الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البابا يدعو لمطالب تشرين !

مهند البراك

2021 / 3 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اثر تراكم احداث متنوعة صعدت اور الى لائحة التراث العالمي اواخر القرن الماضي، الأمر الذي ادىّ بالبابا الفقيد يوحنا بولس الثاني ان يعلن عن برنامج لزيارة العراق و زيارة اور و ترسيمها كمنبع الديانات الإبراهيمية في العالم عام 2000، داعياً الى حوار الديانات فيها . . الاّ ان ظروف الحصار الدولي على البلاد و منع السفر اليها ادّت الى تأجيل الزيارة و الى الغائها رغم بقائها على جدول النشاط البابوي منذ ذاك.
و الآن و منذ ان اشارت وكالات الانباء و الصحف العالمية عن عزم البابا فرانسيس زيارة اور و انجاز البرنامج البابوي بلقاء الديانات الإبراهيمية، الذي تطور الى خطوة عالمية كبرى باللقاء مع المرجع الديني الأعلى لشيعة العالم الإسلامي السيد علي السيستاني الذي شكّل نقلة كبيرة و على مستوى اعلى على طريق لقاء الأديان.
و رغم الصعوبات الكبيرة التي تمرّ بها البلاد امنياً اثر تصاعد اعمال المنظمات الارهابية من داعش و الى مجاميع الكاتيوشا و الميليشيات، اضافة الى جائحة كورونا العالمية، الاّ ان البابا فرانسيس الذي عرف عنه نشاطه المثابر لتجديد برامج و توجهات بابوية الديانة المسيحية الكاثوليكية لصالح مكافحة الفساد و السلوكيات اللاأخلاقية، و لصالح الانحياز اكثر للطبقات و الفئات الفقيرة و المحرومة و اعماله لصالح ضحايا الحروب و اللاجئين بسببها، كما برز دوره قبل سنوات في انقاذهم عبر البحر الابيض المتوسط حين قُطعت الطرق بالعنف . .
و امام اصراره على زيارة العراق الذي دمّرته الحروب و النزاعات الدينية و الطائفية التي تسببت بهروب اكثر من مليون من السريان المسيحيين العراقيين و خساراتهم اموالهم و املاكهم، و تسببت بالسبي الظالم الوحشي لأيزيديي العراق و نسائهم على يد عصابات داعش الإجرامية و غيرها الكثير، حتى صارت اخبار البلاد لاتتعدى اعمال الإرهاب و ضحاياه و صراعات كتله الحاكمة من اجل المصالح الأنانية، اضافة الى انباء تصديّ شباب اكتوبر السلميين و مواجهاتهم البطولية لأنواع الميليشيات، من اجل حقّهم بوطن آمن و العيش فيه مكفولي الحقوق الاساسية كإنسان، في العمل و السكن و الصحة و التعليم . .
يزور البابا فرانسيس العراق بصفته ( حاجاً طالباً الغفران ) على حد تعبيره، لإبرازه الأهمية الكبرى للعراق و مكوناته في الحضارة العالمية الى اليوم، في زيارة شكّلت دفعة كبيرة للروح المعنوية للشعب العراقي بكل مكوّناته و سنداً للاخوة المسيحيين و للديانات الثانية، دفعة للروح المعنوية للشعب و هو يعاني من السلاح المنفلت و الفساد و يحلم بالتعايش معا و السلام و باهمية التسامح . .
زيارة صعّدت الفرحة في قلوب و عقول العراقيين المتعطشين لها بزيارة شخصية عالمية يتبعها اكثر من مليار و نصف من سكان الأرض، و تتبعها و تتأثّر بها و باحكامها و آرائها اكثر الدول تقدما في العالم و اكبر الإتحادات الصناعية فيه . . شخصية مدنيّة كبرى تدعو للسلام و التسامح و الحرية و حقوق البشر . . توقد الشعور بأن العالم لم ينسانا، و ابرزت نضال شباب العراق و مايجري فيه على الشاشات و المواقع الدولية المتنوعة . .
و قد ادان البابا في خطبه و احاديثه التي مسّت مشاعر العراقيين باطيافهم و كأنه من اهل العراق، ادان بشدة استخدام الاديان لممارسة العنف، و ادان السلاح المنفلت و الفساد و الى وقف استخدام السلاح في حل الازمات، و عبّر بثقة عن ان العراق الذي عاش التنوع الديني و الثقافي لآلاف السنين، يشكّل اساساً لإمكانية عودة التعايش فيه بشكل اعتيادي بشرط حماية قانون نافذ قابل للتطبيق بقوة الدولة ان أُحكم بنائها، و حمّل مسؤولي دولته في كل المواقع تلك المسؤولية .
و فيما يرى اوسع المراقبين ان الزيارة اظهرت لأول مرة اور و اهميتها التاريخية و الحضارية للعالم و بكونها تشكّل مركزاً للحج لملايين الحجاج من كل الديانات الابراهيمية، التي ستشكّل مفصلاً فاعلاً في دعم اقتصاد البلد . . فإن كثيرون يرون بأن دعوات البابا للاصلاح هي عين مطالبات ثوار تشرين السلميين التي صارت حتى الكتل الحاكمة ترفعها في النهار لتمزقها و تلغيها في الليل، الاّ ان الزيارة و بعيداً عن حسابات امور كثيرة عرّت واقع الحكم في البلاد اكثر و تشكّل رافعة جديدة كبيرة للضغط الاممي السلمي على حكّامه الفاسدين، و مناخاً اوسع لتصعيد النضالات من اجل الاصلاح الحقيقي !

7 / 3 / 2021 ، مهند البراك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا