الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهزلة صفقة التبادل بين سوريا واسرائيل: الدوافع والأهداف

ثائر أبوصالح

2021 / 2 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


ان المتابع للأحداث في منطقة الشرق الأوسط، يقف أحياناً مشدوهاً أمام ما يحدث من تطورات غريبة، قد تكون في بعض الأحيان عصية على الفهم، لأن ما نراه ونسمعه لا يستطيع أن يعبر عن الغاطس الذي لا نراه. ولكن إذا أمعنا النظر وحاولنا تحليل الأحداث بموضوعية بعيداً عن التفكير الرغبوي، قد نستطيع الإمساك ببعض الخيوط التي من الممكن أن تشكل مؤشراً واضحاً لسيرورة الأحداث، من أجل الوصول الى حقيقة ما يجري على أرض الواقع.
لا اعتقد، أن هناك عاقل لم تدهشه صفقة التبادل الهزيلة والمحبوكة بين إسرائيل وسوريا برعاية روسية، وبغض النظر عن تفاصيل هذه الصفقة، وما جاء فيها، يبقى السؤال الأهم يتعلق بدلالات هذه الصفقة وماذا يكمن وراءها؟ ولماذا تم اختيار هذ التوقيت لتنفيذها؟
اللاعبون الأساسيون هم الرئيس الروسي بوتين، الذي يفتش عن توطيد نفوذ روسيا في سوريا، واعتراف امريكي- أوروبي بهذا النفوذ، كونه المعقل الأخير الذي تبقى لها في منطقة الشرق الأوسط وحوض المتوسط، وهذا لا يتأتى الا بإخراج كل القوى المنافسة له داخل سوريا، وبالذات إيران التي تحكم قبضتها على مرافق مهمة داخلها، من خلال الفصائل المتعددة التابعة لها، وبالذات حزب الله اللبناني. وهنا تتقاطع مصالح روسيا مع المصلحة الإسرائيلية والأمريكية والخليجية.
أمريكا ترغب بوضع حد للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، والذي يشكل خطراً على مصالحها وعلى مصالح حلفائها في المنطقة، أي إسرائيل ودول الخليج، وتريد أن تحاصر المشروع النووي الإيراني وتمنعها من أي محاولة لامتلاك السلاح النووي. بالمقابل تقوم إسرائيل بضرب الأهداف الإيرانية وما يتبع لها من مليشيات بموافقة أمريكية وبتنسيق واضح مع الروس الذين يمنعون النظام من استخدام منظومة اس-300 التي زودوه بها منذ فترة.
أما بالنسبة لدول الخليج، فيعترون أن العدو الأساسي والرئيسي لهم هي إيران، مع بعض التحفظات القطرية والتي ستتلاشى بحال قبول عودتها الى منظومة دول التعاون الخليجي. ومن هذا المنطلق بدأوا بعملية التطبيع مع إسرائيل كتوطئة لتشكيل محور إقليمي بمساندة أمريكية- أوروبية ضد إيران سيتشكل من إسرائيل ودول الخليج.
في إطار هذه التناقضات القائمة، يتم التركيز على النظام السوري واستغلال وضعه السياسي والاقتصادي والدولي، لجره الى التطبيع، وقد تكون تسوية، مع إسرائيل مقابل القبول به وشرعنته من قبل أمريكا وإسرائيل بعد الانتخابات القادمة المزمع اقامتها في سوريا في شهر نيسان المقبل، وذلك من خلال ضغط روسي لاستكمال عمل اللجنة الدستورية وإقرار الدستور الجديد ومن ثم تشكيل مجلس انتقالي عسكري يقود سورية في المرحلة القادمة.
المطلوب من النظام السوري، سواء كان بقيادة الأسد في المرحلة القادمة أو غيره، الطلب من إيران الخروج من سوريا ليسحبوا منها ذريعة تواجدها في سوريا بناء على طلب الحكومة السورية، وفي حال رفضت، وهذا هو الاحتمال المرجح، ستستصدر أمريكا وروسيا بتنسيق مع الأوروبيين قراراً من مجلس الأمن تحت الفصل السابع لإخراجها بالقوة، ليعاد سيناريو احتلال العراق للكويت. بالمقابل هناك افتراض، أن إيران دولة براغماتية لن تورط نفسها بحرب ضد كل هذه القوى العالمية، وستقبل بالانسحاب مقابل بعض المكتسبات، من قبيل فك الحصار عنها والوصول الى اتفاق نووي جديد.
في حال حصول هذا السناريو، سيحاصر حزب الله في لبنان وسيفرض عليه التحول لحزب سياسي، بعد ان يتم تجفيف مصادر تمويله وتجريده من الدعم الإيراني، الذي يشكل شريان الحياة الرئيسي لوجوده في المنطقة، هذا إضافة الى محاصرته داخل لبنان بحال خرج النظام السوري من المحور الإيراني. أما في حال رفضت إيران الامتثال للرغبة الدولية، فستنشب حرباً إقليمية تشترك فيها إيران وحزب الله وحماس والحوثيين في اليمن مقابل إسرائيل ودول الخليج المدعومين أمريكياً.
من هنا جاء الدعم الروسي لنتانياهو، ليقدم له هدية قبل الانتخابات الإسرائيلية المزمع اقامتها في اذار من هذه السنة، علها تساعده في تحقيق النجاح وتشكيل الحكومة القادمة. طبعا كان نتنياهو يرغب بصفقة أكبر، مثل عظام ايلي كوهين على سبيل المثال لا الحصر، ولكن يبدو أن الأمر كان متعذراً والانتخابات تقترب، فبدأوا بالتفتيش عن صفقة سريعة، مع استمرار الحفريات التي يجريها الروس بشكل دائم في مقبرة مخيم اليرموك باحثين عن عظام كوهين والجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في معركة السلطان يعقوب على يد الجيش السوري ابان الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982.
أرادوا صفقة سريعة، ولكن لم يجدوا لاعبين، فاضطروا أن يستعينوا بالرعاة السوريين والصبية الإسرائيلية الذين عبروا خط وقف إطلاق النار على حد قولهم، وأضافوا اليها المليون دولار التي ستدفع لروسيا مقابل تقديم 250 ألف لقاح روسي للنظام بسوريا. انها الصفقة المهزلة ولكن الغاطس كبير وخطير، قد نبدأ رؤية مقدماته في الأشهر القادمة، وقد تصل الى حد التسوية والتطبيع مع النظام، من خلال اعادة القرى العربية في شمال الجولان، وإيجاد صيغة اجار واستئجار لباقي الجولان قد تمتد ل 99 عاماً، مقابل دعم النظام وتعويمه وإعادة الإعمار في سوريا بدعم خليجي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير إيراني في لبنان.. ماذا يعني ذلك لحزب الله والاستراتيجية


.. -بحثت عنك ولم أجدك-.. أم فلسطينية تودع ابنها الشهيد




.. الإعلام الإسرائيلي يناقش نجاحات حزب الله والرد المتوقع على ا


.. هل استعادت إسرائيل ردعها بعد سلسلة الاغتيالات التي نفذها ضد




.. مراسل العربية: قصف على الضاحية الجنوبية من البوارج الحربية