الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراقيون أولى بأموالهم

طارق الحارس

2006 / 7 / 27
الارهاب, الحرب والسلام


تبرعت الحكومة العراقية بخمسة وثلاثين مليون دولارا أمريكيا لحكومة لبنان مساندة منها لاعادة اعمار البنية التحتية التي دمرها القصف الهمجي الاسرائيلي في الأيام الماضية .
لا اعتراض على ذلك ، فهذا الأمر يجسد مشاعر الاخوة العراقية الأصيلة التي طالما أثبتها العراقيون لأشقائهم العرب في مناسسبات عديدة ، ولكن !
عانى العراقيون سنوات طويلة نتيجة الحصار الاقتصادي الذي فرض عليهم من طرف الأمم المتحدة بعد احتلال النظام الصدامي لدولة الكويت ولا زال هذا الشعب يعاني من هذا الحصار بالرغم من سقوط النظام الصدامي ، إذ أن الحصار تسبب بفقر كبير لا زال المواطن العراقي يعاني منه .
هذا من جانب ومن جانب آخر فان ويلات حروب النظام السابق قد تسببت في انهيار البنية التحتية انهيارا كاملا ، وللأسف ، لم تتمكن الحكومات العراقية المتعاقبة بعد سقوط النظام الصدامي من اعادة أعمارها نتيجة الظروف الأمنية التي يعاني منها البلد ، ونتيجة الظروف الاقتصادية المتمثلة بالديون الكبيرة التي تعاني منها خزينة دولة العراق التي من المفروض أنها خاوية نتيجة سياسات النظام السابق كما سمعنا من أكثر من مصدر حكومي .
الاشارة الى المعاناة الاقتصادية التي تعاني منها شريحة كبيرة من المواطنين العراقيين المتمثلة بموظفي وعمال القطاع الحكومي ، إذ أن هذه الشريحة المهمة تعاني من ضعف المردود المادي المقدم كرواتب من طرف الحكومة العراقية نجدها اشارة ضرورية في حالة تبرع الحكومة العراقية لدولة شقيقة ، إذ أننا نجد أنه من الأولى الانتباه الى هذه الشريحة لرفع المعاناة والفقر عنها قبل التفكير في مساعدة الأشقاء .
لقد فعلها صدام مرات عدة ، إذ أنه قدم تبرعات نقدية وبسخاء الى ( الأشقاء ) الفلسطنيين وكانت هذه التبرعات قد جاءت على حساب الفقر والعوز الذي كان يعاني منه المواطن العراقي وقد انتقدنا جميعا بما فينا بعض الأطراف الذين يحكمون العراق حاليا تلك التبرعات ، إذ قلنا حينها أن النظام الصدامي ، فضلا عن استخفافه بمشاعر العراقيين فانه يحاول كسب عطف الشعوب العربية للتغطية على جرائمه التي ارتكبها بحق الشعب العراقي .
ليست التبرعات التي قدمها صدام الى الفلسطنيين كانت هي التبرعات الوحيدة ، إذ سبق له التبرع ب 100 مليون دولارا ( لفقراء أمريكا ) في حين أن فقراء العراق كانوا بحاجة ماسة الى كل دولار من هذه الملايين .
لقد كان صدام يتلاعب بخزينة الدولة العراقية حسب مزاجه وأهوائه متغافلا عن عمد مشاعر العراقيين ومعاناتهم ، ليس من خلال التبرعات فحسب ، بل ومن خلال العديد من التصرفات الأخرى التي لا نريد الخوض بها في هذه المقالة .
لا نريد هنا أن نقارن بين النظام الصدامي والحكومة العراقية الحالية ، إذ أننا على يقين تام أن الهدف من التبرعات الحالية ليس لغرض كسب عواطف الأشقاء في لبنان ، بل جاءت من أجل شعب عربي تعرض الى هجمة شرسة أدت الى تدمير بنيته التحتية وهو فعلا بحاجة ماسة الى تبرعات العراق وغيره من دول العالم ، لكننا نرى أن دولة مثل العراق وفي ظل الظروف الصعبة التي تعيشها غير مطلوب منها التبرع ، إذ أنها بنفس الحاجة أو ربما أكثر الى هذه الملايين ، ليس لبناء البنية التحتية فحسب ، بل لتعويض أبنائها من أهالي الشهداء الذين سقطوا نتيجة الجرائم البشعة التي ارتكبها الانتحاريون والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة في الأسواق الشعبية والجامعات والمساجد والجسور .
لقد شاهدت برنامجا تلفازيا على قناة فضائية عراقية تحدث فيه مواطن عراقي ، قال : أنه لايقف ضد الحكومة العراقية في تبرعها الى دولة لبنان الشقيقة ، لكنه يطالب الحكومة بالتعويض الذي أقرته لعائلته التي فقدت شهيدين راحوا ضحية تفجيرات الارهابيين وهو ( يركض ) منذ سنتين للحصول على هذا التعويض دون فائدة .
نحن نتساءل بدورنا : من هو الأجدر بأموال العراق في ظروفه الحالية ، الشعب العراقي ، أم الأشقاء العرب ؟
الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الحكيم : " الأقربون أولى بالمعروف " .
لو كان العراق في حال أفضل من هذا الحال لكان الشعب اللبناني أولى بمثل هذه التبرعات ، أما أن يكون العراق في هذا الحال الصعب فنحن نعتقد أن أهله وشعبه أولى بكل دولار من دولارات خزينة الدولة ، خزينته هو ، أي الشعب العراقي وهناك العديد من الطرق التي من الممكن أن تؤكد حكومة العراق وشعبه وقوفها مع الشعب اللبناني غير التبرع بالمال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس