الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشّاعر كاهنٌ على معابد آلهة الشعر يشهد على ولادة القصيدة الشعرية.

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2021 / 2 / 22
الادب والفن


عشتار الفصول:10075
رأي غير ملزم.لكننا ندافع عنهُ
يسألني بين الحين والآخر، بعض الأحبة، لماذا لاتكون قصائدكَ طويلةً ؟!! ونعلم علم اليقين بأنك تستطيعُ ذلك؟!!
أولاً: لابدّ لي أن أميز بين الشعر والنظم.وبينَ الآلية،وحرفية الوزن، وبين الموهبة والإبداع ثانيا،فليس كل ما نقرأه بشعر ٍ، وليس كلّ ما نكتبه بنثر.
ومن هنا ،فالقصيدة، وطولها ،وعرضها، شكلها ، ومضمونها،زمن ولادتها أو انبثاقها، لستُ ــــ أنا الذي أتحدث معكم الآن ـــ هو من يسيطرعلى وجودها جسداً موجوداً،كائناً يتحدثُ إلينا، له من الروح أنقاها، ومن الألفاظ أكيسها، ومن الخيال الجامح مايكفي ليأخذنا إلى رحاب الله الواسعة، أما معانيها ودلالاتها، ومحسناتها البديعية، فنترك ذلك لموضوع آخر.
القصيدة هي التي تكتبني ـــ وهذا قلتهُ منذ صيف عام 1973م ،في حلقة تلفزيونية بدمشق قناة 99 للسيد الياس حبيب وكانت المذيعة الشابة يومها زميلتنا في الجامعة باسمة الزنبقة ـــ والقصيدة ،هي التي تحدد شكلها ومضمونها ، بحرها وألفاظها، وأنفاسها، وسعة صدرها الذي له أن يتحدى عوادي الزمن والحوار بين الذات والموضوع، بين الأنا والنحنُ، بين القارىء والناقد.
القصيدة الشّعرية ،أحد إبداعات آلهة الشعر، لأنّ الشعر أحد الآلهة الذين سيبقون رغم المادية ، الحاجة الضرورية للنفس الإنسانية.
وإِني أرى بأنّ زمن المعلقات ، قد مضى ، لابل يستحيلُ أن نعيد تلك الطبيعة ، والطبيعية الاجتماعية ،والقبلية ،وصفاء الروح، والنفس ، والحالة التعليمية، فذاك (ضرب من الجنون)،كما أرى في المعلقات غلبة ،التصنع، وإعادة ترتيب النفس للحظة الزمانية والمكانية والروحية، والصحية، والنفسية، الأولى التي عاشها الشاعر ،إِني أُؤمن بقصيدة تلد ولادة طبيعية، لا قيصرية،ثم لايجوز لي أن أُعيد صياغتها من جديد، كلُّ الذي أستطيع فعلهُ ،هو أن أنظف بقايا الدماء ،التي لازالت عالقة على جسد المولود الجديد.دماء المشيمة ورحم الأم، أما أن أُجري للمولود الجديد( القصيدة) عمليات تجميل في لون العينين والأنف، ولون الشعر، وطول القرينة الرأسية، وطول أصابع اليد ،وغير ذلك، فهذه ليست عملية إبداعية ،إنما جزء من حرفية الصنعة الشعرية ،ومعرفة أدواتها لكنها ليست من الإبداع بشيء كما أرى .
لهذا عندما أكتب ـ أعني القصيدة هي تكتبني ـ وأتوقف فجأة عند هذا الحد.فهذا يعني أن المولود قد أكتمل خروجه من أعماق الروح العاقلة المبدعة،(الرحم الأم).وجاء كاملاً دون أيّ قصور أو عاهة ٍ.وكل إضافة على جسد هذا المولود ، أو تقطيع جزء منه ووضع جزء آخر،ليس من الإبداع بشيء..وكلّ ما هو ممكن هو لو أجرينا بعضاً من اللمسات على عملية ، تغيير أو تصويب ،كلمة جاءت على شكل خاطىء سواء ، إملائياً أو نحوياً أو صرفياً، وذلك تحت سرعة الإنبثاق( الولادة الطبيعية) .لأن الشاعر يكون خاضعاً تحت آلية الإنبثاق الزمني الخاص بالمولود وحده وليس الزمن الخارجي ،لأنّ الشاعر المبدع ، لا يهمه الخط ،وجماليته أو كيف كتب الكلمة هذه أو تلك، بل هو في حالة توحد مع المولود الجديد لايُعير اهتماماً للخارج ولا لحركة محيطه بل هو في صومة الولادة يستجيب لوهجها وإطلالتها.
فإذا كنتَ مع رباة الشعر ،والجمال، أمام هيكل، آلهة الشعر،وتؤدي معهنّ طقوس ولادة القصيدة، وتشعر بنفسكَ، وبوجودكَ ،على الأرض .محدداً في زمان ومكان، فأنتَ بذلكَ لا تمارسُ عملية الولادة الإبداعية .التي تفضي إلى ولادة القصيدة الشعرية.، بل هي حالة هذيان ،ومسخ تُخالطها شوائب النفس.لأنّ الشعر حين يكتبكَ ،فهو حالة صوفية، كالمتصوف الذي يقبض على الجمر ولا يشعر بألم، كما العاشق الذي سيطر عليه العشق،عملية الخلق الشعري، يُفقدكَ ميزة الإحساس بالزمن ،والوجود ،والعالم والمحيط.لأنهُ يأخذك إلى عوالم ،تسمو على الواقع، وفيها تتجلى قداسة المعاني، وهناك ترى بخوراً، تتصاعد من على هيكل الروح، الشاعر كاهنٌ تمرسَ فنون صنعتهِ ،ويُدرك أدواته ، لابل يُجيدها وأية إجادة ، يعرفُ من هو، لكن حين تبدأ الطقوس المقدسة، يُصاب بحالة سكر فريدة من نوعها،تلك الخمور لم تعصرها معاصر.ولا قُطفت من كرم الدوالي .لهذا عدا هذه الحالة والرعشة، والسُكرْ ،والغيبوبة عن الواقع أثناء الودلادة ونعامل فيما نريده ، العقل.فأنت لستَ بشاعر ولا تكتب الشعر.
لأنّ الشعر: يفوق المنتج العقلي ، سواء العلوم الطبيعية، والهندسات ، وعلوم الفلك، والفلسفة، والمنطق، والرياضيات كعلم مجرد.والطب والصيدلة ،وإن كان الشعر ،صادراً عن الذات العاقلة ،والنفس العاقلة ، لكنه أقدس ممتلكات العقل الإنساني ،المبدع.
الشعر له هالة من القداسة والرهبة، والروعة ، والإبهار والجمال،الشعر لايدنسه إلا من تسول له روحه،وغزته مواسم العواصف الصفر، والغيرة الحمقاء ،والشعر ليس كما يشاء ويُعرفه ُ ويعنيهم، بعضنا، بحكم الحضارة ،وتعدد المدارس ،والآراء،وإلاّ لكان كل من يعرف الكتابة دون صنعتها، يعرف الأبجدية، دون أغوارها، يكتب ويسميه شعراً، وهنا أرى بأنّ مدّرس اللغة العربية ، أولى بكتابة الشعر..لكونه أكثر قدرة ً على معرفة أسرار اللغة، ولكان طرح نفسه كشاعر..
لكنه ليس كذلك ،بل يحترم نفسه ،وهذا موقف إيجابي يُحسب له وليس عليه.لأنه يُدرك ،ماذا يعني ،أن تكون شاعراً ، يعني أن تولد وأنت تحمل الشاعر في كينونتك، أو الكاتب، أو الفنان، أو المطرب.الشعر فيه من الصنعة الكثير لكنه ليس بصنعة.بل هو قداسة الرّوح حين تلامسُ الواقع لترسم معالم أغلب قضاياه.
بقي أن نقول:القصيدة ليست بطولها ولا بموضوعها،وليس بالقافية أو الروي، ولا بالبحر الذي جازت فيه وبه ومن عليه، بل القصيدة حين تكتمل فيها عناصر الجمال،والخيال المجنح، مع العاطفة الصادقة، مع تناسق مكوناتها، مع قافيتها التي جاءت لتناسب البيت، مع الأفكار التي تولدت من تفجير عوالم اللغة التي كُتبت بها القصيدة، مع حالة إضافية وليست عبارة عن اجترار لما سبق من أفكار وصور ٍ وأخيلة ٍ ومعاني، مع معرفة وإجادة للآلية الصنعة الشعرية ،مع الغاية التي ولدت لأجلها.
(وخلاف الرأي لايُفسد للود قضية).
22/2/2017م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً


.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو




.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس


.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي




.. انتظروا لقاء مع أبطال مسلسل دواعي السفر وحوار مع الفنان محمد