الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديوقراطية الطائفية والنظام السياسي في العراق بعد عام 2003

إبراهيم الساعدي

2021 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


إذا كانت الديموقراطية في احدى تعريفاتها تعني حكم الأغلبية، والذي فُهم بطريقة خاطئة من العراقيين، على انه حكم الاغلبية الطائفية، وإذا كانت تعني أيضا انها الفصل بين السلطات الثلاث وتساوي المواطنين في الحقوق وفي الواجبات، فأن هذه الديموقراطية بكل شروطها لم تتحقق في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية من قبل البريطانيين في عام1921 وحتى الآن. غير اننا إذا أردنا ان نفهم لماذا من غير الممكن، على الأقل في الوقت الحالي، تطبيق ديمقراطية حقيقية في العراق، يجدر بنا ان نعود قليلا الى الجذور التأريخية لتأسيس العراق الحديث.

تأسست الدولة العراقية في عام 1921 من قبل البريطانيين( 1)، بعد تفكك الإمبراطورية العثمانية. لم يفهم البريطانيون في تلك الفترة، طبيعة المجتمع العراقي من الناحية الاجتماعية والثقافية، اذ انه بالأحرى لم يكن مجتمعا واحدا ذات تأريخ واحد وثقافة واصل قومي واحد، أي بمعنى انه لم يكن ولا يزال مجتمعا غير متجانسا بخلاف بعض الدول الأوروبية التي نشأت فيها الديموقراطية حيث كانت مجتمعات متجانسة قوميا وغير مُقسّمة دينيا وعِرقيا واثنيا. بكل الأحوال، كان المجتمع العراقي ولا يزال مكّون من مجموعات عرقية وثقافية مختلفة، ولكل مجموعة لها شكلها الثقافي الخاص وتأريخها الذي يشترك به أبناؤها، وبالتالي كان ربط الولايات العثمانية السابقة: ولاية البصرة، وولاية بغداد، وولاية الموصل خطأ فادحا. مع إن ولاية الموصل كانت ذات اغلبية كردية، ويطالب الاكراد منذ عام 1919 بالاستقلال، ومع ذلك فقد رُبطوا قسرا في عام 1925 بدولة عربية لم يرغبوا أصلا بالانتماء اليها (2 ).

كما إن ولاية بغداد كانت ذات اغلبية سنية، بل ان معظم الضباط في الجيش العثماني كانوا من عائلات سنية كبيرة (3 )، اذ كان الشيعة العراقيون مغيّبون تحت سلطة الإمبراطورية العثمانية. ومع ذلك فقد أراد البريطانيون بناء مؤسسات عراقية على طراز حديث. فضلا عن إن الملك فيصل الاول في إحدى رسائله الأخيرة عام 1933 ، أعرب عن أمله في أن تتمكّن المكوّنات المتعددّة للبلاد من تشكيل دولة موحّدة من خلال تشكيل الجيش العراقي وتعزيزه، والذي يُنظر إليه على أنه وسيلة لبنائه وبوتقة تنصهر فيها الجماعات الدينية والعرقية المتعددة التي يتكون منها المجتمع (4 ).

ورغم اعتماد اول دستور للعراق في عام 1925، إلا ان ذلك لا يعني وجود أرضية مناسبة لديموقراطية حديثة في دولة ناشئة حديثا. إن الديموقراطية كمفهوم، وكقيمة اجتماعية، كانت ناجحة في بلدان أخرى لأنها بطبيعتها كانت ولا تزال مجتمعات متجانسة وإن الديموقراطية وُلدت فيها وكانت تلك الحاضن الرئيسي لها. ولكن لكل بلد خصوصيته الثقافية والاجتماعية، وإن الشعب العراقي آنذاك لم يكن مهيئ لقبول فكرة الديموقراطية وممارستها، بل حتى لم يكن مهيئاً للاستقلال في عام 1932 والاعتراف به كدولة من قبل عصبة الأمم.

ومن ناحيةٍ أخرى، لم تظهر الديموقراطية كمطلب اجتماعي لدى القوى السياسيّة، الا بعد توليّ فاضل الجمالي، بعد انتخابات 1954م؛ رئاسة الوزراء في العراق، إذ عمل الجمالي على إرساء بعض أسس الديموقراطية، فأجاز العمل للأحزاب السياسية، وفسح المجال أمام المنظمات غير الحكومية للعمل، كما أجرى انتخابات نيابية صعّدت جزءا بسيطًا من أحزاب المعارضة للبرلمان، ولكن هذا لم يدم طويلا بسبب تدخل نوري السعيد، وُدبّر ما يُسمى بأنقلاب القصر على الجمالي، وألغي البرلمان (5 ).
اما بعد قيام الجمهورية العراقية لأول مرّة، بعد الانقلاب العسكري الذي قام به عبد الكريم قاسم ورفاقه في عام 1958، فأنه بالتأكيد لم يكن محاولة لتأسيس ديموقراطية، بل كان طموحاً لدى بعض الضباط الاحرار لتولي السلطة في العراق، متأثرين بحركة الضباط الاحرار التي تولّت السُلطة في مصر و ذلك بدعم من الاخوان المسلمين (6 ).

اما بعد توليّ حزب البعث العربي الاشتراكي السلطة في العراق في عام 1968، فأنه قتلَ أي مبادرة يمكن أن يفكّر بها أي سياسيّ عراقي في تغيير شكل النظام الى نظام ديموقراطي، إذ إن وحشيّة حزب البعث وممارساته القمعيّة أغلقت الباب بوجه أي محاولة سياسية مغايرة لنهج البعث، وبالتالي فإن النتيجة كانت هي سيطرة حزب واحد على مقاليد الحكم، وإلغاء للسلطات الثلاث وجعلها كلها في قبضة رجل واحد: صدام حسين، وذلك حتى عام 2003.

أحتلال العراق عام 2003 ومحاولة فرض ديموقراطية مزيّفة

لم تكن الإدارة الامريكية حينذاك بدراية كاملة عما يدور في المجتمع العراقي من الناحية الاجتماعية والثقافية، تماما مثلما لم يكن البريطانيون على دراية كاملة بطبيعة المجتمع العراقي في عشرينات القرن المنصرم. كانت ذريعة الولايات المتحدة لاحتلال العراق هي امتلاك النظام العراقي السابق أسلحة دمار شامل، ثم وفي قُبيل الحرب، اكّد الرئيس الأمريكي جورج بوش، إنّ القوات الامريكية قادمة لتحرير العراق، ثم أدّعى أنه سيجلب الديموقراطية للعراقيين التي طالما كانوا يحلمون بها، وذلك يعني ضمناً تصدير ديموقراطية على الطريقة الامريكية للعراقيين.

لقد تعاون المعارضون العراقيون الشيعة في خارج العراق مع الامريكان لإسقاط نظام صدام حسين، وسيكون من صالح إيران والشيعة في جنوب العراق، المضطهدون من النظام البعثي، ان لا يُصدِر زعيم الشيعة في العراق والعالم السيد علي السيستاني، أيّ فتوى بمقاومة قوات الاحتلال الأمريكي، ودعا العراقيين للبقاء في منازلهم. وخلال أيام معدودة، يسقط النظام البعثي في العراق وتنتهي حقبة امتدت لثلاثة وثمانون عاماً من احتكار العرب السُنة للسلطة في العراق(7)

كان المعارضون العراقيون، فضلا عن أمريكا وبعض القوى الغربية، تعتقد بإمكانية تحقيق ديموقراطية وتثبيت نظام سياسي عادل في العراق. لكن، إنّ مجتمعا مرّكبّاً ومعقّدا مثل المجتمع العراقي، وشخصية مزدوجة مثل شخصية الفرد العراقي (8 )، لا يمكن بأيّ حالٍ من الأحوال تقديم ديموقراطية أمريكية له بهذه الطريقة. فهو – المجتمع العراقي- يرزح مثل عقود تحت سلطة حاكم جائر وحزب مارق ساهم في عسكرة المجتمع العراقي، سوف لن يتمكّن من استيعاب فكرة الديموقراطية بين ليلةٍ وضحاها، ونتيجة لذلك، عمّت الفوضى بشكل غير مُتوقع في انحاء العراق، بمجرد اعلان سقوط نظام صدام حسين في 9 ابريل /نيسان في عام 2003، وذلك لان العراقيين حينها لم يستوعبوا مفاهيم جديدة مثل الحريّة والديموقراطية، فهي مفاهيم جديدة ودخيلة على ثقافتهم، كما أنها كانت غائبة لعقود من حياتهم اليومية والسياسية، فضلا عن انها غائبة تماما في المناهج التربوية والتعليمية في المدارس والجامعات التي رسّخ من خلالها حزب البعث ثقافة السلطة الواحدة، والأب الواحد، والحزب الواحد. ولذا كان من المفترض ألا يتم اسقاط نظام صدام حسين بهذه الطريقة، بل يمكن دعم فكرة تغيير النظام من الداخل، أيّ من قبل العراقيين أنفسهم، وذلك بدعمهم بما يُلزم لأسقاط هذا النظام وتعزيز مفاهيم الحرية والديموقراطية في نفوسهم.

إن الإدارة الامريكية كانت تفكّر بكيفية اسقاط نظام صدام حسين والتخلّص منه، ولكنها لم تضع خطة لما بعد سقوط هذا النظام، وكيف ستكون ملامحه ومن سيقود هذا البلد نحو مرحلة جديدة. ولذلك اضطر الامريكان لتنصيب بول بريمر كحاكم عسكري لسلطة الائتلاف المؤقتة في العراق، لحين تشكيل نواة لنظام سياسي جديد سيُبنى على أسس طائفية لاحقا. هذا الأخير ارتكب خطأ فادحاً حينما أصدر قراراً بحلّ الجيش العراقي ومن ثم اجتثاث أعضاء حزب البعث من العمل في أي مؤسسة حكومية بمنصب رفيع المستوى، فقد كان من الممكن لجزء كبير من الجيش العراقي أنّ يستمر بالعمل تحت سلطة الائتلاف المؤقتة لتسيير شؤون البلاد والمحافظة على الاستقرار الأمني والسياسي.
من ناحيةٍ أخرى، واجه الحاكم العسكري في العراق بول بريمر، الذي كان يملك صلاحيات واسعة لإدارة العراق آنذاك، اول عقبة تمثلت في الصراع على السلطة بين ممثلي الأحزاب والمكونات العراقية، ولذا تم تأسيس مجلس الحكم الانتقالي، الذي يُعد ثاني هيئة تشكلت في العراق بعد سلطة الائتلاف العراقي الموحّد، حيث تم إشراك الجميع بالحكم بالتناوب ولمدة شهر واحد تماشيا مع سياسة إرضاء الجميع. وفي تلك اللحظة برزت أولى ملامح الانقسام والمحاصصة الطائفية في العراق.

أول انتخابات بعد سقوط نظام صدام حسين

في الثلاثون من يناير/ كانون الثاني في عام 2005، شارك العراقيون لأول مرة في اقتراع عام لاختيار 275 عضوا للبرلمان العراقي المؤقت. وُقبيل الانتخابات بأيام، بدأت كل القوائم المقرر مشاركتها في هذه الانتخابات بتأجيج الشارع العراقي طائفيا من اجل كسب أصوات الناخبين. تحالف الشيعة العراقيون في قائمة واحدة أطلقوا عليها اسم " الائتلاف العراقي الموحد"، ولأجل أن يتمّكن هذا التحالف من كسب الانتخابات، والذي يُعوّل عليه لضمان بقاء السلطة بيد الشيعة، نجح قادته في اقناع زعيم الحوز العلمية في النجف، السيد علي السيستاني، في دعم قائمته الانتخابية، بل والتحذير من عدم المشاركة في الانتخابات وربطها بمصير البلد الذي سيذهب الى المجهول في حالة الامتناع عن المشاركة. بالمقابل، فإن بعض القوى السُنية السياسية رفضت المشاركة في الانتخابات، بحجة عدم وجود شرعية لها في ظل وجود قوات الاحتلال الأمريكي.

إن النزوع الطائفي كان عاملا حاسما في كسب الشيعة اغلبية الأصوات. الشيعة الذين يمثلون كل محافظات الجنوب العراقي فضلا عن اجزاء لا بأس بها في محافظة بغداد وديالى. ولأجل أن يتمكّن الشيعة العراقيون في تثبيت حكمكم وإرساء طابع الشرعيّة عليه، لجأؤوا الى كتابة دستور تمت الموافقة عليه بنسبة %78، بينما ابدى السنة العراقيون اعتراضهم على هذا الدستور.
بعد وقتٍ متأخر، لاحظت القوى السنية التي كانت معارضة للانتخابات وللدستور، إن العملية السياسية تسير معهم او من دونهم، وأدركوا حينها إن من الخطأ عدم المشاركة في العملية السياسية وترك مساحة واسعة من النفوذ السياسي للشيعة العراقيين الذين يُتهمون بعلاقات وطيدة مع الجانب الإيراني، لذا قررّوا المشاركة في انتخابات مجلس النواب العراقي الدائم التي جرت في الخامس عشر من ديسمبر/ كانون الثاني في عام 2005، والذي من خلاله ستتشكل حكومة عراقية تتولى السلطة لأربعة سنوات متتالية، وبالتالي تشكّل النظام السياسي في العراق من هذه اللحظة بموجب الدستور الذي تم اعتماده في عام 2005 والذي قسّم السلطات الإتحادية الى ثلاث: تشريعية يتوّلاها مجلس النواب، وأخرى تنفيذية موكلة إلى الحكومة، وأخرى قضائية، وتتمتع كل واحدة بإستقلالها التام.

طرحت كل القوى والأحزاب السياسية (السنية والشيعية والكردية) برامجها الانتخابية، بطريقة منح وعود مغرية للناخب العراقي من دون النظر الى عدم إمكانية تحقيقها، بل كانت مجرد وعود لكسب الأصوات. فضلا عن ذلك، فإن القوى السياسية مرّة أخرى، لم تنجح في تجاوز الاستقطابات الطائفية، فهي وسيلتها الوحيدة لحصولها على صوت الناخب العراقي، الذي كان يُفكّر بطريقة طائفية نتيجة الزخم الإعلامي الطائفي. وبرغم طرح الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية لبرامجها السياسية، الا إن غياب الثقافة السياسية لدى المواطن العراقي، حال من دون الاقتراع على أساس الكفاءة والبرنامج الانتخابي الناجح. فتم التصويت لدوافع دينية وطائفية وقومية وعشائرية. فمن ناحية، أدلى الجمهور الشيعي بصوته للقوى الشيعية كأساس عام لاختيار المرشحين، ومن ثم نزولا لدرجة القرابة العشائرية داخل الدائرة الشيعية نفسها، وكذلك الحال بالنسبة لجمهور الأحزاب السنية، فضلا عن القوى الكردية التي تمثلت مشاركتها بحزبين أساسيين هما، الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني، الذي يطغى عليه الحس القومي والرغبة بالاستقلال، و حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعّمهُ الراحل جلال الطالباني.

الحرب الطائفية عام 2006 وتأثيرها على النظام السياسي

بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، أسّس زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بدعم مالي ومعنوي وعسكري من ايران، ميليشيا مُسلّحة أطلق عليها اسم جيش المهدي في أواخر عام 2003 لمقاومة الاحتلال الأمريكي كما يدعّي، فيما كانت لهذه الخطوة، فضلا عن أهدافها العسكرية والطائفية، ابعاداً سياسية، تتمثل بالحفاظ على السلطة بأيدي الشيعة وترهيب السنة من أنّ القيام بأي محاولة لاستعادة الحكم لصالحهم قد تؤدي بهم الى عواقب وخيمة.

في الثاني والعشرين من فبراير/ شباط عام 2006، فجّرت مجموعة مُسلّحة ضريح الامامين الهادي والعسكري في مدينة سامراء التي تعتبر مدينة مُقدّسة بالنسبة للشيعة، والتي تقع في محافظة صلاح الدين ذات الاغلبية السُنية. أعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن هذا الهجوم غير ان هذا الإعلان لا يجدي نفعا امام جماهير شيعية مُعبئة عقائديا وطائفيا كانت تعتقد إن الطائفة السنية هي من فجّرت مرقد الامامين العسكريين في سامراء، لذا أشعل هذا التفجير حرباً طائفية رهيبة، اخرجها من جانبها الدفين في قلوب العراقيين السنة والشيعة منذ عقود، وحوّلها الى فعل انتقامي وفرصة لتصفية الآخر وسفك المزيد من الدماء.
أشتعل فتيل الحرب الطائفية في اليوم التالي لتفجر الضريح في سامراء، إذ بدء جيش المهدي، انطلاقا من مدينة الصدر التي تعتبر المعقل الرئيسي له في بغداد، ومدينة الشعلة ومدن جنوب العراق، فضلا عن مجاميع شعبية أخرى، بالهجوم على مساجد السنة في بغداد وبعض المحافظات الأخرى، ثم تلاها عمليات تهجير طائفية قسرية ضخمة، تمثلت بإجبار العوائل السنية التي تسكن في احياء سكنية ذات اغلبية شيعية، بمغادرة منازلهم فورا والاستيلاء عليها، هذا ناهيك عن إن ميليشيا جيش المهدي قتلت الالاف من أبناء الطائفة السنيّة حتى قبل مغادرة العوائل لمنازلهم في بغداد وديالى وبعض محافظات جنوب العراق. وكرد فعل لما يحصل، تأسست فورا مجاميع مسلحة سُنية بالمقابل، أخذت تُهجّر العوائل الشيعية من الاحياء السكنية التي تقطنها غالبية سنية، كبعض الاحياء في محافظة ديالى وصلاح الدين والانبار والموصل. وبالنتيجة فأن تغييرا ديموغرافيا كبيرا حصل وغيّر التركيبة الأساسية لكل مدينة عراقية. إذ أصبحت هناك احياء ومدن كاملة للشيعة فقط، وأخرى للسنة فقط. ثم بدأت المرحلة الثانية من الحرب الطائفية وهي القتل على الهوية. إذ عمدت كل مجموعة مسلحة من كلا الجانبين بنصب سيطرات وهمية في أطراف المدن والاحياء السكنية للتحقق من هوية الداخلين والخارجين منها وتعذيبهم وقتلهم فيما لو ثبت انهم ينتمون الى طائفةٍ أخرى.
إن النظام السياسي في أي بلد هو انعكاس للمجتمع الذي يحكمه، فكيف والحال أصبح إن المجتمع مشحون طائفيا الى درجة لا يمكن تخيلها، فكانت الحكومة العراقية آنذاك عاجزة عن فعل ايّ شيء واتخذت موقف المتفرج. بل واخذ جيش المهدي يسيطر على مدن ومحافظات بأكملها ويتحدى ويتجاوز على القوانيين النافذة بل وعلى القوات الأمنية التي كانت لا تستطيع ردع هذا الكيان المسلّح.
إن عملية التفجير هذه، وما ترتّب عليها من حربٍ طائفية وتغيير ديموغرافي كبير، خصوصا في بغداد، التي تعتبر الحاضن الأساسي للنظام السياسي فيه، قدّم خدمة أخرى لإيران للامساك بزمام الأمور والسيطرة على إدارة الحكم وفق ما تتطّلبه مصالح طهران. وبالتالي تم تشييع بغداد لإبعاد الخطر السني من الإقتراب من السلطة. اما على المستوى السياسي، فإن التخندق الطائفي كان على أوجّه، اذ أصبح السياسيون يتهّمون بعضهم البعض بالطائفية في حين إن النظام السياسي كلهُ أصبح طائفيا، بل وعَمَد كثيرٌ منهم الى تأجيج وتصعيد الموقف وتمويل وتسهيل عمليات القتل الطائفي.

تكليف المالكي لرئاسة الوزراء وبداية لسياسة طائفية إقصائية

اتفقت الكتل السياسية على تقاسم السلطة فيما بينها على أساس نظام محاصصاتي وطائفي لا يمت للديموقراطية بأي صلة. تمسكت القوى الشيعية بمنصب رئاسة الوزراء، وتحديدا لحزب الدعوة الإسلامية، على اعتبار إن الشيعة يمثلون اغلبية سياسية وسكانية، في حين تم منح منصب رئيس الجمهورية للكورد، بعد أن أصبح منصبا تشريفيا. اما رئاسة مجلس النواب فكانت من نصيب القوى السنية. وهكذا تم تصميم النظام السياسي العراقي بهذا الشكل الطائفي الذي سوف لن يساهم في احراز أيّ تقدم على مستوى بناء دولة وطنية، بل وعلى مستوى تأسيس ديموقراطية حقيقية تتمكن من خلالها الأغلبية الوطنية من بناء دولة عصرية تجمع كل مكونات الشعب تحت ظلالها.
تولى المالكي منصب رئيس الوزراء في مايو/ ايار 2006، وقد كان الوضع على اشد خطورته من ناحية القتل الطائفي والعمليات الانتحارية والسيارات المُفخخة التي تعصف بالأبرياء كلما اشتدت ازمة سياسية.
في عام 2007 أطلق المالكي عملية عسكرية، والتي كانت تهدف لتحجيم نفوذ جيش المهدي الذي يُسيطر على مناطق ومدن كثيرة. استطاع المالكي بعد معارك ضارية في مدينة البصرة ومدينة الصدر التي تُعد معقل جيش المهدي، أن يهزم جيش المهدي ويزج بعدد كبير منهم في السجون. ثم تلتها عمليات واسعة في الموصل كانت موجّهة ضد تنظيم القاعدة في الموصل. ثم وقّع على إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين بعد أنّ رفضت رئاسة الجمهورية التوقيع على إعدامهِ.
لاحقا، أدرك العراقيون مدى فظاعة الأفعال التي ارُتكبت تحت مُسمّيات طائفية، وأدركوا إلى حدٍ ما أنهم لعبة بيد مجموعة من اشباه السياسيين الذين لا تهمهم مصلحة الشعب، كما إن شعبية حزب الدعوة الإسلامية بدأت تتضائل شيئا فشيئا نتيجة الإخفاقات التي مُنيّ بها في احراز أي تقدم أمني او خدمي، فيما لا يزال الشعب يرزح تحت ظروف سيئة لا يمكن لأي انسان ان يعيش فيها.
في عام 2010 وقبيل الانتخابات التشريعية الثانية، شعر المالكي بأنه قد أحرز العديد من الانتصارات وانه لاقى قبولا شعبياً واسعاً خصوصاً بعد اتفاقية الانسحاب الأمريكي من العراق والتي وُقعت في عام 2008 بمبادرة منه، واعتقد إنه يستطيع لوحده أن يخوض الانتخابات بمعزل عن الائتلاف العراقي الموحد الذي كان قد رُشّح سابقا من خلاله لتولّي ولايته الأولى.

انقسم الائتلاف العراقي الشيعي الموحّد الى قائمتين انتخابيتين، الأولى هي التي انفرد بها المالكي وأطلق عليها اسم " ائتلاف دولة القانون" والثانية احتفظت بنفس الاسم " الائتلاف العراقي الموحّد" برئاسة إبراهيم الجعفري، وكان هذا اول انشقاق في البيت السياسي الشيعي في العراق لنتيجة لطموحات المالكي الزائدة بالسلطة. كذلك ساهم المالكي بشكل كبير في استبعاد بعض السياسيين السُنة المناهضين له ولسياستهِ، لذلك وظف هيئة المسائلة والعدالة (الهيئة المتخصصة في استبعاد كل من عمل مع حزب البعث من الترشح للانتخابات او تولّي أيّ مركز مهم في النظام السياسي الحالي) فضلا عن القضاء، لخدمة اغراضه الشخصية وطموحاته في البقاء في السلطة لفترة أطول. وهو ما يعني أن هيئة المسائلة والعدالة والسلطة القضائية اصبحت بيده وفقدت استقلاليتها بالكامل، وهو ما يتنافى مع قيم الديموقراطية ومتطلّباتها الاساسية في الفصل بين السلطات وألا يكون دور رئيس الوزراء دورا اقصائيا ذات صلاحيات مطلقة وإلا تحوّل الى ديكتاتور.

أياد علاوي، المنافس الأكبر لنوري المالكي، الشيعي المحسوب على السُنة، وبالمعروف بعلمانيتهِ، استغل فرصة انقسام الائتلاف العراقي الموحد إلى قائمتين انتخابيتين وجمع أبرز القوى السنية في قائمة واحدة أطلق عليها " القائمة العراقية ".
اسفرت نتائج الانتخابات عن فوز غير متوقع لأياد علاوي بفارق بسيط عن غريمه نوري المالكي، وهو ما اعُتبر صدمة للأحزاب الشيعية وللجمهور الشيعي، بل ولإيران التي تحاول الإمساك بزمام الأمور في العراق من خلال اختيار اشخاص موالين لها في العملية السياسية التي تديرها من خلف الكواليس. لكن نوري المالكي، وفي سابقةٍ خطيرة وضربة قاسية للديموقراطية المزعومة في العراق، رفض القبول بنتائج الانتخابات، بل ولجأ من خلال سيطرتهِ على السلطة القضائية لإيجاد مخرج يسمح له البقاء في السلطة، وذلك عبر تحويل مفهوم الكتلة الفائزة بالانتخابات والتي من المفترض ان تتولى رئاسة الوزراء، الى فكرة إن الكتلة البرلمانية الأكبر التي تتشكل تحت قبة البرلمان هي من سُتناط بهذه المسؤولية. بعد مضي تسعة أشهر، تمكّن المالكي أخيرًا من البقاء في السلطة من خلال تشكيل أغلبية سياسية في البرلمان بعد الكثير من المفاوضات ومحاولات الترهيب العديدة (9) .


ثورات الربيع العربي وانعكاساتها على النظام السياسي في العراق

تأثر العراق بموجات الغضب العارمة التي حدثت في عدّة دول عربية والتي اسُقطت بفضلها أنظمة سياسية ديكتاتورية، والتي سُميت بثورات الربيع العربي. تابع العراقيون بشغف ما يدور في تونس ومصر، وارادوا بطريقةٍ ما تقليد ما حدث في مصر في محاولةٍ للتخلّص من الطغمة السياسية الفاسدة ومحاولات المالكي للسيطرة على جميع مفاصل الدولة.

بدأت التظاهرات في فبراير/ شباط عام 2011 وامتدت لتشمل عدة محافظات، وصدح المتظاهرون في ساحة التحرير بضرورة تنحّي المالكي عن السلطة، والقضاء على الفساد المالي والإداري وتقديم الخدمات. استمرت الاحتجاجات حوالي شهرين، اسفرت نتائجها عن استقالة بعض المُحافظين لكنها لم تؤتي بثمارها، ولم تؤدي الى اسقاط او اصلاح النظام، وذلك يعود اولاً الى طبيعة الفعل الاحتجاجي في العراق والمرتبط بالمزاج الشعبي العراقي الذي يراهن عليه السياسيون دائما، من حيث انه لا يمكن ان يستمر لفترة طويلة، والاهم إن هذه الاحتجاجات لم تتلقى تأييدا دوليا وإقليميا حقيقيا مما أضعف من قدرتها على إحداث تغيير، فيما يرتبط السبب الثالث بالقمع وعمليات الاعتقال التي نفذتها أجهزة الامن ضد المتظاهرين والناشطين وتعذيب الكثير منهم. وهو ما يُعد خرق فاضح يمارسه النظام السياسي في العراق الذي يتبجّح بحرية التعبير والديموقراطية.

من جانبٍ آخر، بدء المالكي ولايته الثانية مشحونا برغبة طائفية في تفكيك الأحزاب والتكتلات السنية وعلى رأسها القائمة العراقية التي الحقت به هزيمة في انتخابات عام 2010، بل وضرب الشخصيات البارزة والمناهضة لسياسته. ففي عام 2011 أصدرت السلطات العراقية برغبة من المالكي مذكرة قبض على طارق الهاشمي الذي كان يشغل نائب رئيس الجمهورية، مما اجبر الأخير الى الهروب الى كردستان ثم الى خارج العراق. ثم طال الامر وزير المالية في حكومة المالكي، رافع العيساوي الذي احتج على سياسة نوري المالكي وتواجد في ساحات التظاهر في مدينة الانبار في عام 2013دعما لأبناء طائفته، مما اجبر المالكي للضغط على القضاء لإصدار تهم بالإرهاب لوزيره العيساوي الذي قدم استقالته وفر الى كردستان ثم الى خارج العراق.
انتهج المالكي نهجا طائفيا وذلك بأعتقال العشرات من أبناء المحافظات ذات الأغلبية السنية، ونتيجة لذلك عمّت تظاهرات في بداية عام 2013 في الانبار وصلاح الدين ثم الموصل، تنديدا بالسياسات الحكومية الطائفية وطالبوا المالكي بالاستقالة. لقد كانت مطالب المتظاهرين مشروعة، تمثلت في إطلاق سراح الاف المعتقلين من أبناء السنة في السجون من دون قرار قضائي، فضلا عن الغاء المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب الذي يعتقد السنة انه صُمّم خصيصا لترهيبهم وانه يستخدم لأغراض سياسية يريدها المالكي للانتقام من السنة بدوافع إيرانية.

كانت التظاهرات في بدايتها سلمية، ولكن النظام السياسي في العراق، وبسبب طائفيته لم يستطع احتواء تلك الازمة وتقديم الحلول التي من شأنها دعم استقراره، بل تعامل مع التظاهرات من منطلق طائفي وكأن السنة ليسوا عراقيون، وان التظاهرات يُراد منها نزع السلطة من الشيعة، وهو ما يُمثل كابوسا سنيا للاحزاب الشيعية الحاكمة في العراق. ونتيجة لعدم اصغاء الحكومة لصوت المُحتجين في الانبار، انتقلت احتجاجاتهم الى التصعيد في اللهجة والخطاب، من خلال تهديد المالكي والقدوم الى بغداد لإسقاط النظام بالكامل، بل ورُدّدت لاحقا شعارات لتنظيم القاعدة في ساحات التظاهر وهو ما اتخذه المالكي ذريعة لإنهاء التظاهرات.
إن الأنظمة السياسية في البلدان الديموقراطية، لا تنتهج نهجا طائفيا او دينيا مع او ضد أحد، وانما يكون نظامها السياسي مبني على أسس وطنية تتماشى وحقوق الانسان وكرامته وحرية التعبير والتبادل السلمي للسلطة وحرية التظاهر، ويُعامل كل الافراد كمواطنيين متساويين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات. فيما يحدث العكس تماما في العراق الراهن.

انتخابات عام 2014 و محاولة التشبث بالسلطة

في الثلاثين من ابريل/ نيسان عام 2014 جرت انتخابات برلمانية لانتخاب حكومة وبرلمان جديدين، وتصاعدت وتيرة التجاذبات الطائفية بين الاحزاب المشاركة في الانتخابات في محاولة لزيادة رصيدهم الانتخابي من خلال كسب اصوات الناخبين. بعد مرور عشرين يوما، اعلنت المفوضية العليا للانتخابات عن النتائج التي حقق فيها المالكي فوزا واضحا وبفارق كبير عن بقية الاحزاب المشاركة. حاول الاخير بشتى الطرق البقاء في السلطة لولاية ثالثة، غير ان الضغوطات الامريكية على ايران، اجبرت الاخيرة اعطاء الضوء الاخضر بإستبدال المالكي برئيس وزراء جديد من داخل نفس الحزب، فتم اختيار حيدر العبادي رئيسا للوزراء، الذي كان عليه ان يواجه حربا صعبة ضد تنظيم داعش الارهابي الذي كان للتو قد احتل ثلاث مدن عراقية سُنية.
انعكست طبيعة النظام السياسي الطائفي في العراق على طبيعة الشارع العراقي، الذي انقسم بوضوح الى معسكرين: الاول هو المعسكر الشيعي الذي يعتقد إن السنة ارهابيون، فيما تمثّل المعسكر الثاني بجمهور المحافظات السنية الذين كانوا يعانون من سوء المعاملة والتعنيف من قبل القوات الحكومية " الشيعية ".

حاول العبادي ممارسة سياسة التوازن وارضاء جميع الاحزاب برغم اختلاف طموحاتهم وتوجهاتهم السياسية والطائفية، واستطاع الحصول على دعم دولي لهزيمة داعش وتحرير المدن المحتلة مع خسائر كبيرة في الارواح والممتلكات. إلا انه لم ينجح في تقييد الحشد الشعبي " الشيعي" الذي كان قد تأسس بفتوى شيعية من المرجع الاعلى للشيعة في العالم السيد علي السيستاني عام 2014، كرديف للجيش العراقي الذي انهزم امام تنظيم داعش. ولكن يمكن رصد الهدف الخفي من وراء تأسيس هذا الحشد، الا وهو السيطرة الكاملة على العراق من قبل ايران التي كانت وراء تأسيسه، الذي كان و ما يزال خارج عن سيطرة الحكومة العراقية.

انتخابات عام 2018 : الشيوعيون و الصدريون في تحالف واحد

جرت الانتخابات البرلمانية في 12 مايو / ايار 2018، حيث اعلن رئيس الوزراء العراقي انذاك حيدر العبادي تأسيس تحالف سياسي اطلق عليه تحالف النصر. فيما تحالف الشيوعيون والمدنيون لاول مرة في تأريخ العراق معا في قائمة واحدة، وقد حققوا نصرا انتخابيا من خلال الحصول على اعلى عدد من المقاعد في البرلمان العراقي، ثم نجحت الاحزاب بعد مفاوضات معقدة وفترة زمنية تجاوزت الفترة المحددة في الدستور العراقي من تسمية رئيس وزراء شيعي من خارج تلك الكتل، فتم الاتفاق على تسمية عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء، الذي كان وزير النفط الاسبق والمستقيل من العمل السياسي في عام 2016.

الشيعة ينتفضون ضد لاسقاط النظام السياسي

لم يكن عبد المهدي خبيرا سياسيا ولم يكن قادرا حتى على ادارة البلاد، اذ عُرف عنه إن مدير مكتبه هو من يدير شؤون البلاد نيابة عنه. وقد فسح عبد المهدي المجال لايران للتوغل اكثر في اعماق الدولة العراقية. ونتيجة لتردي اوضاع البلد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، انتفض الشباب العراقي ضد هذا النظام فيما عُرف بثورة تشرين عام 2019، والتي حدثت في بغداد وبعض محافظات الجنوب، والتي استمرت لعدة اشهر قتل خلالها مئات من الشباب العراقي فضلا عن الآف الجرحى لنتيجة القمع الذي مارسته القوات الأمنية و بأوامر حكومية غير مُعلنة فضلا عن الميليشيات التابعة لايران و بضغط إيراني ملحوظ، لقمع هذه الانتفاضة التي اطلق عليها المناهضون لها " ثورة الجوكرية – ثورة عملاء السفارة الامريكية". فضلا عن مئات المعتقلين والمختطفين لحد الان، اذ مثلت انتكاسة كبيرة وانتهاك صارخ لحقوق الانسان.

طالب المحتجون بإسقاط النظام السياسي بأكمله – الحكومة والبرلمان معا- ومحاسبة جميع الفاسدين وممن تلطخت ايديهم بدماء العراقيين. ونتيجة للضغوط الكبيرة، اجُبرعادل عبد المهدي على تقديم استقالته. لاحقا وبعد مفاوضات عسيرة بين الكتل والاحزاب السياسية سلتسمية رئيس وزراء بديل، وبعد ان اخفقوا مرتين في تسميته، اعلنوا عن تنصيب مصطفى الكاظمي رئيسا للوزراء، والذي يشغل هذا المنصب حتى الآن، والذي اتهمه البعض بميوله لصالح امريكا والقوى الغربية على حساب علاقته مع الجارة ايران.
ان عدم استقرارية النظام السياسي في العراق منذ عام 2003 ولحد الان، تعكس تخبط القوى السياسية في ادارة البلاد فضلا عن انها اثبتت عدم قدرتها على تسيير شؤونه الداخلية والخارجية، اذ تفتقر القوى السياسية الى التجارب السابقة والرؤى المستقبلية لبناء عراق جديد. من جانب آخر فأن التدخلات الخارجية سواء من دول مجاورة اواقليمية، او من قبل دول عظمى، ساهمت في زعزعة النظام السياسي، الذي كان وما يزال نظام سياسي غير ناضج و غير واضح المعالم.
اما على مستوى القاعدة الجماهيرية "الشعب" فإنه لم يكن مهيئا لممارسة الديموقراطية بهذه الطريقة التي فُهمت على انها انتخاب قائم على اساس طائفي، أي تحقيق اغلبية طائفية للاستحواذ على السلطة.
إن النظام السياسي بعد عام 2003 هو بحد ذاته نظام مأزوم ويعاني من عدم الاستقرار وعدم وجود خارطة طريق واضحة، ولذلك نرى بين الحين والاخر، ان هذا النظام ينتج ازمة سياسية في محاولة عكسية منه لديمومة بقاءه.كما ان بناء ديموقراطية في بلد ما يشترط وجود طبقة وسطى، وجود دولة تحتكر لوحدها وسائل العنف الشرعي، فضلا عن وجود مجتمع متماسك يمتلك ثقافة سياسية وتشوق للحرية(10) . وهو ما لا يوجد في عراق اليوم.
.

إبراهيم الساعدي
باريس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. CF. Pierre-Jean Luizard, La formation de l’Irak contemporain, CNRS Editions, 2002.
2. Pierre-Jean Luizard, la question irakienne, Fayard, 2002, p 39
3.Ibid. p 43-44
4. Matthieu Rey, l armée en Irak de 1932 à 1968, Presses de Sciences P, 2014, 4 N° 124, pages 33
5.علاء حميد، الديموقراطية وتأريخها في العراق: جدل الشكل والمضمون، مقال منشور في صحيفة الديوان بتأريخ 30 ابريل 2019
6. Jean-Pierre Filiu, Les Arabes, leur destin et le nôtre, éditions la Découverte, Paris, 2015, P 109-110
7.Pierre-Pean Luizard, Chiits et Sunnites, Tallandier, 2017, p 274
8. علي الوردي، دراسة في طبيعة المجتمع العراقي، وكذلك انظر: علي الوردي، شخصية الفرد العراقي
9. Myriam Benraad, La transition irakienne a-t-elle eu lieu ? la vie des idées-Févier,2012, P4
10. للمزيد انظر: فالح عبد الجبار، الديموقراطية المستحيلة والديموقراطية الممكنة، دار المدى للطباعة والنشر، 1998








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة