما لم يتعلّموا إستشفاف مصالح هذه الطبقات أو تلك وراء التعابير و البيانات و الوعود الأخلاقية و الدينية و السياسية و الإجتماعية . فإنّ أنصار الإصلاحات و التحسينات سيكونون أبدا عرضة لخداع المدافعين عن الأوضاع القديمة طالما لم يدركوا أن قوى هذه الطبقات السائدة أو تلك تدعم كلّ مؤسسة قديمة مهما ظهر فيها من بربرية و إهتراء . "
( لينين ، " مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة " )
---------------------------
"... حين أزاحت الماركسية النظريّات المعادية لها ، و المتجانسة بعض التجانس ، سعت الميول التي كانت تعبر عنها هذه النظريّات وراء سبل جديدة . فقد تغيّرت أشكال النضال و دوافعه ، و لكن النضال إستمرّ . و هكذا بدأ النصف الثاني من القرن الأوّل من وجود الماركسيّة ( بعد 1890 ) بنضال التيّار المعادى للماركسيّة في قلب الماركسيّة .
...لقد منيت الإشتراكيّة ما قبل الماركسيّة بالهزيمة ، وهي تواصل النضال ، لا في ميدانها الخاص ، بل في ميدان الماركسيّة العام ، بوصفها نزعة تحريفيّة .

... إنّ نضال الماركسيّة الثوريّة الفكري ضد النزعة التحريفيّة ، في أواخر القرن التاسع عشر ، ليس سوى مقدّمة للمعارك الثوريّة الكبيرة التي ستخوضها البروليتاريا السائرة إلى الأمام ، نحو إنتصار قضيّتها التام ، رغم كلّ تردّد العناصر البرجوازية الصغيرة و تخاذلها . "

( لينين ، " الماركسيّة و النزعة التحريفيّة " )
--------------------------------------------
" إنّ ديالكتيك التاريخ يرتدى شكلا يجبر معه إنتصار الماركسيّة في حقل النظريّة أعداء الماركسيّة على التقنّع بقناع الماركسيّة ."
( لينين ، " مصائر مذهب كارل ماركس التاريخيّة " المخطوط في مارس 1913 ، ( الصفحة 83 من " ضد التحريفيّة ، دفاعا عن الماركسية " ، دار التقدّم موسكو )
---------------------------------------------------------
" إنّ ميل المناضلين العمليين إلى عدم الإهتمام بالنظرية يخالف بصورة مطلقة روح اللينينيّة و يحمل أخطارا عظيمة على النظريّة تصبح دون غاية ، إذا لم تكن مرتبطة بالنشاط العملي الثوري ؛ كذلك تماما شأن النشاط العملي الذى يصبح أعمى إذا لم تنر النظريّة الثوريّة طريقه . إلاّ أنّ النظريّة يمكن أن تصبح قوّة عظيمة لحركة العمّال إذا هي تكوّنت فى صلة لا تنفصم بالنشاط العملي الثوري ، فهي ، وهي وحدها، تستطيع أن تعطي الحركة الثقة وقوّة التوجّه و إدراك الصلة الداخليّة للحوادث الجارية ؛ وهي ، وهي وحدها ، تستطيع أن تساعد النشاط العملي على أن يفهم ليس فقط فى أي إتّجاه و كيف تتحرّك الطبقات فى اللحظة الحاضرة ، بل كذلك فى أيّ إتّجاه وكيف ينبغى أن تتحرّك فى المستقبل القريب . إنّ لينين نفسه قال و كرّر مرّات عديدة هذه الفكرة المعروفة القائلة :
" بدون نظرية ثورية ، لا حركة ثوريّة " ( " ما العمل ؟ " ، المجلّد الرابع ، صفحة 380 ، الطبعة الروسية ) "
( ستالين ، " أسس اللينينية - حول مسائل اللينينية " ، صفحة 31 ، طبعة الشركة اللبنانية للكتاب ، بيروت )
-------------------------------------
" إن الجمود العقائدى و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدم ، و لا بدّ أن تتطور مع تطور التطبيق العملى و لا يمكنها أن تكف عن التقدم . فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا ، و إن نقضت فسترتكب أخطاء . إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقة و إعتبارها شيئا جامدا ، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية . و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي . "
( ماو تسي تونغ ، " خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية "
12 مارس/ أذار 1957 " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ، ص21-22 )
-------------------------------------
" التحريفية فى السلطة يعنى البرجوازية فى السلطة."
( ماو تسى تونغ )
-----------------------------------
" إنّكم تقومون بالثورة الاشتراكية و بعد لا تعرفون أين توجد البرجوازية . إنّها بالضبط داخل الحزب الشيوعي – أولئك فى السلطة السائرين فى الطريق الرأسمالي ".
( ماو تسى تونغ ، سنة 1976)
-----------------------------------------
كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية .
( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره " ، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة " ، 2005)
==========================================
الجزء الثاني من الكتاب الثالث :

تحريفيّة حزب العمّال التونسي وإصلاحيّته كما تتجلّى في كتاب الناطق الرسمي بإسمه ،" مساهمة في تقييم التجربة الإشتراكية السوفياتيّة " ، الجزء الأوّل

مقدّمة :
1- إستمرار التزوير الخوجي للحقائق بصدد الماويّة .
2- المنهج الخوجي الهمّامي المناهض للماديّة الجدليّة .
3- المسكوت عنه و دلالاته التحريفية و الإصلاحيّة .
4- كتاب ذاتي طافح بالدغمائيّة التحريفية الخوجية .
5- الشيوعية الجديدة / الخلاصة الجديدة للشيوعية تشتمل على التقييم العلمي المادي الجدلي الوحيد للتجارب الإشتراكية للبروليتاريا العالمية و منها التجربة الإشتراكية السوفياتيّة .
خاتمة :
ملحق الجزء الثاني من الكتاب الثالث : 1- الرفيق ستالين ماركسي عظيم قام بأخطاء ، المقال الأوّل من العدد 3 – جويلية 2011 من" لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! " : مسألة ستالين من منظور الماركسية – اللينينية – الماويّة
ملحق الكتاب الثالث :
محتويات نشريّة " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة ! " / من العدد 1 إلى العدد 37
=====================================================================
المسكوت عنه و دلالاته التحريفية و الإصلاحيّة

وهو يتناول التجربة الإشتراكية السوفياتية بالبحث ، ركّز السيّد جيلاني الهمّامي في كتابه موضوع قراءتنا النقديّة هذا على فصل واحد ( فضلا عن التقديم و التوطئة ) هو الفصل الأوّل حسب الفهرس و الجزء الأوّل حسب الصفحة 58 وهو معنون ب" النظام السياسي السوفياتي ، ظروف النشأة و المفاهيم و الهيكلة و التسيير " و كنّا ننتظر منه التعرّض لعدّة مسائل ذات بال و ربّما في منتهى الأهمّية إلاّ أنّه قفز عليها أو ذكرها بشكل عابر . إلاّ أنّ الرأي عنده رأي آخر . و هذا المسكوت عنه كلّيا أو جزئيّا له دلالاته التحريفيّة و الإصلاحيّة الكثيرة و الكثيرة جدّا نتبسّط في أهمّها في ثلاث نقاط فرعيّة .
أ- كمونة باريس :
كنّا أشرنا ، عند مباشرة أغوار موضوع المسائل المنهجيّة ، إلى أنّ الناطق الرسمي باسم حزب العمّال التونسي قد غيّب كمونة باريس و دروسها بالنسبة لتطوّر الماركسيّة و طفق يسرد مباشرة أحداث و حيثيّات و صراعات حفّت بثورة أكتوبر 1917 . و شرحنا كيف أنّ ذلك تعبير عن قصور منهجي و عن مثاليّة ميتافيزيقيّة مناهضة بجلاء للمادية الجدليّة. و الآن ، نتناول المسألة من زاوية نظر أخرى .
رغم أنّ ماركس لم يكن قبل إندلاعها من أنصار نهوض كمونة باريس إلاّ انّه لم يساندها فقط حين فجّرت صراعا طبقيّا عاصفا في فرنسا و عبر أوروبا و أرست سلطة دولة من طراز جديد ، بل عمل وسعه لإستخلاص ما أمكن إستخلاصه من دروس و عبر من هذه الكمونة التي أثّرت في ماركس أيّما تأثير . و قد شدّد لينين على هذا الأمر البالغ الأهمّية و الذى يحجبه الخوجي التونسي ، ألا وهو أنّ " " التعديل " الوحيد الذى إعتبر ماركس من الضروري إدخاله على " البيان الشيوعي " قد إستوحاه من خبرة الكومونيين الباريسيين الثورية " ( لينين ، " الدولة و الثورة " ، دار التقدّم موسكو ، بالعربيّة ، ص 38). و لبّ فكرة ماركس التي برهنت عليها كمونة باريس هي " واجب الطبقة العاملة هو تحطيم " آلة الدولة الجاهزة " و كسرها ، لا الإكتفاء ، بمجرّد الإستيلاء عليها . " ( المصدر نفسه ، ص 39- و التسطير في النصّ الأصلي )
و تاليا عدّ إنجلز الكمونة أوّل دكتاتوريّة لبروليتاريا و أكدّ " لم تبق الكمونة دولة بمعنى الكلمة الأصلي "( المصدر نفسه ، ص 69 ) أمّا لينين فلم يكفّ عن العودة إليها و إلى مبادئها طوال حياته . و ممّا كتبه لينين عن الكمونة ، وهو كثير ، نقتطف لكم فقرات ذات صلة بالموضوع الذى نحن بصدده تساهم في مزيد تعرية تحريفية حزب العمّال التونسي و إصلاحيّته :
- " إنّ " السلطة السوفياتيّة " هي الخطوة أو المرحلة التاريخيّة العالميّة الثانية لتطوّر دكتاتورية البروليتاريا . و لقد كانت كمونة باريس الخطوة الأولى " .
( " رسالة إلى عمّال أوروبا و أمريكا " ، ضمن كتاب " في الأمميّة البرولتارية " ، دار التقدّم ، موسكو ، ص 158 )
- " إنّ التدبير الذى إتخذته الكومونة و أشار إليه ماركس هو رائع جدّا بهذا الصدد : إلغاء كلّ علاوات التمثيل ، إلغاء جميع إمتيازات الموظّفين من حيث الرواتب و تنقيص رواتب جميع الموظّفين في الدولة إلى مستوى " أجرة العامل " . و بهذا بالذات يتجلّى بأوضح ما يكون الإنعطاف من الديمقراطية البرجوازية إلى الديمقراطية البروليتارية ، من ديمقراطية الظالمين إلى ديمقراطية الطبقات المظلومة ، من الدولة بوصفها " قوّة خاصة " لقمع طبقة معيّنة إلى قمع الظالمين بمجموع قوّة أغلبيّة الشعب : العمّال و الفلاّحين ."
( لينين ، " الدولة و الثورة " ، دار التقدّم موسكو ، بالعربيّة ، ص 45- و التسطير في النصّ الأصليّ )
- و من الدروس الأخرى لكمونة باريس وفق ماركس ، فضلا عن " النقد الرائع للبرلمانيّة " بكلمات لينين ، ، درس ضرورة " تكسير الآلة الدواوينية القديمة دفعة واحدة و الشروع دونما إبطاء ببناء آلة جديدة تمكن من القضاء بصورة تدريجيّة على كلّ دواوينيّة ليس بطوباوية ، بل هو تجربة الكومونة ، هو واجب البروليتاريا الثورية المباشر ." ( المصدر نفسه ، صفحة 47 و صفحة 49 – و التسطير في النصّ الأصليّ ).
هذا ما جاء على لسان لينين في غيض من فيض من الوثائق و من اليسير ملاحظة نقطة محوريّة في الدروس التي إستخلصها ماركس من كمونة باريس ألا وهي ضرورة تحطيم جهاز الدولة القديم ( بجيشه و شرطته و دواوينيّته ...) و إرساء جهاز دولة جديدة بدلا عنه . و قد شدّد ماركس على :
" و هذا هو الشرط الأوّلى لكلّ ثورة شعبيّة حقّا " ( ذكره لينين في " الدولة و الثورة " ، ص 40 ، الطبعة العربيّة لدار التقدّم ، موسكو ).
و هذا يعنى بلا مراء تحطيم الدولة القديمة و ليس إصلاحها أو تحسينها مبدأ ماركسي صميم إستشفّه ماركس من أوّل تجربة نعتها إنجلز بدكتاتورية البروليتاريا . وهو مبدأ يتجنّبه التحريفيّون و الإصلاحيّون تجنّب وباء الكوليرا بالنسبة لهم . و على طول كتابه و عرضه ، لم ينبس السيّد الهمّامي ببنت شفة عن هذا المبدأ الماركسي . صحيح أنّه لمّا تطرّق في القسم الذى خصّصه لمساعى ستالين لمقرطة السلطة عرّج على أحد المبادئ الأخرى المستخلصة من كمونة باريس هو إنتخاب المسؤولين و إمكانيّة سحب الثقة منهم أو عزلهم إن لم يضطلعوا بالمهام الملقاة على عاتقهم على أفضل وجه ، غير أنّه تفادى الخوض في هذا المبدأ الماركسي الذى شدّد عليه ماركس و إنجلز كلّ التشديد : تحطيم الدولة القديمة . الإصلاحيّون بما هم إصلاحيّون لا يرغبون في تحطيم الدولة القديمة بل يرغبون في العمل في إطارها و ترميمها و تحسينها أو إصلاحها و مثلما لمسنا و بالكثير من الأمثلة و البراهين في نقدنا لكتاب آخر لذات الناطق الرسمي باسم حزب العمّال التونسي ، " منظومة الفشل " ، إصلاحيّو حزب العمّال التونسي لا يسعون إلى تحطيم دولة الإستعمار الجديد و إنّما فقط إلى تغيير المنظومة الحاكمة – رئاسة و حكومة و برلمانا – لا غير .
هذه مسألة مركزيّة في التمييز بين الماركسيّة الثوريّة و الماركسيّة الزائفة الإصلاحيّة . ماركس و لينين و بعدهما ماو تسى تونغ و واصل تطوير نظرتهم الشيوعية للعالم بوب أفاكيان اليوم ، ثوريّون و الخطّ الخوجي الهمّامي خطّ دغمائي تحريفي إصلاحي .
و من لا يزال الشكّ يراوده في هذا نحيله لإتمام المحاججة بهذا الخضمّ على مراجع أخرى تسلّط المزيد من الضوء و تظهر بوضوح ساطع هذه التحريفيّة و الإصلاحيّة و قد إصطفينا لكم من هذه المراجع المتوفّرة بين أيدينا في الوقت الحالي أهمّها على الإطلاق ، و نقصد وثائق و مقرّرات المؤتمر الوطني الخامس لحزب العمّال التونسي ( كتاب " المؤتمر الوطني الخامس – الوثائق و المقرّرات ( 19/23 ديسمبر 2018) " مطبعة الثقافة المنستير – سنة النشر 2019 ).
فضمن " البرنامج العام " ( ص 127-152) ، نعثر بالصفحة 146 تحديدا ( البرنامج العام – في المستوى السياسي ) على جوهرة تحريفية إصلاحيّة نادرة لكن لامعة كالنجمة القطبيّة في السماء هي " د- إعادة تنظيم المؤسّستين الأمنيّة و العسكريّة وفق عقيدة جديدة تقوم على خدمة الشعب ".
و إذن ؟! في الوقت الذى يعلن ماركس بصوت عالى بأنّ تحطيم الدولة القديمة شرط على رأٍس شروط أية ثورة شعبيّة حقّا، يعيد التحريفيّون الإصلاحيّون صياغة الماركسيّة لتتماشى و إصلاحيّتهم فبدلا من تحطيم الدولة القديمة ، دولة الإستعمار الجديد هنا ، يقترحون " إعادة تنظيمها " أي عكس ما نبّه إليه ماركس على أنّه من أهمّ دروس كمونة باريس .
ما رأيكم دام عزّكم في مراجعة الخوجيّين للماركسية و تعهيرها لتنسجم مع الإصلاحيّة ؟
----------------------------------------
ب- السوفياتات :
رام الكاتب لنفسه أن يلج بحر تقييم التجربة الإشتراكية السوفياتية بأمواجه المتلاطمة و لم يتسلّح بمنهج مادي جدلي و لا بمواقف بروليتارية ماركسيّة ثوريّة فغرق أكثر في التحريفية و الإصلاحية . من يركب بحر هذه التجربة عليه / عليها أن يعي / تعي قبل كلّ شيء حقيقة أوّليّة لا أسطع منها هي أنّ التجربة الإشتراكية التي قادها لينين و ستالين هي تجربة إرتبطت وثيق الإرتباط بنعت السوفياتيّة . هي إشتراكية سوفياتيّة . بيد أنّ كاتبنا المغوار تناول جوانب من الإشتراكية و أهمل إهمالا شنيعا تناول ربطها بالسوفياتيّة بينما ينطوى عنوان كتابه على نعت و التجربة معروفة باسم السوفياتيّة . في فصل – جزء – عن النظام السياسي السوفياتي ، يجرى إهمال السوفياتات كأجهزة سلطة فلا يخصّص لها حيّزا معقولا للتعريف بها نشأة و تطوّرا و صراعات و علاقة بمختلف السلط و بالحزب الشيوعي و تقييم آدائها من قبل لينين و ستالين و هلمّجرّا .
و هذا خلل من الأهمّية بمكان في المنهج و في مضمون الكتاب نفسه ينمّ عن إستخفاف بهذا الشكل من السلطة المبدع شعبيّا الذى وصفه لينين بأنّه ألف مرّة أكثر ديمقراطيّة من البرلمانات البرجوازية . إنّه الشكل الجديد للدولة الجديدة و التحريفيّون الإصلاحيّون ، عطفا على النقطة السابقة ، لا يرغبون في تحطيم الدولة القديمة بل يرغبون في تحسينها أي إصلاحها ب " إعادة تنظيمها " و بالتالى ما لهم و الأشكال الثوريّة الجديدة لدول جديدة . الحزب التحريفي الإصلاحي يبذل قصارى جهده لا لتحطيم الدولة القديمة و إنّما لترميمها من الداخل عند بلوغ الرئاسة و الحكومة و البرلمان معوّضا " منظومة الفشل " ، و لا تعنيه السوفياتات في شيء بما هي شكل جديد للدولة الثوريّة .
و هنا ندرك أكثر الدلالات التحريفية و الإصلاحيّة لهذا المسكوت عنه لدى أدعياء تبنّى الماركسية – اللينينيّة و بالمقابل إليكم النزر القليل ، القليل من كثير ممّا خطّه لينين لتوضيح مغزى و أهمّية هذه السوفياتات في الثورة الإشتراكية كنقيض و حفّار قبر الديمقراطية البرجوازية و البرلمانيّة البرجوازية ، ليس في الإتحاد السوفياتي وحسب بل عالميّا :
1- في " بعض الإستنتاجات " من كتابه " مرض " اليسارية " الطفولي في الشيوعية " ، لخّص لينين : " إنّ ثورتي شباط ( فبراير ) و تشرين الأوّل (أكتوبر ) لسنة 1917 قد أدّتا إلى تطوّر السوفياتات تطوّرا شاملا في النطاق الوطني ، ثمّ إلى إنتصارها في الإنقلاب البروليتاري الإشتراكي . ثمّ بعد أقلّ من سنتين ظهر الطابع الأممي للسوفياتات ، و إنتشر هذا الشكل من النضال و التنظيم في حركة العمال العالميّة . و باتت رسالة السوفياتات التاريخيّة كحفّار قبر للبرلمانية البرجوازية و وارث و خلف لها و للديمقراطية البرجوازية بوجه عام ."
( لينين ، " في الأمميّة البرولتارية " ، دار التقدّم ، موسكو ، ص 186 )
2- " إنّ تأسيس الأمميّة الثالثة ، الشيوعية ، هو عتبة جمهوريّة السوفياتات الأممية و إنتصار الشيوعية العالمي ."
( لينين ، " في الأمميّة البرولتارية " ، دار التقدّم ، موسكو ، ص 166 )
3- " قضيّة الثورة البروليتارية العالمية ، قضيّة إنشاء جمهوريّة سوفييتيّة عالميّة ".
( لينين ، " في الأمميّة البرولتارية " ، دار التقدّم ، موسكو ، ص 201 )
إذا كان حزب العمّال التونسي وله بالديمقراطية البرجوازية و على وجه التحديد بديمقراطية دولة الإستعمار الجديد و هو غارق إلى العنق في القيام بالمهمّتين الموكولتين إليه : إصباغ الشرعيّة على أجهزة هذه الدولة بالمشاركة في الانتخابات و الدعاية لها ؛ و توجيه الجماهير و المناضلين و المناضلات الذين يخرجون عن نظام دولة الإستعمار الجديد و يرغبون في قلبه قلبا كلّيا إلى متاهات تؤدّى بهم إلى العودة بطرق ماتوية إلى أحضان الدولة ذاتها ، إذا كان حزب العمّال التونسي ينظّر و يطبّق و يدافع عن ديمقراطية الإستعمار الجديد ، ليس بوسعه إلاّ ان يسعى إلى طمس نقيضها ، هنا ما نعته عليه لينين ب " حفّار قبر للبرلمانية البرجوازية و وارث و خلف لها و للديمقراطية البرجوازية بوجه عام ". هذه هي الدلالة التحريفيّة و الإصلاحية هنا .
---------------------------------------
ت – العلاقة الجدليّة بين النظريّة و الممارسة :
أنف لنا لمس الفهم التحريفي للعلاقة الجدليّة بين النظريّة و الممارسة في فصل نظريّة الدولة الماركسيّة و المبادئ المستشفّة من كمونة باريس عن الممارسة الثوريّة لثورة أكتوبر 1917 . و إسقاط تلك المبادئ و السكوت عنها تعبير لا أجلى منه عن التحريفيّة و الإستهانة بالنظريّة’ الثوريّة . فستالين عينه صرّح بأنّ :
" إنّ ميل المناضلين العمليين إلى عدم الإهتمام بالنظرية يخالف بصورة مطلقة روح اللينينيّة و يحمل أخطارا عظيمة على النظريّة تصبح دون غاية ، إذا لم تكن مرتبطة بالنشاط العملي الثوري ؛ كذلك تماما شأن النشاط العملي الذى يصبح أعمى إذا لم تنر النظريّة الثوريّة طريقه . إلاّ أنّ النظريّة يمكن أن تصبح قوّة عظيمة لحركة العمّال إذا هي تكوّنت فى صلة لا تنفصم بالنشاط العملي الثوري ، فهي ، وهي وحدها، تستطيع أن تعطي الحركة الثقة وقوّة التوجّه و إدراك الصلة الداخليّة للحوادث الجارية ؛ وهي ، وهي وحدها ، تستطيع أن تساعد النشاط العملي على أن يفهم ليس فقط فى أي إتّجاه و كيف تتحرّك الطبقات فى اللحظة الحاضرة ، بل كذلك فى أيّ إتّجاه وكيف ينبغى أن تتحرّك فى المستقبل القريب . إنّ لينين نفسه قال و كرّر مرّات عديدة هذه الفكرة المعروفة القائلة :
" بدون نظرية ثورية ، لا حركة ثوريّة " ( " ما العمل ؟ " ، المجلّد الرابع ، صفحة 380 ، الطبعة الروسية ) "
( ستالين ، " أسس اللينينية - حول مسائل اللينينية " ، صفحة 31 ، طبعة الشركة اللبنانية للكتاب ، بيروت )
و تتجلّى التحريفية أيضا في جانب آخر ليس أقلّ أهمّية من ذلك . فمن المفروض ماديّا جدليّا لمّا نتناول ثورة أكتوبر بالبحث أن نفرد مساحة هامة لإبراز النظريّة الثوريّة التي قادتها . إذا كان يؤمن مع لينين بانّه لا حركة ثوريّة دون نظريّة ثوريّة ، فمن نافل القول أنّه كان جديرا بواضع الكتاب الذى ننقد أن يولي النظريّة الثوريّة الأهمّية التي تستحقّ .
أكثر الماركسيّين – اللينينيين الحقيقيّين يعرفون حقّ المعرفة أنّه لولا اللينينيّة لما وُجدت ثورة أكتوبر . و هذا تعبير مكثّف آخر عن أهمّية تطوير لينين للماركسيّة إلى مرحلة جديدة ، ثانية و أرقى مكّنت من معالجة القضايا الجديدة المطروحة في عصر الراسمالية الإحتكاريّة ، عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية في بلده و عبر العالم قاطبة .
فهل يعتقد السيّد جيلاني الهمّامي أنّ ثورة أكتوبر كانت ستنجح دون الحزب البلشفي ؟ هل يعتقد أنّ الحزب البلشفي كان سينشأ كحزب طليعي من طراز جديد لولا كتاب لينين العظيم المنارة " ما العمل ؟ " ؟ و هل يعتقد أنّ الموقف اللينيني الصحيح من تحويل الحرب الإمبرياليّة إلى حرب أهليّة كان ليؤسّس للقطيعة مع الأمميّة الثانية و الإنتهازية الكاوتسكيّة و البليخانوفيّة لولا كتابي لينين ، " الإمبريالية أعلى مراحل الرأسماليّة " و " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكى " و غيرهما ؟ و ماذا عن " الماديّة و مذهب النقد التجريبي " و علاقته بالإعداد للثورة بعد هزيمة 1905؟ و عن سواها من الأعمال اللينينيّة المفاتيح للحركة الشيوعية في روسيا و العالم برمّته ؟
و إنّها لسمة من سمات التحريفيين عربيّا و عالميّا ليس الفصل بين النظريّة و الممارسة و حسب بل أيضا الإستهانة بالنظريّة الثوريّة على أنّهم في الكلام قد يردّدون مع الثوريّين مقولة لينين ، " لا حركة ثوريّة دون نظريّة ثوريّة " .
طوال السنوات الأخيرة ، ما بعد الإنتفاضة الشعبيّة 2010-2011 في تونس ، كان من الهيّن معاينة الخطّ العام التحريفي لحزب العمّل التونسي بهذا الصدد فقلّما نشر أو تحدّث عن النظريّة الشيوعيّة و قلّما ناقشها و حتّى نشاطه السياسي تركّز على برنامج إصلاحي غيّب فيه بطبيعة الحال الماركسيّة و الهدف الأسمى الشيوعي و النضال بمختلف الأشكال في سبيله.
و قد ذهب السيّد حمّه الهمّامي ، الأمين العام لحزب العمّال التونسي ، إلى حدّ الإقرار بذلك لكن بطريقته و لغته الخاصة ، و ذلك في تقديم كتاب علي الجلّولي ، " مقاربات حول قضايا الثورة و الانتخابات و الجبهة و الإرهاب " ، منشورات حزب العمّال 2018 – الثقافة للطباعة و النشر و التوزيع ، المنستير تونس ، قائلا :
" إنهكمنا منذ سقوط الدكتاتوريّة في الحركيّة و إنغمسنا في معالجة المسائل اليوميّة ، المباشرة ، على حساب العناية بالمسائل النظريّة و الفكريّة ..." ( ص 8 )
و الشيء ذاته ينسحب على فترات سابقة للإنتفاضة الشعبيّة إيّاها من حياة هذا الحزب الذى إعتنى نوعا ما بالنظريّة قبل و بُعيد تأسيسه لا أكثر لينشر الخوجية و الإصلاحية ، كما ينسحب على حياة فرق متمركسة أخرى كثيرة – من حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد إلى الحزب الوطني الديمقراطي الإشتراكي مرورا بحزب الكادحين إلخ . جميعهم في الكلام مخاتلة و خداعا يعلون راية مقولة لينين الشهيرة ، لا حركة ثوريّة دون نظريّة ثوريّة ، وفى الفعل يكرّسون المقولة التحريفية الكاوتسكيّة المميّزة للتحريفية ، " الحركة كلّ شيء و الهدف لا شيء " !
يخفق السيّد الهمّامي و من يقف وراءه و إلى جانبه في تكريس الفهم الماركسي – اللينيني للعلاقة الجدليّة بين النظريّة و الممارسة فمرّة يتناسى تجربة كمونة باريس و دورها في تطوير النظريّة الماركسيّة و مرّة يغيّب هو و حزبه المبادئ المستخلصة نظريّا من تلك التجربة البروليتارية الأولى و مرّة ثالثة يطمس الأهمّية الكبرى للسوفياتات كأجهزة حفّار قبر الديمقراطية البرجوازية و مرّة رابعة يهيل التراب على دور النظريّة الثوريّة في إيجاد الحركة الثوريّة ، هنا ، دور اللينينيّة في إنشاء و تطوير الحركة الثوريّة التي أنجزت ثورة أكتوبر الإشتراكية . و ساعتئذ ، تتجلّى دلالات أخرى للمسكوت عنه تحريفية منها و إصلاحية لدى حزب العمّال التونسي .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ




.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب


.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام




.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ