الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقدمة كتاب في رثاء عامودا.

عبداللطيف الحسيني
:(شاعر سوري مقيم في برلين).

2021 / 3 / 5
الادب والفن


عبداللطيف الحسيني – غسان جان كير .
المرءُ مع مَن لا يفهمُه مثلُ السجين . (جلال الدين الرومي .)
المقدمة.
نفرّقُ بينَ المدينة المحتضرة والميتة ,ففي الاحتضار ثمة أملٌ وفي الموت ثمة ميتات . منذ سنوات تجاوزت هذه المدينة مرحلة الاحتضار , ولموتها أسبابٌ يعرفها جلّ مَن يعيش فيها , ولا يعلنها أويصرّح بها علنًا . وإن تشجّع نفرٌ بقولها , فسوف يكتب عن هذه المدينة الميّتة بغموض كي لا يفكك رموزها وشفرتها مَن يتحرّون ويتسقّطون أخبارَ ومعلومات هذا النوع من الكتاب (قد نكون منهم ) ونظن بأنّ المدينة ماتت لأسباب ,أهمُّها:

الثقافة وما تعبّر هذه المفردة من دلالات فكريّة واجتماعية , فإن اضمحلتْ فالناسُ لن يفهموا أنفسَهم , فكيف بغيرهم؟, ولن يكونوا إلا تابعين لفكر يروّجه المنافقون في الأرض . وما أدراك ذاك الفكر ؟: إنه فكرُ الارتزاق على الشّعارات التي بفضلها يعيش الكثيرون منها , ولولاها لكان هؤلاء من سقط الناس . وأدناهم احترامًا ,وبفضل هذه الشعارات اكتنزوا وادّخروا فكرا لا يُضاهى , وما لا ليس فيه حدودٌ لجمعه واستغلاله في أمور تبثُّ فسادا تخرّب ما تبقّى من قيم .

فالفكرُ المُدّعى خواءٌ يبجّله أمثالُهم من الذين لهم مصلحة ونصيبٌ وليس أمامَهم إلا التمسّكُ بتلابيب فكر لا يقتنع هو نفسه به . وإن سُئِل عن ذلك سيجيب بالنجوى: ( هكذا تريد الحياة ). الحياة التي يعيشها هذا المدّعي حياة ملؤها لا الترف والبذخ فقط , وإنما تدمير بنية الانسان ( الذي خلق ليعيش سعيدا أليفا , لا متوترا كما هذه المدينة الميتة ) . إنها أمورٌ واضحة وغامضة ,وأصلها تغييب الثقافة التي باتتْ عيبًا وعارًا على مَن تملّكه حمّى القراءة . فقد يكون مضحكًا , ومدعاة للاستهزاء أنْ نجد شخصًا يحمل كتابا . إن هذا الكتابَ يُحارَب بشراسة وعنف , وكأنه عدوُّ الكون كله, بعدما كانتْ هذه المدينة تنظر باستهزاء إلى مَن لا يقرأ , أومَن لا يهتمُّ بشأن ثقافي .

كانت مدينتنا موّارة بالثقافة حينما كان ( رجالات الفكر) حجّة الشباب الذين لا يطفأ ظمأهم الثقافيّ والفكري إلا الفكر الثريّ النيّر ( وكان يجب أن يُقتل , وقد قُتل : قتلا معنويًا من قِبَلِ كثيرٍ من الجهات ) .

هذه المدينة التي لم تعرفْ إلا في التنوّع القوميّ غنىً سياسيًّا وثقافيًّا وحضاريّا . الحضارة لا تكون من خلال تشييد أبنية إسمنتية فيها كلُّ شيء إلا ما يفيدُ الثقافة التي يجبُ أنْ تفتخرَ بها كلُّ مدينة ,ومن المفروض أنْ تكون مشيّدة لأجل الترقّي بفكر إنساننا لا لتشتته , بل لضياعه .

المرءُ مع مَن لا يفهمُه مثلُ السجين .

جلال الدين الرومي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث