الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهومية العلاقة بين الإنسان والحقيقة / يوسف شعبان من فيلم ( في بيتنا رجل إلى مسلسل رأفت الهجان) ...

مروان صباح

2021 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


/ بادئ ذي بدء ، عندما يكتب ✍ الكاتب عن شخصيات استطاعت أن تحجز لها مكان في المستقبل ، فإن ذلك بتواضع يجعله أن يكتب بنفس الممسكة بالحياة والرافضة للموت ، وبعيداً عن أعمال يوسف شعبان التى اندرجت كثيراً تحت مفهوم الرضوخ ، من أجل 🙌 الوصول إلى تحقيق حلمه ، لكن أستطاع ابن القاهرة 1931-2021م ، انجاز عمل نادر ، تخطى به كل سيرته الفنية ، بغض النظر إن كان مقتنعاً بها أو نفذها من أجل شحن طريقه للوصول إلى ما يرجو إليه ، وهاهو في مسلسل رأفت الهجان ظهرت موهبته الحقيقية وقدرته الفذة على الاقامة في المستقبل ، ذاك المكان الذي كان يبحث دائماً عن مكان فيه ، لأن المستقبل هو حلم كل مبدع يرغب أن يقضي باقي حياته به ، وبالفعل أمثال شعبان اعتدوا في الوصول على الطريقة التفكيكية التى تعتبر إحدى الطرق المافياوية العالمية أو الأجهزة الاستخباراتية ، فعلي سبيل المثال ، مسلسل العراب عندما قتلت المافيا الابن الاكبر لفيتو كورليوني وشوهت جثته قصداً ، أعتمد عراب المافيا على طريقة التفكيك من أجل الوصول إلى هدفه ، وبالتالي قدم دعوة للعائلات المشاركة في عملية القتل إلى لقاء مصالحة بعد ما ظنت الأغلبية وتحديداً العائلات الخمسة ، بعاصفة انتقامية قادمة لا محالة ، لكن مطالبته بوقف الحرب ليست سوى بداية للانتقام ، وهنا سجلت الرواية العالمية مقولة شهيرة لكًورليوني ، عندما قال مراوغاً أعدائه ( هل كان الانتقام سيعيد لي إبني ، أنني أمتنع عن كل أعمال الانتقام وإنني مستعد لكي اتعاون معكم وأقبل بجميع شروطكم ولكن لي أسبابي ، أريد إعادة إبني مايكل من مدينة صقلية إلى الولايات المتحدة 🇺🇸 ، لقد أمرته بالعودة ، وحتى ذلك ، لا أريد أن يمسه أي سوء ، فإذا أصيب بالكآبة وانتحر أو حتى إذا تعرض لحادث أثناء عودته أو مات بسبب الحمى ، فسوف تكونون مسؤولين أمامي عن حياته ، ولن أكون رحيما ساعتها .

وبالتالي ، فإن الفنان التمثيلي تحديداً على شاكلة يوسف شعبان ، يجد نفسه في حيرة التخلص من بداياته ، ويقف مطولاً على مفترق طرق هو إجباري أو يكاد ما يقاوم بعينين نائمتين عن تجربته الاولى ، التى مكنته صنع هويته الفنية ، ثم ينقلب أحياناً إلى خليط مترابط ومتنافر الأطوار ، من الأدوار التى خاضها رغم قناعته أنها مرحلة لا بد منها والتى جعلته بقبول بالشروط المنتجين ، هو منطق يندرج تحت الفرص الممكنة ، وبالتالي لا يمكن لأي فرد حالم 😴 بمستقبل واعد سوى الأخذ به ، كطريق لتحقيق موقعاً في المستقبل ، لكن فيما بعد ينتقل الشخص من موقع الإثارة أو إحياء الاهتمام إلى ما يسمى ترسيخ المنهجية ، أي أن يصبح للفنان منهج خاص وذاك من خلال إعتماد على عناصر دقيقة ، ولهذه الرؤية خصوصيتها ، فهولاء يولدون في خطوط متساوية في وسط متغير ، لكنهم يصنعون لأنفسهم استراتيجيات واضحة ، تراعي الثابت والمتغير معاً ، تماماً كما هو التاريخ لا يمكن له أن يستمر في خط مستقيم ، فتجد تاريخهم متطور وحامل المفاجأت ، تماماً كتلك التى فجرها يوسف شعبان في شخصية محسن ممتاز رجل المخابرات المصرية ، وهنا يتوقف المراقب لكي يطرح سؤالاً 🙋 ، وهو مشروع بالطبع ، بل راودني ألف مرة أثناء مشاهدتي للمسلسل ، هل لو عادت الأيام بمؤسسة المخابرات المصرية ، وسمحت الظروف لافرادها حق الاختيار بين محسن ممتاز الحقيقي و يوسف شعبان ، من ستختار ، وهنا لا اتحدث عن مهارة الراحل يوسف باثارة الاهتمام ، ابداً ، بل عن ذلك النهج التفكيكي الذي صنعه محسن ممتاز واتقنه شعبان مع رأفت الهجان ، وإدارته بهذه الحرفية والإبداع ، بل الصعوبة تكمن في تعامله مع شخصية تمتلك الرغبة في بيع عينيه من أجل ابتسامة امرأة ، وهذا التميز الفريد الذي سجله التاريخ الاستخباراتي كعلامة خاصة بمحسن ممتاز ، هو بالفعل ليس بالأمر العادي أو المألوف ، لأن بصراحة ، لقد بحث منذ البداية عن شخصية ملامحها بعيدة كل البعد عن الملاح المصرية ، شخصية يضيع الخصم في تصنيفها أو فكفكتها ، بل الادهى من ذلك ، كل السيناريو الذي شاهده المشاهد في مرحلة التجنيد والإعداد لرافت الهجان ، كانت تُعتبر مرحلة الاختبار ، اختبار صبره على تحمل الصعاب ، اختبار وطنيته وإلى أي حد قادرة خوض مثل هذا التكليف ، بل استثمرَّ حبه لشطب تاريخه السابق ، ايضاً راهن على رغبته في التحوّل من إنسان ، يوجد سوء مفهم حول شخصيته ، إلى بطل ثم إلى رمز من رموز رجالات المخابرات العالمية .

وعلى الرغم من أن ، كنت ومازلتُ اشكك في مفهوم العلاقة بين النص والمعنى وتفكيكها ، ذاك المصطلح الذي خطه المصلح الفلسفي جاك ديريدا كإضافة نوعية على الفلسفة بشكل عام ، إلا أن ، في منظور المفاهيم الكبرى مثل الحق والحقيقة والعدالة ، يصبح العمل ضمن هذا المنظور قادر على تفكيك كل من يعمل تحت النص ، لأن العملية التفكيكية التى نفذها يوسف شعبان في شخص حسن ممتاز ، رجل المخابرات ، كانت عملية شاقة أولاً لأنه عاش ومات لا يؤمن بنظام عبدالناصر ، وله وجهة نظر معروفة حول ادوات عبدالناصر الذين عاشوا في البلد فساداً وقهراً ، أمثال عبد حكيم عامر وصلاح نصر ، في جانب أخر ، إستطاع فهم الأسلوب للعلاقة بين النص والمعني ، إذنً دون ادنى شك ، كان يوسف شعبان فناناً لامعاً ، دائم التغريد خرج السرب ، عاكفاً بالحد الادنى على الانشقاق عن المعتاد ، منحازاً لقضايا الامة والفقراء والمضطهدين ومولعاً بالوقوف مع الخاسرين ، لقد صنع مع زميله المبدع الفنان محمود عبد العزيز مدرسة 🏫 جديدة ، بالفعل أثبتت احترامها على مستوى العالم العربي ، في زمن قد لا نكاد نشاهد سوى مسلسلات وبائية ، وهذا يعود إلى فقدان الاوساط الفنية سيناريوهات بمستوى مسلسل رافت الهجان أو العراب ، ولأن كاتبو هذه السيناريوهات ، قليلون ، يأتون افراد وليسوا على شكل مجموعات ، لهم خصائص خاصة ، اعتادوا العيش في قلق دائم ، وحملوا الشك في صدورهم ، وكانت عقولهم لا تتوقف عن التساؤل حول ما سيقدموه غداً ، وهذا كله جعل منهم مبدعون حقيقيين ، محصنون من أي اختيار خاطئ ، يجعلهم أن يقيموا في زجاجات الخل .

إذنً ، من كان يرغب بكل شيء تحول يبحث عن الممكن ، وهذا لأن عالم السيناريوهات الحالي يفتقد الواقعية المكثفة ، أي يفتقد لمس الخيال ، وبالتالي أغلب ما يُطرج في السينما أو عبر الشاشة البيتية ، ليس سوى مجموعة من الفصاحات ، خالية من تلك الاحتياطيات ، تماماً كما هو الأمر عند محسن ممتاز الذي وضع تصوراته من جعبة احتياطاته ، أو ايضاً كذلك مع العراب كورلوني الذي صنع واقعه من حلمه ، أي أن الإنسان يمكن له صنع التغير وبتغير شخصه ، هناك فرصة 🌤 لتغير البشرية ، وهذا بالفعل ما صنعه الثنائي شعبان وعبد العزيز ، غيروا نظرة العربي لنفسه ، في زمن كان العربي قد فقد الثقة بنفسه . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة