الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جماهير لبنان ليست وحدها في مواجهة العدوان الإمبريالي الآثم

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2006 / 7 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


حين تنقل وسائل الإعلام مآسي الفلسطينيين واللبنانيين غالبا ما تمر أمام ناظري صور تتعلق بفلسطين ظلت عالقة في ذهني منذ أيام الإبتدائية والمتوسطة والإعدادية ، والفعاليات التي قمنا بها دعما للقضية الفلسطينية ، من كتابة إنشاء ، وقصائد ومسرحيات. الإنشاء الذي كتبته ُ في مادة اللغة العربية في امتحان البكالوريا للمرحلة الإبتدائية كان عن فلسطين ، ولم أنس إلى اليوم مفتتحه الذي كان عبارة عن جملة " من أين أتيتنا ، يا طغمة الظلام ؟ ويا طعنة في كل ّ قلب؟ " ، كما تتراءى لي لحد الآن صور شبان من مدينتي ، شاركوا فدائيين في المقاومة الفلسطينية في سبعينيات القرن الماضي ، ومنهم من ضحّى بحياته في عمليات ضد أهداف عسكرية إسرائيلية . صورة سردار شيخ طيب لا تغيب أبدا عن عيوني، ولن تمحي من ذاكرتي ، بأريحيته ولطائفه وشهامته، وكان رمز الطيبة والإنسانية التي دفعته لكي يضحي بحياته في سبيل ناس مظلومين . ولن أنسى قط ابن مدينتي الشهيد أحمد عرب والذي أطلق أهالي المدينة على المحلة التي كان يسكنها اسم " محلة الشهيد أحمد"، ولن أنساه حين كان يشارك في مظاهرات تأييد للسلم في كُردستان عام 1970 ، وحين كان يلعب كرة القدم و قد لف ّ منديلا حول عنقه لتجفيف العرق المتصبب منه ، ويصيح كلما اقتربت الكرة منه : عوفه ! عوفه !
.
وهل يمكن لأي ذي شعور إنساني أن يقبل بتدنيس روح جبران خليل جبران، وخنق صوت فيروز ، و حجب أنوار أفكار حسين مروة ، ومهدي العامل ، و تعكير صفاء جمال بيروت؟

فلم تكن جماهير فلسطين ولبنان وحدهم ، فكان لهم دوما أخوة في كل ّ أنحاء العالم ، وهم على الأغلب من الطبقات المحرومة في المجتمعات البشرية ، يساندونهم ، بل يضحون بالغالي والنفيس من أجل رفع الظلم والعدوان عنهم. واليوم يتعرض أبناء وبنات شعوب لبنان وفلسطين وإسرائيل إلى قنابل النظام العنصري الإسرائيلي المحتل و الإرهاب الإسلامي ، وسط صمت القوى الإمبريالية التي تدعي أنها تحارب الإرهاب ، لا يمكن أن يسكت أحرار العالم عن هذه الجرائم البشعة في حق البشرية المظلومة.

وقد قامت دولة إسرائيل على دعائم المجازر والإرهاب والتهجير للفلسطينيين وانتهاك كرامتهم الإنسانية ، و بالدوس على القرارات الدولية ، واجهاض مبادرات السلام ، منذ مجزرة دير ياسين التي ارتكبتها العصابات العنصرية لتدشين دولتها مرورا بأخريات و بمجازر صبرا وشاتيلا التي أرتكبت بقيادة شارون رئيس الوزراء السابق الذي أقام الجدار العنصري للفصل بين ناس يريدون أن يعيشوا في وئام وسلام .
هذا الجدار العنصري سكت عليه العالم الرأسمالي ، بينما أقام الدنيا ولم يقعدها على جدار برلين حتى بعد هدمه بعد انهيار الكتلة الشرقية. والسبب واضح إذ أن الجدار الأول لم يدر ْ على العالم الرأسمالي بأي أرباح ، بينما يدر عليهم جدار شارون بالربح الوفير ماديا و معنويا ، و يفرق بين الجماهير التي هي أحوج ما تكون إلى الوحدة والوئام والنضال المشترك في سبيل حياة أفضل.

إن ّ الفساد المستشري في كيانات القوميين العرب و دكتاتورية أنظمتهم وعنصريتهم و نازيتهم ، وجبنهم لا يمكن أن يُتّخَذ تبريرات لأي ّ عدوان إسرائيلي وغير إسرائيلي على الناس الأبرياء أينما كانوا ، وتدمير البنية التحتية للبنان من قصف جسور ، و هدم المساكن ، والمعامل والمستشفيات والمدارس ، عدا عن حياة مئات الأبرياء ، وتشريد عشرات الآلاف ، وقطع أرزاق آلاف العوائل التي كان أفراد منها يعملون في لبنان لكسب لقمة العيش لأطفالهم وأهاليهم.

هذه الحرب الإجرامية أعطت النظامين الإيراني والتركي فرصا جيدة للمناورات وعرض العضلات. ففي الوقت الذي يزيد النظام الإيراني من تدخلاته في الشأن العراقي والفلسطيني واللبناني ، وأصبح أمامه فرصا واسعة لإستخدام العراق ساحة صراع مع أمريكا والغرب وخلق أزمات جديدة للتشويش عليهما في أتخاذ موقف من ملفه النووي ، و كل ذلك يجري بالضد من مصالح الشعب العراقي المظلوم الذي يتعرض أبناؤه وبناته إلى مجازر يوميا أملام مرأى ومسمع العالم ، وفي ظل حكومة لا حول لها ولا قوة ، وعاجزة كليا عن المحافظة على حياة المواطنين . في هذه الأثناء استغل النظام التركي هذه الحرب العدوانية وانشغال العالم بها لكي يعبئ قواته على الحدود العراقية لغزو كردستان العراق ، وفرض سياساته على السلطات العراقية و سلطات الإقليم، وتلك السياسات أيضا لا يمكن إلا أن تكون معادية لمصالح جماهير الشعب العراقي.

النظام الإيراني و الحركات الإرهابية لا يمكنها البقاء إلا في مستنقعات الحروب والأزمات و مشاهد الدماء والأشلاء البشرية . وهذه الظروف الملائمة تخلقها ، مثلما خلقتها في السابق ، إسرائيل وأمريكا وحلفاؤهما من الدول الغربية والأنظمة المرتبطة بهما في العالم العربي والإسلامي .

إن الحملات التضليلية والمنافقة التي يقوم بها بعض الناس من برابيك الإحتلال الأمريكي ، وفي مقدمتهم كتّاب في موقع إيلاف قريش في سبيل تبرير العدوان الإسرائيلي ، بل مطالبة العالم بدعم إسرائيل في حربها الإجرامية على أهالي لبنان وفلسطين ، بأن إسرائيل تحارب الإرهاب و تهدف في حربها القضاء على الإرهاب الإسلامي ، وانقاذ الشعوب العربية منه ، لا يمكن أن تنخدع بها الجماهير المحرومة والمكتوية بنار الدكتاتورية والإرهاب و الطائفية والقومية .

إن من يصدق أن أمريكا وإسرائيل والإمبريالية الغربية تحارب الإرهاب على وهم و خطأ كبيرين. كل الشواهد و كل وقائع التاريخ المعاصر تدل وتثبت أن الإمبريالية وسياستها العدوانية هي التي خلقت الإرهاب الذي يدمر اليوم حياة الأفغانيين والعراقيين والفلسطينيين والإسرائيليين. و أن يؤدي العدوان الإمبريالي الحالي على لبنان إلى عرقنته بكل ما جلبته لأهل العراق من مصائب ومآسي ، احتمال غير مستبعد ، في سبيل تنفيذ أجندة العولمة الإمبريالية في ترتيب شرق أوسط جديد.
إن المتضررين من الإرهاب والحروب في كل العالم هم الذين يحاربون بصدق الإرهاب والحروب العدوانية ، وهم القادرون وحدهم بوحتهم وتنظيم أنفسهم على إيقاف الحروب و طرد أمرائها بعيدا عن حياة الجماهير .
إن أحرار العالم التقدميين المتمدنين، وخاصة في إسرائيل وفلسطين ولبنان ، لقادرون على الحاق الهزيمة بالعدوان الإمبريالي ، وذلك بالمطالبة بخروج القوات الإسرائيلية الفوري من الأراضي التي تحتلها ، وتشكيل دولة فلسطين المستقلة العلمانية التي تضمن الحريات كلها للمواطنات والمواطنين ، وتعمل في سبيل مصالح الشعب في الرفاه و العيش الكريم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأميركيون العرب -غاضبون من بايدن ولا يطيقون ترامب- | الأخبا


.. اسرائيل تغتال مجدداً قيادياً في حزب الله، والحزب يتوعد | الأ




.. روسيا ترفع رؤوسها النووية والناتو يرفع المليارات.. | #ملف_ال


.. تباين مواقف الأطراف المعنية بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة




.. القصف التركي شمالي العراق يعطل انتعاش السياحة الداخلية الموس