الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعودية في عين العاصفة الامريكية -2-

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2021 / 3 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


رغم اهمية تقرير المخابرات الامريكية حول السعودية وتحديدا مقتل الصحفي خاشقجي فان مضمونه لم يأتي بجديد سوى ما كان متوقعا .. ومن هنا فالإدارة الامريكية لن تذهب اكثر من نشر التقرير دون ان تتبعه اجراءات قانونية اخرى ..ولعل الاتصال الهاتفي السابق لإعلان التقرير بين الرئيس الامريكي والملك سلمان يتضمن ما اشير اليه ..
وهنا لا فرق بين ادارة ترامب وبايدن ..كلاهما يريدان ابتزاز الدولة السعودية وتوظيف التقرير للحصول على مطالب تشكل اوراق سياسية واقتصادية متعددة ( لا يرتبط التقرير بتحقيق العدالة ) ترتبط بعضها بالداخل الامريكي ضمن لعبة بين بايدن وسلفه وانصاره وترتبط بعضها بالداخل السعودي ذاته -وهو الاهم - ونقصد بذلك خطوات الاصلاح السياسي والحقوقي ..منها المطالبة بالإفراج عن بعض اصدقاء امريكا من الامراء ممن تم التحفظ عليهم ، واجبار المملكة للحوار مع ايران والتقارب معها في ملفات محددة مرسومة وفق الاجندة الامريكية في سوريا والعراق ومنها ما يتعلق باليمن وورقة اخرى بالتطبيع الذي تستعجله إسرائيل كما كانت إدارة ترامب تستعجله أيضا لما له من أهمية كبيرة في المشهد السياسي إقليميا ودوليا..
المؤكد هنا ان الادارات في الغرب الرأسمالي تعتمد الابتزاز لأصدقائها وحلفائها او شركائها خاصة وان السعودية في مسيس الحاجة لاستمرار الدعم الامريكي -الحماية- التي تشكل نقطة ارتكاز في العلاقية بين امريكا والسعودية وفق الاتفاق المبرم عام 1945 ، لكن كثير من دول العالم الثالث لا تتنبه الى تكرار عمليات الابتزاز لان سياساتها الداخلية والخارجية ليست محكومة بمرجعية دستورية او قيمية واضحة بل مزيج من الارتجال والقرارات الاعتباطية التي يستغلها الخارج الدولي كأوراق ضغط سياسية كما في حادثة الصحفي المشار اليه في التقرير الأمريكي تجاه السعودية ..
ومع تزايد الضغوط محليا واقليميا من ايران وتركيا فان حسابات السعودية لا تدفعها للخروج عن الحماية الامريكية وهو خطأ ارتكبته من خمسين عام كان لها ان تعيد الحسابات على الاقل من عشرين عام لتصنع لها حلفاء اقويا تستند الي قدراتهم مثل روسيا والصين وربما فرنسا وبريطانيا لتقليل حدة الضغوط الامريكية بين الحين والاخر بل وعليها التفكير في تشكيل تكتل إقليمي يقوم على مرتكز اقتصادي وسياسي يشكل رافعة مهمة لدعم سياساتها المحلية والخارجية خاصة واننا في زمن العولمة تحتاج كل الدول الى روافع بنيوية إقليمية ودولية لتكون جزءا منها وتكون مظلة لحماية الدولة وتقليل تدخلات القوى العظمى في سياساتها ..وكان على السعودية ان تجدد وتبتكر افضل السبل والادوات للتعامل مع ايران اما لاحتوائها او جعلها شريكا تقل معه المخاطر او المواجهة من مرحلة مبكرة بل ان تحشيد السعودية دول الإقليم معها ضد ايران لم ينجح ولم تحصل الا على بيانات إعلامية مؤيدة دونما سياسات حقيقية ..ا
لجدير بالذكر ان ايران اليوم اصبحت قريبة جدا من اعلان امتلاكها للقنبلة النووية وامريكا تعرف هذا الامر وسيتحول قريبا الى امر واقع تبرره أمريكا لأنها ستضمن وفق حدود معينة امن إسرائيل ضمن اتفاقات سريع مع ايران ..هذا الامر يخل كثيرا بموازين القوة بين ايران والخليج والعرب عامة ، وايران والسعودية خصوصا ، ناهيك عن تغلغل ايران في اكثر من اربع عواصم عربية كانت غالبيتها محل نفوذ تقليدي للسعودية علاوة على تمدد حلفاء ايران في حدود السعودية الشرقية والجنوبية والشمالية الامر الذي يضع امن المملكة في مخاطر حقيقية وهو ما يجب ان يكون محل دراسة وتفكير من منظور استراتيجي مع سرعة اتخاذ حزمة من الإجراءات والسياسات والا تحولت تلك الحدود و مخاطرها الى كابوس يهز امن واستقرار المملكة ..
ومن المؤكد ان هذا التقرير سيحدث هزة كبيرة داخل النظام السعودي ومعه ستتعرض المملكة لهزات كثيرة خلال حكم بايدن وربما من اطراف اخرى اوربية او اقليمية ...ومن هنا ووفقا لعوامل ذاتية وموضوعية يجب على المملكة الاسراع بمزيد من التغيير السياسي بل اعادة هيكلة للنظام في المملكة في مجالات التعليم العام والتعليم الجامعي ومجالات الاعلام والامن وحقوق الانسان وتعزيز ممارسات علنية للمجتمع المدني ..ومن ثم فهكذا تغيير نحو مملكة دستورية (وهو امر له منطق الضرورة دون تأخير) يقلل من انتقادات خارجية نحوها وانتقادات داخلية واقليمية ايضا ، ويعزز من تحديث المملكة وتجديد نظامها السياسي . فالمملكة تحتاج الى الدخول نحو الحداثة السياسية بدولة تحكم وفق الدستور والقانون مع انتخاب هيئة تشريعية تمثل الشعب وتكون فاعلة مراقبة الأداء الحكومي خاصة الانفاق المالي وغيره من المسائل الأساسية .
هذا التجديد والتحديث في بنية الدولة ومؤسساتها وفلسفتها ليس ترفا بل تملية ضرورة المرحلة التي تعيشها المملكة داخليا وضرورات المتغيرات الإقليمية والدولية وتزايد حدة التنافس الذي يظهر دول في الإقليم تحتل مكانة السعودية وادوارها إقليميا بل وداخل الفضاء العربي ذاته . الجدير بالذكر ان تحديث الدولة السعودية يعزز من الاستقرار في المنطقة بشكل عام ويدفع لتحديث مماثل في مختلف دول مجلس التعاون وتعزيز الاستقرار في دول الجوار العربي . المملكة لديها موارد تمكنها من ان تكون اكثر فاعلية وحضور إقليمي ودولي ونتمنى لها تطورا إيجابيا في سياق بناء دولة عصرية في مظاهرها ومؤسساتها وخطابها ثقافيا وسياسيا .
السؤااال هنا كيف ستتعامل امريكا مع ولي العهد السعودي وما المدى الذي ستذهب اليه البراجماتية الامريكية تجاه السعودية وفي نفس الوقت البراجماتية السعودية الى اي مدي ستذهب في مسارات ايران والتطبيع واعتماد صفقات تسلح مع امريكا ناهيك عن موافقاتها على كثير من بنود الاجندة الامريكية في المنطقة بعضها استخباراتية غير معلنة .... السعودية شريك كبير ومهم لأمريكا في المنطقة ، لكن امريكا تدخلت في سنوات سابقة لإحداث تغييرات في راس السلطة بشكل مباشر او غير مباشر ومن ثم فهكذا اجراء قادم لا يكون مستبعد خاصة وان هذا التقرير قد يتضمن في بعض وجوهه فيتو امريكي على ارتقاء ولي العهد الى منصب الملك ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا