الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفلة خابور شاخت

جوزفين كوركيس البوتاني

2021 / 3 / 9
الادب والفن


طفلة خابور شاخت
1999- 8 -8
كركوك
جوزفين كوركيس البوتاني
هنا تتلاشى كل الهموم
هنا يتبددالوهم المتراكم منذ عصور
هنا تتفت الاحلام الوردية على صخرة الواقع المرير.
هنا ينحصر العمركلهُ لبضع ساعات التي نسميها عادةً
ساعات القيلولة
هنا تتسلل الذكريات بكل سهولة.
هنا عند حافة النهر الكبير (مايا رابا)ينتحر الوقت مجبراً ويقصر نهارك الطويل.
هنا تخرج تك الطفلة المشاكسة. المدللة. المذلولة.المهملة .
تخرج من بين اضلعي. فجأة يجري الدم بين عروقي التي ظننتُها جفت فجأة ويطلُ زمناًولى يخرج من بين الانقاض .ورغبة جامحة يستولي علي اقصد على الطفلة في العد حول هذه الكنيسة المطلة على هذا النهر المقدس .تطلب مني ان اوافق على جريها بعيدا تود ان تسرح وتمرح وانا اصمت هي تصرخ انا احزن. هي تفرح انا ابكي. هي تضحك بملء فمها الصغير المكتنز. تعدو لاهثة عند محاذات النهرالمقدس كما كانوا يسمونه الاجداد ولازالوا.واكتشفُسري المخفي حتى عني العميق وتتضح الرؤيا واجدني احل ذلك اللغز الذي شغلني طويلاً وشغل كل من عرفتي اكتشف هوية عشيقي الغامض الذي سلب مني اجمل سنين عمري. ذلك العاشق الذي كان يؤرق منامي ذلك العاشق الوفي الذي كان يتقمص في شخصيات غريبة مرت في حياتي مر الكرام الاهو بقيا حيث هو حتى في احلامي كان يزورني متنكراًكي لا اتعرف عليه كي يبقيني هائمة كي تتوه نفسي الضامئة اليه .تذكرت صديقتي القريبة مني كيف كانت تسخر مني ومن عشاقي العالقون بشباك الحيرة .صديقتي المقربة مني جدا كانت توبخني قائلة .لا اصدق امرأة بذكاءك وجمالك تعيش على حب من طرف واحد وانتِ الف من يحلم بلمس حافة ثوبك يحزنني انكِ مخبولة هل من المعقول ان تغرمي برجل مجهول . ثم تضيف هيا اخبريني ولو نبذة عنهُ وانا كعادتي اتهرب من اسئلة اجوبتها غير معقولة او معقولة حينها لم اكن املك اي جواب اما في هذه اللحظة كل الاجوبة ترقص امامي فرحة. كانت صديقتي المقربة مني جداً .تفتشُ في اغراضي الشخصية لعلها تعثر على فارس احلامي الخفي
وبعد ان تعجز على العثور تردد قائلة انتِ متيمة غبية وانتِ مغرمة بالوطن هذا الذي سيسحكِ يوماً بقلب بارد انهُ يعبثُ معك احذري توقفي عن التمادي وابحثِ عن رجل فاضل يليقُ بمكانتك كأمرأة عادية اتعبتها الاحلام.
وانا ارد بدهاء امرأة مكسورة كيف عثرتِ عليه ترد بود انه بين طيات كتبك مسطر في دفاترك. وقبل ان تتركني صديقتي المقربة مني جدا
تقول بما انك مغرمة وغرامك من نوع فريد قررتُ ان اسميك المنسية
لانكِ منسية لان الوطن اخر همهِ هو انتِ
غفلة تتركني صديقتي المقربة مني جداً
تتركني لذكرياتي نصفها مريرة ونصفها الاخر من اختراع الطفلة التي تزن في اذناي كلاما غير مقبول .. وانا تك المنسية التي وهبت قلبها هذا الجبار (خابور) لهذا المتذمر لهذا المدمر واعدو مع الطفلة صارخة ايها الجبار أعد الحياة الى قريتي (فيشخابور) ارحم الاموات ارحم الذين استشهدوا عند حافتك يوم غدروا بهم وطعنوهم من الخلف. هل تحتضر قريتي رد علي واهلها يموتون حزنا على ابواب الغرباء انت وحدك تستطيع ان تعيدهم وتعيد الحياة اليهم ايها الجبار مد يدك وامنحهم بركتك ليكفوا عن مد للتصدق لقد احنت الصدقات رؤسهم . ام عليا ان اصرف النظر واعود الى حيث الغربة المرة. هيا مد يدك لأكن اول المنقذين ..وصوت صديقتي المقربة مني جدا يآتيني من بعيد قائلا( فاقد الشيء لا يعطيك) اغربي عن وجهه لان الذي تصبين اليه بعيد المنال ابحثِ عن عشيقاً اخر. اخرجي من دائرة اللامنطق ثم يتلاشى صوت الصديقة المزعجة جداً
الناقمة علي ويظهر حبيبي العزيز يتحول الى كيان حقيقي مقترباًمني هامساً في اذني قائلا انا كنت معك وانت في اسوء حالاتك انا تقمصت في كل رجل اغرمتِ به كنتُ الوحيد الذي يمدكِ بالامانواهمسُانا ايضاً بدوري اجل انك على حق كل رجل مر في حياتي كان مخدوعاً بي ضانا اني مفتونة به
بينما جميعهم كنت انت وانت كنت جميعهم وطريقتي في الخلاص منهم كان الاخلاص لك. الهروب منهم اليك كانت النعمة بعينها!.رغم انك لم تكن يوما عادلاً معي.دائما كنت ولا تزال تعني في خانة رقم 2
وعلى صدري شارة (الغير مرغوب بهم )زرعت في داخلي شعور صغر النفس حد الذي دائما يخامرني احساسا لست موجود وبابك موصودوحقولك التي كانت يوما حقولي يديرها دخيل ماكروكل كنائسك واديرتك العتيقة نصفها مهدمة والنصف الاخر مغلقة.هنا في هذه اللحظة وانا في قمة يأسي يؤكد لي هذا الخابور العظيم انك حقيقة راسخة في وفي داخل كل من ينتمي اليك ام تراني موهمة .يوقظني صوت تكسر الامواجفوق الصخور في هذا المكان المقدس اذن انا منك واليك صوت الامواج يُنعشني يربت فوق خوفيوامضي راكضة الى حيث (عين الجنية) القريبة من (مايا رابا) كقرب صديقتي لي.واسمع صوت بكاء الطفلة التي تعدو معي تنفلت الذاكرة دون ان اغادر تك الصخرة العملاقة التي اجلس عليها ارقب المكان بهيبة وحزن المكان مقفر لقد غادروا اهلهِ اقصد غدروابه يوم قرروا الرحيلآه ايها العشيق الخفي تحول الى اي شيء فقط دعني المسك لقد اتعبني عصيانك واتعبني اكثر اصراري على انك لازلت تضمني كأبنة شقية اليك انزل من على الصخرة واسير بخطى واسعة الى عين الجنية تك العين التي تحوي مئات القصص اجدك تخرج فجأة من مكان ما وتشدني من يدي اهرع الى غسل وجهي من ذلك الينبوع الصافيتخاطبني بلا مجاملات كما فعلوا بي جميع الحكام السابقين ومن يدري لعل اللاحقين ايضاً ..!
تخاطبني بدون تكلفة وترتوي نفسي من كلامك اللذية ومن ذلك النبع اقصد عين الجنيةواسمع صوت خفقان قلبي اول مرة بعد سنين طويلةوتحدثني تك الطفلة عن جدي وعن عدد حكايات التي كنا لا نملها حكايات بعضها تهز الاوصال بعضها تحزننا وبعضها تفرحنا لازلت اتذكر وهو يحدثني ن الجنية كان يقول لا تخافي منها اذا صدف ورأيتها فهي جنية طيبة مسالمة منذ مئات السنين وهي تقطن في هذه العين لا اعرف كيف تترائ امامي هل تخيلتها ام انها خرجت فعلا من العين كما كانت تفعل عندما كانت القرية تغص بأهلها يقولون انها جنية عاشقة لا تظهر الا الذين يملكون قلوب نقية كانت تخرج كل ليلةوتغتسل عند النهر وهي تغني بصوت شجي كأنها تحذر اهل القرية من الاقتراب عندما تكون هي تغتسلُويتناهي صوت الى اخر بيت في القرية والكل يصغي مبهوراً بصوتها حتى تنتهي ثم يختفي صوتها يقال انها تغني لجني يسكن بالقرب منها يقال انه حارسها الشخصي .هه يا قريتي العزيزة لم يعد هناك من تغني لهم. ياترى هذا الجني ألايزال يحرس المكان والجنية ام تراه هو الاخر غادر حاملاً معه جنيتهِ الجميلة باحثاً عن مكان مزدحم ليمارس واجبهِ.لا لم يغادرا هما يسكنان هنا وانا اسكن في قلب الغربةالقرية مسكونة بهم وانا مسكونة بالقرية. هما يأبيان ان يغادر رغم وحشة المكان ا راكِ ياقريتي الحبيبة لم ترغبي بزيارة احد لكِ بعد الذي حدث يا قريتي العزيزة كأنكِ اعتدت على الوحدة ولا تريدين احد يسلب راحتك كما انك ترفضين ان يسلب ما تبيقا منكِ
تحاولين الحفاظ على ركامك على حطامك عاى اثار دعسة اقدامهم
يسكت صوت الجنية وتدخل تك الطفلة كنيسة مريم العذراءاقف معها في باحة الكنيسة المطلة على نهر خابورالتي تشبهُ سفينة قديمة راسية في مكان آمن يحوطها النهر المقدس من جميع جوانبها وقط اسودا ضخما رابضاً عند الباب يبدو خول خصيصاً للمراقبة يحرسها من المتطفلينمن الذين يدعون انهم من دعاة السلام او بالاحرى سراق الوطن.يتهأ القط لمهاجمتي بنظراته الشرسة يتأملني عندما رأي عدم مبالاتي تنحى جانباً. واخذ يستجوبني سائلاً لما انا هنا وماذا اريد ومن انا. وعن سبب مجيئي وسبب غيابي اصلاً.و عن مكاني الذي محتم علي العودة شئت ام ابيت وان يعود كل غائباً بدون اي عذر . حاولت ان اشرح له كل الاسباب ولكن دون جدوى لان الوقت لم يحن بعد للشرح.والوقت غير ملاءم وعند خروجي بعد ان أديتُ صلاة العصر في باحة الكنيسةلمحت عيناي شجرة التوت العتيقة التي يقال ان عمرها اكثر من مئة وثمانون عام والله اعلم ربما اكثر اذن هذا كل ماتبقيا منك ياقريتي العزيزة شجرة وحيدة اي الشاهد الوحيد على ما مررتي به وعن عدد مرات ترحيلك وقتل خيرة رجالك عن كل شاردة وواردة حدثت في القريةكم مرة احرقت وكم مرة دمرت كم مرة رحلت .هي ايضاً حارساً اميناً تحرس الانقاض لحين عودة اهلها الطيبين الهاربون من ويلات الى اوطاناً مزيفة لتمنحهم هوية مزيفة أو راحة مؤقتة. يا ترى هل فكر احد يوماً بإستجوابكِ الستِ اخر من تبقيا هنا ..! احتضنتُ الشجرة وقبلتها عشرات المراتوشكرت بقاءها حية رغم كل تك الظروف. حارسة امينة وشاهد عيان خرساءمخلصة. ثم اجهشتُ في البكاء وبصوت عالي وانا اجترُ كلام صديقتي المقربة مني جداً .إن حبك للوطن حب من طرف واحد.
و موجة الهواء البارد الذي اجتاحتني فجأة انعشتني. وقعت من جديد بقبضة حب الوطن وأزدت ولهاً به وتأكدت انني مجنونة به لا بل مفتونة بالمكان هذا المكان الموحش الذي كان يوما يغصُ بالطيبين .يغص بالاقارب والاصدقاء يا ترى ماذا حل بهم اين هم الان؟ انتابتني لحظات جنون كأني اريد ان احتضن كل صخرة كا حائط مهدوم كل اثر دعسة قدم تعود لشيوخ القريةواكتشفُ اني برفقة خير عشاقي آه انهُ الوطن شعرت بالراحة السكينة لم احسها حتى وانا في رحم امي. جلستُ منهكة تحت ظل الشجرة وانا ارقب المكان ارقب نفسي التي لا اعرف ماذا اصابها؟ارقب ذلك المدرج الحجري الذي ينتهي عند حافة (مايا رابا) خابور العظيم.وتك الطفلة تنطط على الدرج فرحة خلف جدهاوهو يقود فرستهِ البُنية الى النهركي يملء بصفائح من التنك بالماء العذب للشرب.وتجتمع كل وجوه اهل القرية امامي اتفحصها بود واسى اتذكر كل من مر من هنا يوما لجلب الماء الى بيتهِ على هذا المدرج الضيق هناك قصص كثيرة كانت تدور على البيوت كل ليلة ونحن نستمع بلهفة لمعرفة النهاية منها مؤلمة ومنها مضحكة ومنها مبكية .هنا كانوا الرجال ينصبون شراكهم للوقوع بغرام نساء بارعات في التطريز والحياكة .هنا عند هذه الصخرة الكبيرة اتحد عشاق كثر آه يا (مايا رابا) ياملتقى الهائمين يا صديق الصيادين ماذا حل بعشاقك.فجأة ظهرت امامي سينم تك المرأة التي لا زلت اذكر يوم عثروا عليها وهي ميتة القت نفسها في حضن خابور بعد ان علمت ان زوجها قتل على يد قطاع الطرق عندما كان في طريقه الى البيت وهو عائدا من الحرب الاهلية التي ابتلعت الكثيرون من اهل هذه القرية هم كانوا مجرد وقوداً لأشعال نار الحرب حرب لا ناقة ولاجمل لهم بها قتلوا بدم بارد من كلا الطرفين بحجة اقبح من العذر..يقال انها رمت بنفسها من فوق هذه الصخرة تاركةً فانوسها النفطي مهشماً .عند صلاة الفجر عثروا عليها رجال القرية عند حافة النهر جثة هامدة. وهاهو موسى الطويل ايضاً يقف امامي مبتسما ذلك الذي القى بنفسه في النهر عندما علم بمقتل ابنهِ الوحيد على ايادي قطاع الطرق. وهاهو بولص ذلك القوي الطيب النبيه الذي كان يهابه الجندرما وكل اعوان القرى المجاورة لقد كانوا يحسبون له الف حساب المعروف ببسالته .لكنه قتل غدراً ورميا به في النهر يقال ان تركيا ارسلت رجلا متنكرا خصوصا للتخلص منهُ وعلى ذمة من قال. اتعجب ؟ من تك الطفلة كيف نجحت في خزن كل تلك الاحداث. آه ايتها المنسية مثلي كيف نسوكِ اهلكِ الطيبين ايتها العريقة ايتها العتيقة يا ترى من خلف نسيانك من المسؤول عن اهمالك .من ياترى يتمنى لك الزوال من يحلم بطمس تاريخك ومحو قصر عزيز اغامن الوجود وفجأةوانا في قمة شرودي ظهر لي سرطاناً ضخماًباحثاً عن مكان آمن يتجهُ نحوي لعله يود ان يشكو لي عن وحدته كنت عاجزة عن الاجابة لكنه تجاهلني واستمر مكملاً طريقه لم يتطفل كما تطفلت انا .استجمعت قواي وغادرت عائدة الى كركوكوصوت شاحنات وهي تنقل اهل قرتي الى مكان اخر بعد ان قرروا بترحيل اهلهاالكرامتم ترحيلهم قسراً وسكانهم في مجمعات رخيصة بعدان نهبوا ماشيتهم وحرقوا مزارعهم بحجة إن في هذه القرى هناك من تآمر ضد الجيش وبأنهم كانوا يساندون المتمردينوحفاظاً على ارواحهم زهقت نصف الارواح وما بقيا رحُل ومن منا لا يعرف الحقيقة المرة التي لا زالت الى هذه اللحظة مخفية عن الرأي العام الكل على دراية تامة بأننا كنا بين المطرقة والسندان والطعنات كانت تأتـينا من كل جوانب طعنة من الخلف طعنة من الامام منهم من قال اننا متمردون ومنهم من قال اننا المرصدون كما ادعت في وقتها السلطات المعنية التي كان كل همها التخلص منا وبأي حجة ومن يومها نحن مرحلون مشردون متمردون ضائعون.بلا هوية بلا بيت يآوينا بلا نهر بلا شجرة بلاتاريخ جردنا حتى من أملنا .فكل ما نملكه اليوم هو شجرة توت عتيقة وكنيسة مريم العذراء وبقايا قصر عزيز اغا وجنية تغني للموتى في كل مساء .. يا ترى متى ستعود قريتي كما كانت متى يعودون اهلها الذين اصبحوا من اهل الطبقة الراقية وبهويات مزورة .يقولون الغافونفوق طاولة المفاوضات اننا سنعود يوماً. وها انا الغي كل شيء الا وجودك انتِ في حياتي . اغوصُ بكِ انغمس بعذابك الدُ من جديد وفي صدري امل العودة اليك يا فشخابور لأرتمي من جديد في حضن خابور العظيم ...
انت في الحسبان انتِ في الوجدان
يستحيل تتحولين يوماً الى حكاية كان ياما كان
او الى فعل كان..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: بحب التمثيل من وأن


.. كل يوم - دينا فؤاد لخالد أبو بكر: الفنان نور الشريف تابعني ك




.. الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: لحد النهاردة الجمهور بيوقفن


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كل ما أشتغل بحس بن




.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو