الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقنعة الديناصورات

جهاد الرنتيسي

2021 / 3 / 5
الادب والفن


تضعنا رياح الياسمين التي هبت مع حراك الكتاب والمثقفين التونسيين المناهض للتطبيع امام ضرورات مراجعة مفاهيم يجري تداولها بين الحين والآخر باعتبارها مسلمات لا تقبل الشك دون النظر في دقتها وواقعيتها.
بين هذه المفاهيم الفكرة التي تعاملت مع الثقافة باعتبارها الخندق الاخير للشعوب العربية في ظل الهزائم والنكبات التي لم تتوقف منذ نهايات الحكم العثماني وبدايات الاستعمار الكولونيالي للمنطقة.
رغم استسهال تداولها بقيت الفكرة التي تم التعامل معها كشعار يتيمة لا تجد ما يوفر لها الاسناد الحقيقي في سلوك وممارسة ما اصطلح عليه "المثقف العربي" سواء في علاقته مع النظام السياسي او نظرته للآخر.
الى جانب هشاشة بنيته الاجتماعية والسياسية عبرت ممارسة المثقف ـ القاعدة ـ عن غياب رسوخ فكرته وامكانية استخدامه في الاتجاه الذي تقتضيه مصالحه الضيقة دون ان يخلو من الامر من استثناءات تم تهميشيها بشكل او بآخر.
وبذلك كنا دائما بين فكرتين نقيضتين احداهما تعول على الثقافة باعتبارها جبهة منيعة يمكن اللجوء اليها حين تسقط تحصينات السياسة واخرى ترى فيها حالة هلامية يمكن استخدامها واستثمارها اعلاميا في خداع الناس وتضليلهم.
وفي هذا السياق كانت تحضر مقولة لينين التي ترى بأن المثقفين أقدر الناس على الخيانة لأنهم ألاقدر على تبريرها ولم نتوقف عن المقارنة بين طبيعة مثقفنا وتعريف المثقف عند غرامشي وادوارد سعيد وغيرهما.
احد مظاهر الهشاشة وامكانية الوصول الى المآلات التي تحدث عنها لينين ومفارقة مواصفات المثقف العضوي الذي نظر له غرامشي وسعيد الاستعداد لدفن الرؤوس في الرمال ومهادنة كيان عنصري قامت فكرة نشوئه على نفي شعب وتهجيره.
شذوذ الموقف عن الدور المفترض للمثقف وشفافيته تطلب منه آليات دفاع مختلفة مثل التلون ولي اعناق الحقائق وارتداء اقنعة غير تقليدية الى الحد الذي بات يصعب التمييز بين بلاستيكية الوجه والقناع.
وتزداد حاجة البحث عن حجج غير تقليدية مع فقدان مبررات العلاقة المشتهاة من طرف واحد مثل انكشاف اوهام السلام مع الكيان الصهيوني الغاصب وحالة التوحش الراسمالي الراعية لعدوانيته وافلاس النظام الرسمي العربي.
ما يجري في تونس اعادة لتسليط الاضواء على الحالة المرضية التي يمثلها المثقف العربي المشتهي للقبح الصهيوني، الباحث عما يخفي تماهيه مع المشروع الصهيوني طمعا في ارضاء ماكنات التطبيع، مكافأة مالية هنا، بعض البريق الاعلامي هناك، دعوة لمهرجان ما، المشاركة في ملتقى، وفي احسن الاحوال الجلوس على موائد لا تليق بصاحب ضمير.
في بعض جوانبه يقدم الحراك التونسي ردا على الهشاشة التي تسهل التسرب الى المنزلق الصهيوني ومحاولات شرعنة التسلل الى المناطق المظلمة، يوفر فرصة لاعادة فرز المواقف، لا يخلو من دعوة للمراجعة واعادة التفكير وتقويم الانحرافات، والاهم من ذلك انه امتلك الجرأة على اسقاط اقنعة ديناصورات عاشت على الفهلوة والخداع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????