الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماركس الطبقي واوربا التحوليّة؟/3

عبدالامير الركابي

2021 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في المجتمعات التي تغلب الخاصية الطبقية على تكوينها البيئي البنيوي، يكون المتقدم والرئيسيي في صياغة تاريخها، الجانب الطبقي من بين التمايزات المجتمعية المختلفة، السلطوية/ التملكية، على تغير اشكالها البيئية الناجمه عن علاقة الظاهرة المجتمعية بالبيئة، هذا مع الانتباه الى ان المجتمعات كلها بالاجمال محكومة الى التحولية، وموجودة لكي تتجاوز ذاتها كينونه وبنية وتفاعلات، مع ما تفرزه من نتاتج عبر التفاعلية التصيرية التاريخيه. بعنى ذلك ان ظاهرة الطبقية هي خاصية وميزه مجتمعية، وليست هي المجتمعية، او مايطبع ويميز الظاهرة المجتمعية كما تصورها ماركس وانجلز في النصف الثاني من القرن التاسع عشرفي اوربا.
(( تنويه لاغنى عنه:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اجد نفسي مضطرا هنا للفت الأنظار الى كوني لست في وارد او نية الدخول في مماجكات، او سجالات عقيمه على طريقة الببغاوات والاتباعيين / ممن كنت بمعنى ما، وفي يوم تكويني ابتدائي ما،في معسكرهم / ممن يقولون عن انفسهم بانهم "ماركسيين"، صنف الانتمائيين الذين لم يعرفوا، ولا حاولوا التعرف في يوم من الأيام على ماركس او المسالة المجتمعية في ذواتهم، وعبر كينونة مجتمعاتهم، فضلا عن الكشف عن مصدر الماركسية، واشتراطاتها التاريخيه والواقعيه، وإذ اشيرهنا الى "التحولية" باعتبارها نظرية العالم المجامعة الاعلى، وناظمة الوجود والفعالية المجتمعية، وضابطة اغراضها ومآلاتها، فانني لا اجد في نفسي أي مكان من شانه التعامل بضعة مفهومية وتاريخيه، لا بازاء ماركس، او بتلهايم، او ويبر، ولا إزاء اوربا، كما انني لااجد ماركس من موضعه، اجدرمن أي رافديني، او احق منه، بالذهاب للتصدي لاخطر شؤون العالم والمجتمعات، هذا وهو ابن الأساس المجتمعي البدئي الرافديني السومري البابلي، الابراهيمي الكوني، مع منجز الدورة التاريخيه الثانيه العظيم، العباسي القرمطي الانتظاري.
بعكس ذلك فانني اعتقد بالمقارنه، بان ماركس قد تعدى متجاوزا من باب القصور العقلي المواكب لعمل العقل البشري إزاء الظاهرة المجتمعية، لما هو غير جدير به تكوينا وبنية باقتراحه مالات انتهائية مجتمعية، في حين تمتلك ارض الابتداء الازدواجي التحولي المجتمعي مثل هذا الحق، الذي يرقى اليوم لكي يتحول الى واجب دال على ضرورة استثنائية، تبدا بالحلول على التاريخ، وعلى مصائر البشرية ووجهتها الحياتيه الوجودية لزوما وضرورة قصوى.
ولابد من انتهاز الفرصة للاعلان بان المجتمعات تشارف اليوم ومن هنا فصاعدا، على دخول زمن "التحوليّة" المشفوعه بحالة واشتراطات "العيش على حافة الفناء"، وإذ يتسلى الطبقيون الببغاويون اليوم بالتعريض بالراسمالية بمناسبة كارثة الكورونا، معتبرين إياها عاملا مساعدا مرسلا من العناية الإلهية لتحقيق شكل من "الاشتراكية الكورونيه"، ناجمه عن انكشاف علل الراسماليه وقصورها، فقد صار من الملح ان تزال يقايا الغشاوة من على عقول، يفترض ان تكون هي الاجدر بان تنتقل اليوم من محطة "الطبقية"، الى "التحوليّة"، فترى الى العالم من زاوية مازق المنتجية الذي اورثته "الالة" للمجتمعات، مع كسرها القواعد البيئية المجتمعية،وماكان متوقعا لها بناء عليه من تداعيات ونتائج مخلخله للوجود المجتمعي، ولضوابط وتوازنات الاستمرارية المجتمعية الأولى، وماقد تولد عنه سياق من المنتجية الاليه، والتدخليه الواعية المدمرة اطرادا، لاسباب وممكنات الاستمرارية المجتمعية، وصولا الى الانقلابيه الخارجه عن الضبط، الحالة على الاسباب والتوازنات الطبيعية الحياتيه.
ومانشير له بوضوح، ونريد الدلالة عليه، هو ان تاريخ صلاحية الكوكب الأرضي قد شارفت من هنا فصاعدا على الانقضاء، وانها بالاصل والكينونه الأساس والمنطلق كذلك، وان كل مايتصل بالغرب الحديث ورؤاه، وتصوراته عن العالم، مجرد أوهام واضاليل تنتمي لنوع مجتمعات وتفكير بعينه، له حدوده، ظل غالبا على العقل، ابان زمن غياب وتعذر مقاربة اماطته اللثام عن التحوليّة، مااتاح غلبة الأحادية المجتمعية والتفكرية، وصولا الى اعلاها وارفعها ديناميات، كما هو متمثل بالنمطية الأحادية الطبقية الاوربيه الحديثة.
ولن نستطيغ منع أسباب الضعه، والمصالح المترتبه على الاتباعية، من ان تستهول، لابل تستفظع تجرؤنا على المقدس الماركسي، وعلى "ماركس" النبي الموحى له من قوانين الصراع الطبقي بدل جبريل، وهو مايتوقع ان يكون احد العقبات والصادات المتهافته، بالاخص بعد ان بلغت ماركسية ماركس ولنين مستوى من التآكل والتهالك المزري، من شانه ان يجعل كل تصد من جانبها للتحولية من قبيل اكمال عملية دفنها التي تاخرت الى الان بسبب غياب البديل، مع متبقيات القصور العقلي، والتفارقية الملازمه للعلاقة بينه وبين المجتمعية.
التحولية المنظور المؤجل منذ سبعة الاف عام، او "قرآن العراق" ليس نظرية تبحث في الظاهرة المجتمعية، بل دلالة تصورية لشكل الانتقالية التحولية ابان زمن الانقلابيه العظمى، وانتهاء امد الارضوية، وصلاحية الكوكب الأرضي للعيش البشري، وهي ـ ونحن ندين هنا لماركس مستعيرين مقولاته ـ دليل عمل، ومنهجيه تنظيميه حياتيه شامله، ترسي قواعد واسس التعامل مع ظاهرة انتهاء الصلاحية الأرضية، وسيادة مبدا "العيش على حافة الفناء" للحياة على كوكب الارض، الامر الذي ستتكفل الأرض والمجتمعات مجتمعة في تكريسه، اطرادا وبالتواتر، ما سيحكم نمط الحياة على الكوكب الأرضي من هنا فصاعدا. وحيثما سيظل الارضويون الاحاديون يقولون ويكررون، ويوحون من طرف خفي، بان أزمات العالم والحياة عارضة، او قابلة للاحتواء، وان عودة البشر الى الحياة البيئية المعتادة، هي القاعده التي ستتم العودة لها، فان الوقائع الكوارثية على الصعد المختلفة، ستظل تقول من جهتها، قولتها الاصدق، والأكثر ايقاظا لحاسة البحث عن البدائل تحت طائلة التهديد المهول المرعب، والمتواتر الذي سيكون من هنا فصاعدا سيد الحياة.
هل ثمة من امل؟ وهل من احتمال استمرارية للكائن الحي على الأرض، او خارجها؟ تلك هي الأسئلة الكبرى الملحة، والتي تتعاظم الحاحا اليوم، الامر الذي تعجز عنه كل منظومة التفكير البشري المعروف الى اللحظة الحالية، لانها على الاطلاق والعموم، منظومة تفكير قصوري ماقبل "مجتمعي"، عاجزة عن التعرف على الحقيقة المجتمعية ومنطوياتها، والمستهدفات القابعه في عمق كينونتها كظاهرة.
اذن لا امل يمكن ان يتوقعه البشر والكائن "الانسايوان" المسمى ب "الانسان" اعتباطا، الا بالانتقال العقلي المجتمعي، والا بشرط التعرف على "التحولية" المنقذه، كناظمة مجتمعية، و" قانون" اعلى مسيّر للوجود الحياتي المجتمعي، وصولا لغاية. بمعنى ان الثورة العقلية الراهنه الرافدينيه، هي شرط بقاء واستمرار الجنس البشري، فضلا عن إمكانية واحتمالية استمراره، وبالذات "تحوله" كما مقدر له، ومقرر من القوانين الكونية والغائية الكونية العليا، من تحول، من الجسدية بصفتها حالة عارضة، وحاملا للعقل، الى استقلال العقل وتحرره من وطاة وقيود الارضوية الجسدية، بعد انتهاء مبرر الخضوع لها، او القبول بسطوتها.
ذلك هو المنطوى المتنامي اليوم في ارض سومر، وساحة الحبوبي في ارض إبراهيم، وعلى مقربة من بيته ومنطلقه، منذ 1تشرين 2019 ،كما كانت دلالة انتفاضة الاهوار المسلحة عام 1968 قبل اكثر من أربعين عاما، باعتبارهما صوت التاريخ البدئي الثاني، البشري، المكتمل، وهو يتشكل في رحم متبقيات الماضي المتراجع الآفل، مع كل متعلقاته، ومابقي من افكاره الارضوية البالية، وصولا الى القفزة العظمى، مع عبوره الحاجز الفاصل بين الزمنين، ذهابا الى التاريخ التحولي المنتظر على مر قرون الارضوية الزائلة، فليس ماتضج به ارض الرافدين اليوم، ولا الدماء التي تواصل رواية الأرض، وبعكس مايظن العقل القصوري، الا دماء العبور بالتاريخ والوجود الى سدرة المنتهى، التي ستصير باسقة مع "قران العراق"، يوم تكون الرمادي والسليمانيه والموصل قبل بغداد، وحدة متالقة مشتعله، تدل البشرية كما فعلت على مر تاريخها، نحو معارج السماء)).
هذه المقاربة تجيز لنا القول بان ماحدث في اوربا من انتقال الى الآله المتداخله مع التحول البرجوازي الراسمالي، هو حدث تحولي لاطبقي، وضرورة انتقالية راجعه الى ضرورات التحول ومساراته، لا الى ماراه ماركس وهو يتوقع انتهاء المراحل التاريخيه، نحو اعلاها وارفعها بزوال الراسمالية وحلول الاشتراكية والشيوعيه، متجاوزا على العنصر الالي الحاسم، والذي سيؤدي فعليا الى انتهاء دور اوربا الطبقية كقوة فعالية، لصالح كيانيه مفقسه خارج رحم التاريخ، مكتشفة حديثا، تتبلور بقوة الآله والاسقاطية الراسمالية، بينما تشيع على مستوى المعمورة حالة الطبقية الالية المستجدة، ويبرزمايدل عليها، و اهم نموذجين منها : الروسي اللينيني، والصيني الماوي، وصولا لانهيارهما،واختفاء طابعهما الوهمي المتشبه ب "الاشتراكيه"، بمقابل بدء حلول اشتراطات الانتقالية التحولية في ارض الرافدين.
ذلك هو المسار الحديث الناظم للكرة الأرضية ومجتمعاتها، وما نطلق عليه آليات "التفارقيه الرباعية" المفضية في النهاية والحصيلة، الى انتقال البشرية، من الأحادية القصورية، الى " التحولية"، وهو ماتبدا علامات صعوده في ارض الرافدين وجنوبها المتوثب المشتعل، والسائر الى الانفجار الأعظم التحولي.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل


.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان




.. حفل زفاف وسط دمار الحرب في غزة


.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج




.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط