الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستستطيع البلدان العربية اللحاق بالمستقبل الجديد للثورات ؟ 6/1: التاريخ ليس له زائدة دودية.

محمد رؤوف حامد

2021 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


تمهيد:
قد يرى البعض فى هذا التساؤل بعضا من الخيال أو المثالية، غير أن المستقبل الجديد للثورات، والتعامل معه بالإستشراف، وبقدر من الرصد، كان قد بدأ بالفعل منذ سنوات (م. ر. حامد – مستقبل جديد للثورات: ثورة المفكرين – الحوار المتمدن – العدد 3991- 2/2/2013 ، ثم "الأمريكيون يقتربون من المسار المستقبلى للثورات" – الحوار المتمدن – 5340 – 11/11/ 2016 ، ثم "مابعد الشعبوية: الأمريكيون يقتربون أكثر من المسار الجديد للثورات" – الحوار المتمدن - العدد 6584- 5/6/2020 ، فضلا عن كتابين من تأليف السياسى الأمريكى المخضرم بيرني ساندرز، وهما "مستقبل للإيمان بثورتنا" (صدر فى 15 نوفمبر 2016)، و "رؤية بيرني ساندرز للثورة السياسية" (صدر فى 29 أغسطس 2017)).
وهكذا، فى هذا الشأن يجتهد الطرح الحالى فى جذب الإنتباه الى إشكالية المستقبل الجديد للثورات فيما يختص بالبلدان العربية. التفاعل مع هذه الإشكالية يحتاج التعامل مع حزمة من الأبعاد والإعتبارات التاريخية والسياسية, والتى تشير اليها، وبإيجاز، التناولات التالية:
1) التاريخ ليس له زائدة دودية.
2) بايدن 2021 ليس كأى بايدن سابق ..، وكذلك الولايات المتحدة.
3) متغيرات الشارع السياسى الدولى ليست بالضرورة خطية.
4) متاهة البلدان العربية.
5) مسارات الخروج من المتاهة.
6) بوابة مسارات الخروج من المتاهة .. كيف يمكن فتحها؟


أولا - التاريخ ليس له زائدة دودية.

مما يعرف عن الزائدة الدودية أن إستئصالها لا يلحق بصاحبها أذى أو تغيير ذا أهمية. مثل ذلك الوضع لايحدث فى التاريخ. ذلك بمعنى أن الأحداث (أو الحادثات) إذا ما جرت تكون قد صارت من إحدى مكونات التاريخ، وبالتالى لايمكن بأى حال إعتبارها كأن لم تكن، أى لايمكن إستئصالها لتبدو كما لو كانت زائدة دودية تم التخلص منها.
هنا يمكن الإشارة الى إشكالية ذات صلة، وهى أن بعض أحداث التاريخ، مهما بدا من تواضعية وزنها، قد يقود إعادة تقييمها، فى ظروف مختلفة، الى إدراكات وإستنارات جديدة، وحيوة، وغير عادية.
إذا كان الأمر كذلك، فما بالنا بالإستشرافات التى تتحول بمرور الوقت الى واقع تاريخى، بشكل أو آخر.
عندما يتحول الإستشراف الى واقع مُعاش تنشأ اعتبارات جديدة تستحق التوقف للإدراك والتأمل.
من هذه الإعتبارات أن ما كان قد جرى استشرافه يكون قد تحول الى جزء عضوى فى التاريخ بحيث لايمكن إهماله أو الإستغناء عنه، حيث يتضمن التاريخ أحداث وتتابعات ومسارات، لكنه لايتضمن جراحات لإستئصال أحداث كانت، حيث ستبقى الأحداث ضمن التاريخ، حتى لو طرأ مايمكن أن يكون عكسها فى زمن تال، سواء كان مُعدِلا أو مُصححِا لها .... الخ.
إضافة الى ذلك، من شان تحقق الإستشراف أن ينبه، ليس فقط الى أهمية المقاربات الإستشرافية، وإنما أيضا الى أهمية الإتجاه الى النظر والتحليل بشأن أمرين:
الأمر الأول يتعلق بالسياقات التى أدت الى تجنب الإسترشاد (أو الإهتمام) المناسب بهذا الإستشراف.
وأما الأمر الثانى فيختص بالتداعيات الناجمة عن التحقق (فى أرض الواقع) لما يكون قد جرى إستشرافه، الأمر الذى قد يتطلب إجراء تحليلات، و/أو بحوث بشأن السيناريوهات والإحتياجات التى قد تكون بحاجة للتجهيز، كما قد تكون هناك حاجة لمزيد من الإستشرافات.
وإذا كانت المقاربة المذكورة أعلاه تبدو نظرية الشكل، فسرعان ما تتحول الى خبرة عملية عند الأخذ فى الإعتبار لإستشرافات محددة كانت قد جرت بالفعل، وكان لها قدر من التحول الى واقع فى أزمنة تالية. وتحديدا يمكن الإشارة الى مايلى من نماذج:
- الإستشراف فى التسعينيات بتحول العلماء الى بروليتاريا فى الزمن التالى (م. ر. حامد – فى : "إدارة المعرفة: رؤية مستقبلية - سلسلة إقرأ – دار المعارف – القاهرة – 1998 ص 42".
- الإستشراف منذ حوالى عقدين بأن متغيرات العولمة وفاعليات "النيوليبرالية" سوف تؤدى الى إنتقال شعوب الشمال الى معاناة حياتية أشبه بتلك الواقعة على شعوب الجنوب، حتى أن الوصف الذى استُخدم وقتها جاء كالتالى:
" .... وعليه، فبالإضافة للمشكلات المزمنة فى الجنوب التقليدى (أو فى الدول النامية والأقل نموا)، نجد الرأسمالية العالمية المهيمنة تجدد الإتجاهات الإستعمارية وتضيف الى مشكلات العالم، وذلك من خلال خلق جنوب جديد داخل الشمال ذاته (بالإضافة الى السعى لتهميش نهائى للجنوب جميعه بقدر الإمكان)" – من: م. ر. حامد - القفز فوق العولمة – سلسلة إقرأ – دار المعارف – القاهرة – 2003 – ص.28.
- الإشارة فى محاضرة عامة، فى مارس عام 2006، الى احتماية حدوث تغيير كبير فى الشارع السياسى المصرى، وبأن ذلك سيجىء من خلال وصول السياسة المصرية الى "نقطة انعطاف" مرتقبة (وقد عُرضت المحاضرة فى عدد ابريل 2006 من مجلة العلوم الإنسانية واللاهوتية). وعن نقطة الإنعطاف هذه أشارت المحاضرة الى أن "المجتمع المصرى يقترب الآن (أى وقتها فى 2006) من نقطة الإنعطاف، أو هو قد بدأ الدخول فيها بالفعل، مما يعنى بدء تقلص تدريجى للأغلبية الصامتة، وبدء تصاعد الإهتمام العلنى العملى المجسم بالشأن المجتمعى العام والتأثير فيه".
بعدها بعام، وفى نفس الشأن، نُشرت سلسلة من أربع مقالات يومية متتالية فى جريدة البديل (من 17 الى 20 أكتوبر 2007). كان العنوان العام للمقالات الأربعة هو "سر 2007".
جاء المقال الأول بعنوان "التعديلات الدستورية نقطة الإنعطاف"، وفيه وردت إشارة تفصيلية الى أنه "فى تقديرنا أن نقطة الإنعطاف قد حدثت بالفعل، وأن العلامة الرئيسية الدالة عليها كانت هى التعديلات الدستورية بجميع ظروفها ......الخ. هذا، وقد ورد نص المقال بعد ذلك فى كتاب "25 يناير: من أين والى أين؟" (سلسلة إقرأ – دار المعارف- القاهرة- ص 32). وأما المقال الرابع، والذى كان بعنوان "الإطار المرجعى والخوف من الديمقراطية"، فقد أشار الى وجود دورة زمنية للتغيير فى مصر, وأن مدتها 35 عاما (+ أو - عامين). ذلك إضافة الى أن التغيير الأسبق كان قد تمثل فى الإنفتاح الإقتصادى عام 1974، مما يجعل توقع حدوث التغيير التالى له فى الفترة "1974 +35(+ أو - 2)"، أى 2009 (+أو - عامين)، الأمر الذى قد تحقق بالفعل بمجىء ثورة 25 يناير 2011. وبالفعل، كانت كافة ملابسات الشارع السياسى وحركياته تسير تلقائيا فى هذا الإتجاه. هذا، وقد أعيد نشر هذا المقال (الرابع) فى الكتاب السابق الإشارة اليه أعلاه، ص. 47 – 54، وذلك بعد أن كان قد نشر عام 2007 فى البديل (20 أكتوبر).
- التوقع عام 2013 بأن تكون الولايات المتحدة من الدول التى يمكن أن تشهد العبور الى المسار الجديد للثورات، الأمر الذى قد جرت الإشارت اليه فى التمهيد أعلاه، كما يمكن الرجوع اليه ضمن تفاصيل أخرى فى " المستقبل الجديد للثورات: ثورة المفكرين – م. ر. حامد – كراسات مستقبلية – المكتبة الأكاديمية – القاهرة – 2019".

وإذا كان من المفترض أن يؤدى التعامل الفكرى العملى الرصين مع الإستشرافات وقت بزوغها الى قدر من المعالجات والتحسبات من مختلف (أو بعض) الكيانات الفردية و/أو المؤسسية ذات الصلة، إلا أنه يجدر الإنتباه بعدم حدوث أيا من ذلك بشكل واضح بخصوص أىٍ من الإستشرافات السابق الإشارة اليها.
قد يرجع هذا النكوص الى أسباب وخلفيات ما. فى هذا الشأن يمكن الإشارة الى بعض الملاحظات:
- السياسات العالمية والمحلية لم تتحول بعد، فى مجملها، الى إتجاه حماية جموع المواطن العادى من عبء شراسة النيوليبرالية (أو التوجهات المهيمنة للرأسمالية الشرسة).
- من جانب آخر، توافقت التحولات بخصوص العلم والعلماء لتخلق من البحث العلمى (ومن ثم من العلماء) مفعول به وليس فاعلا، حتى أن المتحكمين فى رأس المال و "البزنسة"، والنفر القليل ممن صعدو الى مرتباتهم من المشتغلين بالعلم (أى من الذين يطلق عليهم علماء)، صاروا هم اللاعبون الرئيسيون فى توجيه أنشطة البحث العلمى لتكون خادمة لمنظورات إستثمارية/مالية فى الأساس، بصرف النظر عن قدر تلبيتها لأولويات الإحتياجات الإنسانية.
- وبخصوص استشراف قدوم تغيير كبير فى الشارع السياسى المصرى (عام 2009+أو- سنتين)، والذى تمثل بعدها فى ثورة 25 يناير 2011، فلا السلطة، ولا النشطاء (من كيانات أو أفراد) قد انتبه.
- وبالنسبة للولايات المتحدة (فيما يتعلق بما يمكن تسميته بالمسار الجديد للثورات)، يجدر الإنتباه الى أن "ترامب" والترامباويين (كسلطة ومريدين ومتعاطفين) إما لم ينتبهوا، أو لم يكترثوا، لإحتمالية بزوغ تحول فى الحس (أو المزاج) السياسى لعموم المواطنين فى الشارع الأمريكى، وهو -الى حد كبير- ماقد جرى لاحقا. وبلا شك كان للتقاعس (أو عدم الإهتمام) من جانب "ترامب وجماعاته" إنعكاسا تسريعيا للتغير فى الشارع السياسى الأمريكى، وللإقتراب أكثر من المسار الجديد للثورات.
وبعد، بالإضافة الى أن التاريخ ليس له زائدة دودية، فمن المهم الإنتباه الى أن "المستقبل يُصنع الآن".
فى هذا الصدد، من الملاحظ أن الولايات المتحدة قد دخلت بالفعل الى مدار المساهمة فى تصنيع سياقات سياسية جديدة، منها مايمكن أن يتلامس –الى حد ما- مع المستقبل الجديد للثورات، وهذا هو المحور التالى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا