الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الافتخار بتقليد المشاهير ، فقدانٌ لهوية الذات .

يوسف حمك

2021 / 2 / 24
الادب والفن


طبقاً لخبراء علم النفس : ظاهرة حب الشهرة و الميل للاستعراض غريزية المنشأ ، و احتياجٌ نفسيٌّ ، و رغبةٌ وجدانيةٌ لدى كل الأفراد .
و تعتبر هذه الظاهرة سمةً اعتياديةً إذا بقيت ضمن دائرة الاعتدال ، و لم تخرج عن حدود المعقول .

أما إن يتجاوز جموح رغبة البعض تخوم الوسطية ، وصولاً إلى حالة الهوس بإظهار الافتخار المفرط ، و الإسراف في حب الشهرة ، و المغالاة في مدح الذات ، فهو دليل مرضِ نفسيِّ ، و اضطرابِ في السلوك ، كما خللِ في بنية التنشئة الاجتماعية .

نعم الكثير من الأفراد مصابون بداء التباهي ، و لديهم عقدة لفت الأنظار ، و توقٌ شديدٌ لذيوع الصيت ، و اشتهاءٌ هائجٌ للشهرة و الترفع و الخيلاء ، كما إنه التعطش للتعالي و الرياء ، و البحث المتسارع للمعجبين ، و التكبر إلى حد الغرور .
و الأنكى شيوع حالة النبش و التحري للفوز بالألقاب ، و انتزاع التسميات لالتصاقها على النفس ، باللجوء إلى تقليد المشاهير و التحلق في جو الشهرة الكاذبة عالياً .

علماً أن التشبه بسلوكيات الشخصيات المرموقة تخبطٌ واضحٌ و سطحيةٌ لا ابتكارٌ ، و أن في محاكاتهم فقدٌ للهوية ، و تعطيلٌ للكثير من قدراته العقلية . ولاسيما ولع البعض للتقليد الأعمى إلى حد التماهي ، و الإيحاء بأنه هو ذات المرء الذي تقمص شخصيته ، و نسخةٌ منه طبق الأصل .

محط أنظارنا هو تقليد البعض لمشاهير الأدباء في نمط فنهم شكلاً و مضموناً .
و لا أقصد التقليد اللاشعوريَّ المتوارث ، حسب معايير ثقافة المجتمع المهيمنة على العقل ، دون درايةٍ منه أنه يحاكي الأديب .
كما لا أقصد تقليد علوم الأمم الأخرى و ابتكاراتها و تقدمها العلميِّ ، لارتقاء المجتمع و رفعة البلاد .

إنه من السخف أن يفتخر أحدهم بإدمانه على حب النقل و التوريث ، و انسياقه للتشبه بالأديب منهجاً و أسلوباً ، و غالباً حتى اقتباس تعابيره و عناوينه ، للافتخار بأنه نسخةٌ مكررةٌ منه .

نعم للاقتباس ضرورةٌ لترسيخ أفكار الكاتب ، و دعم آراء الباحث ، بعد ذكر المصادر و الأسماء ، كي لا يصنف ضمن لائحة السرقات الأدبية .
إنه سلوكٌ مريضٌ ، و سمةٌ سيئةٌ ، و آفةٌ وخيمةٌ للفكر ، و جمودٌ للعقل ، كما ضجةٌ متعمدةٌ ، لتلميع الصورة و جعلها محط أنظار الآخرين و موضع إعجابهم ، مع التنازل عن الكثير من المبادئ و القيم .

أن تنال لقباً ، يلزمك الكثير من الوقت في البحث و المجهود الحثيث ، و اكتساب خبرةٍ واسعةٍ في مجال اختصاصك ، لا أن تكون متطفلاً ، أو تزاول عملاً خارج سياق صنعتك .
علاوةً على تدني موهبتك مقارنةً بحنكة المشهور و طاقاته الإبداعية التي تفوق طاقتك . ً

فينطبق عليك مضمون حكمةٍ شهيرةٍ قالها الأقدمون : “ تستطيع أن تخدع العالم كله ليومٍ واحدٍ ، لكنك لن تستطيع أن تخدع فرداً واحداً طوال العمر "

أن تلتقط صورةً مع شخصٍ مشهورٍ ، لا يعني أنك أصبحت مشهوراً ، و أن تقلد أديباً مرموقاً لا يستوجب انضمامك إلى قافلة العمالقة .
لأن طاهرة الإبداع و التجديد حضاريةٌ تنبثق من روح الأدباء ، و ينفجر التحديث و الابتكار من مواهب الكُتّاب ، كما هي أصالةٌ فنيةٌ متحررةٌ من القوالب الموروثة المتهالكة عبر الزمن .
مع رعاية هموم العامة بالتمكين الفكريِّ و الثقافيِّ و التعابير المبتكرة ، و التحول من الجمود إلى النشاط الذاتيِّ و الإبداعيِّ ، و الاندماج مع القضايا الإنسانية بالعقل المنفتح و الفكر الخلاق ، و التخلص من داء عظمة الذات ، و الانسلاخ من الأنانية النرجسية لإعادة بناء النفس .

و لرفع راية التجديد عالياً ، فإن الأشخاص الأسوياء الموهوبين المبدعين ، لا يفكرون بانتزاع الشهرة ، و لا اختلاس الألقاب ، بل تتوافد عليهم الشهرة تلقائياً ، و يفوزون الألقاب بلا تخطيطٍ مدروسٍ و لا تدبيرٍ مرسومٍ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح


.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار




.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض