الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في وداع الرفيق اشتي

سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)

2021 / 3 / 9
الادب والفن


وداعاً رفيقي أشتي

7-3-2021 خلد رفيقي إلى الراحة من عناءالحياة وصخبها غامضاً عينيه الجميلتين إلى الأبد

أول مرة التقي بك في مقر الفوج الثالث للحزب الشيوعي العراقي بوادي الخيول خلف "بامرني" في أرياف دهوك، كان ذلك في عام 1985 ، كنتُ قادماً بصحبة رفيقنا أبو شهاب المحقق في مفرزة سريعة وكنتَ قادماً مع سريتك المقاتلة في أستراحة بالمقر لأيام، ليلتها أنفردنا بحديث مطول وحوار جميل عن الحياة والنضال والأدب، وهمّ الكتابة، أخبرتني بأنك تكتب يوميات وقصة، كنا في ريعان الفتوة والحماس والحلم، توطدت علاقتنا في زياراتي المتكررة للفوج الثالث، وكنتَ وقتها متمرداً ساخطاً على كل شيء، تسخر من الوجود وتردد أمامي
- رفيق أبو الطيب هذا العالم ما بيه عدالة وكله عبارة عن قندره ولصقت القندره بكل شيء مما كان يثير في تلك الأجواء الرفاقية الحميمة المزيد من الضحك والبهجة في ليالي الجبل الموحشة.
وتوطدت العلاقة الرفاقية والثقافية في خضم سنوات النضال حتى الأنفال والتشرد بين دول الجوار بعد عودة الجيش العراقي زمن الدكتاتور من جبهات الحرب نهاية 1988 واحتلال كل قطعة من الأراضي التي كنا نجوب فيها.
هنا لابد أن أشير إلى أنا وأنت مع خمسة رفاق صدرت لنا مجموعة قصصية مشتركة وكان نصك جميلا لكنك لم تستمر في كتابة هذا الجنس الأدبي إذ شغلتك السياسة مثل العديد من المبدعين الرفاق.
وتشاء الصدف بعد تشتتنا في المنافي وبقاع الأرض أن يكون مستقرنا في الدنمارك الذي جدد اللقاءات في المناسبات الثقافية التي دأبنا على حضورها في شكل ثابت، وفي أول أيام تأسيس البيت العراقي في الدنمارك 1992، كنتَ حاضراً في أول نشاط أقيم بعد التأسيس في أمسية لي قرأت فيها نصين قصصين، وكنت محاوراً ذكياً وعميقا، ومنذ ذلك التاريخ لم تغب عن نشاط قط إلا في حالة السفر، وكنا نتناوب في المداخلات التي كانت تشاكس المحاضر أو الكاتب لما بها من نقد واضح لا مجاملة فيه.
واستمر الحضور في كل ندوة، واستمرت اللقاءات في مهام منظمة الأنصار ومؤتمراتها وكنت متفانياً في عملك في اللجنة القيادية للمنظمة محتملا عسف الرفاق والأعداء صبوراً أكثر من جمل، وقلت لك يوماً:
- اشتي معقولة تتحمل كل هذا!
فقلت لي بصوت خافت:
- سلام كلهم رفاقنا، تعذبوا، وكافحوا، وهذه خلافات في الرأي وكلامهم المسيء في حالة غضب يروح لمن يهدءون.
انقطعنا بسبب الوباء
لكننا كنا نتحاور باستمرار من خلال الفيسبوك
وكنت تبدي ملاحظاتك حول ما اكتبه، وكنت أسمعك وأعزك وآخذ بملاحظاتك،
اتصلت بي يوما وطلبت مني بإلحاح حذف مقال لي يغمز لشخص من وسطنا اتصل به شاكياً
حذفته على الفور
والكثير من الحوارات التي تتعلق بالمواقف والكتابة والحياة
وفي السنوات الأخيرة كتبتَ الكثير من النصوص عن شخصيات مناضلة وشعبية في الرفاعي وكردستان وبغداد وفي الأمكنة التي تنقلت بها
وأتأمل لا بل أدعو إلى تجميعها وإصدارها في كتاب
اشتي الجميل الوديع الطيب
وداعًا
——————————
الصور من بعض الندوات التي كنا نداوم على حضورها والمساهمة فيها.

هنا أضع كلمة كتبها الرفيق اشتي قبل عامين في رثاء الرفيق "أبو بهيجة"
وكأن أشتي يرثي نفسه
كلمة فيها من الوفاء والمرارة ما يجعلها تشعل الدم وتمرد القلب:

(لواعج الفراق الابدي

ئاشتي

أيً الأحزان أكثر إيلاما من حزن الفراق؟
واية لحظات أصعب وأنت ترى وتتأكد من هذا الذي تقف عند رأسه سوف يغادر إلى عالم أخر؟
إلى عالم حالك في ظلامه،
سيما وأنت لا تملك مسوغا يجعلك تؤمن أن تلتقي معه ثانية،
كم هي سافلة لحظات الوداع هذه؟
تحاول عبثا أن تخفي اختناقك بالدمع،
فتهرب إلى ادعاءك الشجاعة وخبرتك في التحمل،
وأنت تعرف من أنك تكذب على الصدق في روحك،
تفتعل الابتسامة وتروي حوادث تثير الضحك،
هو واثق من افتعالك تلك اللعبة،
يضحك معك ويستلم زمام رواية الاحداث،
وكأنه يريد أن يخفف عنك وزر افتعال حديثك،
تمازحه وكأنك تستعيد معه أياما عشتموها،
يصحح لك بعض أحداثها وكأنه يقول لك هي لا تشغلني ولكنني اساعدك لكي تخدع نفسك في التحمل،
تفتعل ابتسامة أخرى من أجل صورة جماعية،
ربما هو يقول مع نفسه سوف تنشرها عندما أرحل، ولكنه يبتسم بكل الصدق الذي يحمله ،
تقبله في جبينه،
وأنت تختزن في روحك كل هذا الحزن،
يزداد الامر حزنا حين يدخل (اسامة كوكب حمزه) وكأنه يحمل كل شجن اباه وحزنه، فتبدو جفون عينيه منقعة بالدمع،
تهرب ثانية من الغرفة لأنك لا تستطيع رؤية الدمع في عيون الأخرين،
من أين تأتيك طاقة التحمل وأنت تعرف من أنه سوف يرحل،
تدعي عبثا أن تتركونه يرتاح(الحقيقة ان تتخفف من الحزن الذي ضاق به صدرك)،
تدخل كافتيريا المشفى هناك بهيجة وأمها وأخوها،
حين تنظر بهيجة تلك الطفلة التي تحب العراق والعراقيين،
وجنتاها محمرة من الدمع،
تهرب منها ومن عناقها لك،
في باب المشفى،
تقف اخت ابو بهيجة ومعها هوبي وابا دنيا، تسمع شهقة بكاء ابو دنيا،
وهنا تدعي الشجاعة،
اية شجاعة وتحمل كاذب،
ربما الدمع يريحك بعض الوقت،
ولكن ألم الفراق أكبر من كل دموع الكون،
ومثلما تعودنا رفيقي العزيز ابو بهيجة،
سأشرب هذي الليلة كل قنية النبيذ الذي تعشق،
رغم أنك في غيبوبة الفراق الأن،
ورغم قناعتي من أننا لم نلتق ثانية،
لأن هذا الاله الذي يتحدثون عنه لا يجعلنا نلتقي ثانية.)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا