الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برزان التكريتي ونزار قباني

فراس عبد المجيد

2006 / 7 / 27
كتابات ساخرة


قبل أيام كنت أتابع المسلسل التلفزيوني عن حياة الشاعر نزار قباني، وكانت تبثه القناة السورية للمرة الثانية ، بعد أن تعذرت علي متابعته في عرضه الأول خلال شهر رمضان الماضي .. وكانت هذه المتابعة دافعا لي لكي أتابع عبر شبكة الأنترنيت قصائد نزار قباني القديمة .. وقد عثرت وقتها على نص قصيدة بغداد التي ألقاهاالشاعر الراحل في بغداد في مطلع الستينات . وكم سعدت حين قرأت علىموقع عراقي هذه القصيدة مكتوبة بخط الشاعر ، وممهورة بتوقيعه. صحيح أن قناة الفيحاء ( بيت العراقيين ) كانت تبث القصيدة بين حين وآخر مصحوبة بلقطات عن معالم بغداد .. الا أن لخط الشاعر وتوقيعه أهمية توثيقية كبيرة
المفارقة الغريبة أن الجلاد برزان التكريتي ، في دفاعه الذي قرأه بنفسه أمام المحكمة الجنائية المختصة ، التي تحاكم الرئيس السابق وأعوانه ، ضمن دفاعه أبياتا من ذات القصيدة ، قصيدة بغداد للشاعر نزار قباني ، بعد أن اضطهد كلا من سيبويه والخليل بن أحمد والمشاهدين جميعا ، وكان الله في عون القاضي رؤوف
السؤال الذي يطرح نفسه ، ما الذي جمع برزان التكريتي ذا الطبيعة الدموية ، والسلوك المتأصل بالاجرام ، بالشاعر نزار قباني الذي يعد نموذجا للحب والدفء والعاطفة الرقيقة ؟
لنقرأ الأبيات ، علها تدلنا على ما هو مشترك بين الشخصيتين
مدي بساطي واملأي أكوابي وانسي العتاب فقد نسيت عتابي
اذا استثنينا صدر البيت الأول ، على ما يحمله من مضامين متباينة بين الشخصيتين ، فان العجز يشير الى عتاب بين القائل وبين بغداد. فاذا كان الشاعر نزار قباني يتحدث عن عتاب يعتذر من خلاله عن ابتعاده عن بغداد طيلة فترة طويلة ، فعن ماذا يعتذر برزان ؟ هل يتصور ان بغداد" تعاتبه" عن جرائمه بحيث يطالبها بالنسيان ؟ وعلى ماذا يعاتبها بدوره ؟ وأي عتاب وجهه برزان لبغداد ثم نسيه؟ هل لأنها لم تطلق المظاهرات تضامنا معه ضد المحكمة والقاضي الفاضل الذي كان صبورا أكثر مما ينبغي معه ، وخصوصا خلال الجلسة المذكورة ؟
لننتقل الى البيت التالي
عيناك يا بغداد منذ طفولتي شمسان نائمتان في أهدابي
لا شك في أن طفولة برزان ملكه هو ، لكنها ، بالتأكيد لا علاقة لها ببغداد الحبيبة . أذكر في سنة 1969 ، وكنا في قصر النهاية ، معتقلين من مختلف الاتجاهات السياسية ، وكان لكل اتجاه سياسي قاعة خاصة تضيق وتتسع حسب " الظروف " آنذاك .. وكان يطل علينا بين حين وآخر برزان .. وكان مراهقا يتمنطق بالمسدس ، في وقت كان فيه ناظم كزار يترأس الهيئة التحقيقية ، وقد منح رتبة غقيد ، قبل أن يصبح مديرا للأمن العام ، وينتهي النهاية المعروفة المجهولة .. فأي شموس ؟ وأي أهداب ؟ وسط ذلك الجو الأرهابي الدموي الذي كان يختال فيه برزان كالطاووس ؟ . البيت الثالث يقول
لا تنكري وجهي فأنت حبيبتي وورود مائدتي وكأس شرابي
هل هو اللاوعي حين يستجدي برزان التكريتي من بغداد أن لا تنكر وجهه ؟ وهل حقا كان مدير المخابرات يضع ورودا على مائدته ؟ في وقت كان فيه الشعراء يتبارون باظهار مسدساتهم المخفية تحت ملابسهم بحركات مفضوحة وهم يقرأون قصائدهم في الملتقيات الشعرية ؟ . ولا تسأل عن " كأس شرابه " لأنه بالتأكيد كان يكرعه نخب ما كان يرتكبه النظام من جرائم .. ألم يطلق هو نفسه على الجثث المكدسة في الدجيل اسم " الجيف " ؟
ولعل أطرف مقارنة تكمن في البيت الأخير الذي استشهد به برزان من قصيدة نزار قباني
بغداد جئتك كالسفينة متعبا أخفي جراحاتي وراء ثيابي
لو قال برزان " كالبلدوزر " أو "كالدبابة " لكان الأمر مقبولا ..لكن أن يأتي " كالسفينة " و " متعبا " أيضا فالأمر بعيد عن التصديق .. ان من يستحق الشفقة هنا ، جراء اضطهاد برزان ، بالأضافة الى من ذكروا سابقا .. هو الشاعر الراحل نزار قباني نفسه ، الذي لا شك في أنه تململ في قبره طيلة يوم الأثنين 24تموز حين دنس قصيدته الجميلة مدير مخابرات عريق في الأجرام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس